شمشون والطاحونة

شمشون والطاحونة

 (قض ١٦ /٢١)

للأب هاني باخوم

          شمشون الجبار والذي يعني اسمه الشمس الصغيرة. تلك الشمس التي ترمز إلى المسيح. هو علامة ورمز لكل إنسان خلق على صورة الله، خلق على صورة المسيح. فشمشون هو صورة للمسيح. لكن هذه الصورة تتشوه بالخطيئة . شمشون يضعف أمام دليلة والتي يعني اسمها بالعبرية السقوط أو الغروب، غروب لشمس لم تقوي على الخطيئة، غروب لشمشون.

          ضعف شمشون أمام تكرار سؤال دليلة، والذي يمثل الصراع اليومي لكل مسيحي. التجربة اليومية والتي تتكرر ولا تنتهي. شمشون يريد أن يكف عن سماع سؤال دليلة عن سر قوته. مثلي ومثلك نريد في أوقات كثيرة أن نكف عن صراعنا اليومي ضد عدم الضمان أو ضد التجارب نريد أن نستريح، نريد التوقف عن الصراع، فنستسلم. لأننا نقول إلى متى سيظل الحال هكذا؟ إلى متي؟ إلى متي نفس الصعاب نفس المشاكل نفس التجارب إلى متي؟ وبهذا السؤال نسقط مثل شمشون. نريد أن نرتاح فنسقط مثل شمشون. الذي يقول لدليلة عن سر قوته فتشي به.

          يأسره العدو ويسجنوه وأول شيء يفعلوا به، يقلعوا عينية. شمشون يصبح اعمي غير قادر على الرؤية. غير قادر على رؤية حب الله ، غير قادر على رؤية معنى الحياة بعد، غير قادر على رؤية النور الذي يسطع فينير له طريقه. أصبح مجبر أن يقوده آخر. لم يعد حر بل بالأحرى يقيدونه بالسلاسل. شمشون يصبح عبد. وماذا يفعل في السجن يطحن الطاحونة.  كم هي مؤثرة تلك الصورة. الإنسان الذي يستسلم للتجربة يصبح سجين، يعتقد انه سيتحرر عندما يفعل الخطيئة لكنه يجدْ نفسه أسير، سجين. سجين يطحن الطاحونة. مثل الثور الذي يغمى عينيه كي لا يرى ما يفعل ويجر ساقية الطاحونة. يدور ويدور حول نفس النقطة وقد يفكر انه يسير وانه سيصل لهدف يوما ما. وها هو في نفس المكان، يلف ويدور. الإنسان بعد الخطيئة، مجبر أن يفعل نفس الشئ يوميا يكرر نفس الشئ لكي يحيا. فيعمل ويعمل ويفعل نفس الأشياء كي يضمن ما تبقي له من حياة ومن سعادة. يطحن الطاحونة. يعتقد انه سائر إلى الامام وها هو هنا يستقي ما تبقى له من حياة. عادات إجبارية كي نشرب ما تبقي لنا من مياه. وها هو شمشون يطحن الطاحونة.

          وبدء شعره ينمو من جديد. الرب يرحم شمشون، كما يرحمنا، ويجعله رويدا رويدا يسترجع قوته. يسترجع نعمته. لكن على شمشون أن يتعلم التواضع. آن يقبل انه أصبح أعمى ومكبل بالسلاسل مثل الثور الذي يدير الطاحونة.  عليه آن يترك نفسه ينقاد من جديد إلى النعمة، فيرسل الرب له عون، مساعد يقوده في الطريق، يجعله يرجع شمشون، تلك الشمس الصغيرة، صورة المسيح، والتي لا تعرف غروب. فمن هو ؟ وكيف؟

إلى مرة القادمة ….