لقاء القلوب العطشى -تأمل اليوم الخامس والعشرين من يناير

لقاء القلوب العطشى -تأمل اليوم الخامس والعشرين من يناير

لقاء القلوب العطشى

ونزل معهم ووقف في موضع سهل

تأمل في قراءات السبت, 25 يناير 2014 الأول من أمشير 1730

الأب/ بولس جرس

إنجيل باكر

عوضا عن قراءة انجيل القداس (متى 16 : 13 – 19) ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه… 

“ونزل معهم ووقف في موضع سهل ، هو وجمع من تلاميذه ، وجمهور كثير من الشعب ، من جميع اليهودية وأورشليم وساحل صور وصيداء ، الذين جاءوا ليسمعوه ويشفوا من أمراضهم والمعذبون من أرواح نجسة. وكانوا يبرأون وكل الجمع طلبوا أن يلمسوه ، لأن قوة كانت تخرج منه وتشفي الجميع ورفع عينيه إلى تلاميذه وقال: طوباكم أيها المساكين ، لأن لكم ملكوت الله طوباكم أيها الجياع الآن ، لأنكم تشبعون . طوباكم أيها الباكون الآن ، لأنكم ستضحكون طوباكم إذا أبغضكم الناس ، وإذا أفرزوكم وعيروكم ، وأخرجوا اسمكم كشرير من أجل ابن الإنسان  افرحوا في ذلك اليوم وتهللوا ، فهوذا أجركم عظيم في السماء . لأن آباءهم هكذا كانوا يفعلون بالأنبياء” (لوقا 6 : 17 – 23).

نص التأمل

نزل معهم … النزول والصعود في جغرافيا الأراضي المقدسة امر طبيعي فالأرض ليست مستوية كما هي عندنا في وادي النيل… فاورشليم مبنية على جبل صهيون والذهاب إليها يُعتبر صعودا، والجليل ملاصقة لجبال لبنان والذهاب ليها يُعتبر صعودا أما السامرة فهي في واد نهر الأردن والذهاب إليها يُعتبر نزولاً…واليوم يستخدم متى كلمة فنزل… ليعبر لا عن النزول الجغرافي المكاني فقط بل المعنوي الإنساني، نزول الله نحو البشر ، نزول الخالق إلى مستوى خليقته، كما سبق وسمعنا الرب يقول لموسى” رأيت مذلة شعبي في أرض مصر وسمعت صراخهم فنزلت لأخلصهم…”( سفر الخروج  3) ها قد جاء يسوع المسيح ” الذي من اجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماءوتجسد من مريم العذراء…” ( قانون الإيمان)

وهكذا نزل يسوع متجسدا إلى تراب كوكبنا الأرضي وعاش كإنسان شاركنا في:

الجوع والعطش ومن ثم في الأكل والشرب

في الفرح والألم ومن ثم في الدم والدمع

 

في التعب والراحة ومن ثم في الهناء والشقاء

راح يسير بين أزقة طرقاتنا ودخل إلى بيوتنا

صعد إلى الهيكل فسجد وإلى الجبل فصلى

واخيرا نزل للكرازة

وفي الموعظة على الجبل عندما شاء ان يبثنا حديث القلب قلبه وقلب الآب، نزل يسوع بالجمع إلى موضع سهل  نزل إلينا ليلقانا ثم صعد هو إلى الجبل ليقدم لنا ذاك الكنز الروحي الذي لا يفني. ينير لنا طريق الحياة كقبس من نور الله الحي المحيي...ما أجمل اختياراتك يا إله الإنجيل وما اروع إحساسك ببنيك فأنت

تترك سماء السماوات وتتجسد لتعيش بينهم

تنتنازل عن عرش مجدك لتخلصهم

تنزل إلى موضع سهل لتكلم قلوبهم

فتأتيك خلقيقتك المنهكة من كل صوب ويتجمع ابناؤها حولك من كل اتجاه .

لقد تبعك البشر فقدتهم إلى البرية ولكن في موضع سهل

وهناك لمستهم ووضعت يدك عليهم فبرأت جراح أجسادهم والقلوب

هناك اطعمتهمو فأشبعتهم ، وسقيتهم فرويتهم

ثم تسربت كماء حي داخل قلوبهم العطشى تسكب بلسم التطويبات…

اخيرا تم لقاء القلبين: قلب الله العطش إلى خليقته وقلب الإنسان العطش إلى خالقه

هناك سيلقي البشر عبر الأجيال  لا ثيابهم فقط أسفل قدميك

بل يلقون بانفسهم نحوك وعليك ومن اجلك ليلمسوك فيشفوا…

أخير تمكنت أن توجه قلوبهم نحوك فتركو الديار واتبعوك

اخيرا جعلتهم يدركون قدر أسقامهم وآلامهم وأمراضهم ويرون فيك وحدك الشفاء

اخير استطعت أن تفتح عيونهم على انك وحدك شافيهم

أخيرا وصلوا للوعي أنك انت وحدك الطريق والحق والحياة

كم هي رائعة ومهيبة تلك اللحظات الخالدات انت وشعبك هناك

ليست الموعظة عظيمة في محتواها فحسب بل في أحداثها

وحين كشفت لنا قلب الاب” ابوكم السماوي يعرف ما أنتم بحاجة إليه قبل ان تطلبونه”

لم تعد طلبة المسيحي الأولى ” خبزنا كفافننا أعطنا اليوم” بل هبطت إلى المرتبة الرابعة

وصار الترتيب هكذا ” ليتقدس اسمك ليأت ملكوتك لتكن مشيئتك…

حقا يا رب لقد نزلت إلينا فصعدت بنا.