“نَستَطيعُ” : تأمل في قراءات الجمعة 18 يوليو 2014 الموافق 24 أبيب 1730

“نَستَطيعُ” : تأمل في قراءات الجمعة 18 يوليو 2014 الموافق 24 أبيب 1730

“نَستَطيعُ”

تأمل في قراءات الجمعة 18 يوليو 2014 الموافق 24 أبيب 1730

الأب / بولس جرس

نص الإنجيل

35وتقَدَّمَ إليهِ يعقوبُ ويوحَنا ابنا زَبدي قائلَينِ: “يامُعَلِّمُ، نُريدُ أنْ تفعَلَ لنا كُلَّ ما طَلَبنا”. 36فقالَ لهُما:”ماذا تُريدانِ أنْ أفعَلَ لكُما؟”. 37فقالا لهُ:”أعطِنا أنْ نَجلِسَ واحِدٌ عن يَمينِكَ والآخَرُ عن يَسارِكَ في مَجدِكَ”. 38فقالَ لهُما يَسوعُ:”لستُما تعلَمانِ ما تطلُبانِ. أتستَطيعانِ أنْ تشرَبا الكأسَ التي أشرَبُها أنا، وأنْ تصطَبِغا بالصِّبغَةِ التي أصطَبغُ بها أنا؟”. 39فقالا لهُ: “نَستَطيعُ”. فقالَ لهُما يَسوعُ:”أمّا الكأسُ التي أشرَبُها أنا فتشرَبانِها، وبالصِّبغَةِ التي أصطَبغُ بها أنا تصطَبِغانِ. 40وأمّا الجُلوسُ عن يَميني وعَنْ يَساري فليس لي أنْ أُعطيَهُ إلا للذينَ أُعِدَّ لهُمْ”.

41ولَمّا سمِعَ العشَرَةُ ابتَدأوا يَغتاظونَ مِنْ أجلِ يعقوبَ ويوحَنا. 42فدَعاهُمْ يَسوعُ وقالَ لهُمْ: “أنتُمْ تعلَمونَ أنَّ الذينَ يُحسَبونَ رؤَساءَ الأُمَمِ يَسودونَهُمْ، وأنَّ عُظَماءَهُمْ يتسَلَّطونَ علَيهِمْ. 43فلا يكونُ هكذا فيكُم. بل مَنْ أرادَ أنْ يَصيرَ فيكُم عظيمًا، يكونُ لكُمْ خادِمًا، 44ومَنْ أرادَ أنْ يَصيرَ فيكُم أوَّلاً، يكونُ للجميعِ عَبدًا. لأنَّ ابنَ الإنسانِ أيضًا لم يأتِ ليُخدَمَ بل ليَخدِمَ وليَبذِلَ نَفسَهُ فِديَةً عن كثيرينَ” (مرقس 10 :35-45)

نص التأمل

امام طلبة ابني زبدى الواضحة الطموح في السيطرة والتعاظم

يطرح المعلم سؤالا خطيرا يكشف عن أسلوب الوصول غلى ذلك المجد وتلك العظمة:

أتستَطيعانِ أنْ تشرَبا الكأسَ التي أشرَبُها أنا، وأنْ تصطَبِغا بالصِّبغَةِ التي أصطَبغُ بها أنا؟”

مما يعني وعيه الكامل، الذي لا يبدو بهذا الوضوح لدى التلاميذ، بما هو مقدم عليه من ألم

فمجد يسوع كما راينا في تأمل سابق يختلف عن مجد العالم وكذا طريق الوصول غليه

فمجد العالم يتحصل عليه بالقوة والمال والدهاء

أما مجد يسوع فبالتسليم والتجرد والرضى

ومجد العالم يصارع عليه الأشداء ويتنافسون لفرض إرادتهم بكل سلاح

اما مجد يسوع ففي الطاعة وتسليم الإرادة لله بدون نقاش

مجد العالم يهدف غلى السيطرة وفرض الإرادة بالقوة

اما مجد يسوع فيهدف إلى الخلاص والدعوة إلى ملوت الله بالمحبة

مجد العالم يرتكز على قوة الشكيمة أما مجد يسوع فعلى قوة الحب والخدمة

لذلك كانت إجابة التلميذين البليدين دون أن يدريا ما ينتظرهما

نستطيع…

كيف تستطيع ان تستطيع وانت لا تعرف ما تستطيع ان تستطيعه؟!!

كان هذا موقف التلميذين البريئين الساذجين

وهو مازال إلى اليوم موقف الكثيرين منا في  العالم وفي الكنيسة

حيث يظن البعض المناصب مجدا والمواقع غنائم

فيهرعون نحوها ظانين في انفسهم القدرة على مواجهة متطلباتها اليومية

وما تستلزمه من تضحيات وآلام…

وفجأة نراهم يخرون ويفشلون ويصرخون مستغيثين ” لم نعد نستطيع”

أو باللغة الدارجة ” مش قادرين”…على التحمل أو الإستمرار…

كم من دعوة دخل إلى الدير بكثير من الطموح واسرع بالفرار مع المشكلة الأولى

وكم من كهنة ورهبان كانت بدايتهم مبشرة واعدة ولكن سراعان ما انهاروا وفروا

وكم من زيجات بدت متناسقة متآلفة أنيقة وانتهت بتفكك أسري اليم

وكم من مشاريع ومشروعات بدأت بحماس سرعان ما تبدد في الهواء

وكم من وعود أطلقت في فورة عاطفية سرعان ما لُحست وتلاشت من الوجود

هكذا يجب أن نتعلم اليوم الدرس من الأعمى: ” أ}من يا رب فأعن ضعف إيماني”

وبهذا نستطيع أن نقوم بكل شيء في المسيح الذي قوته في ضعفنا تكمل

كان خطأ التلميذين ليس فقط المطوح إلى مجد لا يستطيعونه

بل الإيقان بقدرة لا يمتلكونها