في مقابلة فريدة.. بندكتس يعيد إلى الأذهان حياة يوحنا بولس الثاني

في مقابلة فريدة.. بندكتس يعيد إلى الأذهان حياة يوحنا بولس الثاني

CNA/EWTN، نقلها إلى العربية سامح المدانات

في مقابلة مطولة نُشرت في صحيفة ايطالية، البابا بندكتس السادس عشر يتكلم عن تعاونه مع البابا يوحنا بولس الثاني، مسلطاً الضوء على قداسة البابا الراحل والتزامه بالحقيقة.

“في سني تعاملي معه، تبين جلياً لي أن يوحنا بولس الثاني كان قديساً”. هذا ما قاله البابا المتقاعد للصحفيّ البولندي فلودزميرز ريدزيوخ، وذلك في المقابلة الخطية التي أجراها معه، والتي نُشرت مقاطع منها في الصحيفة الايطالية كوريري ديلا سيرا يوم 7 من آذار الجاري.

نشرت هذه المقابلة كجزء من الكتاب “إلى جانب يوحنا بولس الثاني: الأصدقاء والمتعاونون في العمل يتكلمون”، الذي صدر عن دار الصحافة الإيطالية، وكالة اريس للنشر الإيطالية. وقد طلب ريدزيوخ إجراء هذه المقابلة خطياً في شهر تشرين الثاني 2013 وتم الانتهاء منها في شهر كانون الثاني من هذه السنة.

استذكر البابا المتقاعد خلال المقابلة، لقاءه بيوحنا بولس الثاني وذلك خلال اجتماع الكرادلة السري، حيث تم انتخاب يوحنا بولس الثاني حبراً أعظم، وأوضح كيف أن كلاهما قد قرأ أعمال الآخر الكتابية، وكانت لدى كليهما الرغبة بالالتقاء ببعضهما البعض.

وأشار بندكتس السادس عشر إلى اقتباس الكاردينال فويتيلا مقطعاً من كتابه “مقدمة إلى المسيحية” خلال كرازته في الرياضة الروحية أمام البابا بولس السادس في عام 1979، كما أشار إلى أنه “كما لو كنا كلانا نتوقع الالتقاء ببعضنا البعض”.

“وفوق كل شيء، فقد رأيت بسرعة وبشكل كبير الانبهار الانساني الذي كان يفوح منه، ومن طريقته في الصلاة لاحظت عمق اتحاده بالله”.

ومتحدثاً عن تعيينه من قبل يوحنا بولس الثاني كعميد لمجمع عقيدة الايمان، فقد أشار بندكتس السادس عشر كيف سمح له الطوباوي بالاستمرار بنشر أعماله اللاهوتية في أبرشيته، وقال: “وكان لطيفاً جداً معي ويرحب بي باستمرار”.

وفي إشارة إلى بعض التحديات العقائدية، التي واجهها الاثنان خلال سني عملها جنباً إلى جنب، فقد ألمح بندكتس أن الموضوع الأول والأكبر الذي طفى على السطح كان “لاهوت التحرير”.

وقد بيّن قائلاً: “لقد كان هناك رأي مشترك في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا، وهو مساعدة الفقراء، وكانت هذه قضية تحتاج الموافقة عليها بالتأكيد”.

على كل الأحوال “لقد كانت غلطة” صرح البابا المتقاعد، وأضاف” لقد كان الفقر والفقراء بلا شك مركز وثيقة لاهوت التحرير، ولكن في منظور خاص قيل أنها لم تكن مسألة مساعدة أو اصلاح، ولكن بالأحرى ثورة وانقلاب انبثق منه عالم جديد”.

وقد أشار إلى “كيف تم استعمال الإيمان المسيحي كمحرك لحركته الثورية، محولاً إياها إلى قوة سياسية” وقد أوضح بندكتس السادس عشر قائلاً: “إن تزوير الإيمان المسيحي كان يحتاج إلى احتجاج بشكل خاص من أجل الفقراء ولصالح الخدمة المقدمة لهم”.

ويلفت الإنتباه إلى خبرة يوحنا بولس الثاني مع الاشتراكية في بولندا، والتي يدعوها بندكتس “الأم الروحية لِلاهوت التحرير”، بأنها كانت “خبرة مؤلمة بالنسبة له”، مما جعل الأمر واضحاً له بأنه من الواجب عليه أن يحارب هذا النوع من التحرير”.

ومشيراً إلى قراره في فتح دعوى التطويب، والتي سرع فيها الفترة المفروضة من القانون الكنسي، فقد أوضح بندكتس السادس عشر بأنه اقتنع من قداسة الطوباوي لعدة سنين بسبب علاقة الأخير الحميمة مع الله وتعمقه في الله.

واسترسل بندكتس قائلاً: “ومن هنا جاءت سعادته، في خضم الإرهاق الكبير الذي كان يعاني منه، والشجاعة التي أظهرها في تحمل واجباته في الأوقات الصعبة”.

لم يبحث يوحنا الثاني عن التصفيق، ولم يتلفت حوله مهتماً كيف كانت تُستقبل قراراته. فقد تصرف مندفعاً من إيمانه، واقتناعاته وكان جاهزاً لتلقي الضربات أيضاً”.

وقد أكد البابا المستقيل: “إن شجاعة الحقيقة، في نظري، هي مقياس من الدرجة الأولى للقداسة”. وأضاف: “لا يمكننا أن نفهم التزامه الرسولي الذي لم يعرف الكلل، إلا إذا انطلقنا من علاقته مع الله”.

لافتاً النظر إلى أن التزام يوحنا بولس الثاني “لا ينضب”، قال بندكتس السادس عشر: “لقد التزم بجذرية لا يمكن تفسيرها بطريقة أخرى”، ولم يقتصر ذلك على رحلاته الكبيرة التي قام بها، ولكن أيضاً يوماً بعد يوم ابتداءً من القداس الإلهي في الصباح ولغاية وقت متأخر من الليل”.

ومتحدثاً بالإشارة إلى حقيقة أن الكنيسة اعترفت بقداسة يوحنا بولس الثاني، وحيث أنه كان أحد أقرب المتعاونين مع الطوباوي، فقد أكد بندكتس السادس عشر قائلاً: “إن مذكراتي عن يوحنا بولس الثاني مليئة بالعرفان”، “لن استطيع أن أقلِّدَه، ويجب ألَّا افعلَ ذلك، ولكني حاولت الاستمرار في حمل تراثه وعمله بأفضل ما يمكن. وأنا متأكد بأن عطفه يرافقني وبركته تحميني”.

لقد تم إصدار الكتاب، وهو متوفر الآن في الأسواق، وهو عبارة عن مذكرات تم تجميعها بمناسبة إعلان قداسة الطوباوي يوحنا بولس الثاني، الذي من المقرر أن يتم في 27 من شهر نيسان القادم، وهو يوم أحد الرحمة الالهية لهذه السنة. الكتاب متوفر باللغة الإيطالية فقط.

ويحتوي هذا الكتاب على مذكرات من أكثر من اثني عشرة شخصا من أصدقاء الطوباوي المقربين ومعاونيه بما فيهم أمناء يوحنا بولس الثاني، الكاردينال ستانيسبو دزيويسز، ورئيس الأساقفة إميري كابونجو، ورئيس الأساقفة مايكسيزلو موكرزيسكي.

كما يشتمل الكتاب أيضاً على بعض المقابلات الصحفية مع مدير مكتب الإعلام السابق للكرسي الرسولي يواكيم نافارو- فالز، وواندا بولتاوسكا صديق العمر للبابا الطوباوي، وكذلك القائم على دعوى تقديسه الأب سلازومير اودير، وكثيرين غيرهم.