تأمل اليوم: وأما الآن فليس لهم عذر في خطيئتهم

تأمل اليوم: وأما الآن فليس لهم عذر في خطيئتهم

الأب/ بولس جرس
حيث تتناول قراءة إنجيل قداس اليوم نص (يوحنا 10 : 1 – 16) وهو نفس نص”الراعي الصالح” الذي تأملناه العديد من المرات فضلت أن نلجأ إلى قراء نص “إنجيل باكر” واتوقف بكم ومعكم اليوم أمام هذه العبارة الأليمة: ” وأما الآن فليس لهم عذر في خطيتئهم”…
عبارة تحمل حزناً كامناً وتمتليء بعميق الأسى…
 عبارة تميط الستار عن مكنون نفس الرب وهو من ترك العرش ونزل من العلى لأجل احباءه…
لكنهم رفضوه ورزلوه، اضطهدوه وحاربوه وأبغضوه حتى الموت: “هذا هو الوارث تعالوا نقتله…”
ذاك الذي حل بيننا في مغارة وولد في مزود وعاش في قرية ولم يطلب ملكا ولا سعى لمجد بل جال يصنع خيراً يشفي جراح الموجعين ويجبر القلوب الكسيرة ويشدد الركب المرتخية يفتح عيون العميان ويقهر الموت إذ ينادي الموتى من القبور ويحرر الإنسان من عبودية إبليس… ذاك الذي طلب من تلاميذ يوحنا ان يخبروا معلمهم الذي يريد ان يستوثق قبل أن يسلم انفاسه الأخيرة: قولوا ليوحنا: هوذا العمي يبصرون والعرج يمشون….. وطوبى لمن لا يشك فيّ…حزينة نفس  ذاك المعلم الصالح الذي إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله… وهو لم يقدم إلا حبا ولم يفعل سوى خيراً، ولم ينطق إلا نوراً ولم يحكم إلا صفحا وغفرانا ” ولا انا أدينك” “يا بني مغفورة لك خطاياك” ” الحق أقول لك أن خطاياها الكثيرة قد غفرت لها لأنها أحبت كثيراً…وقدم ذاته :
*  كأب حقيقي يغفر لإبنه الشاطر الذي بدد ثروته على الزواني فينطلق نحوه ويلقي بنفسه على عنقه ويقبله،
*  مستعد أن يترك قدميه للخاطئة وشعره لساكبة الطيب كيما ترجعا
*  كطبيب مستعد أن يدخل بيت العشار والخاطيء ليشفيهم ويردهم إلى أحضان إبراهيم… إلى حضن الآب
*  مستعد أن يترك قدميه للخاطئة وشعره لساكبة الطيب كيما ترجعا
* كراع صالح يسعى ويجد في طلب الضال بل ومستعد ان يترك ال99 خروفا ليبحث عنه
* كغارس تينة مستعد لأن يصبر سنة اخرى ويحفر حولها ويفلّحها ويصلح منها ويسمدها لتثمر
* كصاحب كرم مستعد أن يصبر سنة وسنين منتظرا ثمرا، وان يرسل في سبيل ذلك رسلا ورسائل حتى ابنه،
* وكفادٍ فريد مستعد ان يترك وجهه للطم وذقنه للنتف وثوبه للسلب ورداءه للمقترعين ليخلص ما قد هلك ….مستعد أن يبذل نفسه ويموت ميتة العار على الصليب في سبيل أحباءه….. ولسان حاله يقول ” ماذا يٌصنع لكرمي وانا لم افعله”؟و يواجه مضطهديه بسؤال يضعهم أمام ضميرهم ومسئوليتهم:
“أعمال كثيرة عملت بينكم ، فلأجل أي عمل منها ترجمونني؟”
أراه اليوم واسمعه يتوجه إلىّ وإليك بنفس السؤال:
 أنظر إلى حياتك، إلى ما يحيطك من نعم ، إلى ما يشملك من بركات
إلى كل ما بين يديك وتظن انه ثمرة مهاراتك المتعددة
 وهوليس سوى هبة مني ووزنات استودعتك إياها
اذكر واستذكر كل المواقف الصعبة والأيام المضنية الحزينة التي حملتك فيها على منكبي
تذكّر كيف سرت بك واخرجتك من أرض عبوديتك وجعلتك  خاصتي أخي واختي وأمي…
لا تنس اني عرفتك وانت بعد في بطن أمك ودعوت باسمك ومسحتك ملكا
” وأما الآن فليس لك عذر في خطيئتك ” تعال وارجع… هلم قم واستيقظ واستنير