تأمل اليوم: هب أن يجلس…

تأمل اليوم: هب أن يجلس…


تأمل في قراءات الجمعة, 8 نوفمبر 2013
— 29 بابة 1730

استشهاد القديس ديمتريوس التسالونيكي

الأب بولس جرس

“في مثل هذا اليوم استشهد القديس العظيم ديمتريوس ، في زمن مكسيميانوس الملك . وكان شابا مسيحيا تقيا من أهل مدينة تسالونيكي . وقد حصل علي علوم كثيرة وبالأكثر علوم الكنيسة الأرثوذكسية . وكان يعلم دائما وينذر باسم السيد المسيح ، فرد كثيرين إلى الإيمان فسعوا به لدي الملك مكسيميانوس فأمر بإحضاره واتفق عند حضوره إن كان عند الملك رجل مصارع ، قوي الجسم ، ضخم التكوين . قد فاق أهل زمانه بقوته . وكان الملك يحبه ويفتخر به حتى انه خصص أموالا طائلة جائزة لمن يتغلب عليه . فتقدم رجل مسيحي يسمي نسطر من بين الحاضرين وقتئذ وسال القديس ديمتريوس إن يصلي من اجله ، ويصلب بيده المقدسة علي جسمه فصلي عليه القديس ورشمه بعلامة الصليب المقدس الذي لا يغلب كل من اعتمد عليه . ومن ثم تقدم وطلب مصارعة ذلك القوي الذي يعتز به الملك . ولما صارعه انتصر عليه . فاغتم الملك لذلك وخجل وتعجب كيف تغلب نسطر عليه ، وسال الجند عن سر ذلك فاعلموه إن رجلا يدعي ديمتريوس صلي عليه وصلب علي وجهه . فغضب الملك علي القديس وأمر بضربه إلى إن يبخر لألهته ويسجد لها . ولما لم يطعه أمر بطعنه بالحراب حتى يتمزق جسمه ويموت . فاعلموا القديس بذلك ليخيفوه لعله ينثني عن الإيمان بالمسيح ويسجد للأصنام. فقال لهم : اعملوا ما شئتم . فأنني لا اسجد ولا أبخر إلا لربي يسوع الإله الحق . فضربه الجند بالحراب إلى إن اسلم روحه الطاهرة . ولما طرحت جثته المقدسة أخذها بعض المسيحيين ، ووضعوها في تابوت من الرخام وبقي مخفيا إلى إن انقضي زمن الاضطهاد ، فأظهره الذي كان موضوعا عنده . وبنيت له كنيسة عظيمة بتسالونيكي ، ووضعوا جسده فيها . وكانت تجري باسمه عجائب كثيرة . ويسيل منه كل يوم دهن طيب فيه شفاء لمن يأخذه بأمانة ، وخاصة في يوم عيده فانه في ذلك اليوم يسيل منه اكثر من كل يوم أخر إذ يسيل من حوائط الكنيسة ومن الأعمدة . ومع كثرة المجتمعين فانهم جميعا يحصلون عليه بما يرفعونه عن الحوائط ويضعونه في أوعيتهم . ومن عاين ذلك من الكهنة الأبرار وحكى وشهد به .

“وتقدم إليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي قائلين : يا معلم ، نريد أن تفعل لنا كل ما طلبنا   فقال لهما : ماذا تريدان أن أفعل لكما   فقالا له : أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك   فقال لهما يسوع : لستما تعلمان ما تطلبان . أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أشربها أنا ، وأن تصطبغا بالصبغة التي أصطبغ بها أنا   فقالا له : نستطيع . فقال لهما يسوع : أما الكأس التي أشربها أنا فتشربانها ، وبالصبغة التي أصطبغ بها أنا تصطبغان وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أعد لهم  ولما سمع العشرة ابتدأوا يغتاظون من أجل يعقوب ويوحنا   فدعاهم يسوع وقال لهم : أنتم تعلمون أن الذين يحسبون رؤساء الأمم يسودونهم ، وأن عظماءهم يتسلطون عليهم  فلا يكون هكذا فيكم . بل من أراد أن يصير فيكم عظيما ، يكون لكم خادما ومن أراد أن يصير فيكم أولا ، يكون للجميع عبدا لأن ابن الإنسان أيضا لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين ” (مرقس 10 : 35 – 45 ).

يا ابن الإنسان…

إلى من تريد أن تنتسب إلى جدك الباشا أم إلى جدتك الخادمة في قصرة الساجدة تحت قدميه؟

الأمر لا يحتاج إلى تفكير والإجابة تبدو بديهية: أنتسب بالقطع إلى الباشا وانفي كل صلة  بالخادمة الشائهة السمعة.

هكذا تعودنا أن نقيس الأمور ونحدد الأختيار ونقرر المصائر

وهكذا قرر الأخوان الجليلان إسما وفعلا وتاريخا وشهادة يعقوب ويوحنا

ان يطلبا ما يعتقدا أنهما يستحقاه عن جدارة

المقام الأول…القيادة والرئاسة… وتتدخل الأم ايضا لدعم الطلب نفسه

ويقف الجميع مترقبا رد فعل المعلم أمام الطلب والوساطة فماذا سيكون؟ وما عسى تكون نتائج قبوله

لا على نفسية الرفاق من الرسل والأتباع ولا على إداء الأخوين وخدمتهما لاحقا

بل على مستقبل الكرازة بالإنجيل، مستقبل الكنيسة والديانة المسيحية نفسها….

العجيب أن الرب لا يلوم ولا يعنف ولا ينتهر ولا حتى يرفض إنما يربي ويعلم ويؤسس…

حقا يعبر طلبكما عن حب جارف ورغبة حسنة وعزيمة اكيدة ….لكن هذا لا يكفي

هناك كأس مريرة من الألم والعذاب، من الخدمة المتواضعة، من الخضوع وتسليم المشيئة كاملة

هل أنت مستعد ؟ إجابتك حاضرة : ” نعم نقدر” وكبطرس:” إن تركك الجميع فانا أفتديك بحياتي”

لكن يا بني متى كان الكلام كافيا لأن تكون مسيحيا حقيقيا؟!!!!!!

يجب أن تخضع وتخدم وتغسل اقدام مخدوميك

يجب ان تقبل ايدي مرؤسيك لا رؤسائك

يجب ان تحترم وتجل وتبجل من هم أصغر واحقر واقل منك.

يجب ان تتخلى عن نرجسيتك، عن عشقك لذاتك عن تقديرك الوهمي لإمكاناتك

يجب تعرف حقيقة نفسك وضعف وهشاشة بشريتك البائسة

يجب ان تصلى:” قد احب أو افضل أو اشتهي يا رب هذا الشيء أو غيره

                لكن ليكن يا رب ما تريد انت وما ترغب انت وما تفضل وتختار وتحدده أنت

فإن اردت ان تكون مع يسوع

يجب ان تلتصق به… تتقلد بحياته… تتبع خطواته..

ينبغي أن تحقق في كيانك كل ما يطلبه منك

لأنه وهو ابن الله لم يحسب اختلاسا ان يكون مساويا لله

وحين يتكلم عن نفسه لا يختار سوى كلمة ” إبن الإنسان”

فيا ايها الإنسان يا ” ابن الإنسان

ألا تريد أن تتعلم من ” إبن االله” الذي اخلى ذاته وقبل صورة العبد

لكي يعلمك ويخدمك ويرسم لك خارطة الطريق ويخلصك ويرفعك

وهكذا إن أردت ان تكون عظيما

عليك أن تقبل بأن ترفع زراعيك ليمنطقك آخر

عليك ان تسير معه راضيا مبتهجا إلى حيث لا تشاء

فهناك سيكون ” هو”  إبن الإنسان وإبن الله بنفسه في انتظار قدومك…

فهلم إليه