تأمل اليوم: اللآت الثلاث

تأمل اليوم: اللآت الثلاث

الأب/ بولس جرس  
نص الإنجيل (لوقا 14 : 25 – 35)
“وكانت جموع كثيرة سائرة معه ، فالتفت وقال لهم إن كان أحد يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته ، حتى نفسه أيضا ، فلا يقدر أن يكون لي تلميذا  ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذا ومن منكم وهو يريد أن يبني برجا لا يجلس أولا ويحسب النفقة ، هل عنده ما يلزم لكماله  لئلا يضع الأساس ولا يقدر أن يكمل ، فيبتدئ جميع الناظرين يهزأون به قائلين : هذا الإنسان ابتدأ يبني ولم يقدر أن يكمل وأي ملك إن ذهب لمقاتلة ملك آخر في حرب ، لا يجلس أولا ويتشاور : هل يستطيع أن يلاقي بعشرة آلاف الذي يأتي عليه بعشرين ألفاوإلا فما دام ذلك بعيدا ، يرسل سفارة ويسأل ما هو للصلح  فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله ، لا يقدر أن يكون لي تلميذا الملح جيد . ولكن إذا فسد الملح ، فبماذا يصلح  لا يصلح لأرض ولا لمزبلة ، فيطرحونه خارجا . من له أذنان للسمع ، فليسمع”  (لوقا 14 : 25 – 35)
نص التأمل
اللآت الثلاث
لا يفاجئنا يسوع اليوم وهو يظهر جوهر دعوته وأسس اتّباعه، ليثبت للجميع انه ليس مجرد داعية يبحث عن أكبر عدد من الأتباع،  بل معلم يفرز وينتقي أفضل العناصر ويختار التلاميذ الذين ” يريدهم” ويطلب ممن يريد إتباعه واللحاق به العديد من الشروط  كما يحدد المعايير والمقاييس التي يحتاجها الفرد للتسجيل في مدرسة يسوع والإلتحاق بالدراسات العليا وإلمهارات التي يجب أن يمتلكها الذين يتبعونه وهي أمور لا ولن يتمكن منها سوى كل مخلص مستعد ان يعيش كلياً للمسيح وله وحده فقط.
·        اللاء الأولى: لايبغض جميع أهله: لا رهيبة… ويبغض تعني باليونانية ” كان أقل حباً” كما ورد في لغة العهد القديم التي لا تعرف افعال التفضيل ( راجع تكوين 29 : 31 -32 ) أي من  لا يفضل عني أو يحب أكثر مني. ليس معقولا أن يطالب إله  المحبة ، من أحب حتى بذل ذاته فداء عن أحباءه، من أتباعه أن يبغضوا أقرب الناس إليهم…وهنا يعني المعلم أنه يريد أن يكون الأول والأخير الألف والياء الطريق والمرجع  النبع والمصب ّ المصدر والأصل ، البداية والنهاية…أحبب جميع البشر حتى أعداءك لكن من خلال حبك لي…
·       اللاء الثانية: ومن لا يحمل صليبه: ليس اتباع هذا المعلم نزهة ولا السير خلفه تسلية ولا حمل اسمه نسب وتباهٍ ، إنما بالروح والحق يجب إتباعه إذا كنت تحبه فوق كل شيء فما عليك سوى ان تنتهج نهجه وتسير على دربه، فتتبذل كل جهدوتضحي بكل نفيس  فتسكب تبرك على تراب الأودية ليكون لك هو الكنز الحقيقي  وسفك حتى الدم من أجل اتباعه وكأنك تحيا بكيان يصرخ كل يوم ” من يفصلني عن محبة المسيح”
·       اللاء الثالثة: لا يترك جميع أمواله : اسهلها! اصعبها!! أبسطها أعقدها؟؟ ليس الأمر بهذه البساطة فقد نجد في الدير اشخاصا تركوا العالم ومجده لكنهم ما زالوا متمسكين بما لهم من موقع او منصب او دور أو حتى مكان معين في الكنيسة أو كتاب الصلاة نفسه… فالمال ليس هو النقود فقط بل كل ما اعتقد وادعي انه لي ملكي خاص بي وحدي…ويسوع ابن البشر ابن الله لم يكن له حتى موضع يسند إليه رأسه… ويريدك مثله وسيصر لك هو ذاته كل ما انت محتاج إليه بل سيزاد لك ويتمم…الرب لي راع فلا يعوزني شيء …
كما ترون اللآت الثلاث مترابطات متلاصقات متلازمات لا تستطيع أن تكون ماديا متمسك بالمادة وتحسب لها ألف حساب  بينما تدّعي انك حر تتبع المسيح كيف ولا تستطيع وانت نرتبط بعواطفك باشخاص واماكن ومواقع أن تكون حرا للتبع المسيح وإذا لم تك تحبه فوق كل شيء وقبل كل شيء وأول كل شيء فعبثا تفعل أي شيء لأنه حتى لو اسلمت جسدك ليحرق فلن تكون سوى صنج يرن أو نحاس يطن…
ما أصعب الالتحاق بتلك المدرسة الراقية التعليم الرائعة المعلم السامية المقام…
حقا غن ذلك لصعب لكنه ليس مستحيلا… أنظر إلى أعداد طالبيها هم بالمليارات
وتطلع إلى عدد خريجيها ستجدهم فقط بالملاييت من الرسل والآباء والمبشرين والشهداء والقديسين الذين لن تكون آخرهم أنت …
قدم اوراقك موقعا على اللآت الثلاث
وأجلس عند قدميه كمريم وللتبع عيناك طريقته ودربه ومنهجه…
ستصل حتما وان رسبت في مادة
فاصرخ يا معلم نجني
عندها سيمد يده لينتشلك من فشلك
وستسمعه يقول لك: يا قليل الإيمان لماذا شككت