ياسيِّدُ، اترُكها هذِهِ السَّنَةَ أيضًا : تأمل الاربعاء 26 مارس

ياسيِّدُ، اترُكها هذِهِ السَّنَةَ أيضًا : تأمل الاربعاء 26 مارس

ياسيِّدُ، اترُكها هذِهِ السَّنَةَ أيضًا

الأب/ بولس جرس

تامل في قراءات الأربعاء 26 مارس 2014 الموافق30 شهر برمهات

نص الإنجيل

وقالَ هذا المَثَلَ:”كانَتْ لواحِدٍ شَجَرَةُ تينٍ مَغروسَةٌ في كرمِهِ، فأتَى يَطلُبُ فيها ثَمَرًا ولم يَجِدْ. فقالَ للكَرّامِ: هوذا ثَلاثُ سِنينَ آتي أطلُبُ ثَمَرًا في هذِهِ التِّينَةِ ولم أجِدْ. اِقطَعها! لماذا تُبَطِّلُ الأرضَ أيضًا؟ فأجابَ وقالَ لهُ: ياسيِّدُ، اترُكها هذِهِ السَّنَةَ أيضًا، حتَّى أنقُبَ حَوْلها وأضَعَ زِبلاً فإنْ صَنَعَتْ ثَمَرًا، وإلا ففيما بَعدُ تقطَعُها”.( لوقا 13: 6-9).

نص التأمل

هذا المثل البالغ الدلالة العميق المعني

لا يتوقف عند عقوبة التينة والتهديد بقطعها او لعنها لتيبس في الحال

بل يوضح  بالأحرى أهمية هذه النبتة في حياة صاحبها فهي لا تقل عن الكرم

الذي كثيرا ما يعتز به ويتفاخر صاحبه العظيم وينتظر منه الثمار

فكذا التينة يغرسها بجانب الكرمة وينتظر ان يستمتع بهما ومعهما

فهما الغرسان المفضلان لديه وقد ذكرت الكرمة   27  في الكتاب المقدس

أما الكرم فورد 19 مرة كما ورد العنب سبع مرات والخمر 79 مرة وهما من ثمار الكرمة

اما التينة فذكرت   في الكتاب المقدس15 مرة والتين  31 مرة

وهكذا ندرك يقينا كم يعشق السيد كرمه وكيف يحب التين

وكم يؤرقه ويكدر صفوه و يحزنة أي خلل او إنحراف في ما أعدا له من مسيرة

تكلل دوما بالثمار وتتوج دائما بالنجاح والفلاح…

هو مهتم وينصب تركيزه  ومتابعته اليومية عليهما

واليوم نراه يقف غاضبا امام التينة يذكر كم احبها وكم بل من اجلها

وكم صبر عليها لثلاث سنين سنة بعد الأخرى

وكم رعاها واوصى الكرام بالعناية بها لدرجة ان الكرام الماهر حفظ الدرس من سيده

وها هو يتشفع في التينة: ياسيِّدُ، اترُكها هذِهِ السَّنَةَ أيضًا”

ويقدم تعهدا شخصيا ملزما له وللتينة

فهو من جهته كفلاح ماهر سوف: “حتَّى أنقُبَ حَوْلها وأضَعَ زِبلاً”

وهي من جهتها يجب ان تستنهض عزيمتها وتسترد طبيعتها السخية المعطاءة السلسة اللذيذة

فهي اصلا شجرة طيبة لينة غير شائكة مورفة الأوراق بطريقة رائعة الإخضرار والإذدهار

وإن فقدت في الخريف جميع اوراقها فهي في الربيع تعود فتورق لتثمر في الصيف ثمار التين الشهي

وثمرها ليس بعيد المنال فهي متواضعة متوسطة الإرتفاع يستطيع كل عابر أن يتناول منها

لذ يحوطها صاحبها بسور ويسيج حولها سيدهابسياج  ليحميها لئلا يدوسها كل عابر سبيل

هكذا هي غالية عنده عزيزة في عينيه حبيبة إلى قلبه وهذا هو الإنسان

لكنه حتما ولابد ان يتجاوب مع قدر محبة الله له ورعايته وعنايته وعشقه

لانها رهيبة اللحظة التي سوف يطلب الثمر فلا يجده

وقاسية ومطلقة أحكامه حين تصدر

هكذا يقف المسيح امام الإنسان الذي احبه ورعاه وبدمه فداه

واعتنى به وسلمه إلى ايد الكنيسة الخبيرة لترعاه

وصبر عليه طويلا طويلا ولمدة أكثر مما يتوقع البعض

فلم يستجب ولم يغيير طريقه ولم يرتدع ولم يقدم ثمرة ويقول :

 ” اِقطَعها! لماذا تُبَطِّلُ الأرضَ أيضًا “

هكذا تصرخ الكنيسة ضارعة غلى معلمها الإلهي

ياسيِّدُ، اترُكها هذِهِ السَّنَةَ أيضًا”

“فإنْ صَنَعَتْ ثَمَرًا، وإلا ففيما بَعدُ تقطَعُها…

 هوذا الآن وقت الصوم المقبول هوذا اليوم يوم الخلاص