هل المسيحيون مشركون؟

الفاتيكان,  (زينيتالدكتور روبير شعيب 

ما يظنه البعض بشأن عقيدة الثالوث الأقدس المسيحية هو أشهر من نار على علم. الكثيرون يعتبرون المسيحيين مشركين، إذ بنظرهم يؤمن المسيحيون بثلاثة آلهة. ولكن، هل هذا حقًا ما يؤمن به المسيحيون؟ هل رجع أتباع يسوع، بعد أن دحضوا كل آلهة الباطل الوثنية، إلى صُلب الوثنية؟

من يقرأ هذه الأسئلة ويلم ولو قليلًا بالمسائل اللاهوتية يدرك أن الجواب على هذا السؤال يستطيع أن يتطرق إلى مسائل عديدة جدًا. ولكن بما أننا في فقرة “سؤال وجواب عالطاير” سنلتزم الاقتضاب.

فلننطلق من قانون إيمان المسيحيين. كيف يبدأ؟

” نؤمن بإله واحد“. الدين المسيحي هو دين توحيدي بكل ما في الكلمة من معنى. وقد أراد المسيحيون الشرقيون أن يشددوا على وحدانية إيمانهم بالله حتى في رسمهم علامة الصليب، إذ يقولون: “باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد. آمين”. هذه الإضافة لا توجد في علامة الصليب في الطقوس الغربية، والسبب وراء ذلك ربما يعود إلى رغبة المسيحيين الشرقيين التشديد على أن إيمانهم الثالوثي ليس إشراكًا وليس تعددًا للآلهة وليس “انزلاقًا” نحو الوثنية.

هذا وإن إيمان المسيحيين بوحدانية الله لا يرتكز على إحادية الرقم “واحد”. فبالنسبة للمسيحيين وحدة الله ليست وحدة تنبع من لائحة الأرقام، بل هي وحدة تنبع من دينامية المحبة. الله واحد لأن الله محبة.

إذًا وحدة الله ليست وحشة، بل هي اتحاد حب من خصائصه أن يشكل وحدة أكبر بكثير من وحدة “الرقم”. هي وحدة العطاء الكامل حيث كل من أقانيم الثالوث الأقدس يهب ذاته كليًا ويتحد كليًا بالأقانيم الأخرى فلا يشكل معها إلا كيانًا واحدًا طوباويًا، يعيش شركة المحبة، لا عزلة جدول الأعداد والجبر.

بالنسبة للمسيحيين “الله أكبر” من كل شيء، حتى من الرقم “واحد”. في سر الثالوث الذي يكشفه لنا المسيح، والذي ليس مجرد خلاصة مما يُعرف بـ “اللاهوت الطبيعي”، نرى كيف أن الله حقًا أكبر من كل شيء وأسمى من كل شيء، حتى من مقدرة الإنسان على فهمه وحصره.

لا عجب إذُا أننا لا نستطيع أن نشرح بشكل تام كيف أن الله ثالوث أحد في الوقت عينه. فلو كان بمقدورنا شرحه، لكان الله لا أكبر، بل أصغر من فكرنا وتحليلنا. حاشا لنا أن نقول ذلك…

الله أكبر، حقًا أكبر، له المجد إلى الأبد. ونحن نردد إيماننا بعظمة الله وحدانيته في كل “تمجيد” قائلين: “المجد للآب والابن والروح القدس، الإله الواحد. آمين”.

One thought on “هل المسيحيون مشركون؟

Comments are closed.