تأمل اليوم: قم واذهب

تأمل اليوم: قم واذهب

 تأمل في قراءات الإثنين 10 فبراير 2014

الموافق السادس عشر من شهر أمشير1730

الأب/ بولس جرس

السنكسار

صوم يونان النبي

نياحة القديسة اليصابات أم يوحنا المعمدان

في مثل هذا اليوم تنيحت الصديقة البارة أليصابات أم يوحنا المعمدان . وقد ولدت هذه القديسة بأورشليم من أب بار اسمه متثات من سبط لاوي من بيت هارون ، واسم أمها صوفية . وكان لمتثات ثلاث بنات اسم الكبرى مريم وهي أم سالومي التي اهتمت بالعذراء مريم أثناء الميلاد البتول . واسم الثانية صوفية وهي أم القديسة أليصابات والدة يوحنا المعمدان . والصغرى هي القديسة حنة والدة العذراء مريم أم المخلص . فتكون إذن سالومي وأليصابات والسيدة العذراء مريم بنات خالات . فلما تزوج القديس زكريا الكاهن بالقديسة أليصابات ، سار الاثنان بالبر والقداسة أمام الله كما يقول البشير عنهما ” وكان كلاهما بارين أمام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم ” وكانت هذه البارة عاقرا . فداومت مع بعلها علي الطلبة إلى الله فرزقهما القديس يوحنا الصابغ . وقد تباطأ الله تعالي عن أجابتهما سريعا لكي يكمل الوقت الذي تحبل فيه العذراء مريم بكلمة الله . إذ انه لما تقدم الاثنان في العمر ، أرسل الله ملاكه جبرائيل إلى زكريا فبشره بحبل أليصابات بيوحنا ، واعلمه بما يكون من أمر هذا القديس . و لما زارت العذراء مريم القديسة أليصابات لتبارك لها بثمر بطنها ، تهلل القديس يوحنا وهو جنين في بطن أمه وامتلأت أليصابات من النعمة . ولما ولدت يوحنا زال العار عنها وعن عشيرتها . ولما أكملت أيامها بالبر والطهارة والعفاف تنيحت بسلام . صلاتها تكون معنا . ولربنا المجد دائما أبديا امين .

نص الإنجيل

“الإنسانُ الصّالِحُ مِنَ الكَنزِ الصّالِحِ في القَلبِ يُخرِجُ الصّالِحاتِ، والإنسانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الكَنزِ الشِّرِّيرِ يُخرِجُ الشُّرورَ. ولكن أقولُ لكُمْ: إنَّ كُلَّ كلِمَةٍ بَطّالَةٍ يتكلَّمُ بها الناسُ سوفَ يُعطونَ عنها حِسابًا يومَ الدِّينِ.لأنَّكَ بكلامِكَ تتَبَرَّرُ وبكلامِكَ تُدانُ”.حينَئذٍ أجابَ قَوْمٌ مِنَ الكتبةِ والفَرِّيسيِّينَ قائلينَ:”يامُعَلِّمُ، نُريدُ أنْ نَرَى مِنكَ آيَةً”. فأجابَ وقالَ لهُمْ:”جيلٌ شِرِّيرٌ وفاسِقٌ يَطلُبُ آيَةً، ولا تُعطَى لهُ آيَةٌ إلا آيَةَ يونانَ النَّبيِّ. لأنَّهُ كما كانَ يونانُ في بَطنِ الحوتِ ثَلاثَةَ أيّامٍ وثَلاثَ لَيالٍ، هكذا يكونُ ابنُ الإنسانِ في قَلبِ الأرضِ ثَلاثَةَ أيّامٍ وثَلاثَ لَيالٍ. رِجالُ نينَوَى سيَقومونَ في الدِّينِ مع هذا الجيلِ ويَدينونَهُ، لأنَّهُمْ تابوا بمُناداةِ يونانَ، وهوذا أعظَمُ مِنْ يونانَ ههنا! مَلِكَةُ التَّيمَنِ ستَقومُ في الدِّينِ مع هذا الجيلِ وتدينُهُ، لأنَّها أتتْ مِنْ أقاصي الأرضِ لتسمَعَ حِكمَةَ سُلَيمانَ، وهوذا أعظَمُ مِنْ سُلَيمانَ ههنا! 43إذا خرجَ الرّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإنسانِ يَجتازُ في أماكِنَ ليس فيها ماءٌ، يَطلُبُ راحَةً ولا يَجِدُ. ثُمَّ يقولُ: أرجِعُ إلَى بَيتي الذي خرجتُ مِنهُ. فيأتي ويَجِدُهُ فارِغًا مَكنوسًا مُزَيَّنًا. ثُمَّ يَذهَبُ ويأخُذُ معهُ سبعَةَ أرواحٍ أُخَرَ أشَرَّ مِنهُ، فتدخُلُ وتسكُنُ هناكَ، فتصيرُ أواخِرُ ذلكَ الإنسانِ أشَرَّ مِنْ أوائلِهِ! هكذا يكونُ أيضًا لهذا الجيلِ الشِّرِّيرِ”. (متى 12 : 35 – 45).

سفر يونان النبي

الفصل الأول من سفر يونان

“وصارَ قَوْلُ الرَّبِّ إلَى يونانَ بنِ أمِتّايَ قائلاً: “قُمِ اذهَبْ إلَى نينَوَى المدينةِ العظيمَةِ ونادِ علَيها، لأنَّهُ قد صَعِدَ شَرُّهُمْ أمامي”.فقامَ يونانُ ليَهرُبَ إلَى ترشيشَ مِنْ وجهِ الرَّبِّ، فنَزَلَ إلَى يافا ووَجَدَ سفينَةً ذاهِبَةً إلَى ترشيشَ، فدَفَعَ أُجرَتَها ونَزَلَ فيها، ليَذهَبَ معهُمْ إلَى ترشيشَ مِنْ وجهِ الرَّبِّ.فأرسَلَ الرَّبُّ ريحًا شَديدَةً إلَى البحرِ، فحَدَثَ نَوْءٌ عظيمٌ في البحرِ حتَّى كادَتِ السَّفينَةُ تنكَسِرُ. 5فخافَ المَّلاحونَ وصَرَخوا كُلُّ واحِدٍ إلَى إلَهِهِ، وطَرَحوا الأمتِعَةَ التي في السَّفينَةِ إلَى البحرِ ليُخَفِّفوا عنهُمْ. وأمّا يونانُ فكانَ قد نَزَلَ إلَى جَوْفِ السَّفينَةِ واضطَجَعَ ونامَ نَوْمًا ثَقيلاً. فجاءَ إليهِ رَئيسُ النّوتيَّةِ وقالَ لهُ:”ما لكَ نائمًا؟ قُمِ اصرُخْ إلَى إلَهِكَ عَسَى أنْ يَفتَكِرَ الإلَهُ فينا فلا نَهلِكَ”. وقالَ بَعضُهُمْ لبَعضٍ:”هَلُمَّ نُلقي قُرَعًا لنَعرِفَ بسَبَبِ مَنْ هذِهِ البَليَّةُ”. فألقَوْا قُرَعًا، فوَقَعَتِ القُرعَةُ علَى يونانَ.فقالوا لهُ:”أخبِرنا بسَبَبِ مَنْ هذِهِ المُصيبَةُ علَينا؟ ما هو عَمَلُكَ؟ ومِنْ أين أتَيتَ؟ ما هي أرضُكَ؟ ومِنْ أيِّ شَعبٍ أنتَ؟”. فقالَ لهُمْ: “أنا عِبرانيٌّ، وأنا خائفٌ مِنَ الرَّبِّ إلَهِ السماءِ الذي صَنَعَ البحرَ والبَرَّ”. فخافَ الرِّجالُ خَوْفًا عظيمًا، وقالوا لهُ:”لماذا فعَلتَ هذا؟” فإنَّ الرِّجالَ عَرَفوا أنَّهُ هارِبٌ مِنْ وجهِ الرَّبِّ، لأنَّهُ أخبَرَهُمْ. 11فقالوا لهُ:”ماذا نَصنَعُ بكَ ليَسكُنَ البحرُ عَنّا؟” لأنَّ البحرَ كانَ يَزدادُ اضطِرابًا. فقالَ لهُمْ:”خُذوني واطرَحوني في البحرِ فيَسكُنَ البحرُ عنكُمْ، لأنَّني عالِمٌ أنَّهُ بسَبَبي هذا النَّوْءُ العظيمُ علَيكُمْ”.ولكن الرِّجالَ جَذَفوا ليُرَجِّعوا السَّفينَةَ إلَى البَرِّ فلم يستطيعوا، لأنَّ البحرَ كانَ يَزدادُ اضطِرابًا علَيهِمْ. فصَرَخوا إلَى الرَّبِّ وقالوا: “آهِ يارَبُّ، لا نَهلِكْ مِنْ أجلِ نَفسِ هذا الرَّجُلِ، ولا تجعَلْ علَينا دَمًا بَريئًا، لأنَّكَ يارَبُّ فعَلتَ كما شِئتَ”. ثُمَّ أخَذوا يونانَ وطَرَحوهُ في البحرِ، فوَقَفَ البحرُ عن هَيَجانِهِ. فخافَ الرِّجالُ مِنَ الرَّبِّ خَوْفًا عظيمًا، وذَبَحوا ذَبيحَةً للرَّبِّ ونَذَروا نُذورًا. وأمّا الرَّبُّ فأعَدَّ حوتًا عظيمًا ليَبتَلِعَ يونانَ. فكانَ يونانُ في جَوْفِ الحوتِ ثَلاثَةَ أيّامٍ وثَلاثَ لَيالٍ.

نص التأمل

قم واذهب

وصارَ قَوْلُ الرَّبِّ إلَى يونانَ “قُمِ اذهَبْ إلَى نينَوَى”

لماذا صار قول الرب هكذا إلى هذا العبراني الصميم أن يذهب ليبشر أعداءه وأمحتلي ارضه وساحقي شعبه بالخلاص؟

ولماذا قوبل ذلك القول بهذا بالرفض القاطع والمطلق من رجل نبي ابسط ما في حياته بل جل حياته الإصغاء إلى صوت الرب وجعل كلمته التي يضعها في فمه نافذة حتى لو كلف ذلك الأمر النبي حياته…رأينا ذلك مع الكثير من الانبياء إيليا وإرميا ويوحنا المعمدان ….إلخ

كيف يعصى نبي إرادة من أرسله ليتنبأ ومن يجرؤ أن يقول لا للرب ذاته وهو يعرف مع من يتكلم!!!

علامات استفهام وتعجب كثيرة تنتاب نفسي اليوم أمام هذا الرفض القاطع والمطلق الذي يدفع ” النبي” أن يتوجه غربا إلى ترشيش بدلا من التوجه شرقا إلى نينوى فراراً من وجه الرب وهو يعلم جيداً ان الرب هناك ايضاً؟؟

أتساءل متعجباً لماذا كان الأمر هكذا صعب التنفيذ على نفس النبي؟

ويزول العجب عند فهم الأمر، لقد عصي يونان أمر الرب عن وعي وإرادة وتدبير:

لأنه يتعارض مع فكره ومنطقه مع تراثه وتاريخه،

مع انتماءه ونسبه مع جنسه وقوميته

مع رغبته في الإنتقام ورجاءه في زوال تلك المدينة ومن عليها بل تلك المملكة ومن فيها

وبين الدعوة التي يرسله الله إليها أن ينادي فيها بالتوبة والرجوع كي ينالوا رحمة وغفرانا ومن ثم يحيوون!!! 

هو يريد موتا وفناءً والرب يريد حياة ونماء 

هو يريد عقابا وحكما والرب يريد غفرانا وصفحا 

هو يريد انتقاما والرب يريد خلاصا 

يرغب هو في التشفي بينما يسعد الرب بالشفاء 

يتمنى هو موت الخاطيء بينما يبحث عنه الرب ويرسله كأداة لخلاصه

كم كانت الإتجاهات مختلفة متضاربة متناقضة لذا كان من المستحيل ان يلتقي الطريقان

فهذا يطلب الشرق وذاك ينشد الغرب،

فلمن تكون الغلبة؟ الإجابة واضحة إرادة الرب لابد ان تنتصر وتعلو

لأنها للخير والبنيان وامامها تنحني إرادة الإنسان وتخضع حتى يتم الخلاص والغفران

نعم في سبيل إتمام تللك المشيئة وتنفيذه هذه الإرادة “خلاص البشر”

تُسحق حتى إرادة الأنبياء وتكبت رغبات المبشرين وتخضع الأعناق جميعا

لأن الرب أراد ويريد أن يخلص ولن يستطيع أحد الوقوف في سبيل تحقيق غرادته المقدسة

فهل نتعلم الدرس؟