ستعبر الكنيسة الأمواج الصاخبة.. مقال لنيافة الانبا يوحنا قلته المعاون البطريركى

ستعبر الكنيسة الأمواج الصاخبة.. مقال لنيافة الانبا يوحنا قلته المعاون البطريركى

– الإيمان المسيحي ، هو الإيمان بشخص يسوع المسيح وبكنيسته وبوصاياه وبشريعته ، هو الإيمان بتجلي الله الكلمة وتجسده لقد أخلى ذاته آخذاً صورة إنسان ، إن إيماننا المسيحي ليس طقوساً شكلية وفروضاً حسية بل هو ملء العقل والوجدان والإرادة بحب من قال أنا هو القيامة والحياة ، وما أسهل أن تصوم أو تصلي أو تؤدي العشور وما أصعب أن تمارس العدل ، والمحبة ، والعفة والأمانة .
2 – يزدحم العالم بقضايا خطيرة قد تغير خريطة الإيمان والسكان والقوى العالمية ، موجات صاخبة ضد القيم الروحية ، العالم يعترف في بلدان كثيرة بالزواج المثلي ، رجل برجل ، وامرأة بامرأة ، بل وبعض الكنائس التي أنشأتها البدع تعترف وتبارك هذا الزواج ، فهل فقد الإنسان هويته الإنسانية ، وهل تمزقت صورة خالقه في أعماقه فأضحى بلا شريعة ولا قيم ؟
وموجة أخرى هي تمرد يسعى لكسر شريعة الزواج المسيحي ، بدعوى أن الدنيا قد تغيرت وأن الشريعة يجب أن تخضع لحاجات البشر وظروفهم ؟
وموجة صاخبة أخرى تقول يجب أن نتخلص من المهاجرين القادمين من بلاد الظلم والجهل والجوع إلى بلاد الثلج والضباب والحرية ، وكأننا نقول اقتلوا الفقراء والضعفاء والقادمين لاجئين بؤساء ، وبدلاً من تكديس الأسلحة الذرية ، وحياة الترف والرفاهية المسرفة المستفزة ، بدلاً من ذلك يمكن رفع مستوى المعيشة في تلك البلاد الطاردة لأبنائها ، لكن العالم الغني أخرس أصم أعمى لا يرى إلا لذاته ورفاهيته ولا يسمع صوت الجياع والمحرومين .
موجة داعش تحرق بلادنا العربية ، وتدمر مستقبل أجيالنا ، وتهدم حضارتنا وخطرها ليس فقط في هذا بل خطرها الأعظم في تدمير الأخلاق فهي تعيد أسواق الرقيق والجواري ولا تؤمن بأي حق للإنسان الذي يخالفها ، وفي بلاد أخرى داعش من نوع آخر ، يدمر الأخلاق ويسلب معنى الحياة ، وسمو مصير الإنسان ، أي زمن نعيش فيه ؟
* * * * *
3 – نعمة المسيح أقوى وموهبة روحه القدوس أعظم من كل هذه الموجات ، سبق للمسيح ونبهنا : من يثبت إلى المنتهى يخلص ، أحذروا فالباب ضيق والداخلون المؤمنون فيه قليل أما الباب الواسع فتدخل فيه الموجات الصاخبة والبدع الجانحة ، هذه الموجات الشيطانية ستنحسر ، ستزول ، أننا نؤمن ونثق أن المسيح قد غلب العالم وقوات الشر لن تقضي على الإيمان .
ليت هذه التحديات التي تواجه الكنيسة توقظ فينا ضمير الإيمان والرجاء والمحبة ، إن العالم هو حقل الله ، ونحن بعض من أبناء البشر أبناء الله ، لا نهرب من الصعاب ، لا نهادن الشر ، لا تنازل عن عقيدتنا التي تسلمناها من الشهداء وفي الوقت ذاته علينا أن نقيم دوماً حوار محبة ، وتفاهم ، ودراسة مع كل إنسان وكل تيار ، إن رسالة كهنة الكنيسة وإكليروسها ورهبانها وراهباتها لم تعد رسالة وعظ فقط بل اليوم هي رسالة قدوة في السلوك والتعامل ، إن الإيمان المسيحي له رؤية وموقف من تحديات كل عصر ، واليوم لا تزال هذه التحديات والعواصف تواجه الكنيسة ، نحد للثراء وتخزين الأموال تحد الانفلات الجنسي واللهث وراء المتعة ، وتحد التكالب على السلطة وحب السيطرة والمناصب .. أختم بهذه الآية الإلهية “ليضئ نوركم قدام الناس ، ليروا أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم السماوي” .
بنعمة المسيح ، بشفاعة أم النور سيعبر المؤمنون هذه العواصف ويبقى الإيمان بالمسيح الطريق والحق والحياة .