صراع المواهب:  تأمل الثلاثاء المبارك من البصخة المقدسة الموافق 15 إبريل 2014

صراع المواهب: تأمل الثلاثاء المبارك من البصخة المقدسة الموافق 15 إبريل 2014

صراع المواهب

تأمل الثلاثاء المبارك من البصخة المقدسة الموافق 15 إبريل 2014

الأب/ بولس جرس

نص الإنجيل

“وكأنَّما إنسانٌ مُسافِرٌ دَعا عَبيدَهُ وسلَّمَهُمْ أموالهُ، فأعطَى واحِدًا خَمسَ وزَناتٍ، وآخَرَ وزنَتَينِ، وآخَرَ وزنَةً. كُلَّ واحِدٍ علَى قَدرِ طاقَتِهِ. وسافَرَ للوقتِ. فمَضَى الذي أخَذَ الخَمسَ وزَناتٍ وتاجَرَ بها، فرَبِحَ خَمسَ وزَناتٍ أُخَرَ. وهكذا الذي أخَذَ الوَزنَتَينِ، رَبِحَ أيضًا وزنَتَينِ أُخرَيَينِ. وأمّا الذي أخَذَ الوَزنَةَ فمَضَى وحَفَرَ في الأرضِ وأخفَى فِضَّةَ سيِّدِهِ. وبَعدَ زَمانٍ طَويلٍ أتى سيِّدُ أولئكَ العَبيدِ وحاسَبَهُمْ. فجاءَ الذي أخَذَ الخَمسَ وزَناتٍ وقَدَّمَ خَمسَ وزَناتٍ أُخَرَ قائلاً: ياسيِّدُ، خَمسَ وزَناتٍ سلَّمتَني. هوذا خَمسُ وزَناتٍ أُخَرُ رَبِحتُها فوقَها. فقالَ لهُ سيِّدُهُ: نِعِمّا أيُّها العَبدُ الصّالِحُ والأمينُ! كُنتَ أمينًا في القَليلِ فأُقيمُكَ علَى الكَثيرِ. اُدخُلْ إلَى فرَحِ سيِّدِكَ. ثُمَّ جاءَ الذي أخَذَ الوَزنَتَينِ وقالَ: ياسيِّدُ، وزنَتَينِ سلَّمتَني. هوذا وزنَتانِ أُخرَيانِ رَبِحتُهُما فوقَهُما. قالَ لهُ سيِّدُهُ: نِعِمّا أيُّها العَبدُ الصّالِحُ الأمينُ! كُنتَ أمينًا في القَليلِ فأُقيمُكَ علَى الكَثيرِ. اُدخُلْ إلَى فرَحِ سيِّدِكَ. ثُمَّ جاءَ أيضًا الذي أخَذَ الوَزنَةَ الواحِدَةَ وقالَ: ياسيِّدُ، عَرَفتُ أنَّكَ إنسانٌ قاسٍ، تحصُدُ حَيثُ لم تزرَعْ، وتجمَعُ مِنْ حَيثُ لم تبذُرْ. فخِفتُ ومَضَيتُ وأخفَيتُ وزنَتَكَ في الأرضِ. هوذا الذي لكَ. فأجابَ سيِّدُهُ وقالَ لهُ: أيُّها العَبدُ الشِّرِّيرُ والكَسلانُ، عَرَفتَ أنِّي أحصُدُ حَيثُ لم أزرَعْ، وأجمَعُ مِنْ حَيثُ لم أبذُرْ، فكانَ يَنبَغي أنْ تضَعَ فِضَّتي عِندَ الصَّيارِفَةِ، فعِندَ مَجيئي كُنتُ آخُذُ الذي لي مع رِبًا. فخُذوا مِنهُ الوَزنَةَ وأعطوها للذي لهُ العَشرُ وزَناتٍ. لأنَّ كُلَّ مَنْ لهُ يُعطَى فيَزدادُ، ومَنْ ليس لهُ فالذي عِندَهُ يؤخَذُ مِنهُ. والعَبدُ البَطّالُ اطرَحوهُ إلَى الظُّلمَةِ الخارِجيَّةِ، هناكَ يكونُ البُكاءُ وصَريرُ الأسنانِ.

 مَتَى جاءَ ابنُ الإنسانِ في مَجدِهِ وجميعُ المَلائكَةِ القِدِّيسينَ معهُ، فحينَئذٍ يَجلِسُ علَى كُرسيِّ مَجدِهِ. ويَجتَمِعُ أمامَهُ جميعُ الشُّعوبِ، فيُمَيِّزُ بَعضَهُمْ مِنْ بَعضٍ كما يُمَيِّزُ الرّاعي الخِرافَ مِنَ الجِداءِ، فيُقيمُ الخِرافَ عن يَمينِهِ والجِداءَ عن اليَسارِ. ثُمَّ يقولُ المَلِكُ للذينَ عن يَمينِهِ: تعالَوْا يامُبارَكي أبي، رِثوا الملكوتَ المُعَدَّ لكُمْ منذُ تأسيسِ العالَمِ. لأنِّي جُعتُ فأطعَمتُموني. عَطِشتُ فسَقَيتُموني. كُنتُ غَريبًا فآوَيتُموني. عُريانًا فكسَوْتُموني. مَريضًا فزُرتُموني. مَحبوسًا فأتَيتُمْ إلَيَّ. فيُجيبُهُ الأبرارُ حينَئذٍ قائلينَ: يارَبُّ، مَتَى رأيناكَ جائعًا فأطعَمناكَ، أو عَطشانًا فسَقَيناكَ؟ ومَتَى رأيناكَ غَريبًا فآوَيناكَ، أو عُريانًا فكسَوْناكَ؟ ومَتَى رأيناكَ مَريضًا أو مَحبوسًا فأتَينا إلَيكَ؟ 40فيُجيبُ المَلِكُ ويقولُ لهُمُ: الحَقَّ أقولُ لكُمْ: بما أنَّكُمْ فعَلتُموهُ بأحَدِ إخوَتي هؤُلاءِ الأصاغِرِ، فبي فعَلتُمْ.”ثُمَّ يقولُ أيضًا للذينَ عن اليَسارِ: اذهَبوا عَنِّي يامَلاعينُ إلَى النّارِ الأبديَّةِ المُعَدَّةِ لإبليسَ ومَلائكَتِهِ، لأنِّي جُعتُ فلم تُطعِموني. عَطِشتُ فلم تسقوني. كُنتُ غَريبًا فلم تأووني. عُريانًا فلم تكسوني. مَريضًا ومَحبوسًا فلم تزوروني. حينَئذٍ يُجيبونَهُ هُم أيضًا قائلينَ: يارَبُّ، مَتَى رأيناكَ جائعًا أو عَطشانًا أو غَريبًا أو عُريانًا أو مَريضًا أو مَحبوسًا ولم نَخدِمكَ؟ فيُجيبُهُمْ قائلاً: الحَقَّ أقولُ لكُمْ: بما أنَّكُمْ لم تفعَلوهُ بأحَدِ هؤُلاءِ الأصاغِرِ، فبي لم تفعَلوا. فيَمضي هؤُلاءِ إلَى عَذابٍ أبديٍّ والأبرارُ إلَى حياةٍ أبديَّةٍ”.( متى25: 14– 46)

نص التامل

صراع المواهب

اعتبر هذه القطعة من الانجيل المقدس من اروع ما يمكن ان نقرأ او نسمع او نتعلم

وبرغم انها تتناول الحديث عن الدينونة فهي ليست رهيبة مخيفة بقدر ما هي معلّمة وكاشفة

وسنتناولها على مدار اليومين فالجزء الأول: مثل اللملك والعبيد والوزنات…  اليوم

وغدا في اليوم التالي نتناول مثل او بالأحرى مشهد الدينونة الاخيرة في صورة أسلوب الثواب والعقاب….

ففي الجزء الاول

يفسر لنا مثل العبيد والوزنات اسلوب الحساب بالثواب العقاب بطريقة شخصية

بحيث ينال كل واحد بقدر ما أُعطي ويحاسب بقدر ما يستجيب وعليه أن يلبي مهما كان ما أُعطيه ضئيلا…

وإذا تاملنا تاريخ البشرية وتالريخ الشعوب بل تاريخ الكنيسة ذاته

سنلاحظ وجود واستمرارية هذا الصراع …

 صراع المواهب الحسنة للروح القدس في الكنيسة الأولى

صراع تمسك كل قوم بمعلمهم وإعتباره الأفضل والأول دونا عن المسيح ذاته

مما دفع بولس الرسول ان يصرخ:” من ه و بولس ومن هو ابوللو”؟

وهكذا الصراع في الحياة فكل واحد في الحياة يكاد لا يرى ما بين يديه من حيث انه ينظر دوما لما بين يدي الاخرين

وهناك الغيرة والحسد والنميمة والخصومة والعداوة التي تظرد المسحية نفسها خارجا وتنفي اي صلة لها بالمسيح

فكيف نؤمن بالمسيح الذي أخلى ذاته وافرغ ارادته واخذ شكل الخليقة

وعاش بيننا يخدم ولا يُخدم وهو المعلم والسيد

بل وسلم لهم ذاته ليقتلوه فنحيا بذبيحة قدم فيها ذاته للآب القدوس فداء عن صالبيهّ!!!

وهو من قال انا والآب واحد، أنا في أبي وأبي فيّ وهو الذي يقول ابي أعظم مني

مع انه مساو للآب في راد ان يكون فيكم عظيما او أولا فليكن للجميع خادما وعبدا”

وهو بروحه القدوس اعطى للبعض أن يكونوا رسلا والبعض معلمين،

 البعض علماء والبعض مبشرين البعض خدام والبعض مرنمين…

وأستطيع بدوري التعليمي اليوم ان أؤكد منذ الآن:

 ان الرب لن يحاسب احد على وزنة لم ينلها أو موهبة لم يُعطها

فأنا على سبيل المثال واثق ان الرب حين اقف امامه فلن يحاسبني على موهبة

 الصوت والألحان” التي لم انلها،  لكنه سيحاسبي بالتاكيد على ملكة التعليم والإرشاد التي منحني إياها

هكذا يوضح لنا هذا المثل شيئا جوهريا ومحوريا في الحياة:

انه مهما تفاوتت الوزنات نوعا وعددا وقيمة فإن الله لم يخلق إنسانا بلا وزنات

لقد خلق الله كل إنسان بمواهب خاصه ويحيطه بنعم خاصة

فلكل منّا وزنته وعليه ان يكتشفها ويستثمرها…

ويحاسبه فقط على ما استودعه إياه وليس على ما كان بين يدي الآخرين…

فهناك من وهبه الله نعمة القيادة وهناك من اعطاه نعمة الطاعة

فليس الجميع ينطقون بالسنة دون ان يمنح الله الكنيسة من يترجم

وليس الجميع لديهم المهارة في اعداد الخدمة كالمهارة في اعداد الطعام

وهناك من وهبه نعمة العطاء بينما رزق الآخر بمن يعطي ويمنح وليس عليه سوى ان يطلب

فلنتوقف عن الحكم والكسل والدينونة والفشل… مهما كان ما بين يديك صغيرا ضئيلا تستطيع ان تجعل منه شئيا لمجد الله وإذا أراد الرب ان يجعل هذا الشيء عظيما فهذا عمله هو اما عملي وعملك فهو فقط الإجتهاد والمانة والسهر على الوديعة…فليس المهم كم ما لدينا من نعم وبركات ومواهب بقدر استخدامنا واستثمارنا لما بين ايدينا من مواهب ونعم وهبات… الله لا يطلب سوى ان نعطي ثمرا بمقدار ما منحنا من مواهب وهو قاس في عقابه لمن يهمل موهبته ويدفن ما اولاه من خيرات دون ان يستخدمها سواء لصالحه او لصالح الاخرين.