تعريف الغباوة (قصة)

كل سنة .. المدرسة بتعمل قداس للاحتفال بالقديسة المُطوَّبة مريم بتكون الدعوة عامة لكل أهالي الطالبات وخريجات المدرسة كان بقالي كذا سنة مش باحضره لكن قررت السنة دي إني أروح
بس للأسف وصلت بعد القداس لظروف خارجة عن إرادتي أول ما دخلت المدرسة .. رجليَّ أخدتني لغاية مبنى إبتدائي لكن لقيت إن المبنى كله بيتجدد فمقدرتش أقرَّب قدام مبنى إبتدائي فيه مسرح المدرسة .. كان مفتوح دخلته .. أول ما عيني وقعت على خشبة المسرح
كانت دموعي هاتخونني لكن مسكت نفسي بالعافية
خرجت من المسرح .. وأخدتني رجليَّ لمبنى إعدادي وثانوي
فصول إعدادي كانت مقفولة .. فدخلت فصول ثانوي
لقيت في الفصل تلميذتين قاعدين بيتكلموا .. قلت لهم
إتمتعوا بكل لحظة باقية لكم هنا في المدرسة
لإن للأسف الواحد مابيحسش بقيمة الحاجة إلا لما بيفقدها
والوقت اللي بيعدي مابيرجعش
خرجت من الفصول .. ورجليَّ أخدتني للكنيسة
لما دخلتها ماكانش فيها حد ! .. قعدت وحسيت إني مش عايزة أقوم
إنتابني حنين رهيب لكل حاجة موجودة فيها
لكن بعد ما دققت النظر في حالة الكنيسة
حزنت جداً لأنها ماسلمتش من تأثير الزمن !
الحيطان والستاير ! .. إيه اللي حصل لها ؟
دي كانت زي العروسة ! .. ليه سايبينها كده ؟
وقررت أقول لـ”سير لوبيز” على ضرورة وحتمية
تجديد الكنيسة قبل أي مكان تاني في المدرسة
بعد شوية .. دخلت “سير لوبيز” عشان تجمع ورق الترانيم
من على الكراسي .. فقمت أساعدها
وسألتها: إنتو ليه سايبين الكنيسة بالمنظر ده ؟ ليه مش بتجددوها ؟
فقالت لي: حبيبتي .. تجديد الكنيسة هايكلف مبلغ كبير أوي
ده غير إن عندنا مصاريف ضخمة لتجديد باقي المدرسة
جوابها استفزِّني بصراحة
فقلت لها: إنتو زمان كنتو بتجمعوا مننا فلوس ع الفاضي والمليان
ولما الأمر دلوقتي إتعلَّق بتجديد الكنيسة بقيتوا بتتكسفوا تجمعوا فلوس ؟
حضرتك شوفي تجديدها هايكلف كام وقَسِّمي المبلغ
على أهالي 10 بنات يقدَروا يدفعوا
وما تقلقيش عليهم لأن أهالي الطالبات اللي عندك دلوقتي
بيعملوا حفلات العشا العادية بـ20 و30 ألف جنيه
صحيح هُمَّ هايعملولك فيها شحَّاتين مادام الفلوس مش رايحة ع المنظرة
لكن حتى لو دفعوا أقل من المبلغ اللي هاتطلبيه
الشخص اللي بارك في السمكتين والخَمَس أرغفة
وخلاَّهم يكفوا لإطعام حوالي 20 ألف شخص
هايبارك في المبلغ اللي هايجيلك وهايخلِّيه يكفي
مش إنتو علمتونا كده برضه
الست بصِّت لي بذهول وابتسمت إبتسامة مالهاش غير معنى واحد
أشكرك يا رب لأن تعبنا في تربيتكم وتعليمكم ماضاعش في الهوا
وقالت لي: مظبوط
إنتهينا من جمع ورق الترانيم
فقلت لها: أنا عايزة أقعد هنا شوية
هو إنتو هاتقفلوا الكنيسة دلوقتي ؟
قالت لي: ده بيتك .. خلِّيكي براحتك
مادام هاتصلي محدش يقدر يمنعك
سابتني وخرجت .. حسيت وقتها إني كنت عاملة
زي اللي بيتحايل على الزمن عشان يرجَّع له لحظات من الماضي
حاولت أصلي .. ماقدرتش
استرجاع الذكريات أجهدني نفسياً جدا
وكل اللي نزل عليَّ جُملة: يا ريتني فهمت الدرس من زمان
بعد شوية رجعت “سير لوبيز” ! .. معرفش هي اللي رجعت بسرعة
ولاَّ الوقت الحلو هو اللي بيعدِّي بسرعة ! .. المهم
إنها رجعت ولازم أقوم عشان يقفلوا الكنيسة
قمت لكن على عيني ! .. يا سـبحان الله
من 23 سنة ماكنتش عايزة أدخلها ! .. ودلوقتي مش عايزة أخرج منها
دلوقتي بصمت بالعشرة .. إنها المكان الوحيد اللي بيريَّح ! .. وبيفرَّح
ما أقصدش طبعاً حيطانه وكراسيه .. لكن أقصد الوجود في محضر الله
سلِّمت على “سير لوبيز” وحضنتها جامد وقلت لها
عشان خاطر ربنا يا “سير لوبيز” .. ماتنسيش الموضوع اللي إتكلمنا فيه
مدرستنا كلها جميلة .. لكن أجمل مكان فيها .. هو الكنيسـة
سيبتها ومشيت وأنا جوايا حسرة كبيرة على خيبتي القوية
دروس كتيرة فهمتها في لمح البصر .. لكن أهم درس فيهم
أخدت سـنين طـويلة طـويلة عشان أفهمه ! .. مع إنه درس بسيط

: تعريف الغباوة هو
البحث عن السعادة بعيد عن الله

لو كنت فهمته من زمان .. كنت وفرت على نفسي وجع قلب كـتـيـر قوي
“معرفة القدوس فهم ” أمثال10:9
“أما الأغبياء فيموتون مِن نقص الفهم ” أمثال21:10

إوعـى تكـون لسـه منهـم