رسالة الأب الأقدس إلى غبطة الكاردينال ليوناردو ساندري بمناسبة زيارته إلى مصر ✳

رسالة الأب الأقدس إلى غبطة الكاردينال ليوناردو ساندري بمناسبة زيارته إلى مصر ✳

اخي الفاضل غبطة الكاردينال
ليوناردو ساندري
رئيس مجمع الكنائس الشرقية

طوبى لرجل السلام القديس فرنسيس الأسيزي، الذي علّم رهبانه أن يلقوا على الجميع هذه التحيّة “الرب يمنحك السلام”. وقد اقتنع في قلبه بأن الله الخالق الواحد منبع كل خليقة، وحده الصالح، وأن البشر أجمعين يعتبرونه أبّاً لهم جميعاً، وكانت رغبة فرنسيس أن يحمل لجميع البشر، بقلبٍ ملؤه الحُب ونفسٍ مفعمة بالفرح لينشر الخبر السار لله القدير الرحوم الذي يريد أن جميع البشر يَخْلصون وإلى معرفة الحق يقبلون (1 تيموثاوس 2 , 3 – 4 ).
لهذا السبب قد كتب في القانون: “لذلك فأي أخ أراد، بإلهام إلهي الذهاب إلى غير المسيحيين، فليذهب بإذن خادمه وليهبهم الخادم هذا الإذن إذ هو رأى أنهم جديرون بأن يُرسلوا”. كما أنه ذاته سعى بشجاعةٍ وإصرار مواجهاً الكثير من المخاطر للذهاب إلى بلاد الشام لمقابلة السلطان.
فبعد أن اصطحب معه أحد الإخوة ويُدعى إللوميناتو ) ILLUMINATO ) تم اقتيادهم للتو إلى السلطان وهكذا حقق الله بتدبيره وإرادته رغبة خادمه.
وبكل شجاعةٍ أعلن فرنسيس الأسيزي خادم المسيح للسلطان أنه ليس مرسلاٍ من قِبَلِ بشرٍ؛ بل من الله العلي، لكي يُعلن له ولشعبه طريق الخلاص مبشراً إياهم بإنجيل الحق. وكان السلطان وقد آنس صدق القول و حرارة الإيمان يُصغي إلى فرنسيس باهتمامٍ وطيبة خاطر.
لقد أخبرنا الأخ الفاضل رئيس أساقفة إبراشية اباري ;سعادة القاصد الرسولي بمصر برونو موزارو بالاحتفالية العظيمة بمناسبة الذكرى المئوية الثامنة للقاء القديس فرنسيس الأسيزي والسلطان الملك الكامل الأيوبي، والذي اقترح من جانبه بإيفاد أحد الكرادلة لإضفاء شأناً أسمى لهذه الذكرى، وقد نال هذا الاقتراح منا كل تقديرٍ وشكر.
ولهذا السبب وبكل امتنانٍ وثقةٍ نوجّه لكم هذه الكلمات أيها الأخ الحبيب الذي يقود بكل اهتمامٍ مجمع الكنائس الشرقية. وبهذا الخطاب أُعيّنك مبعوثنا الخاص لتلك الأيام من 1 إلى 3 مارس لتكون مندوباً عن شخصنا وتترأس القداس الإلهي باسمنا، ولتحمل تحياتي الأخويّة للجميع سواء المسيحيين منهم أو المسلمين. 
كما أننا نُوصي بإلحاحٍ ألا ينقاد أحدٌ إلى أساليب العنف والقوة؛ بل بالحري أن يتحاور مع البشر أجمعين بالخير والسلام حتى تتحقق كلمات النبي إشعياء: “لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفًا، وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ الْحَرْبَ فِيمَا بَعْدُ”( 2 : 4). لذلك نمدح كل مبادرات الحوار والمصالحة التي تقود البشر إلى الشراكة الأخوية. ونتوجه بمحبةٍ أخوية لكل من اهتموا بعنايةٍ فائقة بإعداد هذه الاحتفالية في المئوية الثامنة وأخص بالذكر السلطات المدنية والدينية وأبنائي الإخوة الأصاغر في إقليم العائلة المقدسة بمصر وحراسة الأراضي المقدسة والراهبات الفرنسيسكانيات لقلب مريم الطاهر وإدارة وهيئة التدريس وطلبة جامعة الأزهر. 
ولذلك أيها الأخ المبجّل، فلترافقكم في هذه المهمة الموكلة إليكم صلوات العائلة المقدسة والقديس فرنسيس الأسيزي، وبناءٍ على محبتنا والنعمة الإلهية، نمنح بركتنا الرسولية لكل مَنْ ذكرناهم سلفاً ولجميع المشاركين في هذا الحدث الذي لا يُنسى وعلي جميع صنّاع السلام والحوار بين الأديان.
من حاضرة الفاتيكان في 26 فبراير 2019 , السنة السادسة لحبريتنا.
البابا فرنسيس