رسالة الفاتيكان بمناسبة عيد الفطر المبارك

رسالة الفاتيكان بمناسبة عيد الفطر المبارك

المجلس البابوي للحوار بين الأديان المسيحيون والمسلمون: موضوع رحمة الله وأدواتها رسالة لمناسبة شهر رمضان وعيد الفطر السعيد 1437 هـ / 2016 م حاضرة الڤاتيكان أيها الأخوة والأخوات المسلمون الأعزاء،

  1. إن الاحتفال بشهر رمضان وبعيد الفطر السعيد لهو حدث هام لكل المسلمين، عمادُه الصوم والصلاة وصالح الأعمال، وهو في الوقت نفسه حَدَث عزيز على أصدقائكم وجيرانكم المسيحيين. فباسم المجلس البابوي للحوار بين الأديان وباسم المسيحيين في العالم بأسره، نقدّم لكم أطيب الأماني بصيام مقبول مشفوع بالأعمال الصالحة، وبعيد سعيد.

وكما جرت العادة، نودّ أن نشاطركم بعض الخواطر، آملين أن تُسهم في توطيد الروابط الروحية القائمة بيننا.

  1. إنّ الرحمة موضوع غال على قلوب المسلمين والمسيحيين سواء بسواء. فنحن نعلم أن المسيحية والإسلام ديانتان تؤمنان بإله رحيم، يُظهر رحمته ورأفته نحو خلائقه كافة، وبخاصة بني الانسان. فقد خلقنا عن حُبّ كبير. وإنه رحوم بعنايته بكلّ واحد منّا، واهبا ايانا من كرمه ما نحتاج اليه لحياتنا اليومية من طعام وملجأ وأمان. غير أن رحمة الله تعالى تتجلّى على وجه الخصوص عندما يغفر لنا ذنوبنا؛ إنه الغافر وإنه الغفور.
  2. وفي سبيل ابراز أهميّة الرحمة، فقد أعلن قداسة البابا فرنسيسيوبيل سنة الرحمة، بدأ الاحتفال به يوم الثامن من شهر كانون الأول / ديسمبر2015 وينتهي في العشرين من تشرين الثاني / نوفمبر 2016. وقد قال في هذا الخصوص: ”هنا يكمُن سبب اليوبيل: هناك زمن للرحمة. إنه الوقت المقبول لشفاء الجراح، الوقت الذي لا نملّ فيه من السعي نحو أولئك الذين ينتظرون أن يروا بأمّ أعينهم ويلمسوا بأيديهم علامات قُرب الله تعالى منهم. إنه الوقت الذي نقدّم فيه لكل واحد، لكل واحد، سبيل المغفرة والمصالحة “(من عظة  البابا فرنسيس، 11 نيسان / أبريل 2015).

إنّ حجّكم الى الأماكن المقدسة، لا سيّما مكّة والمدينة، هو بالتأكيد زمن خاص لعيش رحمة الله. وفي الواقع، فإنه من بين الأدعية للحجّاج المسلمين: ”حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور“. وبالإضافة الى  ذلك، فإنّ الحجّ، ابتغاءً لمغفرة الذنوب من الإله الرحيم، للأحياء والأموات، ممارسة جَدّ محمودة بين المؤمنين.

  1. نحن مدعوون، مسيحيين ومسلمين، إلى الإقتداء بالله تعالى. الله الرحيم يطلب منّا أن نكون بدورنا رحماء وشفوقين نحو الآخرين ، وبخاصة أولئك الذين هم في أيٍّ من أشكال الحاجة. كما أنه يطلب منا أن يغفر أحدنا للآخَر.

عندما ننظر الى البشرية اليوم، ينتابنا الحزن بسبب الضحايا الكثيرة للصراعات والعنف – نفكّر هنا على وجه الخصوص في المُسنّين والأطفال والنساء، وبخاصة أولئك الذين هم ضحايا الإتجار بالبشر – وبسبب الكثيرين ممن يتألمون من الفقر والمرض والإدمان والكوارث والبطالة.

  1. فلا نستطيع، والحالة هذه، أن نُغلق أعيننا أمام هذه الحقائق أو نُحيد ببصرنا عن هذه الآلام. صحيح أن الأوضاع تكون أحيانا بالغة التعقيد وحلّها يتجاوز قدراتنا، ولهذا فمن الضروري أن يعمل الكلّ معاً من أجل إسعاف المحتاجين، بصرف النظر عن عرقهم أو دينهم. وإنه لمن دواعي الرجاء أن نسمع عن مسلمين ومسيحيين يضعون أيديهم في أيدي بعضهم البعض لمساعدة المحتاج. وعندما نعمل سوياً، فإننا نُتمّ وصيّة هامّة توصينا بها كل من ديانتينا ونقدّم، أفراداً وجماعات، شهادة أكثر مصداقيّة لما به نؤمن.

أعاننا الرحيم القدير على أن نسير دوما على دروب الخير والرأفة!

  1. وختاماَ، نضمّ تمنياتنا وأدعيتنا الى أماني البابا فرنسيس ودعائه، سائلين لكم من الله تعالى فيض البركات في شهر رمضان وعيد فطر يملؤه السرور.

كل عام وأنتم بخير! من  حاضرة الڤاتيكان، 10 حزيران 2016 Jean-Louis Cardinale Tauran   الكاردينال جان-لويس توران