قلب الإنسان…

قلب الإنسان…

قلب الإنسان…

تلك القنبلة  البشرية الرهيبة

تأمل في قراءات الإثنين 27 من يناير الموافق الثالث من امشير 1730

نص الإنجيل

الإنسان الصالح من الكنز الصالح في القلب يخرج الصالحات ، والإنسان الشرير من الكنز الشرير يخرج الشرور ولكن أقول لكم : إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابا يوم الدين لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان حينئذ أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين : يا معلم ، نريد أن نرى منك آية  فأجاب وقال لهم : جيل شرير وفاسق يطلب آية ، ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي  لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال ، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال  رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه ، لأنهم تابوا بمناداة يونان ، وهوذا أعظم من يونان ههنا ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه ، لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان ، وهوذا أعظم من سليمان ههنا إذا خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز في أماكن ليس فيها ماء ، يطلب راحة ولا يجد ثم يقول : أرجع إلى بيتي الذي خرجت منه . فيأتي ويجده فارغا مكنوسا مزينا ثم يذهب ويأخذ معه سبعة أرواح أخر أشر منه ، فتدخل وتسكن هناك ، فتصير أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله هكذا يكون أيضا لهذا الجيل الشرير (متى 12 : 35 – 45)

نص التأمل

لا يستطيع أحد إنكار اهمية القلب فهو العضلة التي تبدأ العمل والإنسان بعد جنينا في بطن أمه ولا تتوقف عنه إلا عند تسليم الإنسان لروحه بينن يدي خالقه…

ولقد احتل القلب في الأدب والفكر والقصص العالمي والشعر على وجه الخصوص مكانة سامقة لا يستطيع التطلع نحوها أي عضو آخر من اعضاء الجسد فكم تغنوا بالعين والشعر والخدود والشفاة والرموش وكم تحدثوا عن الكبد والكلى إلا ان القلب يظل سيد الموقف وعندما حاولت ان ادخل على قاموس الكتاب المقدس لأسأله عن عدد مرات تكرار كلمة قلب فيه  ذهلت من ذلك فهي في العهدين  القديم والجديد مكررة  ل11697 مرة ، نعم إحدى عشر ألفا وستمائة وسبع وتسعين مرة  تكررت كلمة ” قلب ” في الكتاب المقدس وذلك حسب موقع الأنبا تكلا همايوت(1)

أما القلب في نظر يسوع هو محور الإنسان وهو الذي يوجهه ويحدد اتجاهاته

هو الكيان بما يحوي من خير او شر، هو المحور والمركز والمستقر هو السفينة والميناء

لذا يعتبر القلب  كنزا بما يحوي من مشاعر واحاسيس وافكار وعواطف

فإن كانت هذه الزمرة من الأمور صالحة:

 تحسنت افكار ورهفت المشاعر ورفقت الأحاسيس وتدفقت اللعاطفة بالخير نحو الجميع حتى الخلائق كما يمكن أن نلمس في نشيد القديس فرنسيس الذي يمجد الشمس والقمر والأرض والبحر والإنسان والحيوان والطير والزهر…

اما إذا كان محتوى القلب شريراً :

    فالفكر فاسد يضمر الشر للجميع ويخشى الناس أجمعين

    لا يحب الخير لغيره وكأن أي خير يذهب للآخر هو انتقاص من نصيبه واقتطاعا من تركته

    لا يشارك في عمل الخير لأن ذلك قد يكلفه مالا او مجهودا يعتقد انه الاولى بهما

    لا يحب الإختلاط ويفضل العزلة والوحدة لأنه غير قادر عليه

    يكره الفرح للآخرين وحين يعيشه يتجنب إعلانه خشية الغيرة والحسد

    لا يعرف الكرم إلى قلبه طريقا فهو تبذير وغتلاف وانتقاص من ارصدته المتراكمة

    لا يقدر الصداقة فهي ترف قد يكلفه جهدا ومالا لا يحبذ استهلاكهما

    لا يعرف الشفقة فقلبه مغلق على ذاته لا يرى احتياجات الآخرين

    لا يقدر الجمال فكل الجمال عنده يتركز في الإكتناز والتحصل

    يسير في دروب ملتوية متعرجة لأنه يمقت الإستقامة

    يتحاشى الصراحة ويتجنب الصدق لأنه لا يعرف طريقهما

    يخاف الحسد لأنه اول من يحسد

    يخشى العلن لأنه اول من يكمن في الظلام

    لا يعرف السلام فهو في حالة حرب من المولد إلى المدفن

    لا يعرف الحب فهو عاطفة مكلفة تضعه تحت رحمة من يحب

    يكذب دوما ويكذب باستمرار لأنه يكره الحق ويخاف الحقيقة

    يخشى المواجهة ويفضل إسقاط خصومه وضحاياه من وراء الستار

    لا يسمع جيدا فالسمع امر قد يكلفه على القل التعاطف

    لا يبصر غير ذاته وكل ما في الكون مخلوق ليستعبده ويستحوذ عليه لنفسه

هل تعرفتم على ذلك الكنز الشرير، تلك القنبلة  البشرية المجهزة للإنفجار المملؤة حقداً المحشوة دمارا المعباة خرابا…

 

لا تطرب أذناها إلا عندماتسمع الأهات

ولا تسر عيتاها إلا عندما ترى الخراب

ولا تحس  بالراحة إلا عندما تحقق الدمار

ولا تتذوق طعم الفرحة غلا بزرع الفرقة والتشتت والإختلاف

ولا تشعر بالراحة إلا بقدر اتساع عدد ضحاياها.

اللهم اعطا قلباً  مثل قلبك وابعد عنا القلب الشرير بكنزه الشرير وفكره الشرير

واملأ قلوبنا من سلامك

انظر الملحق.

 )1(استعملت هذه الكلمة للدلالة على ما هو داخلي أو مركزي أو عميق أو خفي. ومن ذلك “قلب البحر” (خر 15: 8) و”قلب الأرض” (مت 12: 40) وقلب الشجرة (2 صم 18: 14) أما “قلب السماء” في تث 4: 11 فقد ترجمت بكلمة “كبد السماء” لأن الكبد عند العرب ينسب إلى القلب من المعاني العاطفية وغير العاطفية. والقلب كعضو في الجسم كانت له أهمية أكثر من الدماغ والرأس. وكان القلب يعتبر مركز العواطف جسدية كانت أم روحية (اس 1: 10 ومز 62: 8 و10 ويو 14: 1 واع 16: 14). ومركزًا للعقل (خر 35: 35) والرغبة (نح 4: 6) والنية (مز 12: 2). وبحسبه تكون طبيعة الإنسان الروحية معوجة أو مستقية (مز 101: 4 واش 1: 5 ومز 119: 7) وكذا رأيه (ار 32: 39).ولعل نسبة هذه الأمور كلها إلى القلب مبنية على الاعتقاد بأن الحياة في الدم أو هي الدم نفسه (لا 17: 11 و14). ويوصف القلب البشري بأنه ملآن من الشر والحماقة (جا 9: 3)، وأنه أخدع من كل شيء، وهو نجس (ار 17: 9) وأنه منبع الخطيئة (مت 15: 8 و19) ومقر الإيمان (رو 10: 10).وجاء أن الرب ينظر إلى القلب (1 صم 16: 7) وأن منه مخارج الحياة (ام 4: 23) وأنه يجب مراعاة حالته (يؤ 2: 13) ويراد بالتكلم بالقلب التفكر (1صم 1: 12). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). وإذا قصد تأكيد وقوة العاطفة نسبت إلى كل القلب كما في الوصية: تحب الرب إلهك من كل قلبك (مت 22: 37). ووحدة القلب عبّر بها عن المحبة والاتحاد (اع 4: 32). أما قول التلميذين من عمواس: “الم يكن قلبنا ملتهبًا فينا إذ كان يكلمنا في الطريق” (لو 24: 32) فإن التهاب القلب هنا يقصد به الابتهاج. فقد كان قلبهما مبتهجًا لسماعهما تفسير الكتب من فم يسوع المقام.)