وُلِدَ إنسانٌ في العالَمِ:  تأمل في قراءات الخميس 10  يوليو 2014 الموافق 16 أبيب 1730

وُلِدَ إنسانٌ في العالَمِ: تأمل في قراءات الخميس 10 يوليو 2014 الموافق 16 أبيب 1730

وُلِدَ إنسانٌ في العالَمِ

تأمل في قراءات الخميس 10  يوليو 2014 الموافق 16 أبيب 1730

الأب/ بولس جرس

نص الإنجيل

“الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّكُمْ ستَبكونَ وتنوحونَ والعالَمُ يَفرَحُ. أنتُمْ ستَحزَنونَ، ولكن حُزنَكُمْ يتحَوَّلُ إلَى فرَحٍ. المَرأةُ وهي تلِدُ تحزَنُ لأنَّ ساعَتَها قد جاءَتْ، ولكن مَتَى ولَدَتِ الطِّفلَ لا تعودُ تذكُرُ الشِّدَّةَ لسَبَبِ الفَرَحِ، لأنَّهُ قد وُلِدَ إنسانٌ في العالَمِ. فأنتُمْ كذلكَ، عِندَكُمُ الآنَ حُزنٌ. ولكني سأراكُمْ أيضًا فتفرَحُ قُلوبُكُمْ، ولا يَنزِعُ أحَدٌ فرَحَكُمْ مِنكُمْ  وفي ذلكَ اليومِ لا تسألونَني شَيئًا. الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ كُلَّ ما طَلَبتُمْ مِنَ الآبِ باسمي يُعطيكُمْ. إلَى الآنَ لم تطلُبوا شَيئًا باسمي. اُطلُبوا تأخُذوا، ليكونَ فرَحُكُمْ كامِلاً.”قد كلَّمتُكُمْ بهذا بأمثالٍ، ولكن تأتي ساعَةٌ حينَ لا أُكلِّمُكُمْ أيضًا بأمثالٍ، بل أُخبِرُكُمْ عن الآبِ عَلانيَةً. في ذلكَ اليومِ تطلُبونَ باسمي. ولستُ أقولُ لكُمْ إنِّي أنا أسألُ الآبَ مِنْ أجلِكُمْ، لأنَّ الآبَ نَفسَهُ يُحِبُّكُمْ، لأنَّكُمْ قد أحبَبتُموني، وآمَنتُمْ أنِّي مِنْ عِندِ اللهِ خرجتُ. خرجتُ مِنْ عِندِ الآبِ، وقد أتيتُ إلَى العالَمِ، وأيضًا أترُكُ العالَمَ وأذهَبُ إلَى الآبِ”. قالَ لهُ تلاميذُهُ:”هوذا الآنَ تتكلَّمُ عَلانيَةً ولستَ تقولُ مَثَلاً واحِدًا. الآنَ نَعلَمُ أنَّكَ عالِمٌ بكُلِّ شَيءٍ، ولستَ تحتاجُ أنْ يَسألكَ أحَدٌ. لهذا نؤمِنُ أنَّكَ مِنَ اللهِ خرجتَ”. أجابَهُمْ يَسوعُ:”ألآنَ تؤمِنونَ؟  هوذا تأتي ساعَةٌ، وقد أتتِ الآنَ، تتفَرَّقونَ فيها كُلُّ واحِدٍ إلَى خاصَّتِهِ، وتترُكونَني وحدي. وأنا لستُ وحدي لأنَّ الآبَ مَعي. قد كلَّمتُكُمْ بهذا ليكونَ لكُمْ فيَّ سلامٌ. في العالَمِ سيكونُ لكُمْ ضيقٌ، ولكن ثِقوا: أنا قد غَلَبتُ العالَمَ”.(يوحنا 16 : 20 – 33)

نص التأمل

وَلِدَت إنساناً في العالَمِ

تأخذني آفاق التامل في نص اليوم الذي استعرضناه عشرات المرات

إلى النظر إلى الإنسان حين يلد، أتامل غريزة كل أنثى في ان تصير اما

وزهو كل رجل يصبح أبّا

فالفتاة تولد اماً حتى وهي تلعب في طفولتها بالعرائس او تهتم بإخوتها الصغار وترعاهم

وحين تكبر تحلم بالزواج والفرح والامومة وترتاد الأطباء حال تأخر الحمل

وتظل مستعدة لبذل كل شيء والتضحية بكل نفيس لتصير اماً

وعندما يتم الحمل تظل قلقة مترقبة متلهفة لتعرف نوعية الجنين

وحين تعرفها- بالأجهزة الحديثة- تدخل مع جنينها في حوار جميل ملهم

وتبدا تحلم كيف سيكون وماذا تعد له وتعد به من خيرات وخدمات

وهي تريد ان توفر له كل ما لم يتوفر لها وأن تعطي كل ما ينفع ويبني

نراها سعيدة حين يتحرك وإن ثقلت حركتها هي

مزهوة ان تشعر به ينمو وإن امتص من صميم كيانها

فخورة بنبض قلبه وانتظام تغذيته وإن كان من دمها

وهي قلقة تترقب بخوف وشوق لحظة الولادة

تريد ان تقدم للحياة  حياة جديدة :شخصا، إبنا، ومستقبلا واعداً….

لم أر اما حزينة حين تلد وإن كانت مضربة خائفة

لم أر أبا كئيبا حين يرزق بطفل بل سعيد حتى لو كان فقيرا

لم أر اسرة تكره ميلاد طفل  مهما بلغ مستواها من الفقر أو الغنى

وحتى المغتصبات من الأمهات تنبض قلوبهن رفقا وحبا وحنانا نحو الجنين

فإذا كان هذا هو حال الإنسان البائس الخاطيء الفقير المرتبك المتلعثم

فكيف يكون حال الله الغني العظيم القدوس الذي يصور الجنين وهو بعد

في بطن امه ويعرف جنسه وفصيلته ومستقبله وقد نقشه على كفه ودعاه باسمه

إليس الآب السماوي أكثر الفرحين بميلاد بنين له يحملون اسمه؟

اليس بالأحرى هو يعرف كيف يرعى ويعتني ويعول؟

ألسنا في نظره أغلى واحب واجمل الكائنات؟

ألا يستطيع أن يهبنا كل ما نحن في حاجة إليه لخيرنا؟

لماذا نضطرب إذن ونجزع ونخاف؟

ألسنا حقا قليلي الإيمان؟