تأمل اليوم: أعطيكم فما وحكمة

تأمل اليوم: أعطيكم فما وحكمة

الأب/ بولس جرس
 
أعطيكم فما وحكمة
 
نص القراءة
“وقبل هذا كله يلقون أيديهم عليكم ويطردونكم، ويسلمونكم إلى مجامع وسجون، وتساقون أمام ملوك وولاة لأجل اسمي فيؤول ذلك لكم شهادة. فضعوا في قلوبكم أن لا تهتموا من قبل لكي تحتجوا لأني أنا أعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها وسوف تسلمون من الوالدين والإخوة والأقرباء والأصدقاء ، ويقتلون منكم وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك بصبركم اقتنوا أنفسكم” (لوقا 21: 12 – 19).
نص التأمل
عندما ظهر الرب لموسى في العليقة وبدأ يعلن عن نفسه ويتكلم في لهيب نار المشتعلة قال:
“تفقدتكم ورأيت ما فعل المصريون بكم” نظرت إلى معاناة شعبي الذي في مصر وسمعت صراخهم من ظلم مسخريهم ورأيت مذلتهم… ها صراخ بني إسرائيل وصل إلى ورأيت كيف يجور المصريون… فنزلت لأنقذهم من ايدي المصريين واخرجهم من تلك الأرض… لذلك أمد يدي وأضرب مصر بجميع عجائبي فتعال أرسلك إلى فرعون لتخرج شعبي بني إسرائيل من مصر”.
يلفت نظري في هذا النص كيف كان الله وهو بالطبع دوما، حاضر لشعبه:
 
يرى ويسمع ويحس بما يعانون من ضيق واضطهاد وألم وعذاب…لم يك أحد قد اخبره أو توسط لهم لديه فهو ” الكائن” الحاضر دوماً لكل من يستغيث به…لكن… بينما يتحرك الرب وينزل من علو سماواته ويعلن عن نفسه للإنسان بوضوح كلمل وينادي مختاره بالإسم محدداً ” موسى موسى” . بالاختيار مستقراً ” تعال أرسلك”.  بالهدف واضحاً ” أخرج شعبي”.  راسما أمامه خارطة الطريق موفراً بين يديه كل وسائل الانتصار مؤكدا له في النهاية على حتمية تحقيق جميع ما حدده من أهدف مهما بدت الأمور صعبة وبعيدة بل ومستحيلة….
يتزايد شعور الإنسان بالعجز والضعف والحيرة والارتباك:
*    نرى موسى مرتبكاً مضطرب الكيان بين الرهبة وحب الاستطلاع ” أميل لأنظر”
*    نلمس في عواطفه الخوف واللهفة، والترقب والتريث والتردد في جميع إجاباته
*    تتقافز إلى ذهنه المشوش مئات الأسئلة تبحث عن إجابات لا يعلم هو كيف يستوعبها
*    تتنازعه المشاعر المتناقضة جميعها حتى ليكاد يفر هاربا ممن ظل يبحث عنه دوما بشوق وتضرع
وحين  يراه يسأله من أنت ما اسمك وكأني به يريد أن يحد الله بمحدوديته باسم يحبسه في إطاره فيجيب الرب .أنا هو الذي هو” “أنا أكون معك”” أنا الرب إله آبائكم، إله ابراهيم واسحق ويعقوب وعندما يكشف الله عن ذاته وهدفه وخطته ويبدي استعداده أن يمد “مرسله” بجميع وسائل لنصر ومقوماته؛ يعود الإنسان إلى حيرته وتردده وهوانه أمام نفسه: ” أنا آخر من يصلح لهذا المنصب..” من أنا حتى أذهب إلى فرعون وأخرج بني إسرائيل من مصر” لست أنا إياه، “ما كنت يوما رجلا فصيحاً لا بالأمس ولا من يوم كلمتني انا عبدك، بل انا بطيئ النطق وثقيل اللسان”…مئات المبررات وآلاف الحجج هرباً وفراراً
والرب يقول بصبر وطول أناة، أنظر… فكر…  وتأمل…
” من الذي خلق للإنسان فماً؟ فاذهب وانا اكون مع فمك وأعلّمك ما تقول” …
انجيل اليوم هو تأكيد لنفس المعاني :
ü     لما يعانيه وسوف يعانيه المؤمن في كل زمان ومكان من اضطهاد وألم وعذاب
ü     لما نعلمه ونؤمن به، أن إلهنا حي موجود ينظر ويسمع ويرقب حتما سيفتقد
ü     ان قدرته وقوة ذراعه تعلو وتتفوق على جميع قوى فراعنة الأزمان
ü      ان لحظة الخلاص قريبة وهو لن يتركنا لحظة واحدة
ü     حتما سيكون معنا سيمنحنا من قوته ومعجزاته
ü     وسيعطينا فما كموسى لنخرج ونتحرر بل ونحرر إخوتنا
هلم إذن…