تأمل اليوم: الإنسان… كم هو أفضل من الخروف

تأمل اليوم: الإنسان… كم هو أفضل من الخروف

الأب/ بولس جرس
تأمل اليوم الجمعة, 18 أكتوبر 2013 — 8 بابة 1730
 
” ثم انصرف من هناك وجاء إلى مجمعهم وإذا إنسان يده يابسة، فسألوه قائلين : هل يحل الإبراء في السبوت ؟ لكي يشتكوا عليه فقال لهم : أي إنسان منكم يكون له خروف واحد ، فإن سقط هذا في السبت في حفرة ، أفما يمسكه ويقيمه فالإنسان كم هو أفضل من الخروف إذا يحل فعل الخير في السبوت ثم قال للإنسان : مد يدك . فمدها . فعادت صحيحة كالأخرى فلما خرج الفريسيون تشاوروا عليه لكي يهلكوه فعلم يسوع وانصرف من هناك . ….(متى 12 : 9 – 13).
عجيب أمر مفسري الشريعة ورجال الكهنوت وعلماء الكتاب من اليهود وليس اقل منهم عجبا ما نعيشه اليوم في كنائسنا من أوضاع مشابهةإن لم نقل متطابقة مع ما نراه وننتقده وندينه فيهم…
عاش هؤلاء قديما في حلم انتظار المسيح المخلص، راحوا يفحصون الكتب المقدسة وينقبون عن النصوص الخاصة بمجييئة ومولده، كلماته وخطوات حياته…(يتضح ذلك في موقف بسيط جدا عندما أخل المجوس بوعدهم بالعودة إلى هيرودس لإخباره عن مكان الطفل بحسب امر الملاك، اتجه هو إلى هؤلاء” فجمع كل رؤساء الكهنة ومعلمي الشعب وسألهم” اين يولد المسيح؟” فأجابوا: “في بيت لحم اليهودية لأن هذا ما كتب النبي…. والنبي هنا هو ميخا 2 :5 )… المعنى انهم يعرفون أدق دقائق الناموس والكتاب والتفسير… ومع ذلك نراهم بدلا من الفرح والدعم والتبعية المطلقة لذاك الذي تحققت في شخصه جميع تلك النبوءات وتجسد فيه حلم المخلص ابن داوود… راحوا يكمنون له في كل موقف ومعجزة وأمام كل بيان…
 وأتساءل وتتساءل معي البشرية بأسى وحزن: لماذا وصل العداء بهؤلاء العطشى الظامئون للخلاص  لأن يفتكوا بمخلصهم، بمن ظلوا يضرعون وكلّت عيونهم انتظارا لمجيئه فيقتلوه ويصلبوه، أليس عجيباً وغريباً أن يفعلوا هذا؟!!!!!!!
الطفل والنسر - Copy.jpg
عجيب وغريب، لكن الأعجب أننا  كبشر وكنيسة وشعب مازلنا نخطوا خطاهم ونسلك نفس طريقهم: فنصلب كل يوم مسيحا ونسحق كل ساعة حلماً وندمر كل إشراقة رجاء… نعم للأسف هذا ما يتم إلى اليوم في بلادنا ورعايانا وبين أفراد شعبنا من صراع  وسعي نحو المصالح الشخصية والمناصب الوهمية… وكأننا نرفض كل تغيير وننبذ كل تطور، نتمسك بما هو قديم، نعلى من شأن العادات ونحافظ على المظاهر ونقدس الطقوس ونهمش كل قيادة شابة متأهبة مبتكرة متجددة … متناسين أهم ما في الكتب السماوية جمعاء: المحبة والرحمة والعدل…
أرى المسيح اليوم غاضباً وأسمعه مهددا بالويلات العشرة أيها المراؤون أليس الإنسان أفضل من الخروف؟
أليس بنيان أسرة اجدى من بناء ألف كنيسة ومسجد؟
أليست مساعدة الفقير أفضل من اكتناز النقود؟
 أليس المسكين أحق بالمال من البنوك؟
أليست إعانة الأرملة أولى من بهرجة جميع الديكورات؟
أليست رعاية اليتيم أبدى من اقتناء المرسيدس؟
أليس العامل الذي تسحق كرامته يومياً أحق بالرعاية من الذين تسكب اموالك تحت أقدامهم…
ألا يستحق إنقاذ نفس أن تتوقف كل مشاريع التنمية وتتعطل كل الطقوس وتؤجل الاحتفالات؟؟؟؟؟؟؟
أليس الإنسان أفضل من الجميع؟
حقاً كم انا حزين لأننا لم نتعلم الدرس بعد…….
اقول هذا بلا اتهام لأحد او تعميم لخطيئة أو تقليل من شان ما تقوم به الدولة والكنيسة وهيئات المساعدة الإنسانية…لكن توقا إلى الأفضل وسعيا نحو الجوهر: “الإنسان”….الضال الجائع الحزين البائس المتضايق المتالم المتوجع المحتاج إلى رفقة إخوته إلى لمسه يد حانية إلى قلب إنسان يشعر بمعاناته.