كلمة غيرت الكون ” فلتكن” يسوع 3 : تأمل في قراءات الجمعة الموافق 22 أغسطس الموافق 29 بشنس 1730

كلمة غيرت الكون ” فلتكن” يسوع 3 : تأمل في قراءات الجمعة الموافق 22 أغسطس الموافق 29 بشنس 1730

كلمة غيرت الكون

” فلتكن” يسوع 3

تأمل في قراءات الجمعة الموافق 22 أغسطس الموافق 29 بشنس 1730

الأب/ بولس جرس

 

نص الإنجيل

صلاة النزاع الأخير في بستان الزيتون

36حينَئذٍ جاءَ معهُمْ يَسوعُ إلَى ضَيعَةٍ يُقالُ لها جَتسَيماني، فقالَ للتلاميذِ: “اجلِسوا ههنا حتَّى أمضيَ وأُصَلِّيَ هناكَ”. 37ثُمَّ أخَذَ معهُ بُطرُسَ وابنَيْ زَبدي، وابتَدأَ يَحزَنُ ويَكتَئبُ. 38فقالَ لهُمْ: “نَفسي حَزينَةٌ جِدًّا حتَّى الموتِ. اُمكُثوا ههنا واسهَروا مَعي”. 39ثُمَّ تقَدَّمَ قَليلاً وخَرَّ علَى وجهِهِ، وكانَ يُصَلِّي قائلاً:”ياأبَتاهُ، إنْ أمكَنَ فلتَعبُرْ عَنِّي هذِهِ الكأسُ، ولكن  “لتكتن مشيئتك لا مشيئتي”40ثُمَّ جاءَ إلَى التلاميذِ فوَجَدَهُمْ نيامًا، فقالَ لبُطرُسَ: “أهكذا ما قَدَرتُمْ أنْ تسهَروا مَعي ساعَةً واحِدَةً؟ 41اِسهَروا وصَلّوا لِئلا تدخُلوا في تجرِبَةٍ. أمّا الرّوحُ فنَشيطٌ وأمّا الجَسَدُ فضَعيفٌ”. 42فمَضَى أيضًا ثانيَةً وصَلَّى قائلاً:”ياأبَتاهُ، إنْ لم يُمكِنْ أنْ تعبُرَ عَنِّي هذِهِ الكأسُ إلا أنْ أشرَبَها، فلتَكُنْ مَشيئَتُكَ”. 43ثُمَّ جاءَ فوَجَدَهُمْ أيضًا نيامًا، إذ كانَتْ أعيُنُهُمْ ثَقيلَةً. 44فتَرَكَهُمْ ومَضَى أيضًا وصَلَّى ثالِثَةً قائلاً ذلكَ الكلامَ بعَينِهِ. 45ثُمَّ جاءَ إلَى تلاميذِهِ وقالَ لهُمْ:”ناموا الآنَ واستَريحوا! هوذا السّاعَةُ قد اقتَرَبَتْ، وابنُ الإنسانِ يُسَلَّمُ إلَى أيدي الخُطاةِ. 46قوموا نَنطَلِقْ! هوذا الذي يُسَلِّمُني قد اقتَرَبَ!”.(متى 26: 36-46)

نص التأمل

لم يمض زمان طويل بعد ” ليكن لي حسب قولك التي قالتها مريم للملاك

ففتحت كيان البشرية لتجسد الكلمة… فبعد تسعة اشهر ولد المسيا

وبعد ثلاثين عاما من الخفية والتواري سار ثلاث اعوام وهو يجول يصنع خير ويشفي كل أسقام البشر

حتى تآمرت قوى الشر عليه والتفت حبال الدسيسة والنميمة

وتحالفت قوى الظلام لتطفئ نور الله على الأرض…

لم تك أعينهم الرمدة بمستطيعة ان تتحمل وهج نور الكلمة يسير على الأرض

ولم تك عقولهم المتحجرة بقادرة ان تنفتح لتتخصب بسناه السرمدي

ولم تكن ركبهم المرتخية بقادرة على السجود امام بهاء مجده

فما كان منهم سوى ان تحالفوا جميع ليهلكوه:” خير أن يموت واحد على أن تهلك الأمة بأسرها”

هكذا كان الخيار بين موت الله الإنسان وحياة الإنسان بعيدا عن الله

ومن جديد اختار الإنسان البعد عن الله فلم تكن البشرية كلها مريم

تلك كانت المصباح المنير الذي نبتهج ان نسير في نوره برهة

لكن البقية غير مستعدين ولا مؤهلين ولا قادرين على العيش في النور

ومع أن ظلام العالم كله لا يستطيع ان يخفي نور شمعة واحدة وما ادراك ما نور الإله المتجسد

إلا ان المشيئة الإلهية لم تكن تكمن في البقاء على الأرض،

بل في توفير طريق الخلاص لأهل الأرض ذوي الإرادة الحسنة

لذا كان على الرب يسوع الذي أخلى ذاته آخذا صورة العبد

أن يعود ليخلي ذاته من جديد ولمرة واحدة ليتم الخلاص للعالم بأسره

وفي تلك الليلة بالذات في بستان الزيتون كانت السماء في انتظار قرار يسوع

وكم كان القرار صعبا ورهيبا لدرجة جعلته يتصبب عرقا وكان يعرق دما

كانت السماء والأرض تنتظران قرار الإخلال الكامل والتام والخليقة كلها

تئن وتتمخض منتظرة قرار الخلاص… وكان على يسوع في تلك الليلة الليلاء ان يتخذ القرار

وجائت اللحظة الرهيبة حيث تركه التلاميذ وفروا ونام الذين قربهم منه

ولم يستطع احد ان يسهر معه للصلاة ولو لساعة واحدة

وكان الصراع رهيبا ان يسلم نفسه ليد العدو فداء لعبيده ام يترك الأمر كما كان قبلا

وتلك الهوة الرهيبة بين الله والبشر تتسع لتبتلع الجميع

وحيث ان المسيح هو الكلمة الإلهية وكل شيء حاضر قدامه كان يرى كل المستقبل

ومر بكل تلك العذابات البربرية والوحشية حتى النزول إلى الجحيم

لكنه لم يبخل ولم يتردد بل قالها واضحة جلية مجلجلة قوية

يا ابتاه إن استطعت ان تعبر عني هذه الكأس ولكن “لتكتن مشيئتك لا مشيئتي”

عن تلك اللحظة تم دق المسمار الأول في نعش الموت وبدأت عملية هدم أبواب الجحيم

نعم هو الكلمة الأزلية ينطق بتلك الكلمة السرمدية… “لتكتن”

فيتم خلاص العالم وتصالح الخليقة خالقها بدم ابنه الذي فداها ومات عوضا عنها

فقهر الموت وكسر شوكته وفتح أبواب الفردوس أمام كل من يؤمن به

هكذا تم الخلق ب” فليكن” والتجسد ب” فليكن” وأخيرا الخلاص ب” فليكن الأخيرة

فهل ندرك الآن قوة هذه الكلمة ؟؟؟؟

قد يسالني احدكم ماذا عن ” لتكن مشيئتك” التي نتلوها في صلاة الأبانا التي علمها إيانا يسوع؟

هذه ستكون موضوع تاملنا الرابع والأخير إذا بإذن الله.