ومَتَى جاءَ المُعَزِّي:  تأمل في قراءات الأحد السابع  من الخماسين المقدسة

ومَتَى جاءَ المُعَزِّي: تأمل في قراءات الأحد السابع من الخماسين المقدسة

ومَتَى جاءَ المُعَزِّي

تأمل في قراءات الأحد السابع  من الخماسين المقدسة

8 يونيو الموافق 14 من بؤونة 1730 عيد العنصرة

(اول فصل الصيف واطول نهار 14 ساعة و5 دقائق)

نص الإنجيل

ومَتَى جاءَ المُعَزِّي الذي سأُرسِلُهُ أنا إلَيكُمْ مِنَ الآبِ، روحُ الحَقِّ، الذي مِنْ عِندِ الآبِ يَنبَثِقُ، فهو يَشهَدُ لي. وتشهَدونَ أنتُمْ أيضًا لأنَّكُمْ مَعي مِنَ الِابتِداءِ.قد كلَّمتُكُمْ بهذا لكَيْ لا تعثُروا. سيُخرِجونَكُمْ مِنَ المجامعِ، بل تأتي ساعَةٌ فيها يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقتُلُكُمْ أنَّهُ يُقَدِّمُ خِدمَةً للهِ. 3وسَيَفعَلونَ هذا بكُمْ لأنَّهُمْ لم يَعرِفوا الآبَ ولا عَرَفوني. لكني قد كلَّمتُكُمْ بهذا حتَّى إذا جاءَتِ السّاعَةُ تذكُرونَ أنِّي أنا قُلتُهُ لكُمْ. ولم أقُلْ لكُمْ مِنَ البِدايَةِ لأنِّي كُنتُ معكُمْ.”وأمّا الآنَ فأنا ماضٍ إلَى الذي أرسَلَني، وليس أحَدٌ مِنكُمْ يَسألُني: أين تمضي؟ لكن لأنِّي قُلتُ لكُمْ هذا قد مَلأَ الحُزنُ قُلوبَكُمْ. 7لكني أقولُ لكُمُ الحَقَّ: إنَّهُ خَيرٌ لكُمْ أنْ أنطَلِقَ، لأنَّهُ إنْ لم أنطَلِقْ لا يأتيكُمُ المُعَزِّي، ولكن إنْ ذَهَبتُ أُرسِلُهُ إلَيكُمْ. 8ومَتَى جاءَ ذاكَ يُبَكِّتُ العالَمَ علَى خَطيَّةٍ وعلَى برٍّ وعلَى دَينونَةٍ: أمّا علَى خَطيَّةٍ فلأنَّهُمْ لا يؤمِنونَ بي، وأمّا علَى برٍّ فلأنِّي ذاهِبٌ إلَى أبي ولا ترَوْنَني أيضًا، وأمّا علَى دَينونَةٍ فلأنَّ رَئيسَ هذا العالَمِ قد دينَ.”إنَّ لي أُمورًا كثيرَةً أيضًا لأقولَ لكُمْ، ولكن لا تستَطيعونَ أنْ تحتَمِلوا الآنَ. 13وأمّا مَتَى جاءَ ذاكَ، روحُ الحَقِّ، فهو يُرشِدُكُمْ إلَى جميعِ الحَقِّ، لأنَّهُ لا يتكلَّمُ مِنْ نَفسِهِ، بل كُلُّ ما يَسمَعُ يتكلَّمُ بهِ، ويُخبِرُكُمْ بأُمورٍ آتيَةٍ. ذاكَ يُمَجِّدُني، لأنَّهُ يأخُذُ مِمّا لي ويُخبِرُكُمْ. كُلُّ ما للآبِ هو لي. لهذا قُلتُ: إنَّهُ يأخُذُ مِمّا لي ويُخبِرُكُمْ. (يوحنا 15: 26- 16: 1-15)

نص التأمل

الروح القدس في الكنيسة هو تماما بمثابة الروح في الجسد الإنساني

فجسد بلا روح هو مجرد جثمان بلا حياة يتمثل إكرامه في دفنه

وكنيسة بدون الروح القدس هي مجرد صورة باردة وهيكل فارغ

الروح القدس هو حياة الكنيسة وكما خلق الله الإنسان من تراب ونفخ في انفه نسمة الحياة

هكذا خُلقت الكنيسة من البشر ينفخ فيهم الروح فيحولها إلى كائن سماوي نوراني سرمدي

هكذا كان عمل الروح منذ البدء: “في البدء كأنت الأرض خربة خاوية وروح الله يرفّ…”

وسرعان ما تحول هذا الخراب الخاوي إلى خلائق تتألق بالحياة ” وراي الله ذلك حسنا جداًً”

وهو نفس الروح الذي حل على الأنبياء فتكلموا بكلام الرب

واختطفهم ونقلهم من مكان لمكان وأراهم ما لا تستطيع عيون البشر ان ترى

هو نفسه الروح القدس الذي حل على مريم في عملية التجسد

هو الذي ملأ احشاءها وحقق تجسّد “الإبن الكلمة” في الزمان والمكان

وبهذا التجسد تغيرت طبيعتنا حيث صار الله معنا ” عمانوئيل” وصرنا له ” بنين احباء”

هو نفس الروح الذي حل اليوم على تلاميذ يتامى خائفين مضطربين حبيسي العلية

فاطلقهم يمجدون ويسبحون وينشدون ويعلنون للعالم بكل اللغات

أن يسوع الناصري الذي قتلتموه اقامه الرب سيدا وديانا ونحن شهود لذلك

وهو من قاد البشارة بالإنجيل من اورشليم الى الجليل الى السامرة  ثم الى المسكونة كلها

وهو نفسه الذي أطلق شهادتهم من أورشليم إلى السامرة

فأرسل بطرس ويوحنا ليضعا الأيدي على السامريين فينالوا هم أيضا الروح وينذوقوا عمله في حياتهم

وهو الذي أطلق المؤمنين المضطهدين إلى أنطاكية حيث نشروا الإيمان وسُموا لأول مرة  “مسيحيين”

وهو ذاته من حسم الجدل الرهيب الذي كاد يقتل الكنيسة في مهدها حول قبول غير اليهود

فأرسل الرسل المجتمعين في أورشليم رسالة إلى الكنائس التي بدات تتأسس وتنمو  في العالم:

 “رأى الروح القدس ونحن” وفتحت الكنيسة ابوابها للشعوب والأمم من كل الأجناس والأعراق

وهو الذي خطف فيلبس ووضعه في مسار الخصي الحبشي ليفسر له كلام إشعيا ويعمده

وهو الذي أعطى ثماره لكل من قبله فصار البعض رسلا والبعض معلمين والبعض رعاة وخدام

وصارت في الكنيسة مواهب: النبؤة والوعظ والشفاء واللغات

لدرجة جعات سيمون الساحر يفكر ان يقتني

هذه الموهبة الفائقة بالمال فتوجه ليشتري من الرسل ” الروح القدس”

فنال لعنة إذ لا يُشترى بمال روح الله القدوس…

ومازال الروح يعمل إلى اليوم في الكنيسة لم يتوقف لحظة ولا يعرف السكون

هو يعمل في الأسرار المقدسة:

          فخبز وخمر بدون عمل الروح القدس لا يصيرا جسد ودم

          وماء المعمودية بدون الروح القدس يظل مجرد حموم علني

وزيت الميرون بدون عمل الروح القدس يظل نوعا من الطيب

والكهنوت بدون الروح القدس يصير إحتفال برتبة زمنية

ولا غفران للخطايا بدونه:” إقبلوا الروح القدس من غفرتم…”

وسر الزواج لن يتعدى مجرد عقد وإتفاق دون تدخله

وما مسحة المرضى سوى نوع من العزاء من دون تدخله الشافي

هكذا السرار جميعا تصير بلا فاعلية دونه

وهكذا الكنيسة الحية تصير ميتة بدونه

فكل مواهب الوعظ والتعليم وكل انواع الخدمة والنشاط

وكل مواهب الترنيم والتصوير والنحت والموسيقى

وكل مواهب الإرسال والرهبانيات واعمال الرحممة منه

ايها الروح القدس روح الله ما أعظمك وما اعظم دورك في حياة الكنيسة وحياتنا

وما افدح غهمالنا وجهلنا وتناسينا لهذا الدور

هلم نصلي ونتضرع إليه :” تعال يا روح الله وحل فينا واسكن قلوبنا”