تأمل اليوم: يستر كثرة من الخطايا

تأمل اليوم: يستر كثرة من الخطايا

تأمل في قراءات الأربعاء 4 ديسمبر 2013  9 كيهك 1730

اليوم التاسع من شهر كيهك

الأب/ بولس جرس

 

 السنكسار

نياحة القديس بيمن المعترف

في مثل هذا اليوم تنيح القديس بيمين الشهيد بغير سفك دم، وقد كان من منية بني خصيب من أعمال الأشمونين، وكان وكيلا لأشغال رجل أرخن جليل المقدار، ولطهارته وتقواه احبه الجميع، كما كان لزوجة ذلك الأرخن ثقة عظيمة به، ولاحتقاره أباطيل العالم، ترك عمله وقصد ديرا في تلك المدينة حيث ترهب فيه، فلما علم الأرخن توجه إليه هو وزوجته وسألاه العودة إلى الخدمة آسفين علي فراقه، وإذ لم يوافقهما عادا حزينين، أما القديس فقد استمر في عبادته ونسكه، ولم يقنع بذلك بل رغب إن يصير شهيدا بسفك دمه علي اسم المسيح له المجد، فمضي إلى انصنا ووجد كثيرين من المسيحيين يعذبون علي اسم المسيح، فتقدم هو ايضا واعترف، فعذبوه عذابا شديدا بالضرب والحريق وتقطيع الأعضاء والعصر بالهنبازين، وفي ذلك كله كان السيد المسيح يقويه ويقيمه سالما، وفيما هو علي هذا الحال انقضي زمان عبادة الأوثان، وملك قسطنطين الملك البار، وأمر بالإفراج عن كل الذين في السجون بسبب الإيمان، فظهر السيد المسيح لهذا القديس وأمره إن يخبر جميع القديسين المسجونين بأنه تبارك اسمه قد حسبهم مع جملة الشهداء ودعاهم بالمعترفين، وأرسل الملك قسطنطين يستحضر اثنين وسبعين منهم فمضوا إليه وبينهم القديس ابانوب المعترف، أما القديس بيمين فسكن في دير خارج الأشمونين، وكان الرب قد انعم عليه بموهبة الشفاء، وشاع ذكره في جميع تلك النواحي، وحدث إن مرضت ملكة رومية بمرض عضال استعصي علاجه، وزارت أديرة وكنائس كثيرة ولم تحصل علي الشفاء، وأخيرا آتت إلى انصنا وصحبها الوالي ورجاله إلى حيث القديس، ولما اعلموه بحضورها لم يبادر إلى لقائها بل قال ” ماذا لي انا مع ملوك الأرض “، ولما ألح الاخوة عليه خرج إليها، فلما رأته خرت عند قدميه، فصلي القديس علي زيت ودهنت به فبرئت في الحال، وقدمت له أموالا كثيرة وهدايا عظيمة فلم يقبلها، ما عدا آنية برسم الهيكل، وهي صينية وكاس وصليب من ذهب، ثم عادت إلى مدينتها ممجدة الله، وكان هناك أسقف قديس يعيد هو وجماعة من المؤمنين لبعض الشهداء في أحد الأديرة، فعلم بان الأريوسيين قد اتخذوا لهم أسماء شهداء بغير وجود، وعينوا لهم أسقفا غير شرعي، وأضلوا بذلك كثيرين من الشعب، فتوجه الأسقف إلى القديس بيمين واعلمه بذلك، فاخذ معه جماعة من الرهبان وذهبوا إلى حيث هؤلاء المخالفين وجادلوهم وبينوا ضلالتهم فتشتتوا وبدد الرب شملهم، ورجع القديس بيمين إلى ديره وتقدم في الأيام ومرض، فجمع الاخوة وأوصاهم، وأعلمهم انه قد حان الوقت ليمضي إلى الرب، فحزنوا جدا علي فراقه، ثم اسلم الروح فكفنه الاخوة، وصلوا عليه، وقد حدثت من جسده آيات شفاء عديدة.صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما ابديا امين

يستر كثرة من الخطايا

نص قراءة انجيل القداس

حيث تقدم قراءة إنجيل اليوم لوقا 12 : 32 – 44 لا تخف، أيها القطيع الصغير، لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت… وقد سبق التأمل فيها رأينا ان نختار قراءة الكاثوليكون من معلمنا يعقوب:

“لا يئن بعضكم على بعض أيها الإخوة لئلا تدانوا. هوذا الديان واقف قدام الباب خذوا يا إخوتي مثالا لاحتمال المشقات والأناة : الأنبياء الذين تكلموا باسم الرب ها نحن نطوب الصابرين. قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب. لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف ولكن قبل كل شيء يا إخوتي، لا تحلفوا، لا بالسماء، ولا بالأرض، ولا بقسم آخر. بل لتكن نعمكم نعم، ولاكم لا، لئلا تقعوا تحت دينونة أعلى أحد بينكم مشقات ؟ فليصل. أمسرور أحد ؟ فليرتل أمريض أحد بينكم ؟ فليدع شيوخ الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب وصلاة الإيمان تشفي المريض، والرب يقيمه، وإن كان قد فعل خطية تغفر له اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات، وصلوا بعضكم لأجل بعض، لكي تشفوا. طلبة البار تقتدر كثيرا في فعلها كان إيليا إنسانا تحت الآلام مثلنا، وصلى صلاة أن لا تمطر، فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر ثم صلى أيضا، فأعطت السماء مطرا، وأخرجت الأرض ثمرها أيها الإخوة، إن ضل أحد بينكم عن الحق فرده أحد فليعلم أن من رد خاطئا عن ضلال طريقه، يخلص نفسا من الموت، ويستر كثرة من الخطايا”.( يعقوب 5 : 9 – 20).

نص التأمل

 

“فليعلم أن من رد خاطئا عن ضلال طريقه، يخلص نفسا من الموت، ويستر كثرة من الخطايا”

في أحد الأيام بيمنا كنت اقضي بعض ايام اجازتي الصيفية على شاطيء البحر في جزيرة سردينيا مع مجموعة من الأصدقاء والإخوة… نحتفل بالقداس الإلهي يوميا كان يتوافد على المكان بعض من الجيران وكنت أقطع خبز التقدمة بعدد الحاضرين وفي مرة زادت قطعة فأكلتها دون أن أعلق… وبعد القداس تقدمت لي سيدة شابة والدموع تترقرق في عينيها قائلة: لقد أراد المسيح أن يأتي إلى ويدخل قلبي لكني لا استطيع استقباله القطعة التي زادت كانت موجهة إلى لكني لم افتح قلبي هو ارادني وأنا رفضته لأني لا استطيع أن اقبله واجهشت في بكاء مرير حاولت أن اطيب من خاطرها واسكن روعها ببعض الكلمات المعزيات لكنها فيما يبدو كانت تحتاج إلى تفريغ شحنة من المرارة والأسى والندم مكتومة بداخلها لسنين طويلة فأعطيتها مذكرة كتاب السامرية الذي كنت أدونه إبان نأملات الرياضة الروحية بأحد الأديرة في سردينيا أيضا…على أن تلتقي في الصباح لنستكمل ما بدأناه من حديث…

في الغداة بينما أنا جالس تحت مظلة البحر رايتها مقبلة نحوى واوراق التأملات تحت يديها وجلست على الرمال بجوار قدمي فاردت أن أقدم لها مقعدا فرفضت وبدات حديثها بالقول هذا مقامي وذلك ما أستحق “عند القدمين….” لقد سهرت الليل كله أقرأ ما دونته أبت عن السامرية وكيف التقت الرب وكيف أعلنت توبتها… ويا للدهشة يا أبت أنت لم تكتب عن السامرية بل كأنك كنت تكتب عني وتصف مراحل حياتي وتحلل مشاكلي ومشاعري…أنا السامرية يا أبت وقد تعبت حياتي كلها وأنا أبحث عن المياه في أبار مشققة… ومازلت عطشى ومازلت أبحث… واليوم وقد وجدت يسوع أمامي يقرع بشدة لم أعد استطيع مقاومتها أريد أن أعترف بخطاياي لأاتحرر من أقالي وآثامي لأستطيع ان أستقبله في القداس بعد سنوات طويلة لم أره ولم أقترب منه بل رواغته وهربت من لقياه وتحاشيت حتى المرور أمامه وتجاهلت طرقاته المتكررة على ابواب قلبي… اريد ان اعترف الآن بخطاياي…حاولت تأجيل تلك اللحظة للمكان المناسب والملبس والزي المناسبين… لكنها لم تلقِ إلى ذلك بالا وبدأت في سرد حياتها ممتزجة بالدموع والتنهد والندم فلم اتمالك انا ايضا دموعي ووجدتني أرفع يدي بعلامة الصليب تاليا صيغة الحل معطيا البركة معلناً المصالحة مع الله..وفي قداس المساء رايتها تتقدم للمناولة متألقه متأنقة كعروس فرحة تلتقي عريسها…كم كانت تعزيتي…واليوم إذ اقرأ ما سبق ودونه أبي يعقوب الرسول تترقرق الدموع في عيني وأشعر برغبة جارفة في أن أعترف واتجدد انا أيضا…كم من الوقت مضى منذ اعترفت آخر مرة؟ هيا لا تتأخر كثيرا.