حول زيارة قداسة البابا فرنسيس المرتقبة الى المغرب

حول زيارة قداسة البابا فرنسيس المرتقبة الى المغرب

إعداد مراسل الموقع من القاهرة- ناجى كامل

بدعوة من “أمير المؤمنين” الملك محمد السادس، يقوم البابا فرنسيس السبت والأحد بزيارة إلى المغرب تتمحور حول الحوار بين الأديان وقضايا المهاجرين. ويخصص اليوم الثاني من زيارته للمسيحيين، إذ سيحتضن المجمع الرياضي مولاي عبد الله بالرباط قداسا من المحتمل ان يشارك فيه نحو 10 آلاف شخص. وتأتي هذه الزيارة بعد 34 عاما تقريبا على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى المملكة، في صيف 1985.

تزينت شوارع الرباط استعدادا لاستقبال البابا فرنسيس، الذي يبدأ اليوم السبت 30 مارس  زيارة إلى المغرب تستمر يومين وتتمحور فعالياتها حول الحوار بين الأديان وقضايا المهاجرين. وقالت وكالة المغرب العربي للأنباء إن هذه الزيارة ستساهم في “إشاعة قيم الأخوة والسلم والتسامح بين الشعوب والأمم، وتعزيز الحوار والتفاهم والتعايش بين الديانات”.

ومن المرتقب أن يصل البابا فرانسيس إلى مطار سلا الرباط الدولي الساعة الثانية بعد الظهر من يوم السبت 30 مارس بالتوقيت المحلي، وستقتصر زيارته على مدينة الرباط ونواحيها حسب البيان الذي أصدرته الصحافة التابعة للكرسي الرسولي.

ويحل البابا في المغرب بدعوة من “أمير المؤمنين” الملك محمد السادس، والذي سيستقبل ضيف الممكلة عند نزوله في مطار الرباط  قبل أن يتوجهان في موكب نحو مسجد حسان التاريخي المطل على نهر أبي رقراق في العاصمة المغربية، على أن يسير البابا في سيارته المكشوفة الخاصة والعاهل المغربي في سيارة ليموزين.

وعقب الاستقبال الرسمي يتضمن برنامج اليوم الأول مراسم الترحيب الرسمي في ساحة القصر الملكي، يلتقي قداسة البابا فرنسيس بعد ذلك ممثلي الشعب المغربي والسلطات والمجتمع المدني والسلك الدبلوماسي وذلك في باحة مسجد حسان، كما سيزور ضريح الملك الراحل محمد الخامس جد العاهل المغربي محمد السادس.

 ما اليوم الثاني والأخير في الزيارة للبابا فرنسيس، الأحد 31  مارس، فسيبدأ بزيارة المركز الريفي للخدمات الاجتماعية في تمارة، ويلي ذلك لقاء بالكهنة والرهبان والمكرسين والمجلس المسكوني للكنائس في كاتدرائية الرباط، وعقب الغداء سيترأس فرنسيس الاحتفال القداس الإلهي.

ويوجه كل من العاهل المغربي ورأس الكنيسة الكاثوليكية خطابا لحوالى 25 ألف شخص ينتظر حضورهم في ساحة مسجد حسان. ويحتمل أن توضع شاشات ضخمة خارج الساحة يبث عليها الخطابان إذا تجاوز الحضور سعتها.

ويتوجه الرجلان بعد ذلك إلى القصر الملكي بالرباط حيث يجريان مباحثات ثنائية، قبل أن ينتقلا إلى معهد محمد السادس لتكوين الأئمة في المدينة الجامعية بالعاصمة.

ويحتضن هذا المعهد أئمة ومرشدات دينيات مغاربة وأجانب من إفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا، ويعمل على محاربة خطابات التطرف الديني. ويتلقى 1300 طالب وطالبة تكوينا متمحورا حول قيم “إسلام الوسطية والاعتدال” التي يتبناها الخطاب الديني الرسمي في المغرب.

وسيستمع البابا والعاهل المغربي لدى وصولهما المعهد لكلمتين يلقيهما طالبان، أحدهما من إفريقيا والثاني من أوروبا، وأخرى لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، من دون أن يتوجها للحاضرين بأي خطاب. كما يرتقب عزف موسيقى مستوحاة من الديانات التوحيدية الثلاث.

ثم سيغادر بابا الفاتيكان المغرب عقب مراسم توديعه الرسمية في مطار الرباط سلا الدولي في الخامسة والربع مساء الاحد 31 مارس عائدا إلى الفاتيكان.

وتأتي زيارة البابا فرنسيس إلى المغرب بعد 34 عاما تقريبا على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني، صيف 1985، التي تميزت بلقاء ديني مع حوالي 80،000 شاب في استاد رياضي. وكانت الفاتيكان قد استقبلت  في نوفمبر 1991، الملك الحسن الثاني (والد الملك الحالي) الذي كان أول رئيس دولة عربية يوجه دعوة إلى بابا.

الدستور المغربي: “الإسلام هو دين الدولة الذي يضمن للجميع حرية ممارسة العبادة”

وينص الدستور المغربي على أن “الإسلام هو دين الدولة الذي يضمن للجميع حرية ممارسة العبادة”. وتعتبر الاغلبية المغاربة من المسلمين ، و الأقلية من اليهود و المسيحيين.

ويمارس اليهود المغاربة والمسيحيون الأجانب شعائرهم الدينية بحرية. في حين يضطر المغاربة الذين يعتنقون المسيحية إلى التخفي. وهم معرضون للملاحقة إذا جاهروا باعتناق دين آخر غير الإسلام بموجب قانون يجرم التبشير

ومن المقرر أن يلتقي البابا مساء السبت مهاجرين في مركز جمعية “كاريتاس” الكاثوليكية الخيرية حيث سيلقي كلمة. وأنشأت الكنيسة الكاثوليكية المحلية مراكز استقبال للمهاجرين في عدد كبير من المدن المغربية.

وبات المغرب طريقا رئيسية لعبور المهاجرين من جنوب الصحراء نحو أوروبا. وأحبطت السلطات سنة 2018 نحو 89 ألف محاولة للهجرة، بينها 29 ألفا في عرض البحر، بحسب أرقام رسمية.

ويخصص البابا فرنسيس اليوم الثاني من زيارته للمغرب للمسيحيين، وسيحتضن المجمع الرياضي مولاي عبد الله بالرباط قداسا هو الأكبر الذي يشهده المغرب حتى الآن ويرتقب أن يشارك فيه نحو 10 آلاف شخص.

فرصة لتعميق التعايش

من جهته، قال عبد الوهاب رفيقي، الباحث المغربي في الفكر الإسلامي وقضايا التطرف والإرهاب، إن زيارة البابا فرانسيس للمغرب يجب أن تشكل فرصة لتحقيق مزيد من التعايش وتعميق الأواصر والعلاقات بين مختلف قيادات الأديان الكبرى التي يقتسم أتباعها غالبية العالم كالمسيحية والإسلام.

وأضاف رفيقي أن “الزيارة خطوة كبيرة يجب استثمارها لتعميق العلاقات”، مؤكدا أن الأمتين الإسلامية والمسيحية تعيشان ظاهرتين مختلفتين، حددهما في “ظاهرة الإرهاب الذي يمارسه البعض باسم الإسلام وظاهرة الإرهاب اليميني باسم المسيحية وما يرافقها من فوبيا ضد الإسلام والمسلمين في البلاد الغربية”، داعياً إلى ضرورة استثمار الزيارة للحديث عن منطق التعايش والقبول بالآخر.

وشدد على ضرورة عدم الاكتفاء برمزية زيارة بابا الفاتيكان للمغرب، داعيا إلى استثمارها “للحديث بشكل أعمق بما يمكن أن يحقق التعايش على الأرض والميدان”.

وأوضح أنه يجب استثمار الزيارة في “تحويل الشعارات والبيانات والخطابات إلى واقع ممارس، وتجاوز الصعوبات الكامنة في أن الحديث يدور عن دينين عاشا مرحلة تاريخية كبيرة من الصراع والحروب راح ضحيتها آلاف القتلى من الجانبين”، حسب تعبيره.

وأفاد رفيقي بأن السياق المعاصر الذي نعيشه اليوم بين الإسلام والمسيحية “يتطلب من الجانبين اجتهادا في المجال الديني لتطهيره وتنقيحه من كل ما يمكن أن يفسد هذا التعايش المنشود”، مؤكدا أن هذا المسعى يحتاج إلى “جرأة في التعامل مع الموروث سواء كان إسلاميا أو مسيحيا”.

ولم يقف الباحث المغربي عند هذا الحد، بل ذهب إلى القول إن اللحظة “لا تحتاج إلى تقارب بين الأديان كما كان في السابق بقدر ما نحن في حاجة إلى الحديث عن التعددية واحترام الآخر مهما كانت معتقداته واختياراته الدينية”.