كلمة الام مارى عايدة بطرس

كلمة الام مارى عايدة بطرس

بمناسبة العيد المئوى لرهبنة قلب يسوع المصريات

الإسكندرية في 8 ديسمبر 2012-12-08

حضرة صاحب النيافة الأنبا كيرلس وليم المدبر البطريركي

الآباء الكهنة الأجلاء

الأخوة الرهبان وأخواتنا الراهبات

السيدات والسادة من الشعب الحبيب بالإسكندرية

المناسبة كبيرة … والعيد عظيم … مرور مائة عام على تأسيس رهبنتنا، رهبنة قلب يسوع المصرية.

مائة عام، أي قرن بأكمله… استمرت بقوة الله: أرواح تبذل، قلوب تحب، وأيدي تعمل وتبني في ربوع مصرنا الحبيبة، وفي السودان وتونس ولبنان…

لا يسعني في هذه الفرصة إلاّ أن أنشدَ أنشودة شكر أوجهُها أولاً لله، ثم للأطراف الأخرى التي ساهمت بنعمته تعالى في نمو رهبنتنا عاماً بعد عامٍ منذ سنة 1913 إلى اليوم.

أولا- أبدأ بالشكر، كل الشكر والحمد لله عز وجل على كل ما صنعه معنا، فهو أراد هذه الرهبنة. أرادها ” رسالة حب ”

لكل محتاجٍ للعلم والدواء والتنمية في صعيد مصر. وقد رافق بعنايته الأبوية الراهبات الأوائل، وأعطاهن نعمه الفائقة، حتى يعملن بروح الإيمان، وبصدق العزيمة، وقوة الإرادة على نمو النبتة الصغيرة وازدهارها، فأصبحت شجرة وارفةَ الظلال. كانت رهبنتنا منذ مائة عام خلت نبتةً صغيرة لا يتجاوز عدد أعضائِها سبع راهبات، جمعهن الربُّ على هدفٍ واحدٍ، ورسالةٍ واحدة، كرّسن لها حياتهن، ألا وهي رسالة تنمية الإنسان.

كانت البداية متواضعة في مدينة طهطا بصعيد مصر، في بيت بسيط يشمل مدرسة ومسكناً للراهبات، لكن بفضل روح الإيمان التي كانت تتحلى بها الراهبات السبع ومن أكملن المشوار بعدهن، أضحت رهبنتنا اليوم شجرة ناضجة الثمار، تضم ما يقرب من مائتي راهبة، و 26 بيتاً في مصر والسودان وتونس ولبنان.

في سفر أشعيا النبي نسمع الربَّ يلخص عمله في رهبنتنا قائلاً: ” في ذلك اليوم غنوا للكرمة المشتهاة، أنا الربُّ حارسها أسقيها في كل لحظة، لئلا يوقّعُ بها، أحرسها ليلاً ونهاراً (أش 27/ 2-3 ).

نشكرك يا رب ونحمدك على ما صنعته لنا وفينا وبنا. ونسلمُ لك المائةَ عامٍ القادمة، واثقاتٍ في رعايتك لنا في المستقبل.

ثانياً- أما نشيد الشكر الثاني فأوجهه لرؤساء الكنيسة القبطية الكاثوليكية، البطاركة والمطارنة، وعلى رأسهم غبطة أبينا

البطريرك الكاردينال أنطونيوس نجيب، كلهم قاموا بإلهام من الله، بمرافقة خُطواتِنا التي كانت منذ التأسيس تارة جريئة ومنطلقة للأمام فشجعوها، وتارة متعثرة فمدوا لها يدَ العون، فشكراً لهم.

ثالثاً- الشكر الجزيل والامتنان لأمهاتنا المؤسسات السبع، اللواتي تعبن وزرعن، ونحن نجني ثمار تعبهن. فأحيي فيهن

روحَ المحبةِ للوطن والانتماء للكنيسة وروح الخدمة خاصة للفقراء… أحيي فيهن الإصرار على رفع شأن أبناء شعبنا، خاصة الأطفال منهم … والسعي لنموهم في القامة والحكمة والعلم أمام الله والناس. أشكرهن على ما تركوه لنا من أمثال نحتذي بها في الإيمان والرجاء والمحبة والشجاعة والصبر في تحمل الصعاب وتخطي العقبات.

رابعاً- نشكر الله على أمانة كل الأخوات المنتقلات خلال المائة سنة، اللواتي بعد أن جاهدن الجهاد الحسن، وأتممن

شوطهن، وحفظن الإيمان استحققن إكليل المجد الذي أعده لهن الديان العادل في السماء. أذكرُ بنوع خاص الرئيسات العامات اللواتي تسلمن الرئاسة العامة بعد أمهاتنا المؤسسات، وانتقلن إلى السماء بعد حياة حافلة بالجهاد والتضحيات وتأدية رسالة الرهبنة التربوية بأمانة وإخلاص: الأمهات ماري دي لا كروا ، ماري ديساكريكير ، ماري جورجيت حبشي. إن أعضاء رهبنتنا المنتقلات اللواتي نذكرهن بالخير يكوّنون سحابةً من الشهود تظللنا، ونثقُ في شفاعتهن من أجلنا.

أتوقفُ بنوع خاص عند الأم ماري ديلاكروا لأنها تحلت بكل جرأة وصمود وقررت أن تقبل رهبنتنا إدارة مدرسة نوتردام دي سيون العريقة منذ عام 1970. فشكراً لله ولها على هذه الخطوة الجريئة.

خامساً- الشكر للرب على كل عضوه في الرهبنة عاملة ومُشارِكة، وما زالت تعمل بإيجابية وبمحبة داخل الرهبنة

وخارجها. إن كل راهبة هي صخرةٌ حيّةٌ تساهم بنشاطها وبحبها وعطائها في تحقيق رسالة الرهبنة. وبصلاتِها تستمطر بركات الله على الرهبنة كلها وعلى كلِ مَن تعملُ معهم.

أريد في هذا اليوم العظيم الذي نحتفل فيه بعيد سيدتنا مريم العذراء البريئة من كل خطيئة، أن أذكّرَ نفسي وأخواتي كلهن، وخاصة العاملات منهن في مدرسة نوتردام دي سيون بالإسكندرية، أننا نحمل كلنا اسم مريم قبل أسمائنا، وأن ذلك هو دعوة لنا أن نتشبه بسيدتنا مريم العذراء، وأن نسعى بشفاعتها أن نتمثل بقلبها النقي وبحبها لله وللآخرين، وأن نعمل لتكون مدرستنا التي تحمل اسم سيدتنا مريم صرحاً لتربية الشابات على أخلاق مريم العذراء أم المحبة.

سادساً- نشكر الله سبحانه وتعالى، على كل المعاونين ورفقاء الطريق من العلمانيين رجالاً ونساءً، وكل الأصدقاء الذين

ساهموا في مساندة الرهبنة على مدار المائة عام والذين ما زالوا يساندونها، وأذكر هنا بنوعٍ خاص المدرسين والمدرسات وأولياء الأمور ولاسيما من تعبوا في تحضير هذا اليوم.

سابعاً- وأخيراً نشكر الرب وإياكم أيها الحضور الكرام لمشاركتكم حفلنا، ويوم عيدنا نطلب بثقة من الرب الذي هو قادر

أن يعمل أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر، أن يبارك هذه السنة بكل احتفالاتها، وأن يساعدنا للانطلاق إلى المئوية الثانية بإيمانٍ وعزمٍ وجرأة من أجل تحقيق رسالة الحب التي اختارنا الله من أجلها.

نطلب من الرب إله السلام، أن يعمَ بلادنا السلام والوئام والمحبة والاستقرار.

أختم بنشيد الشكر الذي ترنمت به مريم العذراء بعد البشارة
” تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي…”