مع فرنسيس الأسيزي في عيد القيامة

مع فرنسيس الأسيزي في عيد القيامة

لم يسْتق فرنسيس حكمتة وروحانيته وعبادته من الكُتب أو من الفكر الإنساني المجرد، بل من شخص المسيح في حياته وفي تعاليمه المقدسة. ففي خبرته الروحية الشخصية مع المسيح، كان يعيش ويغذي صلاته وعبادته وحياته كلها.

فبالنسبة لتاريخ الخلاص، كان فرنسيس يربط في وحدة متكاملة بين الخلق والوحى والتجسد والفداء. لأنه كان يقول: إن الله يعطي ذاته كلياً للجميع في المسيح يسوع.

والمسيح ، عند فرنسيس، ليس فقط الإله الإنسان المضجعْ في المزود، بل أيضاً سيد القيامة والمجد، الذي عندما تسمع اسمه، يجب عليك أن تسجد له بمخافة واحترام. فكان فرنسيس يذرف الدموع: دموع الحزن والإشفاق . .  ودموع الفرح أمام طفل المغارة وأمام المسيح المصلوب وأمام القبر الفارغ! ان طقوس الكنيسة علمت فرنسيس أن يفتح الكتاب المقدس كى يعرف ويكتشف فيها من هو الإله الخالق والمتجسد والفادي الذي يحق له وحده التسبيح والتمجيد . . كما علّمته الطقوس أن يكتشف مجد الله في الكون الجميل. فكان يُردَد: ” إن الكون ملىء بمجدك يا الله …” (أش 6: 3)

ونشيد المخلوقات الذي ألفه قبل وفاته هو أجمل وأروع تعبير عن عظمة رب المجد الذي قام من الأموات! وفي فرص أسبوع الآلام الذي كتبه، جمع بين موت المسيح وقيامته ومجده. ففي صلاة الساعة التاسعة، ساعة موت المسيح، خصّص خمس فقرات من المزمور يُعبّر فيها عن كيْفية انتظار القيامة ومجىء المسيح الثاني. وفي صلاة الغروب يفجّر فرنسيس فرحته لانتصار المسيح في القيامة بواسطة آلام وموته على الصليب. وعلى مثال الطقوس الشرقية التي تطلق هتافات . . ” هللويا ” لرب المجد، يوم الجمعة العظيمة، وسط الترانيم الحزينة، كان حزن فرنسيس وتألمه من أجل آلام المسيح ممزوجاً بفرح المسيح النهائي والأبدي: ” ثقوا، فأني قد غلبت العالم!” لذلك كانت صلاة فرنسيس صلاة شمولية: ” صلاة المسيح الفصحى ”  بل كانتكل حياته ” صلاة فصحية “. وهنا نجد الأساس الروحي لتفاؤله وفرح دائماً.

فمن منطق سر التجسد وسر قيامة المسيح، كان يكتشف معنى صرختة الحارة: ” من أنتَ، يا رب، ومَنْ أنا؟” وهذه الخبرة الروحية، في قيامة المسيح التي استمدها فرنسيس من معايشته مع المسيح من خلال الكتاب المقدسَ ومن الطقوس ومن اعجابه بالكون، جعلته يحتفل بيوم وفاته، يوم رحيله من هذه الأرض. فالصلاة الوداعية التي نطق بها وهو على فراش الموت وهو ممدود على الأرض وحوله اخوته الرهبان، كانت تعبّر عن إيمانه الفياض وفرحه العميق بعبوره من صليب آلام هذه الحياة إلى مجد قيامته مع المسيح في السماء. ونختم فرنسيس قائلاً على لسان يوحنا الحبيب: ” والكلمة صار جسداً… وقد رأينا مجده!” (في 1: 14).

فيا عزيزي. كن فرحاً دائماً لأن المسيح قام! وهو يدعوك قائلاً: ” حيث أكون أنا، أريد أن تكون أنت أيضاً!”.

الأب / يوسف المصري