كلمةغبطةُ الْبَطْريركِ الأنبا إبراهيم فِي قُدَّاسِ السِّيَامَةِ الْأُسْقُفِيَّةِ للأنْبَا دانيال مطرانًا لأيبارشيَّالإسماعليَّة

كلمةغبطةُ الْبَطْريركِ الأنبا إبراهيم فِي قُدَّاسِ السِّيَامَةِ الْأُسْقُفِيَّةِ للأنْبَا دانيال مطرانًا لأيبارشيَّالإسماعليَّة

“أُناشدُك في حضرة الله والمسيح يسوع أن أعلنْ كلمة الله وألحّ فيها في وقتها وغير وقتها…اعملْ عمل المبشِّر وقم بخدمتك أحسن قيام” (را2تيمو4: 1-5)
صاحب الغبطة الكاردينال الأنبا أنطونيوس نجيب، أصحاب النيافة أعضاء السينودس البطريركيّ، صاحب السيادة السفير البابوي في مصر مونسنيور برونو موتزارو، الآباء المطارنة، الآباء الكهنة الأخوات الرَّاهبات والأخوة الرهبان، الحضور الكريم.
تواصل كنيستنا الكاثوليكيَّة فرحتها هذه الأيَّام بعمل روح الله فيها باختياره خدامًا أمناء لرعاية وخدمة كنيسته والمجتمع.
في الثالث من أغسطس الماضي عشنا فرحة سيامة الأنبا باسيليوس مطرانًا لإيبارشيَّة سوهاج ، وفي الحادي والثلاثين من أغسطس عشنا فرحة السيامة الأسقفيَّة للأنبا باخوم معاونًا للإيبارشيَّة البطريركيَّة، واليوم تكتمل الفرحة بوضع اليد على الأب دانيال ليكون مطرانًا لإيبارشيَّة الإسماعليَّة باسم الأنبا دانيال خلفًا لصاحب النيافة الأنبا مكاريوس توفيق، المطران الفخريّ لإيبارشيَّة الإسماعليَّة، الَّذي خدم الكنيسة بحبٍّ مُتفانٍ وأَمانةٍ كاملة لمدة سبع وأربعين عامًا منها خمس وعشرون عامًا كأسقف لإيبارشيَّة الإسماعيَّة،
لذا نحتفل اليوم معه وبه باليوبيل الفضيّ لسيامته الأسقفيَّة. ألف مبروك يا سيدنا الحبيب.
وعندما رأى أن ظروفه الصحيَّة لا تساعده على أن يواصل خدمته كما يريد قدم تخليه طواعية إلى السينودس البطريركيّ ليواصل عطاءه وحضوره بطريقة أخرى. وكم هو رائع وجميل في كنيستنا أن تتواصل الأجيال من الآباء الذين يسلمون راية الخدمة والرعاية إلى أبنائهم لتواصل الكنيسة رسالتها فيتمجد اسم الله.
أخي المحبوب صاحب النيافة أنبا مكاريوس توفيق شكرًا من كلِّ القلب باسم آباء السينودس والمطارنة الكاثوليك في مصر، وباسم كلّ مَنْ شملْتَهُمْ برعايتك ومحبَّتِكَ، وَمِثَالِكَ الصَّالح. ليعوضك الرب كل نعمة وبركة لتعب محبَّتِكَ وليواصل عمله من خلالك منعمًا عليك بالصحة وسلام القلب.
أوجّه الشّكر إلى شعبِ إيبارشيَّة الإسماعليَّة وكهنتها على محبَّتهم وتقديرهم لشخص صاحب النيافة على كلّ مَا قَامَ بِهِ معلمًا وكاهنًا وراعيًا.
أخي صاحب النيافة الأنبا دانيال مبروك نعمة السيامة الأسقفيَّة مع صلاتنا أن يواصل الرب عمله فيك لتتمم خدمتك وعطاءك وحبَّك لكنيسته وشعبه في إيبارشيَّة الإسماعليَّة.
اخترت لك شعارًا “نعمة ورسالة” وهو مستوحى من قول القدِّيس بولس في رسالته إلى أهل رومية الفصل الأوَّل الآية الخامسة: “الذي به، لأجل اسمه، قبلنا نعمة ورسالة لإطاعة الإيمان في جميع الأمم”(رو1: 5).
هناك رباط وثيق بين النعمة والرسالة لأن القديس بولس يَعُدُّ رسالته هبة خاصة من نعمة الله عليه، بهذا يكون المعنى نعمة أن أكون رسولًا. وما الأسقف إلا رسولٌ وشاهدٌ ليسوع المسيح.
كل أسقف أوكل إليه الاهتمام بكنيسة خاصَّة يرعى شعبه متممًا نحوه مهمة التَّعليم والتَّقدِّيس والتَّدبير. وقد سبق لنا أن تأمَّلنا في مهمتي التَّقدِّيس والتَّدبير، واليوم أتأمَّل معكم في مهمة التَّعليم.
يرى كثيرون أن صورة الأسقف الأساسيَّة هي أنَّه خادم كلمة الله، وهذا صحيح فالأسقف هو معلِّم الإيمان ورسول الكلمة: “إنَّ رسالة التعليم الخاصَّة بالأساقفة تقوم على صون الإيمان بقداسة وإعلانه بشجاعة وفقًا للخطة الَّتي رسمها تقليد الكنيسة” (نور الأمم 25). بمعنى أنَّ حياة الكنيسة والحياة في الكنيسة بالنسبة لكلِّ أسقف، هي الشَّرط الَّذي لا يمكن الاستغناء عنه في ممارسة رسالة التَّعليم.
“أما هدف التعليم لجميع المؤمنين بكلمة الله، فهو أن يرسخوا في الإيمان والرجاء والمحبة، وينموا في المسيح فتؤدي الجماعة المسيحيَّة شهادة المحبة التي أوصى بها الرَّب” (ق289، ب1)
“فعلى الأسقف أن يكون مصغيًا للكلمة قبل أن يكون ناقلًا لها هو وكهنته، فعبثًا أن يكون الأسقف واعظًا للكلمة في الخارج إذا لم يصغِ إليها أوَّلًا في الدَّاخل” (هكذا يقول القدِّيس أغسطينوس). فعلي الأسقف إذًا أن يصغي إلى كلمة الله ويحفظها، ويداوم على قرائتها يوميًا، فيُعلِّم الشعب ما يكون قد تعلمه هو من الله، فيبشر بها بكلِّ أناة وعمق. (را2تيمو4: 2)
هناك رمز في طقوس السيامة الأسقفيَّة، وهو وضع الأب البطريرك كتاب الإنجيل مفتوحًا، على رأس الأسقف المرتسم، وهذ يعبّر عن أن كلمة الله تتخلل وتصون خدمته الأسقفيَّة، وبالتَّالي أن يكون الإنجيل في داخله، فيتحوَّل هو إلى إنجيل حي ومتحرَّك يغذي شعبه بكلمة التَّعليم وينشّئه بالمثل الصَّالح.
ففي الأسقف لابد أن تتحد الرِّسالة والحياة، وهذه نعمة علينا أن نطلبها كلّ يوم، وعلى الشَّعب أن يصلي من أجل أسقفه والأساقفة في العالم لكي يتمموا رسالتهم لكلِّ شخص بطريقة سامية وواضحة، وأن يكونوا علامة حيَّة ليسوع المسيح المعلِّم والكاهن والرَّاعي. (را.نور الأمم 21)
ختامًا من خلال تأملاتنا نرى كيف أن الأبعاد الثلاثة لمهمة الأسقف متكاملة فيما بينها وليس من الهين فصلها عن بعضها، فعندما يُعَلِّم الأسقف فَإنَّهُ في الوقت عينه يُقدِّس شعب الله ويقوده، وعندما يُقدِّس فهو يُعَلِّمُ أَيْضًا ويُدَبِّرُ، وعندما يُدَبِّرُ فَهو يُعلِّمُ ويُقدِّس.
صاحب النيافة الأنبا دانيال
مرة أخرى مبروك لك ولشعب الإيبارشيَّة، والرب يمنحك النعمة بأن تكون رسولًا أمينًا شجاعًا معلمًا حقيقيًّا، ولا تخف فرسالتنا مبنية على وعد ربنا يسوع المسيح القائم من بين الأموات وينبوع ومثال كهنوتنا، وعمل روحه القدوس فينا عندما أوصى تلاميذه قائلًا: “اذهبوا في العالم أجمع، وأعلنوا البشارة إلى الخلق أجمعين، وعلموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به، وهانذا معكم طوال الأيام حتَّى منتهى الدهر”(مر15: 16) آمين.4