سقط الأب منصور لبكي فهل سقط الحب أيضاً؟

سقط الأب منصور لبكي فهل سقط الحب أيضاً؟

الأب ميشال سبع – نقلاً عن صحيفة “النهار” اللبنانية

الكنيسة في مفهوم اللاهوت جسد المسيح السري على الارض، ورجالات الكنيسة هم ممثلو المسيح على الارض بدءاً برئيسهم المنتخب الذي هو البابا حتى آخر كاهن في آخر اقاصي الارض يقيم الذبيحة الالهية، وبالتالي فكل تعاليم رجال الدين هي تعاليم مقدسة ولا يجوز المسّ بها او تحويرها او تغييرها.

هذه المفاهيم التي رافقت الكنيسة عبر التاريخ جعلت من رجال الكنيسة اناساً مقدسين ومحترمين ومبجلين وفوق الشبهات، وعندما كان يخطئ كاهن ما يسارع رؤساؤه او رهبانيته او اسقفه الى معاقبته او نصحه او ارشاده ولفلفة الموضوع.

لكن بعد انتشار الاعلام ونزعة الحرية والتعبير الانساني الذي لم يعد له حدود ويجب الا يكون له حدود صارت الاخطاء تنتشر وتعلن، مما افقد الكنيسة المقدرة على التستر على اخطاء رجالاتها. ان الهالة القدسية التي اضفاها رجال الدين على انفسهم هي التي جعلت الخطأ الذي يقعون فيه أكبر من قدرتهم على التستر عليه، جعلوا انفسهم فوق الناس العاديين لذا صارت اخطاؤهم اكبر من الناس العاديين وصارت النظرة اليهم اشد قساوة من الناس العاديين.

هم اوجدوا الصورة وهم استفادوا منها، وهم يدفعون ثمنها، وصاروا يخافون الدفاع عن اخيهم اذا سقط، بل يتركونه للرجم، كما يفعلون اليوم مع الاب منصور لبكي.

في المسيحية والانجيل كلام كبير للانسان الخاطئ وقد ربطه المسيح بالحب، وعندما احتج تلاميذه على المرأة الخاطئة لأنها تجاسرت وصبت طيب الناردين على قدميه ومسحته بشعرها قال لهم: لقد غفر لها كثيراً لأنها أحبت كثيراً.

الاب منصور لبكي الذي شوهت اخطاؤه ماضيه وحاضره احب كثيراً، امضى العمر وهو يحب الناس بدءاً بوقفته التاريخية في الدامور، آلاف الناس ساعدهم الاب منصور فحمل اطفالهم الى اوروبا وجاء بالمساعدات التي عجزت عنها دولة لبنان، اضافة الى انه قدم التعليم الديني والانساني في اغان ولا اجمل وهي تعلم في مدارس لبنان وفي رعاياه وابرشياته، بنى ضيعة بكاملها سماها “كفرسما”، جاهد في سبيل الايمان بالانسان والوطن والمسيح، هذا الرجل ربما أخطأ، اجل وخطيئته عظيمة لأنه كان مؤسسة وكنيسة في رجل، وخطيئته ليست خطيئة رجل، بل خطيئة مؤسسة وكنيسة، ولكن ايسقط الحب في سقطة الخطيئة؟ لو كان الأمر كذلك لكان يجب ان تسقط الكنيسة منذ زمان بعيد بسبب اخطاء باباواتها واساقفتها وكهنتها. ليس المطلوب الدفاع عنه، بل المطلوب هو وقفة الحب مع الخاطئ ومساندته في ضعفه، كي يقبل صوت المسيح صارخاً: لقد أحب كثيراً واخطأ لذا يغفر له.

عار على الكنيسة ورجالاتها وعار على كل الذين خدمهم الاب منصور لبكي وعلّم اولادهم واحبهم، عار على لبنان الذي حمل الاب منصور رسالته الى كل العالم خلال اكثر من اربعين عاماً، عار على كل المرنمين كلماته، ان يقفوا صامتين ويتركوا الشامتين والجلادين يجلدون هذا الخاطئ.

الخطيئة موت لكن الحب حياة، ومسيرتنا هي الحياة وليست الموت والمسيح انطق الخرس فلعل المسيح ينطق الخرس من رجالاته ليشهدوا للحب أيضاً.