نيافة الانبا عمانؤيل مطران الاقصر يصرح : لا نمانع في توحيد “عيد القيامة”.

نيافة الانبا عمانؤيل مطران الاقصر يصرح : لا نمانع في توحيد “عيد القيامة”.

فى تصريح لبوابة نبوز : قال نيافة الأنبا عمانوئيل عياد، مطران الأقصر للأقباط الكاثوليك، إن الكنيسة الأرثوذكسية شقيقة لـ«الكاثوليكية»، ونعترف بأسرارهم السبعة، وبالتالى فلا حاجة لإعادة المعمودية فيما بيننا .

كما تحدث الانبا عمانوئيل:  فى حواره مع «البوابة» عن كواليس زيارة بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، إلى مصر، والتى حازت على اهتمام إعلامى دولى كبير، وجاءت عقب استهداف كنيستى طنطا والإسكندرية، خلال الاحتفال بأحد السعف.

وأكدت «عمانوئيل» أن مهمة تنظيم زيارة البابا كانت شاقة، إلا أن أجهزة الدولة كانت تعمل بكل جهودها لإنجاح الزيارة الهامة، والتى جاءت بعد عدة دعوات رسمية وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي، والبابا تواضروس الثاني، وشيخ الأزهر أحمد الطيب.

وتطرق مطران الأقصر للحديث عن مجلس كنائس مصر ودوره، وعن الحوار مع الكنيسة الأرثوذكسية، وما توصلوا إليه حول توحيد عيد القيامة، وعن الدور الاجتماعى والتنموى للكنيسة الكاثوليكية فى مصر.

وإلى نص الحوار..

– قبل الإعلان عن الزيارة بشكل رسمي، كانت هناك دعوات رسمية من فخامة  الرئيس السيسى، ومن قداسة البابا تواضروس، فى أول زيارة له خارج البلاد، وفضيلة الإمام أحمد الطيب، ، ومن غبطة البطريرك إبراهيم إسحق فى زيارته الرسولية إلى الفاتيكان، ونستطيع القول إن زيارة البابا فرنسيس كانت رد زيارة لكل الزيارات الرسمية من الدولة.

وعبرت الزيارة عن ثقل العلاقات بين الفاتيكان كدولة والكنيسة الكاثوليكية فى مصر ومصر بكل الغنى الدينى والطائفى، وبعد التوافق مع كل الجهات المسئولة، وجدول زيارات البابا تم تحديد الموعد.

التقيت البابا فرنسيس خلال الزيارة فما رده على عملك فى تنظيمه

– التقيت مع البابا خلال زيارة صاحب الغبطة البطريرك إبراهيم إسحق، والبابا تواضروس، ومثلت الكنائس الشرقية فى يوبيل سنة الرحمة، والبابا يعرفنى بشكل شخصي، وهو شىء مفرح.

فابتسامة البابا وتشجيعه عندما «يطبطب» على الكتف، كلها رسائل موجهة عن تقديره لكل المجهود الذى تم عمله.

خلال الزيارة تم توقيع الاتفاقية الخاصة بالمعمودية، فما تفاصيل صياغة هذه الاتفاقية؟

– دائما عندما يكون هناك بيان مشترك، فإن صياغته تمر بمراحل كثيرة بين الأطراف المعنية بالموضوع.

وهذه مراحل طبيعية يمر بها أى نص أو بيان مشترك، سواء كان دينيا أو سياسيا، فهو مقترح يتم التعديل عليه، ولا بد من وجود توافق لوجهات النظر، والذى نعرفه ونستطيع أن نعلق عليه هو النص النهائي.

ولكن ما الوضع حاليا بالنسبة لتطبيق الاتفاقية؟

– الكنيسة الكاثوليكية تعترف بالأسرار السبعة للكنيسة الأرثوذكسية، لأنها كنيسة ذات تقليد رسولى، وبالنسبة لنا لا يتم إعادة معمودية الأرثوذكس، فهى كنيسة شقيقة لنا.

ولكن فى توجهات معينة ولحظات فى التاريخ، اعتمدت فكرة إعادة المعمودية، ولكى نعرف الحقيقة علينا أن نرجع بالذاكرة إلى بداية الانفصال، ولم تكن هناك إعادة معمودية إلا فى الثلاثين عاما الأخيرة، التى جاءت فيها هذه الفكرة، ولاقت إقبالا ورفضا من البعض.

وعلى مدار التاريخ لم تجد إقبالا من الكل، وهناك بعض الجهات تفعلها اضطرارا، لأنها فرضت عليه، ولذلك فإن فكرة إعادة المعمودية أخذت حقبة صغيرة جدا من تاريخ كنسى طويل، وإذا قمنا بقراءة تاريخ الكنائس نجدها نقطة فى بحر كبير.

ولكن البعض يرى أنه لا بد من رفع الحرومات بين الكنائس قبل عمل أية اتفاقيات، فما رأيك؟

– لا بد أن نعرف أن الحرومات قد رفعت منذ اتفاق البابا بولس السادس والبابا شنودة الثالث، فى عام 1973، وتم الاتفاق على هوية شخص المسيح، وهو السبب الذى حدث بسببه الانفصال.

فتم الاتفاق على أنه ” إله كامل وإنسان كامل، ولاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين” ، وكل كنيسة عبرت بطريقتها، فالكنيسة الكاثوليكية استخدمت كلمة طبيعتين لشخص واحد، والأرثوذكسية استخدمت كلمة مشيئتين لشخص واحد.

فكل كنيسة أكدت هوية المسيح، وإذا كان هذان اللفظان «طبيعة ومشيئة» سوف يكونان سبب مشكلة، فلا داعى لهما، ولكن المهم المعنى اللاهوتي، فالحرومات رفعت من زمن، ولا يجب أن نضع العراقيل اليوم.

ولكن بماذا تفسر الضجة التى صاحبت توقيع البيان المشترك؟

– ماحدث بعد توقيع الاتفاقية أمر مؤلم، ولذلك نحتاج أن نتقارب لبعض ونتعرف على بعض، وتحليلى أنه يعطينا تنبيها بوجود مسافة كبيرة بيننا، ليس فقط على مستوى الإيمان والأسرار ولكن على مستوى المعرفة.

ولذلك أقول لمن لديه فكرة غير صحيحة عن الكنيسة الكاثوليكية، تعالوا اعرفوا طقس الكنيسة، وسوف تجدون أن الأفكار المتداولة لا توجد لها علاقة بما يحدث على أرض الواقع، وأعتقد أن الفترة القادمة لا بد أن يكون هناك مجهود مضاعف لنتعرف على بعض.

لكن ماذا عن الدور الذى يقوم به مجلس كنائس مصر؟

– مع احترامى للمجلس، ولكنه يظل على مستوى القيادات ورؤساء الكنائس، ونحن محتاجون لقاءات على مستوى الإيبارشيات والرعية والكهنة.

ولا بد من التركيز على القاعدة العامة، فالعلاقات بين رؤساء الكنائس قوية وعميقة، وعندما نرى البابا فرنسيس والبابا تواضروس، نشعر بأن خطوة الوحدة قريبة جدا، ولكن عندما نخرج عن هذه اللقاءات القيادية، ونبدأ فى العمل على مستوى الرعية نجد أشياء مؤلمة جدا.

وماذا عن توحيد عيد القيامة؟

– ما حدث أن البابا تواضروس قدم اقتراحا للبابا فرنسيس بتوحيد عيد القيامة، وبالنسبة للكاثوليك، فمنذ المجمع الفاتيكان الثانى فى عام 1962، تم إقرار أنه لا يوجد ما يمنع وجود موعد ثابت لعيد القيامة وإجراء الحوارات حول هذا الأمر.

وعندما قدم البابا تواضروس الاقتراح، كان الرد أن الكنيسة الكاثوليكية توافق، ولكن لا يمكن أن نتفق فقط مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وإلا سوف يزيد الانشقاق بين الكنائس، ولا بد فى البداية الاتفاق بين الكنائس الأرثوذكسية بعضها البعض.

فالكنائس الكاثوليكية حول العالم كلها وحدة واحدة، يرأسها بابا الفاتيكان، ولكن الأزمة أن العائلة الكنسية الأرثوذكسية لكل منها البطريرك الخاص بها، ولهم القيادة الاستقلالية، وهناك خلقدونية وغير خلقدونية، فلا بد أن توجد رؤية مشتركة بينهم فى هذا الأمر.

فإذا اتفقنا فقط مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فماذا عن الكنيسة البيزنطية فى روسيا، وإثيوبيا والسريان، وغيرها من الكنائس فى العائلة الأرثوذكسية.

تصريحات البابا فرنسيس عن رمزية الكتاب المقدس أثارت حفيظة كثيرين، فما رأيك؟

 – الكتاب المقدس كله موحى به من الله، من أول حرف لآخر حرف، فهو وحى إلهى كتب بأيدى بشر، ولا بد أن نميز مضمون الكتاب المقدس.

فمثلا، عندما أعطانا المسيح مثلا كالابن الضال، فهو مثل يقول لنا مدى عمق محبة الله لنا، ولكن مثلا معجزة إقامة «لعازر» ليس مثلا وإنما حدث حقيقي، وهناك أيضا نصوص تعليمية مثل التطويبات.

لا بد من التعامل مع النص بما هو مقصود منه، فمثلا فى قصة الخلق الهدف منها أن الإنسان وجد من الله وبعد ذلك ندخل فى تفاصيل، مثل شكل التفاحة والثعبان، وكلها تفاصيل، والأهم منها أن نأخذ المقصود من النص، فيوجد الإنسان والتجربة والمجرب، وهناك الحضور الالهى الذى يحمى الإنسان ويحويه ويرافقه فى حياته بالرغم من الخطية، فالله منذ خطية آدم الأولى وهو أعطانا وعده بأن نسل المرأة يسحق رأس الحية.

والكتاب المقدس يقرأ جمعًا، ويفهم جمعًا، ويفسر جمعًا، ولا يجب أن آخذ آية وأكتب عليها قصة كبيرة، وبعض الوعاظ يستخدمون الآيات بعيدًا عن المضمون، فالكتاب المقدس مثل جسد الإنسان لا يمكن فصل جزء عن باقى الجسد.

++ كيف ترى مستقبل الكنيسة الكاثوليكية فى مصر؟

– الكنيسة حاضرة بقوة ككيان كنسى وشعبى، ولها ثقلها على المستوى الواقعى واندماجها داخل المجتمع، والكنيسة الكاثوليكية رائدة فى التوجه التعليمي، ونسعد ونفخر أن هناك قياديين خريجين من أبناء المدارس الكاثوليكية، وأنها تساعد على تكوين هوية وتكوين الشخص.

وأتذكر أحد الأشخاص قال عن موقف حدث معه فى المدرسة الكاثوليكية، فالراهبة نهرت مدرس الدين، لأنه لا يعلم الأطفال الصلاة خلال حصة، فالمدارس الكاثوليكية تساعده أن يعيش انتماءه وإيمانه.

كما تعمل الكنيسة على التواصل ما بين المدرسة والأسرة، لأنها مؤمنة بأن الكل فى مسئولية واحدة، وهناك جهات أخرى تقتدى بالكنيسة الكاثوليكية، وحتى الكنائس الأخرى بدأت تقتدى بالعمل التربوى لدينا.

وهناك الجانب الإنسانى، مثل الاهتمام بالمعاقين والمساجين، فالكنيسة تعطى أولوية خاصة للاهتمام بهم وأسرهم، وفى الوعى الصحى، الكنيسة رائدة فى هذا الأمر، وتعمل كل مجهوداتها فى مشاريع التوعية الصحية.

وفى المجال التنموي، نساعد الشباب أنه يكون مبادرا ومخترعا وأنه يخطط مستقبله بنفسه ليجد فرص عمل.

ماذا عن تواجد الكنيسة فى الفاتيكان؟

– هناك حضور قوى للكنيسة القبطية الكاثوليكية، فهناك المونسنيور يؤانس لحظى، سكرتير البابا، وهو صورة مشرفة لنا كلنا، وله دور كهمزة وصل بين الفاتيكان ومصر، وهو ابن للكنائس الشرقية بكل التراث الروحى والطقس، ويقوم بدور مهم فى هذا المجال.

وأيضا المونسنيور توما حليم، الموجود حاليا  فى سوريا، وأشخاص آخرون يدرسون فى السلك الدبلوماسى فى الجامعة، بالإضافة إلى عدد من الرهبان والراهبات الذين يدرسون فى الفاتيكان.

وأيضا المطران أنطونيوس عزيز، وهو أحد المسئولين عن أهم الكنائس فى الفاتيكان، ولى الشرف أنى عملت فى الفاتيكان 13 عامًا فى مجمع الكنائس الشرقية.

بما أنك عملت داخل الدوائر الفاتيكانية، فما الفرق بين الكنيسة فى الفاتيكان ومصر؟

– عندما عملت بالفاتيكان، لم تكن هناك خدمة رعوية، فكنت فى مجمع الكنائس الشرقية، وكنت مسئولا عن بعض الملفات وخدمت منذ 13 عاما، وكانت خدمة إدارية علمية تنظيمية تواصلية.

أما فى الأقصر، فالواقع مختلف تماما، فأنا مسئول عن رعية وكهنة، وعملى فى الفاتيكان أعطانى غنى كبيرا جدا، فكل الوثائق تصب فى الفاتيكان، وكنت أرى العالم شباكا صغيرا.

ماذا عن دور الراهبات فى الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية؟

– وجود الراهبات مهم فى كل الأماكن، وفى الكنيسة نحن داخل أسرة، فالأم تقوم بدور والأب يقوم بدور، ووجودهن مهم داخل الفاتيكان والسفارات المختلفة، ويساعدن فى تهيئة الجو ليقومن بدورهن داخل الأسرة.

كيف ترى إصدار البابا لرسائله البابوية؟

– رسائل بابا الفاتيكان تحمل أهمية كبيرة من ناحية المضمون، فكل عام يوجد موضوع كنسى رعوى نعيشه، ولذلك يوجه البابا رسالة أو مكتوبًا بالحالة الروحية التى تعيشها الكنيسة.

كما توجد قضايا معاصرة وتساؤلات وأحداث تجد على الساحة الدولية وأوضاع سياسية متغيرة، وعلاقات مع الكنائس حول العالم والأديان المختلفة، وهو الأمر الذى يتطلب وجود الكنيسة الكاثوليكية كجزء من العالم.

ونجد فى إحدى رسائل البابا خطة للحفاظ على الكون والمناخ، من أجل الأجيال القادمة والمستقبل، وفيه تم وضع رأى الكنيسة الكاثوليكية، فالرسائل البابوية تعبر عن حياة الكنيسة فى المجتمع، والعصر نبض الكنيسة التى نعيش فيه.

وهناك رسائل بابوية صدرت منذ مئات السنوات، وما زالت موجودة، ونسترشد بها لزخمها والحلول التى قدمتها وتصلح للتطبيق فى هذه الأيام.