مار أفرام النصيبيني ملفان الكنيسة الجامعة

بغداد، الجمعة 19 يونيو 2009 عن موقع كلدايا.نت

ننشر في ما يلي مقالة الشماس نوري إيشوع مندو عن سيرة القديس الملفان أفرام السرياني.

المقدمة: في مستهل القرن الرابع لمع في سماء ما بين النهرين كوكب وضاء، سطعت أنواره على امتداد الكنيسة المنتشرة إلى أقاصي المعمورة. وما ذلك الكوكب الوضاء سوى مار أفرام النصيبيني نادرة زمانه، وآية من آيات البيان، ومفخرة المشارقة وأمير شعرائهم، وكنارة الروح القدس، وملفان الملافنة، وأفرام الكبير.

1_ حياته: ولد في نصيبين في عهد الملك قسطنطين سنة 306 من أب رهاوي اسمه ” مشق ” كان كاهناً لصنم يدعى أبيزال، وأم مسيحية من آمد ” ديار بكر ” حسب ما ورد في إحدى خطبه ” إني ولدت في طريق الحقيقة ولو أن صباي لم يحسّ بذلك “. وجاء في أحد ميامره أن والده اعتنق المسيحية في شيخوخته، ونال مع زوجته إكليل الشهادة في عهد شابور الثاني ملك الفرس، خلال الاضطهاد الأربعيني.[1]

ومنذ طفولته ظهرت فيه النعمة الإلهية، فرأى وهو رضيع غصناً قد نبت في فمه ونما حتى بلغ السماء، وصار فيه ربوات من العناقيد، وربوات الربوات من العنب، إشارة إلى كثرة مصنفاته.[2] ويقال أن أباه حينما علم بميله إلى المسيحية واحتقاره للديانة المجوسية، غضب عليه وطرده من البيت، فالتجأ إلى أسقف المدينة مار يعقوب النصيبيني.

تتلمذ مار أفرام لأسقف نصيبين مار يعقوب الذائع صيته طهراً وقداسة، وقبل منه العماد المقدس وهو في الثامنة عشرة من عمره، وأحله في دار الأسقفية وعلمه الديانة المسيحية، وأرشده في جادة الكمال الإنجيلي حتى بلغ في مدة وجيزة درجة سامية. فمكث لديه تلميذاً حبيباً عزيزاً نشيطاً تقياً نقياً لطيفاً وديعاً، وكان كلما ازداد سناً ازداد بالفضيلة شغفاً.

وكان قد انضم إلى مدرسة نصيبين الشهيرة، ومنها تخرج في علم الكتاب المقدس، وقد فاق علماً جميع رفاقه في المدرسة، فنصبه فيها مار يعقوب معلماً. ومنذ ذلك الحين أخذ يصنف القصائد البديعة الباهرة، فضم إلى حياته الطاهرة توقد الذهن وحذاقة البصيرة، فأضحى رجلاً عظيماً قلما قدمت الأرض مثله للسماء.

ويقال إن مار أفرام رافق القديس يعقوب إلى المجمع المسكوني النيقاوي المنعقد سنة 325، وبقوة صلواته رُفع الحصار عن مدينة نصيبين من قبل شابور الثاني ملك الفرس وذلك سنة 338. وبقي عاكفاً على التعليم في مدرسة نصيبين أكثر من 38 سنة، حتى سلمت نصيبين للفرس سنة 363. وقد عاصر مار أفرام خلال حياته في نصيبين أربعة من أساقفتها هم: مار يعقوب النصيبيني، ومار بابو، ومار ولغاش، ومار إبراهيم. وأنشد أفرام مناقبهم الجليلة في ميامر عديدة وضعها في نصيبين، عرفت هذه الميامر بـ النصيبينية. فيصف مار يعقوب بالغيرة والحزم، ومار بابو بالتواضع ومحبة الفقراء، ومار ولغاش بالعلوم والأدب، ومار إبراهيم بالوداعة ومحبة الفقر.

بعد سقوط نصيبين ترك مار أفرام المدينة متوجهاً إلى آمد عند أخواله، وهناك مكث مدة يسيرة. ثم رحل إلى مدينة أورهاي ” أورفا “، ورافقه إليها جميع معلمي نصيبين ومعظم أشرافها. وهناك وجه عنايته إلى فتح مدرسة لبني جلدته عوض مدرسة نصيبين المنحلة، وعرفت هذه المدرسة بـ مدرسة الفرس، لأنها أسست خصيصاً للمشارقة القادمين من البلاد الفارسية. وقد أدار هذه المدرسة هيئة تعليمية أغلبية أعضائها من نصيبين. وقضى مار أفرام السنين العشر الباقية من حياته هناك وهو يهتم بالمدرسة والمطالعة والتأليف، وكان يعكف كثيراً على العزلة والاختلاء والصلاة في جبل أورهاي المدعو بـ الجبل المقدس، لكثرة المغاور التي فيه، والتي اتخذها النساك صوامع لهم.

وفي هذه المدينة بذل أفرام جهوداً كبيرة لدحض آراء برديصان المنحرفة عن الإيمان القويم، والتي كانت منتشرة هناك. فألف أغاني دينية كثيرة ولحنها وضمنها الآراء الدينية القويمة، قدمها للمؤمنين علاجاً طيباً شافياً.

توفي مار أفرام في أورهاي سنة 373 وقد ناهز السبعين من عمره. وجاء في وصيته ” يا أيها الرهاويون إني أنا أفرام مائت لا محالة، الويل لي إن حياتي قد دنت إلى الزوال، قد دنا النسيج إلى القطع، ونفذ الزيت من السراج. الويل لك يا أفرام إذا وقفت قدام منبر ابن الله. فاستحلفكم بكل احترام أن لا تدفنوني في بيت الله تعالى ولا تحت المذبح، إذ لا يليق بجسد يرعاه الدود أن يرقد في هيكل مقدس. قد عاهدت إلهي أن لا أُدفن إلا في مقبرة الغرباء فإني غريب نظيرهم، ادفنوني في ثوبي وقبعتي لأني مملو خطايا وآثام، شيعوني بصلواتكم وترانيمكم وتقريب الذبيحة المقدسة مراراً جمة تكفيراً عن شقائي. ويل لي لأني منذ حبلت بي أمي لم أقبل علة تقديم الخير، وأني في تذكّري ما ارتكبت من السيئات فزع قلبي وتحرك من مكانه، ولصق لساني بحنكي وتفككت كل عظامي، يا أخوتي وأعزائي وآبائي ما نذرتموه لي ليقسم على الفقراء والبائسين والسقماء والمحتاجين فيكون لكم الأجر عند الله. إن أفرام لم يقتنِ دراهم ولا عصاً ولا كيساً، ولم يملك ذهباً ولا فضة. ارسخوا في تعليمي وكملوا وصاياي بأمانة، واثبتوا دائماً في الإيمان الكاثوليكي. احذروا الهراطقة الملحدين خصوم إيماننا القويم، احذروا فعلة الإثم الذين يأتونكم بكلمات معسولة فاسدة. يا مدينة الرها أم الحكماء عليك تلك البركة التي أتتك من المسيح بيد تلميذه “.[3] وقد بُني فوق ضريحه دير عرف بـ الدير السفلي. وبعد استيلاء زنكي على أورهاي سنة 1144، نقل الصليبيون ما تيسر نقله من تلك الذخائر الثمينة إلى روما، وغيرها من المدن الأوربية.

عاش مار أفرام زاهداً متنسكاً ذا وقار وحلم ورصانة، وقد امتاز بالطهر والتواضع والرحمة، فلشدة تواضعه أبى إلا أن يبقى شماساً حتى نهاية حياته. ومنذ أن انخرط في سلك الرهبانية إلى أن وافته المنية لم يكن طعامه إلا خبز الشعير والملح وبعض البقول، ولم يكن شرابه إلا الماء القراح. لذا فقد هزل والتصق جلده بعظامه. أما ثيابه فكانت جملة رقع ضمها إلى بعضها، وهي تشير إلى التواضع والتوبة بلونها الرمادي. وكان قصير القامة صارم الوجه، لا يميل إلى الضحك الصاخب أبداً، وكان أصلع واسع الجبهة وكث اللحية قصيرها. أما محبته لله وللقريب فحدث عنها ولا حرج أظهرها في مواقف عديدة، لا سيما في مجاعة حدثت في أورهاي. وقد كُتب عن حياته الغنية بشتى لغات العالم.

2_ مصنفاته: ترك لنا الملفان أفرام النصيبيني كنزاً ثميناً وغنياً من كتاباته شعراً ونثراً تفوق الوصف وهي أكثر من أن تحصى، ويقول سوزومين المؤرخ اليوناني إن مار أفرام كتب نحو 3 ملاين بيت من الأشعار. وهو الذي اخترع الشعر بسبعة مقاطع، ويعرف بالوزن الأفرامي. وأكثر مؤلفاته كانت شعراً، حتى كان الشعر عادةً صورة رسمت فيها نفس مار أفرام ما كانت تكنه من معاني وخيالات وتصورات وعواطف.[4] فقد كتب أشعاره بلغة صافية وأنيقة تلتقي فيها البساطة مع أحكام السبك. ونجد مثالاً في ذلك فيما قاله في مدح مار إبراهيم مطران نصيبين قائلاً: ” ليطرد نورك ظلامنا، مبارك الذي جعلك لنا مصباحاً. صن النعجة الصحيحة، وتفقد المريضة. وضمد الجريحة، وابحث عن الضالة. ارعها في مروج الكتب، واسقها مياه العلم. ليكن لك الحق سوراً، وليكن لك الصليب عصاً. وليكن لك العدل سلاماً، مبارك الذي زاد سناك “.[5]

وتقسم مؤلفاته حسب الترتيب التالي:

أ _ المصنفات الكتابية: شرح مار أفرام سفري التكوين والخروج والدياطسرون، ووضع تفسيراً لرسائل القديس بولس، وشرحاً لسفر أعمال الرسل، وميامر في أسفار التكوين ويشوع والقضاة وصموئيل والملوك والأخبار، وكلها بالترجمة الأرمنية. وقد بقيت أيضاً شذرات من شرح سفر أيوب البار، ومن شرح سفر زكريا النبي.

ب _ المصنفات اللاهوتية والجدلية: وضع مار أفرام خطابات ضد الهراطقة، و56 قصيدة أخرى ضد الهراطقة، وله 87 نشيداً في الإيمان، و4 أناشيد ضد يوليانس الجاحد، وشذرات من خطاب ضد برديصان، وخطبة عن المسيح، وخطاب في مقدمة إنجيل يوحنا، و15 نشيداً في الفردوس.

ج _ المصنفات النسكية: وضع مار أفرام 52 نشيداً في البتولية وفي أسرار ربنا يسوع، و52 نشيداً في الكنيسة، و15 نشيداً في مدح إبراهيم القيدوني، و24 نشيداً في لوليان سابا، ورسالة إلى النساك ساكني الجبال المجاورة لمدينة أورهاي، وشذرات من رسالة إلى بوبليوس، ونشيدان في زوال العالم، والآخر في مدح كمالاته.

د _ المصنفات الليتورجية: وضع مار أفرام 16 نشيداً في ميلاد ربنا يسوع وظهوره، و8 أناشيد في الصوم، وأناشيد في القيامة، و21 نشيداً في الفطير، و8 أناشيد في الصلب، و12 نشيداً في المعترفين والشهداء، ونشيداً في الأخوة المكابيين، ونشيد آخر للشهداء. وصنف خطباً كثيرة منها لأجل المطر يستعملها المشارقة في أيام صوم نينوى، و77 نشيداً تعرف بالنصيبينية، وخطباً في كرازة يونان النبي في نينوى، وخطبتين في التوبيخ والتحريض على التوبة بمناسبة سقوط نصيبين، وأنتيفونات.[6]

وقد نشر الأب (المطران) يعقوب أوجين منا في كتابه المروج النزهية بعض من مصنفاته هي: في العلم ” أمنح يا الله العلم لمن يحب العلم “، في الإيمان ” في أحد الأيام أخذت جوهرة يا أخوتي “، في عدم انفصال الطبيعة الإلهية عن الخلائق ” بجرأتنا متعجب أنا لأي علاء قد وصلت “، في الثالوث ” أتمنى أن أقترب وأخاف أن أبتعد “، وأخرى في الثالوث ” الشمس كانت نبراساً ولا حدود لها “، في عدم إدراك أزلية ” بدل ذلك الهدف محيي الكل الذي رسمه لنا معلم الكل “، في مدح مريم ” البتول دعتني كي أرنم حكايتها وأنا متعجب “، وأخرى في مدح العذراء ” بأصوات مغبوطة غلت مريم وإغرودتها “، وأخرى في مدح مريم وسجود المجوس ” أذنب عوزايا ويوتم وآحاز في قبورهم بدل الجموع التي حلت بأرض أثور “، في فردوس عدن ” في الدنيا صراع وفي عدن أكليل مجد السماء والأرض “، في إبراهيم مطران نصيبين ” سلاماً لأسم إبراهيم لقد أصبحت أباً لكثيرين دون زواج “، في الفساد والقبر ” في القبر الذي وضعت فيه كنت جالساً في يوم من الأيام “، في الأرضيات ” أين هم الأولون الذي تعبوا وأكثروا واضطهدوا “، في عظمة خلقة الإنسان ” بخلقته صورت حكمة خالقه “، في الموت ” الحي الذي سباه جمالك “، في القيامة ” إن كان الخروف قد جز بختانة ابن الله الزمنية “، في الشيطان والموت ” الموت أظهر سلطانه أنه انتصر على الكل والشيطان أظهر خداعه أنه يخطئ الجميع “، أخرى في الشيطان والموت ” تعالوا نسمع وهم يتقاتلون على النصر “، أخرى في الشيطان والموت ” الشرير قد صار مهاناً من الموت وأهين “، أخرى في الشيطان والموت ” مع الحرية يكون الجهاد سيئاً ” .[7]

أما في حقل طقس كنيسة المشرق فله الكثير من المداريش والميامر والتراتيل والتسابيح والتراجم والقصائد، وفرض باعوثا نينوى وفرض الموتى وبركات في طقس الإكليل نذكر منها: ” أشرق النور على الأبرار “،[8] ” مبارك بشارتك “، ” تقبل يا ربنا “، ” أيتها النفس التي شاخت في الأثم “، ” أيتها النفس التي اضطجعت في الأثم “، ” هب لي يا رب متى اسهر “، ” يا ربنا يسوع الملك المسجود له “، ” بادروا وقبلوا “، ” تعالوا وخذوا يا أخوتي “، ” الأنبياء والملائكة “، ” مبارك الأزلي “، ” لك المجد يا إلهنا “، ” مذبح سره “، ” دواء التوبة “، ” إلى أين يا رب “، ” قبل أن تأتي “، ” طوبى لروحك “، ” عزيزٌ في عينيه “، ” داود ابن إيشاي “، ” علمني يا رب “، ” الليل الآن قد مضى “، ” الحنان الذي فتح “، ” الحنان الممتلئ رحمة “، ” افتح لنا يا رب “، ” الرب إلهي “، ” الله مراحم “، ” لتكن صلاتنا يا رب “، ” المسيح ملجأنا “، ” يسمع ولا يهمل “، ” من هو يا ترى “، ” تعالوا نتحصن بالصلاة “،” استيقظوا أيها الساهرون وأنشدوا “، ” لنا الرجاء والخلاص “، ” يا ربنا ارحمنا يا ربنا اقبل خدمتنا ” ” لك التسبيح يا طفل البتولية البهي “، ” مباركة الثمرة التي تجلت منك أيتها الطوباوية “، ” مبارك الذي أبهج بميلاده كل البرايا ” .[9]

أما البركات في رتبة الإكليل فهي منسقة على الأحرف الأبجدية، وتتلى مترجمة بالعربية. على العريس تبدأ: ” أيها الختن الذي أحنيت رأسك قدام كاهن بيعتك، ليرفع المسيح رأسك وينصرك في كل حين “.[10] وعلى العروس تبدأ: ” أللهم محيي النفوس بارك هذه العروس، وبيتاً تدخله وتدوس يمتلي من النعمات “.[11]

ويذكر التاريخ السعردي أن للملفان أفرام طقساً للقداس يقدس به الروم الملكيون، وكانت كنيسة المشرق تقدس به في نصيبين إلى أيام الجاثليق مار إيشوعياب الحديابي، الذي رتب الصلوات واقتصر على النوافير الثلاث المستعلمة عندنا اليوم.[12]

3_ تصانيفه المنقولة إلى العربية: صانت مكتبات الغرب والشرق بضع مجلدات عربية انطوت على تصانيف مار أفرام منقولة إلى العربية، منها 52 ميمراً نقلت عن اليونانية. ومن هذه الميامر العربية مخطوطات ثمينة محفوظة في مكتبات الفاتيكان وأكسفورد واليسوعية في بيروت ودير الشرفة ومطرانية الكلدان في ديار بكر ومطرانية الموارنة في حلب. ومن هذه الميامر نذكر: ميمر في يسوع وكنيسته : ترى أي عريس سوى يسوع ربنا ضحى بذاته حباً لعروسه. أم أية عروس كلفت بعريس قتيل سوى الكنيسة خطيبة المصلوب. ميمر في العذارى والفتيات ليسوع الفادي: أنشد لك التسبيح مع جماهير قديسيك يا ابن الله. يا من أنقذني بآلامه وصلبه. أدخل هيكلك واسجد لك مترنمة بأناشيد خشوعية. ميمر في بشارة العذراء مريم: انحدر جبرائيل الملاك من السماء ليبشر العذراء بميلاد المخلص. وجرى الحديث بينه وبينها. ميمر في ميلاد يسوع: اسمح لي يا مولاي أن أفيض في وصفك مؤمناً بك يا أيها الإله العجيب فإنك في الحقيقة عجيب. وعجبك غير مدرك. وقد دعاك النبي عجباً. فأنت أعجوبة كلها عجب. بل أنت أعجوبة العجائب. فالحبل بك عجيب. وميلادك عجيب. وكلك عجيب. وعجبك غير محدود. لك التسبيح. ميمر في مناغاة مريم لأبنها الطفل يسوع: فاضت عواطف مريم الرقيقة فجعلت تناغي طفلها يسوع وتقول: من ذا الذي انعم على الفقيرة بأن تحبل وتلد ابناً وحيداً صغيراً كبيراً. ميمر في دخول يسوع إلى الهيكل: دعتني العذراء عفيفة العفيفات لأفيض في وصفها وتقريظها. فهلموا يا أيها الشبان إلى العرس وتلذذوا بالأطعمة الروحانية التي أعدتها مريم المغبوطة لأولادها الندماء. ميمر في عماد المخلص: هبط الروح القدوس من العلاء ورفرف فوق المياه وقدسها. ففي عماد يوحنا لم يحل الروح القدوس إلا على يسوع فقط دون سائر المعتمدين. أما عماد المسيحيين فيحل الروح القدوس ويستقر في كل من يتلد من المياه. ميمر في عيد الشعانين: هذا موسم بهيج أجمعت الأفواه والألسنة طراً على الاحتفال به. فاحتشد الاعفاء والعفيفات في أبواقهم وكناراتهم. وتجمهر الفتيان والفتيات في قياثيرهم وعيدانهم. وامتزجت الأهازيج بالأهازيج حتى شقت الأجواء وبلغت أعالي السماء مترنمة بتسابيح رب الأمجاد. تبارك من لقن الصامتين ليتغنوا بأناشيده. ميمر في خميس الفصح: انهضي يا عروس يسوع المسيح واعدّي المأدبة ونظميها لجميع الأمم المقبلين إليك. فقد أصبحت مائدتك في غنى عن اللحم والسلوى وعن أرغفة الخبز والسمك. لأن جسد ابن الله الكريم ودمه يوزعان في عرسك على الندماء. ميمر في القربان الأقدس: إن يسوع قسم جسده بيديه وناوله رسله. فمن يجسر الآن أن يقول أنه ليس هو جسده. هو قال: هذا هو جسدي. إذن من لا يصدق قوله لا يعد مسيحياً. ميمر في الجمعة العظيمة: استيقظوا أيها الساهرون وأنشدوا التسبيح لشبل الليث السجين ولا ترقدوا. ميمر في قيامة المخلص: أللهم وفقني لأفيض في تسبيحك وأترنم بأناشيد أوشعنا في عيد قيامتك وأهلني للحظوة بعطفك في خدر الأفراح مع قديسيك الراتعين بحابح ملكوتك. ميمر في صعود المخلص إلى السماء: مرحباً بموسم بهيج أصبحت فيه أفواه العفيفات وألسنة الاعفاء تهتف بالكنارات والأبواق. وتتغنى بترانيم الأفراح والمسرات. حتى بلغت أصواتهم أعالي السماوات. ميمر في حلول الروح القدوس: مرحباً بكِ يا علية صهيون فقد حدث ضمنك أسرار غامضة. فيك اكتملت الأسرار التي أشار إليها الأنبياء بألغازهم. وفيك هبط الروح القدوس على الرسل الأبرار. ومنك خرجوا ليذيعوا البشارة الإنجيلية في الأربعة الأقطار مستعينين بالثالوث الأقدس. ميمر في الثالوث الأقدس: تبارك الثالوث القدوس الذي يعجز فمنا عن شكره. لأن مواهبه تفوق وصف الواصفين. ميمر في الروح القدس: لك أيها الآب المحتجب الغير مدرك. لك الشكر أيه الابن

الوحيد الغير المحدود. لك التبجيل أيها الروح القدوس الفائق الوصف. أيها الثالوث الذي لا يتجزّى ولا يفحص عنه. ميمر في الجسد الأقدس: أدّي الشكر يا أيتها الكنيسة ليسوع فاديك. لأنه بصليبه خلصك وأقال عثرتك. قد منحك جسده الأقدس ومزج لك في عرسه دمه الغافر بمثابة عربون دائم. اشكريه واحمديه لأنه جاء وخلصك. وأصعدك معه إلى السماء وأجلسك إلى يمين الأزلي. ميمر أخر في الجسد الأقدس: يجب أن نودّي لك الشكر أيها المسيح إلاهنا. لأنك منحتنا أسراراً مقدسة يشتهي الملائكة أن يحدقوا فيها. وفقنا بنعمتك لنشاهد بهاء هذه الذبيحة الرهيبة غير الدموية. وندنو منها بثقة ونشكرك ونسجد لك مع القوات السماوية. ونهتف قائلين: قدوس قدوس قدوس المجد لك. ميمر في الرسل الأبرار: أصبح الرسل الأثنا عشر أكرة للمسكونة كلها. ولم يطلقوا أسماءهم على أهل ناحية من نواحيها أو بلد من بلدانها. وعلى أثر وفاتهم نبت زوان الهراطقة. فأطلقوا أسماءهم على الحنطة أعني المؤمنين الأمناء. فلا بد من أن الزوان سيقتلع وقت الحصاد. تبارك من وافى يوم حصاده. ميمر في تجلي يسوع في طور تابور: صعد يسوع بكر الآب الأزلي طور تابور مع تلاميذه. وحضر إليه موسى وإيليا. تغير منظره وغدا يتلألأ كالشمس. رآه التلاميذ فشملهم الرعب والخوف. وللحال ظللتهم سحابة منيرة وسمعوا هاتفاً يقول: هذا هو ابني الحبيب. ميمر في انتقال العذراء إلى السماء: من هي هذه التي فرح الملائكة بوفاتها. فالملائكة هتفوا قائلين: مرحباً بأم الله مانح الحياة التي تتكفن الآن وتقبر. فبوفاتها فاضت الرحمة على المدفونين المؤمنين بوحيدها. سبحان من اصطفاها واتلد من مستودعها. ونقلها إليه لتبتهج مع جماهير الملائكة. ميمر في الصليب الكريم: دعاني الصليب صانع الكرامات لأتأمّل في عجائبه. فراعوني أسمائكم لأثلج صدوركم بأخباره الجديدة. فالصليب قيثار رخيم يسحر الألباب. حدقوا فيه أيها المؤمنون وتذوقوا حلاوته. خطبة في عيد ارتفاع الصليب الكريم: تعالوا يا أخوتي وأحبائي لنفرح اليوم ونبتهج بعيد ارتفاع الصليب الكريم الذي خلصنا من طغيان إبليس الرجيم. اليوم ارتفع الصليب الكريم وقهر الشياطين. تجددت الكنيسة واستنارت الخليقة. وتحطمت أبواب الجحيم وفرحت قوات النعيم. اليوم فتح باب الفردوس للص اليمين واعتق آدم البشر ومزق الصك المحتوم عليه. ميمر في العناية الإلهية: أيه الإله الكريم الرحيم. يا رب البرايا أسرع فانشل نفسي من أمواج الشدائد التي تلاطمها من كل ناحية. وليس لها من يحميها ويعتني بأمرها سواك وحدك يا ربي. فعالجها بنعمتك أيها الطبيب المفعم رحمة. ميمر الموتى المؤمنين: إذا كانت قد ظلت سبعين سنة في البئر ولم تخمد. واستمرت باقية فيها كذلك رائحة بخور الغفران. فكم بالأحرى تظل باقية نار جسد ابن الله مع الموتى المؤمنين وتنعش أجسادهم. ميمر في يوحنا المعمدان: تبارك من دعانا وانتدبنا لنحتفل بتذكارك يا ثمرة العقرة الشهية. فقد ارتكضت في مستودع إليشباع والدتك مبتهجاً بملاقاة يسوع ربك ومبشراً بظهوره. ميمر في تأييد الطبيعتين الإلهية والإنسانية بيسوع ابن الله المتجسد: حاشى لي إن قلت أو أقول: إن الله مات بطبيعته الإلهية. حاشى لي إن قلت أو أقول: إن الإنسان خلص البرايا بطبيعته البشرية. فالله سبحانه وتعالى لا يمكن البتة أن يموت بطبيعته الإلهية. ولكنه شاء فاتخذ الطبيعة البشرية ومات وخلص آدم وذريته. تبارك والده الذي أرسله إلينا. في رئاسة بطرس: طوبى لك يا شمعون رئيس التلاميذ. فإن ابن الله منحك الطوبى وأقامك قهرماناً على كنزه. وخولك مفاتيح الملكوت. وسلطك على كنوزه السماوية. وأدخلك بيت أبيه تعطفاً. فغدوت صديقاً ومقرباً ومثيلاً ليسوع المحب للبشر. ابتهال مار أفرام قبل الرقاد: هب لي يا ربي أن أقف أمامك ساهراً منتبهاً. وإذا رقدت فليكن رقادي دون خطيئة. وإذا ارتكبت أثماً في يقظتي أم في رقادي فأغفره لي يا ربي بنعمتك ورأفتك. استغاثة مار أفرام بيسوع الفادي: يا يسوع امنحنا أن نبتهج ونفرح في يوم قيامتك الذي أبهج العالم. يا يسوع أهلنا للمجد والجمال اللذين انتزعهما عنا إبليس في جنة عدن.[13]

ويضم الطقس البيزنطي صلاة لمار أفرام: أيها الرب سيد حياتي لا تبليني بروح البطالة والفضول. وحب الرئاسة والكلام البطال. بل أنعم علي أنا عبدك بروح العفة والاتضاع والصبر والمحبة. نعم أيها الرب الملك هب لي أن أرى زلاتي. ولا أدين أخي. فإنك مبارك إلى دهر الدهرين آمين.

_ أقوال آباء الكنيسة في مار أفرام: قيل الكثير في مدح مار أفرام من قبل آباء الكنيسة نذكر منهم: ما قاله حنانيشوع أسقف الحيرة: ” من يتهيأ له يا بحر العلوم أن يصف غزارة خزائنك، من يحسن يا معدن الكنوز أن يصف محاسن قولك، من لا تهمه نفسه ويكرم حظه من الصمت إذا ذكر في المحافل اسمك. كل معلم يصمت ومار أفرام ينطق، كل خاطب يتحير ويتحصر ومار أفرام يطرب ويهدر “.

ما قاله مار سهدونا ( مار طوريس ): ” إن الله عز وجل اصطفى القديس أفرام الملفان الكبير نبياً قلده أمر بيعته “.

ما قاله غريغوريوس النوسي: ” أفرام كرمة الله الكثير ثمرها، إن ضوء سيرته وعلمه قد أنار العالم، وصار معروفاً عند كل من تطلع الشمس عليه، ولن يجهله إلا من جهل باسيليوس الكبير الذي هو كوكب الكنيسة المنير “.

ما قاله يوحنا فم الذهب: ” أفرام كنارة الروح القدس، ومخزن الفضائل، معزي الحزانى، ومرشد الشبان، وهادي الضالين، كان على الهراطقة كسيف ذي حدين “.

ما قاله يعقوب السروجي: ” مار أفرام الكبير الينبوع الفياض الذي روت مياهه أرض الإيمان، والخمرة المعتقة التي أخذت صفاتها من دماء الجلجلة، النسر الذي انتصب بين الحمامات الوديعة. الذي ضارع موسى الكليم وأخته مريم بتلقينه العذارى والفتيات ولفيف المؤمنين، أنغاماً محكمة بث فيها تعاليم الكنيسة الحقة، وأحرز بواسطتها إكليل الظفر والانتصار على أعدائها، الشاعر المبدع الذي جاش قلبه كالبحر الخضم بالميامر التي لا تحصى، والمداريش التي لا تعد، إنه تاج الأمة الآرامية جمعاء “.

ما قاله القديس هيرونيموس: ” بلغ مار أفرام شهرة مستفيضة حتى أن بعض الكنائس تقرأ مصنفاته بعد الكتاب المقدس، وقد طالعت في اليونانية كتابه في الروح القدس، ووجدت فيه قمة الذكاء السامي “.

ما قاله المؤرخ اليوناني سوزمين: ” يخيل إلينا أن كل مدح يتقاصر عن إطراء مار أفرام مفخرة الكنيسة الكاثوليكية وعنوان مجدها “.

ما قاله المؤرخ الرهاوي المجهول: ” غمر مار أفرام الأرض بتعاليمه، وبذلك الزمان نظم قصائده في نصيبين “.

5_ البراءة الرسولية في إعلان مار أفرام ملفاناً للكنيسة الجامعة: أصدر البابا بندكتس الخامس عشر في الخامس من تشرين الأول 1920 براءة رسولية، موجهة إلى البطاركة ورؤساء الأساقفة والمطارنة والأساقفة ولفيف الإكليروس المنتمين إلى الكرسي الرسولي الروماني والمتحدين معه، يعلن فيها مار أفرام ملفاناً للكنيسة الجامعة. نورد مقتطفات منها:

ا _ خلاصة حياته:

1_ أفرام الفتى المتعظ: تفتخر نصيبين والرها مدينتا ما بين النهرين الشهيرتان بانتماء مار أفرام إليهما، وتثقف منذ نعومة أظفاره تثقيفاً مسيحياً، وتوشح بالثوب الرهباني، وتفرغ لأعمال التقوى ومطالعة الأسفار المقدسة.

2_ أفرام الناسك: ما أن توسم مار يعقوب في أفرام الناسك إمارات النجابة والتقوى، حتى نصبه معلماً لمدرسة نصيبين. فحقق التلميذ رغائب معلمه، وأحرز رضاه بما أبداه من حدة الذهن، وأصالة الرأي في التلقين والتثقيف، حتى أنه فاق الأساتذة جميعاً.

3_ أفرام أليف الكتب المنزلة: كان المؤمنون يتوافدون إلى أفرام ويصغون إلى تعاليمه وشروحه، وزار باسيليوس الكبير الذي رحب به بعاطفة وتكريم، وجرت بينهما محادثات عذبة لذيذة في الشؤون الإلهية، وقد قلده مار باسيليوس قلده أفرام رتبة شماس إنجيلي.

4_ أفرام مثيل اسطفانوس: ضارع أفرام في جهاده ورتبته اسطفانوس الشماس، معتبراً أنه غير أهل للرتبة الكهنوتية، وانصرف إلى تفنيد أراء زعماء الهرطقات المتفشية في عصره، وامتاز خصوصاً بتلقين العذارى والراهبات أناشيد مقدسة.

5_ أفرام أبو المساكين: حدث غلاء شديد في الرها، دفع أفرام أن يشمر عن ساعد الجد ليحض الأغنياء، ويحرض المحتكرين كي يغيثوا أخوتهم المساكين، فاتعضوا بإرشاده ولبوا طلبه حتى انتهت المجاعة.

6_ تآليف أفرام: كثيرة تآليف أفرام، انطوت كلها على زبدة تعاليم الكنيسة، ويتلألأ في كتاباته بأسرها بهاء نفسه الطاهرة وذكائه المفرط. وبالجملة نقول أنه أصبح سراجاً موقداً ومنيراً.

7_ أفرام كنارة الروح القدس: برع أفرام في فن الموسيقى والشعر المقدس، فاستوجب أن يلقب بـ كنارة الروح القدس، ويقول ثئودوريط أن الأسلوب الذي استعمله أفرام في الحفلات البيعية زادها رونقاً وبهاء. فهو من ابتكر فن الموسيقى البيعية، وعنه نقله آباء اليونان واللاتين معاً.

8_ مجد أفرام بعد وفاته: بناء على ما تقدم لسنا نستغرب إذا شاهدنا أولاد الكنيسة يقدرون قدر مار أفرام، ويتبارون في تبجيله وتكريمه.

ب _ مدرسة مار أفرام:

1_ الفائدة من تصانيف أفرام: شاء الله أن يتوج مار أفرام بمجد وسيم، ويعرضه على عصرنا هذا ملفاناً في الحكمة الربانية، وقدوة للفضائل المسيحية.

2_ أفرام قدوة الواعظين: ليت جميع الذين أنيط بهم تثقيف القريب، يتلقنون من القديس أفرام ما يلزمهم من الغيرة والتفاني والثبات في الوعظ والإرشاد.

3_ أفرام قدوة المعلمين: يجب على من يتفرغون لتدريس الكتب المنزلة أن يتلقنوا عن مار أفرام احترام تلك الأسفار الكريمة، وأن لا يتصرفوا في شرحها طبقاً لآرائهم وخلافاً لتقاليد الكنيسة.

4_ أفرام قدوة الرهبان: يحق للطبقة الرهبانية أن تتباهى بمار أفرام، لأنه فيها يتلألأ بهاؤه ومجده. أفرام قدوة محبي الوطن: عليكم جميعاً أن تتلقنوا من مار أفرام أن محبة الوطن الدنيوي يجب أن لا تتغلب على محبة الوطن السماوي، وليس الوطن الحقيقي إلا ملك الله العلي في نفوس الأبرار، فهو ملك إلهي بدؤه في الأرض واكتماله في السماء.

ج _ ما امتاز به مار أفرام من العبادات:

1_ تعبده لسر القربان الأقدس: يعلمنا مار أفرام أن نبحث عن ينابيع الحياة الباطنة ومصادرها في الأسرار البيعية وفي حفظ الوصايا الإلهية وفي الطقوس الكنسية. وهذه بعض خواطر مار أفرام بالذبيحة السرية: ” إن الكاهن يضع المسيح على المذبح، ليتحول طعاماً لنا “، ويخاطب الأب الأزلي قائلاً: ” أرسل روحك القدوس ليحل على المذبح، ويقدس الخبز الموضوع فوقه، فيصير جسد ابنك الوحيد “، ويردف قائلاً: ” إن هذا المعلق على الصليب هو ابنك، وهذه ثيابه مضرجة بدمائه، وهذا جنبه مثقوب بالحربة “. ويصف مار أفرام تأثير الأسرار بعد الموت قائلاً: ” إن الله عز وجل يقود نفس المتوفي، ويدخلها ملكوته السماوي، فتحظى برؤيته وتترصع كحجر كريم في إكليل السيد المسيح، وهكذا تستقر بالقرب من الله تعالى وقديسيه “.

2_ تكريمه للعذراء المجيدة: تغنى كنارة روح القدس بمدائح مريم العذراء غناءً حلواً عذباً لا نظير له، فوصف الحبل بها بلا دنس، وبتوليتها الدائمة، وأمومتها الإلهية، وحمايتها المفعمة حنواً وعطفاً على البشرية بأسرها. ولا يسع أي لسان مهما كان فصيحاً بليغاً أن يصف شغفه بالعذراء مريم والدة الله، فقد كتب عنها قائلاً: ” فيك يا ربي، وفي أمي اجتمعت الكمالات برمتها من كل وجوهها، فلا عيب فيك، ولا دنس البتة في أمك “.

3_ تكريمه لأحبار روما: وضع أفرام قصيدة ينشدها بفم يسوع موجهاً الخطاب إلى نائبه على الأرض قائلاً: ” جعلتك يا تلميذي بطرس ركناً للكنيسة المقدسة، سبقت فسميتك كيبا لتحمل كل الأبنية. إنك أنت هو المفتش المنتقد للمزمعين أن يبتنوا لي كنيسة في الأرض، غير الكنيسة التي شيدها عليك، فإذا ابتنوا بناء مشوهاً مشوشاً لزم أساسك أن يعارضهم ويردعهم. إنك أنت مصدر ينبوع تعليمي، وأنت رئيس تلاميذي، بك اسقي جميع الأمم، واسقيهم سلسبيل حياة الخلاص، إياك اصطفيت الأول في تلمذتي لتكون وارثاً لخزائني، إياك استودعت مقاليد مملكتي، فأصبحت منذ الآن فصاعداً مسلطاً على كنوزي باجمعها “.

د _ إعلان مار أفرام ملفاناً للكنيسة الجامعة: بناء على ما تقدم وبعد استمداد الروح القدس، رأينا أن نمنح بسلطاننا الرسولي القديس أفرام شماس الرها لقب ملفان الكنيسة الجامعة، مع كل ما يتبع هذا اللقب من تكريم وتشريف، وحددنا أن يحتفل بعيده في 18 حزيران جميع الكنائس بمجالي التكريم أسوة بسائر ملافنة الكنيسة الكاثوليكية.[14]

الخاتمة: أصبح مار أفرام بقداسته وعلمه ذا أثر عظيم في الكنيسة الكاثوليكية جمعاء، وفي المحيط الرهبانية وفي المدارس الزاهرة وفي الأسر المسيحية كافة. وقد ظل يعلم ويرشد ويفقه في مدرستي نصيبين وأورهاي العامرتين، حتى أصبح جمهور تلاميذه يستحلون اسمه، ويستندون إلى تآليفه، ويعولون على أقواله، ويرتشفون منها أصفى مناهل العلوم الدينية والتهذيبية. ونختم هذه العجالة بتقريظ مار غريغوريوس أسقف نيصص في فضائل مار أفرام: ” أفرام نهر فراتي يرتشف منه المؤمنون، فيثمرون ثماراً شهية ناضجة بدلاً من الواحد مائة ضعف. أفرام كرمة الله العلي الحافلة بعناقيد حلوة لذيذة، أفرام مزين الكنيسة بإيمانه وأعماله معاً. ويجدر بنا أن نشبه هذا الملفان الكبير بعين غزيرة صافية، تروي شاربها وتخصب ما تسقيه من الأراضي. أو حديقة جميلة الأزهار يانعة الثمار زكية الرائحة. أو سماء مدبجة بالكواكب، أو جنة عدن لا سبيل إلى الحية الخبيثة أن تطأها. هكذا لاحت لنا نفس هذا الملفان الكبيرة الشهمة “.[15]

________________________________________

1_ أدب اللغة الآرامية الأب ألبير أبونا ص 71_ 72.

2_ سيرة أشهر شهداء المشرق المطران أدي شير ج 2 ص 44.

3_ سيرة أشهر شهداء المشرق المطران أدي شير الجزء الثاني ص 56.

4_ لمعة تاريخية في فرائد الآداب السريانية المونسنيور بولس السمعاني الجزء الثاني ص 26.

5_ مهرجان أفرام وحنين الأساليب الأدبية لدى مار أفرام المطران أندراوس صنا ص 101.

6_ أدب اللغة الآرامية الأب ألبير أبونا ص 76_ 80.

7_ المروج النزهية في آداب اللغة الآرامية حققه الأب (المطران) يعقوب أوجين منا ج 1 من ص 37 وحتى ص 109.

8_ تسبحة صباح الآحاد والأعياد حسب طقس كنيسة المشرق، وقد جعل مار أفرام عدد أبياتها بعدد أحرف اسم يسوع المسيح حسب لغة كنيسة المشرق ، بحيث يبدأ كل بيت بحرف من هذا الاسم بالتسلسل.

9_ لمحة تاريخية عن أشهر مؤلفي الطقس الكلداني ومنظميه الخوري أفرام بدي ص 4_5.

وأيضاُ كتاب ” كتاب السابق واللاحق ” والذي يحتوي الصلوات الطقسية للأيام البسيطة.

وأيضاً كتاب ” الترجوم وطقس الخدمة والتراتيل ” حققه القس يوسف آل قليتا.

10_ طقس الإكليل ص71 _ 75.

11_ طقس الإكليل ص 89 _ 92.

12_ تاريخ كلدو وأثور المطران أدي شير الجزء الثاني ص 48.

13_ سيرة مار أفرام السرياني ملفان الكنيسة الجامعة الخور أسقف اسحق أرملة ص 189_ 243.

14_ مهرجان أفرام وحنين البراءة الرسولية في إعلان مار أفرام ملفاناً للكنيسة الجامعة ص 149_ 162.

15_ سيرة مار أفرام السرياني ملفان الكنيسة الجامعة الخور أسقف أسحق أرملة ص 82.