كلمة الكاردينال جان توران في مؤتمر تحديات العرب المسيحيين

كلمة الكاردينال جان توران في مؤتمر تحديات العرب المسيحيين

نقلها الى العربية : منير بلوك – موقع ابونا
فيما يلي كلمة الكاردينال جان لويس توران، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان في مؤتمر تحديات العرب المسيحيين عمّان ، 3 -4\9\2013:

صاحب الجلالة،
صاحب السمو الملكي،
أصحاب النيافة والغبطة والسيادة،
سيداتي وسادتي،
الأصدقاء الأعزاء،

إن أولى الأفكار التي تخطر في ذهني، تتجه إلى الله القدير محب البشر الذي بعنايته الإلهية جمعنا في عمان، واحة السلام والأخوّة.

أُقدم شكري إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الذي اتخذ هذه المبادرة لمصلحة المسيحيين العرب. ونحن ندرك أن هذه ليس المرة الأولى التي يضع جلالته نفسه في المواجهة من اجل ضمان الحرية الدينية لسكان هذا البلد، في وقت لا يخشى إن يبرز التراث الديني والحضاري للمسيحيين الموجودين هنا.

كما أقدم جزيل الشكر للعديد من النشاطات الدينية المشتركة التي يتم إقامتها في الأردن تحت قيادة الملك عبد الله، وأقصد بذلك مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي التي يرعاها صاحب السمو الملكي الأمير غازي بن محمد الذي نظم المؤتمر نيابة عن الملك عبد الله. إن المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان، الذي أتشرف برئاسته، يقيم علاقات بناءة مع سمو الأمير غازي ومؤسسة آل البيت.

كما أن هناك شريكا آخر في الأردن للمجلس البابوي للحوار بين الأديان وهو المعهد الملكي للدراسات الدينية، الذي تأسس بقيادة حكيمة من قبل سمو الأمير الحسن بن طلال، أحد رسل الحوار ، والذي يتميز بأهمية كبيرة خلال هذه الفترة العصيبة التي تمر بها المنطقة العربية. ومن المهم أن نتذكر أن الحفاظ على المسيحيين في العالم العربي وحماية مساهماتهم الخاصة في الحضارة العربية هما من بين أهداف المعهد الملكي للدراسات الدينية الذي نجزيه جزيل التقدير.

وبخصوص التحديات التي تواجه المسيحيين العرب، يبدو واضحا أن القيادات المسيحية كما والمؤمنين أنفسهم يعلمون أكثر من القادم من الخارج عن ماهية هذه التحديات وأفضل طريقة لمعالجتها. إلا أنني أمل أن وجهة نظر معينة من “موقع مراقب” محدد- أي الحوار بين الأديان على مستوى الكنيسة الجامعة- قد تكون مفيدةً.
ملاحظتي الأولى فيما يخص المسيحيين العرب هي أنهم ليسوا “أقليات” في بلدانهم المعنية بل هم مواطنون كاملو المواطنة. وللحديث بصورة أرقام مستعملاً كلمات السيد المسيح بأنهم “قطيع صغير” (لوقا 12: 32) وللحديث عن رسالتهم فإنهم يدعون “ملح الأرض” (متى5: 13) و”نور العالم” (متى5: 14) وفي كلتا الحالتين فان الكمية تحتسب قليلاً، وأما النوعية فهي ما يهم حقا!

ونحن مدركون للتحديات “الداخلية” التي تواجه المسيحيين في الشرق الأوسط، ومن ضمنها التهميش الذاتي مع تشكيل “الأحياء المنعزلة” (الغيتوات). ومع أنها غير موجودة في الحقيقة على الأرض، إلا أنها موجودة في العقل. فهي تنبذ المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، وتغري بالهجرة، وتؤدي إلى نقص الثقة بالذات، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. إن فقدان الأمل والحماس لمتعة الحياة هما خطران داخليان يعدان أكثر خطراً من التحديات الخارجية.

أما التحديات الخارجية، فتأتي من التمييز حضارياً، واجتماعيا،ً وسياسياً، تهميشاً، أو تحديداً أو منعاً لحرية العبادة والحرية الدينية بصورة عامة، وهجوما على أماكن العبادة وعلى الشخصيات المسيحية،أو حتى تحريضا على العنف في الخطب والكتابات والفتاوى التي يصدرها بعض زعماء الدين. وهناك فتوى مؤلمة صدرت أخيراً تنص على أنه لا يمكن أن يعمل مسلمون في تشييد أو إصلاح الكنائس لانّ الكفر يُشهر في أماكن العبادة هذه! ما هو رد فعل هؤلاء.