تأمل اليوم:  على رتبة ملكي صادق 2

تأمل اليوم: على رتبة ملكي صادق 2

تأمل في قراءات الثلاثاء, 12 نوفمبر 2013 – 3 هاتور 1730
الأب/ بولس جرس
في مثل هذا اليوم تنيح الاب القديس كرياكوس ، وقد نشا هذا المجاهد في مدينة قورنثية ببلاد اليونان . ابنا لأبوين مسيحيين أرثوذكسيين . فأدباه بعلوم الكنيسة ثم قدماه إلى الاب بطرس أسقف قورنثيه . وهو ابن عمه ، فرسمه اغنسطسا ، فداوم علي القراءة والبحث في معاني أقوال الكتب الإلهية ، حتى فاق فيها كثيرين ، ورتب عليه الأسقف القراءة علي الشعب في الكنيسة ، وعليه في القلاية . فكان مسرورا بهذا . ولما بلغ من العمر ثماني عشرة سنة ، عرض عليه أبواه الزواج فأبى ، وطلب منهما السماح له بزيارة أحد الأديرة للتبرك من القديسين الذين به ، وداوم التردد علي الدير من وقت لأخر ، فاشتاق إلى لباس الرهبنة ، وذهب إلى أورشليم المقدسة واجتمع بالقديس كيرلس أسقفها وعرض عليه رغبته في الرهبنة ، فاستصوب رأيه وتنبأ عنه بقوله “سيكون هذا أبا كبيرا ويقوم بمجهودات كثيرة وتستضئ بنور تعاليمه نفوس كثيرين” . ثم باركه وأرسله إلى الاب الكبير اوتيموس أبى رهبان فلسطين ، فقبله فرحا والبسه ثياب الرهبنة ، ثم سل…مه لأحد شيوخ الدير ليرشده إلى طرق العبادة ويكشف له حيل الشياطين . فسار هذا الاب بالسيرة الفاضلة والتقشف الزائد وغير ذلك من النسك والتواضع والورع . فأعطاه الله نعمة شفاء الأمراض حيث كان يشفي كل من يقصد الدير ممن به علة أو سقم . فشاع فضله وقداسته . وصحب هذا القديس الاب كيرلس أسقف أورشليم إلى مجمع القسطنطينية المائة والخمسون الذي اجتمع علي مقدونيوس عدو الروح القدس . فناضله وقاومه بالحجة والبرهان. وتنيح في شيخوخة صالحة . وقد اظهر الله من جسده بعد نياحته آيات كثيرة ولا يزال جسده باقيا بأحد أديرة مدينة أورشليم ، لم ينله أي تغير ، حتى ليعتقد كل من يراه إن رقاده قريب العهد . وقد مضي عليه إلى يوم تدوين سيرته اكثر من سبعمائة سنة . في زمان ثاؤدسيوس الكبير في أواخر القرن الرابع المسيحي..
استشهاد القديس أثناسيوس وأخته إيرينى من القرن الثانى الميلادى بعد إن عذبا علي يد مكسيميانوس بعذابات كثيرة ولما يئس من إرجاعهما عن إيمانهما بالمسيح ، أمر فالقوهما في جب فارغ . وطبقوه عليهما ، فتنيحا فيه .
تذكار استشهاد القديس أغاثون .
نص التأمل
ملكي صادق ذلك الكاهن العظيم.الذي ظهر في الكتاب المقدس مرة واحدة في موضع واحد في سفر التكوين وذُكر مرة واحدة في سفر المزامير (110: 4) وتناولته كثيرا الرسالة إلى العبيرانيين لتشد انتباهنا لهذه الشخصية الفريدة والعجيبة التي ظهرت فجاة واختفت بنفس الطريقة.شخصية برغم غموض ما يحيط بظهورها من ملابسات إلا أنها محددة واضحة المعالم شحصية تشد الإنتباه بدرجة كبيرة لما يحيط ظهورها من تساؤلات وما يلف حياتها من أسرار…
الظهور الثاني
امام التساؤلات العديدة التي اثارها في باطني التأمل في هذه الشخصية الرائعة لهذا الملك الصادق ملك السلام كاهن العلى الذي بارك ابراهيم واخذ منه العشور،اتوقف متسائلاً:
ما هذا الذي يجعل من ذلك الرجل شخصية تخط رسما يجعلها خارج الزمان والمكان حية في التاريخ نابضة في الوجدان؟ فهو الكاهن إلى الأبد إذ لا يضع الكتاب المقدس حداً زمنيا لوجود  أو كهنوت هذا الكاهن وهذا ما يميزه عن جميع من دونه ويميز كهنوته عن عظماء كهنة  العهد القديم وعلى رأسهم هارون حيث انتهى وينتهي كهنوتهم جميعاً بالوفاة والموت إلا ذاك بكهنوته وحياته والسيد المسيح بكهنوته الممتد إلى الأبد عبر قيامته…
أمّا لماذا لا يقبل النص المقارنة بين كهنوت لاوي وكهنوت ملكي صاداق- المسيح  فهذا عجيب!!!إنه يخضع لاوي الذي دفع العشور لملكي صادق وهو بعد في صلب أبيه ابراهيم والصُلب كان يعد في العهد القديم مركز القوة الجسديةفكان من المفترض أن يحتوي على ذرّية الإنسان واستخدم هذا التعبير  ليدلل على تفوق  كهنوت ذاك وبالتالي المسيح على كل أنواع وخدم كهنوت العهد القديم بالإطلاق  والمقصود هنا أنه إذا تبدل الكهنوت فلابد أن تتبدل الشريعة فإذا ما كان الله قد اعطانا في المسيح “إبناً كاملا إلى الأبد” جالس عن يمين العظمة في السماوات وهو خادم للأقداس والقبة الحقيقية التي نصبها الرب وليس الإنسان… فنخرج من كل هذا أن كل ما جاء في العهد القديم إنما كان إعداد وتمهيد…رموزاً وظلالاً لما سيتحقق في العهد الجديد وقد ” صار يسوع كفيلا بعهد أفضل”
وما ملكي صاداق نفسه سوى ظل من تلك الظلال المهيبة التي تقدم للمسح وتصوره فهو:
v    القادم من صلب الدهور: لا بداية له ولا نهاية كالمسيح
v    الواقف أمام ابراهيم:  الحاضر بحياته بالحق والفعل في حيز الزمان والمكان وأما شهود كثيرين… كالمسيح
v    وهو قبل ابراهيم: فهو ملك وكاهن وسيد مدينة أورشليم  كالمسيح و”قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن”…
v     الكاهن الذي يقدم  ذبيحة شكر: هو نفس فعل المسيح حين اخذ خبزا ورفع عينيه إلى السماء وشكر
v    ذبيحة خبز وخمر: الوحيدة في العهد القديم والفريدة فرادة مانعة قاطعة في العهد الجديد
v    شكر على النصرة والتحرير: هو نفس ما فعله المسيح بنفسه فقام منتصرا على العدو وسحق الموت
v    وهو وإن خاض المعركةوبارك النصر  يظل ملك السلام
كم أود ان استطرد في تاملى لكني أتوقف رحمة وشفقة وجل ما اخرج به اليوم من شتات افكارى هو أن كل عظمة ملكي صادق تنبع وتنبثق وتصب وترتبط وتقترن بارتباطه بشخصية الرب يسوع وهنا يقفز على خاطري العديد من الشخصات في العهد الجديد….تيريزا الصغيرة فرنسيس الأسيزي.. وجميع القديسين الذين من خلال حياتهم وجهادهم وارتباطهم بشخص الرب يسوع…أكاد أجزم أنهم صاروا له صورة ورمزا وظلاً لا يقل بهاء عن صورة ملكي صاداق…
 الباب مفتوح إذن فإن اردت ان تكون مثله أو مثل واحد من أؤلئك القديسن …
هيا عمّق ارتباط قلبك بقلبه، واحكم وثاق عقلك بمنطق إنجيله
ولا تفصل كيانك يوما عن نبع حبه ولتكن حياتك ذبيحة لمجده