تأمل اليوم: ساعة العودة…

أنظروا، إسهروا وصلّوا …
تأمل في قراءات الخميس 9 يناير2014 – 14 طوبه 1730
اليوم الرابع عشر من شهر طوبة
الأب بولس جرس
السنكسار
نياحة القديس ارشليدس الراهب المجاهد
في مثل هذا اليوم تنيح القديس أرشليدس. وقد ولد هذا المجاهد بمدينة رومية ، واسم والده يوحنا وأمه سنكلاتيكي، وكانا بارين أمام الله ، سالكين بحسب وصاياه. مات والده وهو ابن اثنتي عشرة سنة، ولما أرادت أمه ان تزوجه لم يقبل فأشارت عليه ان يمضي إلى الملك ليأخذ وظيفة أبيه، وأرسلت معه غلامين بهدية عظيمة ليقدمها إلى الملك. فلما سافروا هاج البحر عليهم برياح شديدة فانكسرت السفينة ، فتعلق القديس بقطعة من خشب السفينة ونجا من الغرق بعناية الله. ولما صعد إلى البر وجد جثة إنسان قد قذفها الموج ، فتذكر مآل الناس وزوال العالم، وحدث نفسه قائلا : ما لي وهذا العالم الزائل. وماذا اربح عندما أموت وأصير ترابا. فنهض وصلي إلى السيد المسيح ان يهديه إلى الطريق القويم ، ثم جد في السير إلى ان وصل دير القديس رومانوس ، فقدم للرئيس ما بقي لديه من المال. وأقام هناك سالكا حياة التقشف والزهد في المأكل والملبس حتى بلغ درجة الكمال، ومنحه الرب نعمة شفاء المرضي. ثم قطع عهدا علي نفسه ان لا يري وجه امرأة مطلقا. ولما طال غيابه عن والدته، ولم تعلم من أمره شيئا، ظنت انه مات فحزنت عليه كثيرا، ثم بنت فندقا للفقراء والغرباء، وأقامت في حجرة منه. وسمعت ذات يوم اثنين من التجار يتحدثان بخبر ابنها أرشليدس وقداسته ونسكه ونعمة الله التي عليه، ولما تقصت منهما الخبر تأكدت انه ولدها فنهضت مسرعة إلى ذلك الدير . ولما وصلت أرسلت إلى القديس تخبره بوصولها، فأجابها قائلا: انه قطع عهدا مع الله ان لا يبصر امرأة مطلقا. فكررت الطلب وهددته بأنه إذا لم يسمح لها برؤيته  مضت إلى البرية لتأكلها الوحوش . ولما عرف أنها لا تتركه ، كما انه لا يقدر ان ينكث عهده ، صلي طالبا من السيد المسيح ان يأخذ نفسه . ثم قال للبواب دعها تدخل، وكان الله قد أجاب طلبه، إذ ان أمه لما دخلت وجدته قد اسلم الروح، فصرخت باكية وطلبت إلى الله ان يأخذ نفسها ايضا، فاستجاب الله طلبتها . ولما قصدوا ان يفرقوا بين جسديهما سمعوا صوتا من جسده يقول : اتركوا جسدي مع جسد والدتي، لأنني لم أطيب قلبها بان تراني. فوضعوا الاثنين في قبر واح. وقد شرف الله هذا القديس بعمل آيات كثيرة. صلاته تكون معنا امين .
استشهاد القديسة مهراتى
نياحة القديس مكسيموس أخى دوماديوس
إنجيل باكر
 
“انظروا اسهروا وصلوا ، لأنكم لا تعلمون متى يكون الوقت كأنما إنسان مسافر ترك بيته، وأعطى عبيده السلطان ، ولكل واحد عمله ، وأوصى البواب أن يسهر  اسهروا إذا ، لأنكم لا تعلمون متى يأتي رب البيت، أمساء ، أم نصف الليل، أم صياح الديك ، أم صباحا لئلا يأتي بغتة فيجدكم نياما وما أقوله لكم أقوله للجميع : اسهروا “(مرقس 13 : 33 – 37)
 
نص التأمل
ساعة العودة
أنظروا إسهروا وصلوا
الأب/ بولس جرس
 
حيث تهل علينا في إنجيل قداس اليوم قراءة “وكيل الظلم” وقد سبق وتأملناها مراراً، فضلنا استبداها بنص إنجيل باكر.
 
تأملنا اليوم يتركز في ثلاث أفعال تأتي جميعا في جملة واحدة، متتالية مترافقة وفي صيغة الأمر فما يا تُرى الأمر…ما الخطر الذي يريد المعلم ان يلفت أنظارنا إليه كي نسهر متيقظين ونحن في صلاة دائمة لئلا يدهمنا؟
 أنظروا: أن نتطلع إليه بعيون مفتوحة متيقظة، ونركز أبصارنا عليه فيكون هو محور انتباهنا
 إسهروا:أن نعيش الحياة كلها نهارا وليلاً في سهر وانتظار وترقب بلا نعاس وتلاهٍ
 صلوا: الصلاة هي ما يبقينا في “صلة” مع “المسافر” وما يوصلنا نحن في سفرنا به
وحين يريد ان يفسر لنا الرب يسوع تلك الوصية الموجزة الشاملة الآمرة الناهية يضرب لنا مثلا …مثل “إنسان مسافر” قد نكون اليوم غافلين عن صورة المثل لا عن معناه نظرا للتطور المدني الذي نعيش فيه….لذا دعونا نعود إلى الوراء قليلا ولو لنصف قرن: نتصور دارا في قرية بعيدة في الريف ذات ابواب قوية عتيدة كبوبات بيت الجد والجدة، تُغلق من الداخل بإحكام بحيث لا يستطيع أحد إقتحامها، وحيث أنها صعبة الفتح والإغلاق، لذا كانت تبقي النهار كله مفتوحة او مواربة وعند الليل يقوم رب البيت أو يامر خدامه الأقوياء بإغلاق بوابة الدار فلا يعود من السهل فتحها ليلا حتى على صاحب الدار ذاته” لنتذكر مثل الصديق اللحوح” (لوقا 11: 5-8)…
يسافر رب ذلك البيت في رحلة قد تقصر أو تطول، ترمز هذه الرحلة إلى “حياة الإنسان”،… لكنه سيعود حتما؛ فالعودة إلى الدار أمر محتوم ، لتلك الرحلة نهاية ولتلك النهاية أجل وحين…! لكن أهل البيت وحتى المسافر نفسه لا يعرف تلك الساعة، ساعة العودة…لذا يوصي المعلم ” أقولها للجميع” “لتكن أحقاؤكم ممنطقة وسرجكم موقدة وأنتم مثل أناس ينتظرون سيدهم متى يرجع من العرس، حتى إذا جاء وقرع يفتحون له للوقت طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين، (لوقا12: 35-37).
والرب إذ يطلب:
أن يكون أهل البيت يقظين غير لاهين بنوم أو مشاغل أخرى عنه،
 وأن يظلوا ساهرين حتى اثناء الليل فقد يصل في أي ساعة؟!!!!
أن يكون كل شيء على ما يرام حين وصوله، فيكون البيت نظيفا منسقاً
 أن تظل حواسهم متيقظة عيونهم تتطلع في انتظار لا يكل
 وآذانهم مصغية في إنصات لا يمل
 وأقدامهم مستعدة للإنطلاق نحو الباب
 يجعل المعلم الأمر يبدو وكأنه شاق ومجهد بلا متعة ولا حيوية
 حيث يعيش أهل البيت في غياب ربه حالة من الغربة وكأنهم المسافرون لا هو
 لا يتمتعون بنوم ولا ييستطيعوا أن ينشغلوا بأمور الحياة فيتناسوا عودته المحتومة
 وهكذا تبدوا الحياة وكأنها “فقط انتظار”
وما لحظات حياتهم المعدودة سوى انتظار وترقب لتلك اللحظة الموعودة
 يوم يعود رب البيت إلى بيته، يوم تستقر الأمور جميعها وتعود الحياة إلى طبيعنها
 يوم يرجع المسافر إلى موضع راحته…
ألا تستحق تلك اللحظة
 ان تُخلّد؟؟ ان ننتظرها ساهرين؟؟ ان نحيا لها:
وقلوبنا مشتاقة في انتظار العودة الميمون ونفوسنا عطشى إلى اللقاء الموعود يوم العودة حيث نلقاه ويلقانا
 
 نعم يا رب نحن ساهرون
 وقلوبنا في اشتياق ونفوسنا في ابتهاج
 وإن غفونا فنحن في حضنك نائمون
 فما قيمة الحياة إن لم تصر كلها لحظة في انتظارك