علمنا أن نصلي

علمنا أن نصلي

علمنا أن نصلي

تأمل يوم السبت 15 فبراير 2014 الموافق الحادى والعشرين من شهر أمشير1730

الأب/ بولس جرس

نص الإنجيل

“وإذ كان يصلي في موضع ، لما فرغ ، قال واحد من تلاميذه : يا رب ، علمنا أن نصلي كما علم يوحنا أيضا تلاميذه  فقال لهم : متى صليتم فقولوا : أبانا الذي في السماوات ، ليتقدس اسمك ، ليأت ملكوتك ، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض خبزنا كفافنا أعطنا كل يوم  واغفر لنا خطايانا لأننا نحن أيضا نغفر لكل من يذنب إلينا ، ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير  ثم قال لهم : من منكم يكون له صديق ، ويمضي إليه نصف الليل ، ويقول له يا صديق ، أقرضني ثلاثة أرغفة لأن صديقا لي جاءني من سفر ، وليس لي ما أقدم له  فيجيب ذلك من داخل ويقول : لا تزعجني الباب مغلق الآن ، وأولادي معي في الفراش . لا أقدر أن أقوم وأعطيك أقول لكم : وإن كان لا يقوم ويعطيه لكونه صديقه ، فإنه من أجل لجاجته يقوم ويعطيه قدر ما يحتاج وأنا أقول لكم : اسألوا تعطوا ، اطلبوا تجدوا ، اقرعوا يفتح لكم  لأن كل من يسأل يأخذ،  ومن يطلب يجد، ومن يقرع يفتح له (لوقا 11 : 1 – 10)

نص التأمل

ما الصلاة إلا وسيلة اتصال بين الإنسان والسماء وجدت منذ وجُد الإنسان

إلى ذلك الحين لم تكن الصلاة أبدا سوى أسلوب للإتصال

بين الإنسان والله، بين الخليقة والخالق، بين العبد والسيد،

وقد تدرجت في التعبير على مر العصور وتنوع الأديان والحضارات والشعوب

إلى ان أن بلغت زروة السمو في الصلاة الربّية

فما تلك الصلاة التي يقدمها الرب يسوع لتلاميذه اليوم سوى آية من آياته العظميات

لقد أظهر فيها وبها ومن خلالها سر أسرار حياته وجوهرعلاقته بالله ” أبا”

فكشف لنا الأسلوب الذي به يناجيه والطريقة التي يريدنا ان يدخل بها إليه

لقد حوّل الصلاة من موضوع عبودية أو لحظة شكر أو قائمة طلبات

إلى مجال لحوار عميق ولقاء حميم بين إبن وابيه، بين حبيب وحبيبه

بين قلب إبن يحب فيدعو… وقلب آب محب يصغي

بين عقل يعي قدر محدوديته… وفكر يحتوى الضعف فيحوله قوة

بين إتكال واستناد واعتماد البنين  ووعد الآب بالعون والقوة والمدد،

بين إبن :

    يزهو باسم أبيه فيقدسه على الارض كما في السماء

    وأب خلق السماوات والأرض لسعادة ابناءه

    يشتهي أن يحقق مملكة أبيه السماوية على ارض ملوثة بالخطيئة

    وملك سيد على الكون بأسره وجميع خلائقه

    بين إرادة بشرية لا تعرف حتى أن تختار ما هو جيد وصالح

    ومشيئة إلهية تنشد الخير والسلام والحب والخلاص للجميع…

    بين سعي للرزق في مختلف دروب الحياة وعدم البحث عن ضمانات زائفة بعيدا عنه

    وشعور بالكفاية والإتكال على الرب الذي لا ينسى بنيه ويقوت طيور السماء

    ببن قلب ابن يتوق أن يفرح قلب ابيه وأن يحيا معه وبه وفيه

    وآب يعشق إلإنسان الذي على صورته قد خلقه، لكنه يريد حبه ويرفض قسره

    بين رغبة في المصالحة والغفران والتجدد تعتمل في القلوب

وغفران أبوي يشمل جميع النفوس

    بين خوف وحذر امام قوى الشر المتربصة

ووعد اكيد بالمعونة في وقت الشدّة والتجارب

بهذه الصورة تنطلق الصلاة الربية من مكامن النفس وطموحاتها العليا لتصل إلى قاع القلب

متوغلة في اعماق ما يعتريه من مخاوف وما يراوده من هواجس مرورا بمشاكل الحياة اليومية.

هكذا لجأ التلاميذ إلى المعلم الذي رأوه يصلي فيتألق وجهه وترتفع روحه ويدخل في إطار الأنوار السماوية الرائعة ليخاطب الآب وجها لوجه ويتحادث مع الانبياء ويشارك القديسين في الحمد والتسبيح وتشرق الدنيا نورا فتتحول حتى ملابسه ليصر التطلع على هذه الشركة النورانية العجيبة عيرا على عيون وقلوب وفكر البشر…أراد التلاميذ أن يعيشوا هذه التجربة آتين إلى الله، كما أراد بطرس ان يسير على المياه آتياً على يسوع…هلم… كان رد يسوع على طلب بطرس… وكانت  “الآبانا” رده على مشيئة التلاميذ كيف يصلوا… فهل نستطيع ان نذهب غليه سيرا على المياه؟ نعم نقدر هل نستطيع حقا ان نصلي آبانا؟ نعم نقدر بشرط واحد ” الإيمان بما نفعل والتيقن مما نصلي” فهل نحن فاعلون؟