شخصية  فيرونيكا: بين الحقيقة والاسطورة

شخصية فيرونيكا: بين الحقيقة والاسطورة

إعداد –مراسل الموقع – من القاهرة ناجى كامل

 إسم فيرونيكا يعنى  ” الأيقونة الحقيقية”.

لم يذكر لنا اى من الانجيلين الاربعة مراحل الام السيد المسيح او مقابلة يسوع لبنات اورشليم – التى قد تكون  فيرونيكا واحدة منهن – وهو فى طريقه للصلب انما ذكرها لنا تقليد الاباء الاولين  . والذى منه اسس الرهبان الفرنسيسكان رتبة او صلاة ” درب الصليب ” هى صلاة كاثوليكية تقام كلّ يوم جمعة من الصوم الكبير المقدس السابق للفصح ،وتقرأ فيها نصوص صلب المسيح على أربع عشر مرحلة من العهد الجديد إلى جانب بعض المراحل المأخوذة من التقليد المسيحي.  وهي صلاة نشأت في القرن الخامس عشر، ان كل مرحلة من المراحل الاربعة عشر لدرب الصليب تقف عند حدث تم خلال آلام يسوع المسيح وموته على جبل الجلجلة في يوم الجمعة العظيمة ، وانتشرت هذه الصلاة  في العالم كلّه. وغايتها مرافقة يسوع في طريق آلامه، وقد خصص الاباء الفرنسيسكان مؤسسى رتبة درب الصليب المرحلة السادسة  للتأمل فى المرأة التى مسحت وجه يسوع قائلين :

“لقد تأثرتَ يايسوع بهذهِ البادِرة أظهَرَتهـا نحوَكَ تلكَ المرأة الشفوق إذ مَـسَحَتْ وَجهكَ المُّشوِّه بالدماء والبصاق، فطبعتَ صورة وجهَكَ في مَنديلِهـا.

يايسوع ، إنني كثيراً ما شـوَّهتَ وجهَكَ في نفسي بالخطيئة فعَلمني أن اجَدِدَ صُورَتكَ البهية في ذاتي بمُماسة الإماتات والقيام بالجهود اليومية والطاعة لِوَصاياكَ المُقدَسة ، أمنحني يا يسوع ، على مِثالْ هذه المَرأة القديسة ، أن أمْسَحَ وجهَّكَ بالتعويض عن الإهاناتْ التي تلحقهُ مِنَ البشر ، وأن أكون لكَ صورةً حَية مُشرقة في العالمْ آمــــــيـنْ   ”  

– يقول التقليد أن القديسة فيرونيكا هى المراة التى  مسحت وجه السيد المسيح  حين وقع تحت ثقل الصليب- بدافع من حبّها له وإشفاقها عليه. وعند عودتها إلى منزلها وجدت أن صورة وجه السيد المسيح قد ظهرت علي هذا المنديل ، وقد ظهرت الآلام علي ملامحه. يقول التقليد أن فيرونيكا ذهبت إلى روما وشَفَت الإمبراطور طيباريوس بقوة  المنديل الذي تحمله، وأنها عند نياحتها تركته للبطريرك القديس إكليمنضس.

بحسب التقليد فيرونيكا هي “زوجة زكا” (لو 19: 2-10)، خرجت هذه السيدة مع رجلها زكا العشار الذي باع كل ما يملك وذهبا ليبشرا بالسيد المسيح حتى بلغا إلى فرنسا. بشّرا بالإنجيل ونشرا المسيحية في منطقة جنوب فرنسا. هى ايضا من اردات ان تسقى يسوع ولكنه لم يرد، وكانت ايضا ضمن النساء اللواتى تبعن يسوع وخدمنه من اموالهن وفتحن بيوتهن ليعلم فيها ، وهناك قصص أخرى غير مؤكدة تجعل من فيرونيكا نفسها مرثا أخت لعازر، وابنة المرأة الكنعانية، والمرأة نازفة الدم، او ربما تكون ايضا هى نفسها القديسة “فيرونا”

في أوائل القرن الخامس عشر تمّ تحديد منزل فيرونيكا كأحد محطات مراحل طريق الصليب في أورشليم، وبعدها تدريجيًا صارت حادثة فيرونيكا – مع غيرها من الحوادث – إحدى المراحل الثابتة في هذا الطريق. ويُقال أن هذا المنديل مازال موجودًا في كنيسة القديس بطرس في روما، مما يشهد بصحة التقليد. وعمل السيد المسيح معجزات كثيرة بواسطة المنديل ومرضت القديسة ثم تنيحت فى فرنسا وتعيد لها الكنيسة فى 12 يوليو.

فيرونيكا هى سيدة كانت تسكن  اورشليم ، وذات يوم كانت تقف أمام بيتها على طريق الجلجثة وسمعت ضجيجاً لجمهور كبير يحيط بالجنود الرومان الذين كانوا يقودون السيد المسيح إلى الجلجثة للصلب، فقامت مسرعة وتطلعت من فوق رؤوس الجمع الغفير ورأت السيد المسيح يتصبب بالعرق والدم المتساقط من جراحات أكليل الشوك، وهو متعب جداً بحمل الصليب الثقيل فأسرعت وأخذت منديل رأسها وهرولت إلى الطريق غير عابثة بالشتائم ولا انتهار الجنود الذين حاولوا إبعادها، ومسحت وجهه بالمنديل الذى معها ولما نشرت المنديل بين يديها فوجدت أنه طبع لها صورته على المنديل صورة كاملة الشبه والملامح هى صورة للسيد المسيح له المجد .

“يا يسوع الذى طابعت صورة وجهك الأقدس ، في منديل القدّيسة فيرونيكا ، أتوسّل إليك أن تخلق فيّ قلباً نقيّاً ، وتطبع فيه صورة وجهك المشوّه بالجروح، الملطّخ بالدماء ، لأتذكّر دائماً آلامك الشديدة” .