تامل الخميس 20 فبراير

تامل الخميس 20 فبراير

ما أعسر

الأب/ بولس جرس

تأمل في قراءات الخميس 20 فبراير 2014 الموافق الخامس والعشرين من شهر أمشير1730

السنكسار

استشهاد ارخبس وفليمون أخية وابيفية العذراء

في مثل هذا اليوم استشهد القديسون أرخبس وفليمون وابفية العذراء الذين أمنوا علي يد القديس بولس الرسول حينما كان يكرز في فريجية . واتفق إن الوثنيين كانوا يحتفلون بارطاميس في يوم عيده فدخل القديسون إلى البربا ليشهدوا ما يقوم به القوم . فرأوهم يضحون للصنم ويعظمونه فاشتعل الحب الإلهي في قلوبهم وخرجوا من البربا وتوجهوا إلى الكنيسة معلنين مجد السيد المسيح ومعظمين اسمه القدوس . ولما سمع بأمرهم بعض الوثنيين وشوا بهم لدي الوالي ، الذي هاجم الكنيسة وقبض عليهم وعذبهم بوضع مسامير محماة في النار في جنوبهم ثم طرح القديس أرخبس في حفرة وأمر برجمه حتى اسلم الروح الطاهرة أما القديسان فليمون وابفية فقد عذبوهما بأنواع كثيرة من العذابات ولم يتركوهما حتى اسلما الروح . صلاتهما تكون معنا امين .

استشهاد الشماس قونا بمدينة رومية و استشهاد القديس مينا بمدينة قبرص.

نص الإنجيل

“وفيما هو خارِجٌ إلَى الطريقِ، رَكَضَ واحِدٌ وجَثا لهُ وسألهُ:”أيُّها المُعَلِّمُ الصّالِحُ، ماذا أعمَلُ لأرِثَ الحياةَ الأبديَّةَ؟” فقالَ لهُ يَسوعُ:”لماذا تدعوني صالِحًا؟ ليس أحَدٌ صالِحًا إلا واحِدٌ وهو اللهُ. أنتَ تعرِفُ الوَصايا: لا تزنِ. لا تقتُلْ. لا تسرِقْ. لا تشهَدْ بالزّورِ. لا تسلُبْ. أكرِمْ أباكَ وأُمَّكَ”. فأجابَ وقالَ لهُ:”يا مُعَلِّمُ، هذِهِ كُلُّها حَفِظتُها منذُ حَداثَتي”. فنَظَرَ إليهِ يَسوعُ وأحَبَّهُ، وقالَ لهُ:”يُعوِزُكَ شَيءٌ واحِدٌ: اِذهَبْ بِعْ كُلَّ ما لكَ وأعطِ الفُقَراءَ، فيكونَ لكَ كنزٌ في السماءِ، وتعالَ اتبَعني حامِلاً الصَّليبَ”. فاغتَمَّ علَى القَوْلِ ومَضَى حَزينًا، لأنَّهُ كانَ ذا أموالٍ كثيرَةٍ فنَظَرَ يَسوعُ حَوْلهُ وقالَ لتلاميذِهِ:”ما أعسَرَ دُخولَ ذَوي الأموالِ إلَى ملكوتِ اللهِ!”.فتَحَيَّرَ التلاميذُ مِنْ كلامِهِ. فأجابَ يَسوعُ أيضًا وقالَ لهُمْ:”يا بَنيَّ، ما أعسَرَ دُخولَ المُتَّكِلينَ علَى الأموالِ إلَى ملكوتِ اللهِ! 25مُرورُ جَمَلٍ مِنْ ثَقبِ إبرَةٍ أيسَرُ مِنْ أنْ يَدخُلَ غَنيٌّ إلَى ملكوتِ اللهِ”. فبُهِتوا إلَى الغايَةِ قائلينَ بَعضُهُمْ لبَعضٍ:”فمَنْ يستطيعُ أنْ يَخلُصَ؟ 27فنَظَرَ إليهِمْ يَسوعُ وقالَ:”عِندَ الناسِ غَيرُ مُستَطاعٍ، ولكن ليس عِندَ اللهِ، لأنَّ كُلَّ شَيءٍ مُستَطاعٌ عِندَ اللهِ”. متى 23: 14- 36).

نص التأمل

الأب/ بولس جرس

ما أعسر…

“ما أعسَرَ دُخولَ ذَوي الأموالِ إلَى ملكوتِ اللهِ “

هكذا أعلنها يسوع واضحة جلية… لكنها صادمة مدوية

حيث تمثل غريزية السيطرة وحب التملك واحدة من أشرس الغرائز

فهي تسيطر على الإنسان وتتحكم في سلوكياته ودوافعه…

ولقد سايرت معظم كتب العهد القديم هذا التوجه فهادنت هذه الغريزة ولم تقاومها…

بل باركهتا معتبرةً أن الغنى والمال بركة من الرب وعلامة على رضاه…

وبذا يصبح الفقر وقلة الرزق علامة عكسية، وضربة من الرب لشخص ما ( أيوب)…أو لشعبه

إلى أن جاء المسيح ليقلب الموازين بكلمة ” ما أعسر”

أي أنه لأمر  صعب وعسير بل وشبه مستحيل …

كيف؟

لقد اثارت تلك العبارة  في نفوس التلاميذ الكثير من علامات الحيرة  والتعجب والاستفهام؟

ولا غرو في ذلك فجميعهم أبناء المدرسة اليهودية التي تقدس المال وتكرم الغنى…

ونستطيع أن نقول اليوم في حالة الشاب الغني أن الجميع يباركون له وعليه غناه إن لم نقل يحسدونه

فكيف للمعلم ان يتحسر عليه بهذه الطريقة؟

كيف له أن يعسّر الطريق عليه وقد كان يجب أن ييسره؟

لم تك المسألة بالنسبة للمعلم الإلهي رفضا لخيرات او للمال في ذاتهما

فهما بالطبع عطية من آب محب خالق رزاق

لكنه رفض للخضوع والتبعية والعبودية للمال فهذا يلغي العبودية والخضوع والتبعية لله

فالأمر بالنسبة ليسوع تخييرا بين غريزة التملك والسيطرة والعبودية لبريق المال الخداع

وفضيلة التجرد وتسليم الذات بين يدي آب محب وخالق كريم وعين ساهرة وقلب لا ينام

فإذا كان المال اختيارك فبالطبع سيصير صعبا بل عسيراً بل مستحيلا أن يكون على الرب كاملا اتكالك….

أيها المتدثرون بدفيء فضتهم وبريق لمعان ذهبهم أيها الأثرياء ايها الأغنياء ايها المستكفون بأموالهم .

“حذار هوذا يعقوب يكتب لكم :” هَلُمَّ الآنَ أيُّها الأغنياءُ، ابكوا موَلوِلينَ علَى شَقاوَتِكُمُ القادِمَةِ. غِناكُمْ قد تهَرّأَ، وثيابُكُمْ قد أكلها العُثُّ. ذَهَبُكُمْ وفِضَّتُكُمْ قد صَدِئا، وصَدأُهُما يكونُ شَهادَةً علَيكُمْ، ويأكُلُ لُحومَكُمْ كنارٍ!”