مريم التي حُبل بها بلا دنس: تأمل في قراءات السبت2  أغسطس 2014 الموافق التاسع من مسرى1730

مريم التي حُبل بها بلا دنس: تأمل في قراءات السبت2 أغسطس 2014 الموافق التاسع من مسرى1730

مريم التي حُبل بها بلا دنس

تأمل في قراءات السبت2  أغسطس 2014 الموافق التاسع من مسرى1730

الأب / بولس جرس

نص الإنجيل

وفيما هو يُكلِّمُهُمْ بهذا، ابتَدأَ الكتبةُ والفَرِّيسيّونَ يَحنَقونَ جِدًّا، ويُصادِرونَهُ علَى أُمورٍ كثيرَةٍ، 54وهُمْ يُراقِبونَهُ طالِبينَ أنْ يَصطادوا شَيئًا مِنْ فمِهِ لكَيْ يَشتَكوا علَيهِ.1وفي أثناءِ ذلكَ، إذ اجتَمَعَ رَبَواتُ الشَّعبِ، حتَّى كانَ بَعضُهُمْ يَدوسُ بَعضًا، ابتَدأَ يقولُ لتلاميذِهِ:”أوَّلاً تحَرَّزوا لأنفُسِكُمْ مِنْ خَميرِ الفَرِّيسيِّينَ الذي هو الرِّياءُ، 2فليس مَكتومٌ لن يُستَعلَنَ، ولا خَفيٌّ لن يُعرَفَ. 3لذلكَ كُلُّ ما قُلتُموهُ في الظُّلمَةِ يُسمَعُ في النّورِ، وما كلَّمتُمْ بهِ الأُذنَ في المَخادِعِ يُنادَى بهِ علَى السُّطوحِ. 4ولكن أقولُ لكُمْ يا أحِبّائي: لا تخافوا مِنَ الذينَ يَقتُلونَ الجَسَدَ، وبَعدَ ذلكَ ليس لهُمْ ما يَفعَلونَ أكثَرَ. 5بل أُريكُمْ مِمَّنْ تخافونَ: خافوا مِنَ الذي بَعدَما يَقتُلُ، لهُ سُلطانٌ أنْ يُلقيَ في جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أقولُ لكُمْ: مِنْ هذا خافوا! 6أليستْ خَمسَةُ عَصافيرَ تُباعُ بفَلسَينِ، وواحِدٌ مِنها ليس مَنسيًّا أمامَ اللهِ؟ 7بل شُعورُ رؤوسِكُمْ أيضًا جميعُها مُحصاةٌ. فلا تخافوا! أنتُمْ أفضَلُ مِنْ عَصافيرَ كثيرَةٍ! 8وأقولُ لكُمْ: كُلُّ مَنِ اعتَرَفَ بي قُدّامَ الناسِ، يَعتَرِفُ بهِ ابنُ الإنسانِ قُدّامَ مَلائكَةِ اللهِ. 9ومَنْ أنكَرَني قُدّامَ الناسِ، يُنكَرُ قُدّامَ مَلائكَةِ اللهِ. 10وكُلُّ مَنْ قالَ كلِمَةً علَى ابنِ الإنسانِ يُغفَرُ لهُ، وأمّا مَنْ جَدَّفَ علَى الرّوحِ القُدُسِ فلا يُغفَرُ لهُ. 11ومَتَى قَدَّموكُمْ إلَى المجامعِ والرّؤَساءِ والسَّلاطينِ فلا تهتَمّوا كيفَ أو بما تحتَجّونَ أو بما تقولونَ، 12لأنَّ الرّوحَ القُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ في تِلكَ السّاعَةِ ما يَجِبُ أنْ تقولوهُ”.

نص التأمل

مريم التي حُبل بها بلا دنس

من البشارة بميلاد مريم ننتقل اليوم إلى التأمل في مسألة في غاية الدقة والحساسية

أنها عقيدة كاثوليكية بالغة الفرادة لا توجد في أي مكان آخر ولا تعترف بها باقي الطوائف المسيحية

ظهرت هذه العقيدة رسميا وأعلنها قداسة البابا بيوس التاسع في 8 ديسمبر 1854

وقال في تحديده “إننا نعلن ونحدد أن التعليم القائل أن الطوباوية مريم العذراء

قد عصمت منذ اللحظة الأولى للحبل بها من كل دنس الخطيئة الأصلية،

وذلك بنعمة وإنعام فريدين من الله القدير،

ونظراً إلى إستحقاقات يسوع المسيح مخلص الجنس البشري،

هو تعليم موحى به من الله،

وواجب من ثم على جميع المؤمنين الإيمان به إيماناً ثابتاً لا يتزعزع “

نحن تؤمن إيماناً راسخا بان أمنا العذراء مريم هي مولودة بغير دنس الخطيئة الأصلية

وكي لا نتسرع في القبول او الرفض يجب أن نفهم ما هي الخطيئة الأصلية:

فهذه الخطيئة تنتقل بالوراثة إلى كل إنسان يولد من نسل آدم.

وفي هذا أكّد القدّيس اغسطينوس ضرورة الخلاص بالمسيح،

مرتكزًا على فساد الطبيعة البشريّة بعد خطيئة آدم وحوّاء في الفردوس.

وينتج أنّ الإنسان يولد خاطئًا، بحيث إنّه إن لم يعتمد لا يمكنه الحصول على الخلاص.

كما ينتج أيضاً من وراثة الخطيئة الأصليّة انحراف إرادة الإنسان واستعبادها للشهوة.

فكلّ إنسان يولد إذن خاطئًا ومستعبَدًا للشهوة.

أمّا بشأن مريم العذراء، فيرى القدّيس أوغسطينوس:

أنّ العذراء قد تحرّرت كلّيًّا، بنعمة خاصّة من الخطيئة الأصليّة،

ولا سيّما من الاستعباد للشهوة والخطيئة. وقد منحها الله هذه النعمة عندما ولدت.

ويستند في هذا إلى حقيقة ان هناك طريقتان يتحقّق بهما فداء البشر:

1-   الطريقة العامّة التي تشمل كلّ البشر،

2-   والطريقة الاستثنائية التي تميّزت بها مريم العذراء

فقد افتُديت استباقًا لاستحقاقات ابنها يسوع المسيح.

وهكذا نخلص إلى حقيقة أن الخطيئة الأصلية هي الوسم

الذي يولد به جميع ابناء آدم على صورة أبيهم بعد السقوط

فقد كانت الحياة في الفردوس شركة ولقاء مع الله أما بعد السقوط فصار خوف:

 ” سمعت صوتك فاختبأت لأني عريان”

وصارت القاعدة الكتابية ان اللقاء مع الله مستحيل: ” فمن يرى الله موتا يموت”

لدرجة جعلت الأنبياء والصديقين يرتعبون امام الملائكة او مجرد التجليات البسيطة …

وهكذا جعلت الخطيئة اللقاء مع الله مستحيلا ولم يعد للإنسان مجال للقاء الله

سوى عبر وسائط وشرائع ونواميس لا تغني ولا تسمن من جوع

وكان الحل الوحيد هو تجسد الله نفسه ونزوله من عرش السماء

ليخلص البشر من العبودية، عبودية الخطيئة والموت السائدة عليهم اجمعين

وكما استوجب حضوره في تابوت العهد أو هيكل سليمان إعدادا واستعداداً

هكذا اعد الله لتجسد ابنه في الجنس البشري

هيكلا خاصا سبق فقدسه وطهره وملأه نعمة

حتى يحل ويسكن ويتجسد فيه ابنه الوحيد متخذا منه خلايا جسده ا لبشري

وإذا كان الله في لعنته للحية يقول:” اجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها”

فالقديس اغسطينوس يفسر ذلك بقوله: ” إذا كان الشيطان هو رأس الخطيئة فمريم قد سحقته

لأن الخطيئة لم تجد في نفسها النقية مدخلا بما انها ولدت بريئة من كل دنس”

طهارتها باكورة طهرنا وقداستها طريق قداستنا،

وتسليمها الكامل نموذج حياتنا،

وتواضعها وطاعتها منهاج مسيحيتنا،

واسمها وصورتها رجاؤنا وفرح كنيستنا

بركتها تكون معنا أمين.