صوب الشمس

صوب الشمس

ترجمة عن فيلم باللغة الفرنسية

الخورية اندريه انطونيوس إبراهيم

تروي هذه القصة صراع الكنيسة الكاثوليكية الملكية مع النظام الشيوعي في رومانيا

قد حاول هذا النظام إجبار الكنيسة الكاثوليكية وإكراهها على الاتحاد مع الكنيسة الأرثوذكسية فلم يُجدي نفعاً، فما كان على هذا النظام أن يعتقل من رفضوا هذا الاتحاد من أساقفة وكهنة وعلمانيين ومن بينهم الأب ترتوليان لانغا الذي يروى قصة اعتقاله مدة سبعة عشر عاماً

في العام 1948، صفّى النظام الشيوعي، في رومانيا، الكنيسة الملكيّة الكاثوليكيّة، أحد الطقوس الشرقيّة في الكنيسة الكاثوليكيّة، مكرهاً إيّاها على الاتّحاد بالكنيسة الأرثوذكسيّة. أما الأساقفة السبعة والكهنة والعلمانيين الذين رفضوا الانفصال عن روما فتمّ اعتقالهم.

كان ترتوليان لانغا، شاباً في السادسة والعشرين من العمر، محامياً، وفيلسوفاً ولاهوتيّا لمّا اعتقل، عام 1948. قضى ترتوليان سبعة عشر عاماً في السجن.

الأب ترتوليان لانغا

أحصيت في ذلك الوقت من بين المطلوبين من قبل قوى الأمن لأنّني كنت من الذين هم على اتصّال وثيق بمركز الأسقفيّة ومن هم على معرفة بجيرالد باتريك أوهارا، السفير البابوي في بوخارست ولأنّني كنت على تواصل منتظم بالأساقفة. طلبوني لأنّهم أرادوا استخدامي ليهاجموا الكنيسة وينالوا معلومات عنها وعن العلاقات بين الأساقفة ومواقفهم من النظام الشيوعي في رومانيا. عندما اعتقلوني، أخذوني إلى أماكن مختلفة للاستجواب ولكنّهم لم يطرحوا أيّ سؤالٍ عليّ بل اكتفوا بضربي. لمّا لم يؤد الضغط الجسدي مرامه، انتقل جلاّديّ إلى الضغط العاطفي، فأخذوا كيساً من الرمل بحجم زجاجة كيلوغرامٍ واحد وشرعوا يضربونني بها على رأسي، هاتفين:”تكلّم! تكلّم! تكلّم! خمسون، ثمانون، ألف مرّة. لا أسئلة، بل “تكلّم!” شعرت في ذلك الوقت أنّ رأسي على وشك أن يتفتّت. لم يسألوني سؤالاً واحداً ولكنّني سمعت فقط عبارة “تكلّم!”

على المرء أن يجاهد حتّى يحوّل كلّ تجربة إلى فضيلة. فلمّا كان معذّبيّ، بعد كل ضربة، يطالبونني بالكلام، كنت أنا، في قرارة نفسي، أقول “لن أتكلّم”، “لن أتكلّم”. ردّدتها خمسين مرّة، مائتي مرّة، ألف مرّة وغير “لن أتكلّم” لم أستطع التفوّه بأيّ شيءٍ.

ثمّ أحضروا ذئباً أنثى فكان عليّ أن أركض في مساحة مترين مربّعين أي، خطوتين هنا وخطوة هناك حتّى أصابني الدوار. ولمّا كنت أتوقف، كان الذئب يهجم ويقفز على ظهري. عندما سقطت على الأرض وصبّ جلاّدي الماء على وجنتيّ، سمعتهم يقولون:” أتعلمون لكم من الوقت ركض؟ تسعاً وثلاثين ساعة، كان من المفترض أن يرسل إلى سباق الماراثون في ريو!”

بعد أن رشّوا الماء على وجهي، شعرت بشيءٍ دافئٍ على وجنتيّ. في البداية ِشعرت من جرّاء هذا الدفء بالراحة ولكن، لمّا وصل إلى عينيّ وأنفي، بدّا يلسع. فتحت عينيّ ونظرت فوقي فرأيت بطن الذئب، أدركت حينها أنّ الحيوان كان يتبوّل على وجهي، شهادة على احتقار النظام الاشتراكي للإنسان.

ضربوني على باطن قدميّ حتّى تفلّع لحمي. ضربني رجلان بعودٍ من حديد. تناوبا في عملهما لعدم مقدرتهما على الاحتمال، ولكنّ المشكلة كانت أنّني أنا من اضطرّ أن يتحمّل المزيد. كان ذلك يوم خميس الأسرار وقد سمعت أجراس الكنيسة القريبة تدقّ. فجأةً تذكّرت أنّ يسوع أيضاً تعرّض للضرب. فكما صرخ يسوع وهو على الصليب، “إيلي، إيلي، لمّا شبقتاني”، بدّات أردّد “يسوع”، “يسوع”. نحن ندعو يسوع لنتألّم معاً.

لم أتمكّن من المشي لأنّ قدميّ كانتا مثل كرة راجبي، فجرونّي بواسطة شرشفٍ إلى زنزانتي حيث تركوني. لمّا رأيت جراحي، بكيت. وفي خضمّ هلوستي، بما أنّني لم أستطع الشعور بسبب الضرب، لم أتوقف عن ترداد هذه العبارة “يريد يسوع أن يقبّلني”. كان يسوع معي وأنا مثخنٌ جراحاً وشفاهي مليئة دماً.واستمرّ “العلاج”. تلقّيت الضرب لثلاثة أشهر. لم أسأل أيّ سؤال، بل كان عليّ أن أتكلّم والحقيقة أنّني لم أعرف ما الذي أرادوه منّي.

بعدها، شرع جلاّدي يهدّدون بإلحاق الأذى بزوجتي. علموا أنّنا لم نمض بعد زواجنا سوى ثلاثة أشهرٍ معاً وأنّ زوجتي كانت حاملاً. قالوا “سوف نحضرها إلى هنا ونجعلها تلد أمام ناظريك! سنضربها حتى تبدأ مخاضها هنا!” كان في حوزتهم شريطاً مسجّلاً عليه أصوات نساءٍ تصرخ فكانوا يقولون لي “فقط استمع كيف تصرخ”. استمعت وأصابني الرعب.

ربما لم يكن صعباً عليهم أن يفهموا أنّ زوجتي شكّلت نقطة ضعفي إلاّ أنّ شيئاً ما في داخلي قال لي إنّ الصوت ليس صوتها. فلم أذعن لتهديداتهم إنّما كان هذا الأمر الأكثر صعوبة الذي اضطررت أن أتحمله.

أخضعوني للمحاكمة بعد عامين من الاستجواب تخلّلتهما بعض الاستراحات. في المحاكمة، صرّح المدّعي، أي من كان مفترضاً به أن يتهّم، قال: “ما من إثبات على ذنب المتّهم في ملفّه ولكنّنا نطالب بأقصى عقوبة. ففي النهاية، لولا ذنبه، لما كان هنا”. أجبت قائلاً:”تريدون أن تدينوني بأعمالٍ لا يتضمّنها القانون الجزائي. فالأفعال التي تشيرون إليها حصلت لمّا كان قانون مختلف ساري المفعول، لمّا لم يكن الاتّصال بالسفراء البابويّين والأساقفة محظوراً ولم تكن الحياة في الكنيسة ممنوعة. أنا لا أوافق على تفسير القوانين الرومانيّة”. عندها جاء جواب رئيس المحكمة:”خمسة عشر عاماً من الأشغال الشاقّة”. ارتفع صوتي معارضا: “مستحيل أن تدينوني من دون إثبات!” ردّ الرئيس عليّ قال: “مستحيل؟ انظر مدى إمكانيّته. محكومٌ أنت بعشرين عاماً من الأشغال الشاقّة!”

أخذوني بعد المحاكمة إلى سجن أيود. الزنزانات منفردة هناك، بحيث أنّ السجناء يبقون في عزلة تامّة فلا يتكلّمون. لمّا وصلت إلى تلك الزنزانة، لم يكن فيها شيءٌ على الإطلاق، لا أثاث، لا سرير، لا كرسيّ لا طاولة. فقط، قضبانٌ ونوافذ من دون أطر. وقد أخذونا عراةً إلى الزنزانات.

بدأ الطقس يسوء يوماً بعد يوم وصار عاصفاً ومثلجاً. فجأةً سمعت أحدهم يطرق على الحائط. كان هذا وزير الصحّة، البروفسور بترو تومسكو. قال لي:”أرجوك. أصغي إليّ جيّداً. ألجميع يمشي، فقد أحضرونا ليقضي الصقيع علينا لأنّ من لا يمشي يموت. لا تنس ذلك!” أطعت نصيحته ومشيت لمدّة ثلاث وعشرين ساعة يوميّاً. كنّا نتوقّف عند الظهر حينما تدخل أشعة الشمس زنزاناتنا. في ذلك الوقت القصير، كنّا تجثو فتضيء الشمس وجوهنا ولكنهّا سرعان ما كانت تتحرّك لتتركنا متجمّدين من البرد بعد نصف ساعة فقط لنقوم ونتابع المشي من جديد. على هذا النحو، مشينا من دون توقّف لمدّة أربعة أشهر. طَرقٌ قاسٍ لستّين شخصاً لا يستريحون… فمن استراح، مات…

يقع سجن ييلافا على مسافة ثمانية إلى عشرة أمتار تحت الأرض. وصلت فيه الرطوبة إلى درجة يستحيل فيها تخزين أيّ شيء. إلاّ أنّ الاشتراكية تمتّعت بالابتكار ووجدت استخداماً مفيداً لهذا الحصن. صحيح أنّ شيئاً لم يستطع مقاومة الرطوبة هناك، لا الأسمنت ولا السرج ولا بذّات الجنود ولا حتّى الطعام، ولكنّ الإنسان فعل.

أغلقوا النوافذ وسدّوها بالمسامير لئلاّ يدخل الزنزانات لا هواءٌ ولا ضوء. هذه الأخيرة اكتظت بالنزلاء فنام بعضهم على أسرّة من ألواح خشبيّة غليظة، وبعضهم الآخر تحتها. و تجمّعت الرطوبة في القعر، حمأة سوداء، مزيجٌ من التراب والعرق والرطوبة و….البول. نعم، نتيجة مستوعبٍ كبير من القصدير قام في وسط الغرفة، فيه اضطررنا أن نقضي حاجتنا.

سمح نشاط قوى الأمن المثمر لمجموعات جديدة أن تصل باستمرار إلى سجن ييلافا. فبدأ الأمر بالزنزانات بأن ضمّت أوّلاً إثني عشر شخصاً، ثمّ عشرين وانتهى بها تضمّ أربعين. في البدء تمتّعنا بمساحة ثمانية وعشرين سنتمتراً تقلّصت في النهاية إلى إثني عشر. عهدنا أن نستلقي على جانبنا، فعندما تصل العظام المحتكّة بالخشب الغليظ إلى الحدّ الأقصى من تحمّل الوجع، كان صوت أحدنا يرتفع صارخاً: “لم أعد أحتمل!” فما كان من شأن خط الرجال بأكمله إلاّ أن يستدير إلى الجنب الآخر. وقد تجدّد انتقالنا من جنب إلى آخر كلّ ساعة، أيّ عندما كان وجع عظامنا يدفع أحدنا إلى أن يصرخ من الألم.

زارنا مندوب عتريسٌ من وزارة الشؤون الداخليّة وسألنا: “إذن، كيف يشعر السجناء السياسيّون؟” قلت: “سيّدي الملازم، أهذه هي فلسفة الاشتراكية الإنسانيّة؟ أن نبقى هنا مع مستوعبّ سعته ثمانين ليتراً مليئاً غائطاً والشبابيك مغلقة بالألواح والمسامير من دون تهوئة؟ علينا أن ننام على بطوننا، تحت عتبة الباب، كلّ ثلاثة منّا معاً لنلتقط الهواء الآتي من الخارج. أهذه هي فلسفتكم الإنسانيّة؟

أجاب الملازم، قال:” أسمعت أيها القائد (قائد الوحدة العسكريّة)؟ العتبة مكسورة. أرجوك أن تأخذ الخطوات اللازمة لتبدّلها فلا يصيبهم البرد. لذا، احضر سجينٌ مجرم، في اليوم الثاني، عتبة ضخمة مؤلّفة من لوح ضخم سدّت الفراغ تماماً فلم تعد تصلنا أي نسمة هواء.

عملت أيضا، في أيود، في مصنعٍ لسبك حروف الطباعة. هناك، حرّكت قرصاً كبيراً يزن أكثر من أربعمائة كيلوغراماً. و عمل رجل آخر على دفع عربة اليد بينما أمسكت أنا بالقرص حتى يحافظ على توازنه. في أحد الأيّام انقلب القرص وطحن يدي.

أخذوني إلى المستشفى حيث عاينني طبيب جرّاح وقرّر إحضاري في اليوم الثاني لأخضع لعمليّة بتر. في الليلة قبل العمليّة استلقيت في زنزانتي وبكيت.

عانيت آلاماً مبرّحة بسبب يدي المحطّمة الملفوفة بمنشفة و فيما أنا باكٍ، رأيت ظل رجلٍ على الحائط. كان هذا، الكاهن غيكا الذي نظر إليّ بحنان. كان قد توفّى منذ أكثر من سنة، فباركني وناداني “يا بنيّ!”. منذئذٍ، تبدّدت آلامي. في الصباح، جاء ضابط رديف لينقلني إلى المستشفى حيث وضعوني على منضدة العمليّات الجراحيّة أمام الطبيب عينه الذي قال ببتر يدي، فلمّا رأى الوضع الذي كنت فيه اكتفى بالقول: “ليس هو الرجل، خذوه من هنا!”

صرفوني من المستشفى من دون تدخلّ جراحي. لم أعلم ما ذا حصل، بل فقط أنّني لم أشعر بالألم. ولمّا عدت من المستشفى إلى السجن، لمعت الشمس على وجهي وتذكّرت ما عهد الكاهن غيكا أن يصرّح به، كان يقول: “عندما تقترب من الله، يكون الظلّ على ظهرك وعندما تبتعد عنه، يصير الظلّ أمامك، على وجهك”.

لم أكن بعد قد صرت كاهناً عندما أدخلوني السجن. هناك تنبّهت لدعوتي. اعتدت، في السجن أن أعلّم وأصلّي يوميّاً. صليّت، مع مجموعة من السجناء المسبحة الورديّة. وطيلة مدّة اعتقالي، كانت الصلاة طريقة التواصل الروحي الوحيدة كلّما غابت عنّي الإفخارستيّا. في السجن، إتّحدت بالله وآمنت أنّ كلّ شيء من حولي هو تجلٍّ إلهي، شكلٌ من فيضٍ من حضور الله. جلبت الصلاة اللهَ بيننا ولم يستطع أحد، حتّى الملحد بيننا من البقاء غير متأثّرٍ بحضوره.

ثمّ نقلوني إلى لوغوي. لقد طرأ تغيير ما على المناخ السياسي في أوروبا. أتت زوجتي وابنتي التي لم اعرف لأنّها رأت النور وأنا في السجن. دخلت ابنتي الغرفة وحدها، لم يدعُها أحد، فصدمتُ كيف يتركون ابنة ستّ سنوات وحيدة بين ضبّاطٍ ردفاء! تعرّفت ابنتي إليّ مع أنّها لم ترني قطّ ونادتني “والدي!”

لم يسمحوا بالاتّصال المباشر مع السجناء. ولكن، لمّا رأى الضابط الرديف وكان هو قائد الفرقة، ابنتي، سأل زوجتي، قال: “متى رأته للمرّة الأخيرة؟” أجابت زوجتي: ” لم تره أبدا، فقد ولدت في غيابه”. كانت الفتاة في السادسة من عمرها ولمّا تأثّر الضابط بما سمع، أخذها وعبر بها الأسلاك التي وضعت حاجزاً بيننا فاستطعت أن أقبّل ابنتي. يا له من شعور، لن أنساه أبداً. شعرت وكأنّ سلكاً لذعني. هي قبلة، قطعتها أسلاكٌ شيوعيّة.

منحنوني الحقّ باستلام البريد. فمن بين العقاقير التي تلقّيّت، كان ثمّة زجاجة. لقد كان على الضابط الذي يوزّع علينا البريد أن يدقّق في كلّ غرضٍ، فأخذ الزجاجة وجرّب محتواها ولكنّه بصقه لأنّه لم يستطع أن يتحمّل مذاقه المرّ فأعطاني الزجاجة. حملتها إلى غرفتي وذقت ما فيها، كان نبيذاً. طعمٌ لا يُنتسى، ثمرة كرمي الخاص لا يمكن أن نخطئ به مع آخر. طعمٌ غير مرٍّ على الإطلاق. إلاّ أنّ الله قد قام بأعجوبة، لأنّ الضابط الذي تذوّقه ظنّ أنّه مرٌّ وبصقه.

أحرف مكتوبة ومطرّزة مرسلة إلى زوجته من السجن.احتفلنا بالقدّاس مستخدمين هذا النبيذ. فسكبنا ثماني قطرات نبيذ وقطرة ماء في زجاجات بنسيلين. كنّا، في كلّ يوم أحد، نجتمع، نحن المؤمنون وقد طلب منّا كاهنٌ أرثوذكسيّ معروف أن نسمح له بالمشاركة في الليتورجيا. قلت له: “ولكن، يا أبت، هذا قدّاسٌ كاثوليكي، فجاء ردّه كالآتي: ” ولكن لدينا الإفخارستيّا ذاتها، أرثوذكسيين كنّا أم كاثوليك”. لقد وحّدتنا الإفخارستيّا ومن المرجح أنّ وحدة الكنيسة، في المستقبل، ستنبت من فهم مشترك لها.

احتفظنا بالقربان المقدّس معنا غير عارفين من سيحتاجه في الأيّام المقبلة. خبّأناه في زنزانتنا. في أحد الأيّام، عدت من عملي فوجدت أحد الضبّاط الأكثر قسوة ينتظرني بالقرب من سريري. فأخذ كيسا من صنعنا وسأل: “ما هذا؟… أنت…!؟ قربانٌ مقدّس؟” قلت “نعم”. بعدها ألقيت القربان على الطاولة، من ثمّ وقعت على الأرض. ركعت وشرعت ألحس الأماكن كلّها حيث لامست القربان الأرض، فجمعت كلّ ما يمكن جمعه ووقفت. فسألني ذلك الضابط الرديف الفظّ، قال “أحقّاً تؤمن؟” فأجهشت بالبكاء وأجبته: “نعم، سيّدي القائد، أنا أؤمن حقاً”. فلمّا سمع ذلك، لان قلبه وعند مغادرته الزنزانة، قال “صلوا أيضا لزوجتي”. كانت مصابة بالسرطان.

لمّا كنت أصل إلى آخر رمق من الاحتمال، ولكي أتمكّن من المضيّ قدماً، عهدت أن أقول لنفسي “معك أيّها المسيح، فيك أيّها المسيح ولأجل مجدك الأعظم”.

لم يكن السجن مكاناً جهنّميّاً، بل مكان تكرّسي. كان مكاناً وجد فيه الكثيرون الإيمان وعوّضوا عن خطيئتهم. إذن، لو أراد إبليس أن يعذّبنا، فإنّه ن في الواقع عمل لصلحنا وخدم خطّة الله لتقديسنا. كان إبليس هناك إلاّ أنّه جلس جانباً آكلاً أصابعه ندماً لرؤيته كيف حرّك أحشاءنا حبّاً ليسوع.

أطلق سراح ترتوليان لانغا في العام 1964 في خلال عفوٍ سياسيّ. حالما تحرّر، تكرّس كاهناً في خدمة الكنيسة الكاثوليكيّة الملكيّة التي تعيش في الخفاء، كما أنّ أحد أبنائه وقد ولد بعد إخلاء سبيله هو الآن كاهن في أحد البلدان الحرّة.