سؤال وجواب

سؤال وجواب

مقال نيافة الأنبا يوحنا قلته
 
المنشور بجريدة ليمساجي عدد الأحد 26 يوليو 2015

بعض الأسئلة تصلني أحياناً في حياء ، وأحياناً في جرأة ، حيناً تنبض بالتفاؤل والأمل وحيناً يحيط بها اليأس ، وفكرت أن أجيب عليها بقدر ما أوتيت من قناعة على صفحة ليمساجي ، والرأي قد يصيب وقد يخطئ وقد اخترت سؤالين :
سؤال : هل ستنجح داعش في بسط سلطتها على البلدان العربية ، وما مصير المسيحيين لو حدث ذلك ؟
الإجابة : قال التاريخ كلمته في مصير هذه الحركات المتطرفة المتوحشة وقالت خبرة الشعوب حكمتها في مثل هذه الثورات الدموية ، أما التاريخ فقد أكد فشل الحركات المتطرفة كافة شرقاً وغرباً فقد انهارت حركة القرامطة في القرن الثاني الهجري ( 8 ميلادي ) بعد أن عاث أتباعها في الأرض فساداً وقتلوا حجاج مكة وهدموا الكعبة وسرقوا الحجر الأسود وفرضوا قوانين الجنون والإباحية وانتهوا إلى زوال ، كما سقط حكم الفاطميين بعد أن قام الحاكم بأمر الله ( وكانت أمه مسيحية ) بهدم الكنائس ( هدم خمسين كنيسة في يوم واحد كما هدم كنيسة القيامة ) وأصيب بجنون انتحر بعده أو قتل وهو هارب في جبل المقطم ولم يعثر له على جثة ، وخلال حكم المماليك اجتاحت البلدان العربية موجة من الفوضى والصراع على السلطة وذاقت الشعوب العذاب ألواناً وتحمل المسيحيون ما لا يقال في كتب التاريخ حتى جاء محمد على وقتل منهم ألفاً في يوم واحد ثم أباد الباقين ، وداعش ليست إلا حركة دموية متطرفة مثلها كباقي الحركات تتخذ من الدين ستاراً وهي لا تعرف ديناً أو خلقاً ومهما بدا لنا من قوتها وبطشها ومساندة بعض الدول لها فهي لا تخرج عن كونها عصابات تستغل أمية الشعوب وجهلها وفقرها وتحلم بإقامة خلافة إسلامية تحكم العالم وحاشا لله أن يسمح بذلك والخلافة أكدت فشلها منذ الخليفة الأول ويقال أنه قتل مسموماً ثم قتل الخليفة الثاني والثالث والرابع ، وسقطت الخلافة بعد أقل من مائتي سنة من ظهور الدعوة الجديدة ، فأية خلافة يريدون أموية أم عباسية أم عثمانية ، إن الفشل أمر مؤكد للحركات التي تمضي ضد التاريخ وتهدم الحضارة وترعب الإنسانية ، أنه فشل محقق لا محالة ، أما لماذا الألم والعذاب والقتل والنهب والظلم ، فتلك ظاهرة تؤكد للإنسان أن لا تقدم إلا بعد تضحية ولا رقي إلا بعد تذوق الألم وهو سر الفداء الذي ينبغي أن يتواصل لو يعلم الناس ، وما مصير المسيحيين إلا مصير أخوتهم المسلمين فداعش المتوحشة تكفر العالم كافة .
* * * * *
سؤال : كيف يواجه المسيحي هذه الحركات وهو لا يملك سلاحاً ؟
الإجابة : الحمد لله أن المسيحي لا يملك سلاحاً للقتل والتدمير والخراب ، ولكنه يملك أسلحة أقوى منها :
أ – أن يعيش المسيحي مسيحيته وإيمانه واثقاً أن المسيح هو حافظ الكنيسة .
ب – التضامن والاتحاد بالشعب كله ، مع المسلمين يد واحدة وراء السلطة العادلة وبخاصة على أيامنا نساند ونؤيد جهودها العظيمة .
ج – العودة إلى أيماننا في عمق ، فالمسيح حي إلى الأبد ، وقد وعدنا شعور رؤوسكم لا تمس إلا بسماح منه ، أننا في حاجة إلى مزيد من الصلاة وممارسة حياة الروح فقد يصعد كل يوم شهداء ولا أقول مع الإعلام يسقط شهداء ، لقد رأينا شهداء ليبيا وشهيد العراق ، يصلون قبل لحظة الموت هذه مسيحيتنا ، نكمل ما نقص من آلام المسيح بحياة نقية ، ورجاء ثابت .
ختاماً أقول إن البلدان العربية كافة تمر بمخاض عظيم آلام ، وآهات ، دماء شهداء ، ووراء ذلك عهد جديد وميلاد جديد لإنسان حر .
د. الأنبا يوحنا قلته