طريقة الحساب يوم الحصاد: تأمل في قراءات الجمعة 20 يونيو 2014 الموافق26 بؤونه 1730

طريقة الحساب يوم الحصاد: تأمل في قراءات الجمعة 20 يونيو 2014 الموافق26 بؤونه 1730

طريقة الحساب يوم الحصاد

تأمل في قراءات الجمعة 20 يونيو 2014 الموافق26 بؤونه 1730

الأب/ بولس جرس

نص الإنجيل

“ومَتَى جاءَ ابنُ الإنسانِ في مَجدِهِ وجميعُ المَلائكَةِ القِدِّيسينَ معهُ، فحينَئذٍ يَجلِسُ علَى كُرسيِّ مَجدِهِ. ويَجتَمِعُ أمامَهُ جميعُ الشُّعوبِ، فيُمَيِّزُ بَعضَهُمْ مِنْ بَعضٍ كما يُمَيِّزُ الرّاعي الخِرافَ مِنَ الجِداءِ، فيُقيمُ الخِرافَ عن يَمينِهِ والجِداءَ عن اليَسارِ. ثُمَّ يقولُ المَلِكُ للذينَ عن يَمينِهِ: تعالَوْا يامُبارَكي أبي، رِثوا الملكوتَ المُعَدَّ لكُمْ منذُ تأسيسِ العالَمِ. 35لأنِّي جُعتُ فأطعَمتُموني. عَطِشتُ فسَقَيتُموني. كُنتُ غَريبًا فآوَيتُموني. عُريانًا فكسَوْتُموني. مَريضًا فزُرتُموني. مَحبوسًا فأتَيتُمْ إلَيَّ. فيُجيبُهُ الأبرارُ حينَئذٍ قائلينَ: يارَبُّ، مَتَى رأيناكَ جائعًا فأطعَمناكَ، أو عَطشانًا فسَقَيناكَ؟ ومَتَى رأيناكَ غَريبًا فآوَيناكَ، أو عُريانًا فكسَوْناكَ؟ ومَتَى رأيناكَ مَريضًا أو مَحبوسًا فأتَينا إلَيكَ؟ 40فيُجيبُ المَلِكُ ويقولُ لهُمُ: الحَقَّ أقولُ لكُمْ: بما أنَّكُمْ فعَلتُموهُ بأحَدِ إخوَتي هؤُلاءِ الأصاغِرِ، فبي فعَلتُمْ.”ثُمَّ يقولُ أيضًا للذينَ عن اليَسارِ: اذهَبوا عَنِّي يامَلاعينُ إلَى النّارِ الأبديَّةِ المُعَدَّةِ لإبليسَ ومَلائكَتِهِ، 42لأنِّي جُعتُ فلم تُطعِموني. عَطِشتُ فلم تسقوني. كُنتُ غَريبًا فلم تأووني. عُريانًا فلم تكسوني. مَريضًا ومَحبوسًا فلم تزوروني. حينَئذٍ يُجيبونَهُ هُم أيضًا قائلينَ: يارَبُّ، مَتَى رأيناكَ جائعًا أو عَطشانًا أو غَريبًا أو عُريانًا أو مَريضًا أو مَحبوسًا ولم نَخدِمكَ؟ فيُجيبُهُمْ قائلاً: الحَقَّ أقولُ لكُمْ: بما أنَّكُمْ لم تفعَلوهُ بأحَدِ هؤُلاءِ الأصاغِرِ، فبي لم تفعَلوا. فيَمضي هؤُلاءِ إلَى عَذابٍ أبديٍّ والأبرارُ إلَى حياةٍ أبديَّةٍ”.(متى 25: 31- 46).

نص التأمل

تعددت التصورات واختلفت الرؤى حول كيفية الحساب في يوم الدينونة،

لكن إتفق على الجميع على أنه ثمة حساب ولابد لكل نفس بشرية من أن  تذوق الموت أولا…

وبعده تاتي مرحلة الدينونة والحساب. البعض يتصوره فوريا وآخرون يؤجلونه  إلى نهاية العالم

وحتي في داخل الديانة نفسها تتعد الرؤى وتختلف الأراء حول لحظة الحساب وتوقيته…

نحن في الكنيسة الكاثوليكية نؤمن أن النفس تحاسب فرديا بعد الموت مباشرة،

وبحسب اعمالها يحكم عليها:

–         بالدخول إلى الفرح في فردوس النعيم دار الحياء الى الأبد

–        بالهلاك في الجحيم حيث العذاب والندم والحسرة والألم

–        التطهر مما علق بها من شوائب وتدفع ما عليها من ديون للرحمة الإلهية

ومع أن الأثوذكس يعلنون عدم إيمانهم بالدينوة الخاصة إلا انهم يطبقونها في عباداتهم وطقوسهم:

أؤلئك يا رب الذين اخذت نفوسهم ريحهم ونيحهم في فردوس النعيم…( في القداس)

هذه النفس الواقفة امام عرشك الرهيب تؤدي حسابا على ما اقترفت من آثام أعطها رحمة امنحها سلاما ( في الجناز)

طما يؤمنون بشفاعة القديسن الذين سبقونا وتنيحوا وهم “جلوس على يمين  منبر الإبن الوحيد يتشفعون في ضعفنا ومذلتنا” ومعنى ذلك:

–         انهم رقدوا وتنيحوا في المسيح

–        أنه قبلهم إليه وأدخلهم إلى ملكوته

–        وهذا يتضمن نوعا من الحكم باستحقاقهم وبراءتهم وقداستهم ( دينونة خاصة)

–        وعندما نقيم صلاة الجناز للموتى نطلب لهم غفرانا ورحمة: بمعنى أنهم:

1-    يدانون ويحاسبون فور موتهم

2-    انهم يدخلون إلى الفردوس ( اليوم تكون معي في الفردوس) أو يهبطون إلى الجحيم

3-    أنهم بصلوات وقداسات وجنازات الكنيسة الأرضية يمكن أن “يتطهروا” ويحلوا من خطاياهم؛ وإلا تكون صلواتنا الكنيسية من اجل راحة ونياح نفوس الموتي عبثا وهباء…

وأذكر اني في إحدى الإجتماعات الطائفية للجنة “الإيمان والوجدة” سنة 1986 بدير الأنبا بيشوي، قلت لقداسة البابا شنودة أن الكنيسة الأرثوذكسية تؤمن بالمطهر وبالحساب الفردي وتعيش هذا الإيمان في طقوسها وصلواتها قبل ان تعلن الكنيسة الكاثوليكية هذه العقائد..ولما سألني مندهشا كيف؟ ذكرت له نصوصا من صلوات الجنانيز والمجمع والراقدين تؤكد هذه الحقائق الإيمانية حول ضرورة الدينونة الفردية بعد الموت مباشرة، وحول إمكانية التطهر من الخطايا بعد الموت وإلا عبثا تقام صلوات التالث والسابع والأربعين… ويبدو أن الأمر كان واضحا لدرجة ان قداسته أصدر قرارا بابويا بإلغاء طقس الجناز من ذلك التاريخ…

ما علينا من الخلافات الطائفية العبثية فالأمر في الإنجيل واضح وضوح الشمس

وقد راينا بالأمس كيف يشرق الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم

تعالوا اليوم نتامل ونتفكر  في اسلوب  الحساب المسيحي

والفارق بينه وبين جميع ما سبقه وما لحقه من ديانات هو انه مبني ومرتكز

حول شخص الإنسان المتحد والمتمثل والمصور في قلب الله

فالحساب لن يدور حول وصايا مكتوبة على ألواح من حجارة؛

بل حول كيفية العيش والممارسة الحياتية والعملية للوصايا الإلهية

والله الذي يضع ذاته الإلهية في صورة الإنسان الفقير والمعوز واغريب والسجين والمحتاج؛

لا يطلب صدقة أو يترجى هبة او منحة، بل يطلب قبولا ومحبة ، ترفقا وإكراما

والحساب عند يبد بكلمة “كنت”  والمحاسبان كلاهما يتساءلان البرار المباركون والشرار المدانون”

“يا رب متى رايناك” والرد واحد: ” كل ما تعملونه مع أحد إخوتي هؤلاء الصغار، بي تفعلون”

والسؤال البديهي الذي يتطرق إلى الذهن فورا هو:

لماذا غابت عن المحاسبة أمور تقوانا وأصوامنا وصلواتنا

هل نسيها الرب؟ كلا على الإطلاق

 لكنها جميعا بلا قيمة تصير إذا لم تسبقها وترافقها وتتبعها المحبة والرحمة

هل فهمنا الدرس هل استوعبنا المغزى؟ أأمل ذلك