يا سيدي لست مستحقا: تامل الإثنين 10 مارس

يا سيدي لست مستحقا: تامل الإثنين 10 مارس

“ياسيِّدُ، لستُ مُستَحِقًّا”

 أنْ تدخُلَ تحتَ سقفي لكن قُلْ كلِمَةً فقط فيَبرأَ غُلامي

تأمل في قراءات الأثنين  الموافق العاشر من مارس 2014 والرابع عشر  شهر برمهات1730

الأب/ بولس جرس

 

نص الإنجيل

“ولَمّا دَخَلَ يَسوعُ كفرَناحومَ، جاءَ إليهِ قائدُ مِئَةٍ يَطلُبُ إليهِ ويقولُ: ياسيِّدُ، غُلامي مَطروحٌ في البَيتِ مَفلوجًا مُتَعَذِّبًا جِدًّا.فقالَ لهُ يَسوعُ:أنا آتي وأشفيهِ. فأجابَ قائدُ المِئَةِ وقالَ: ياسيِّدُ، لستُ مُستَحِقًّا أنْ تدخُلَ تحتَ سقفي، لكن قُلْ كلِمَةً فقط فيَبرأَ غُلامي. لأنِّي أنا أيضًا إنسانٌ تحتَ سُلطانٍ. لي جُندٌ تحتَ يَدي أقولُ لهذا: اذهَبْ! فيَذهَبُ، ولآخَرَ: ائتِ! فيأتي، ولعَبديَ: افعَلْ هذا! فيَفعَلُ.فلَمّا سمِعَ يَسوعُ تعَجَّبَ، وقالَ للذينَ يتبَعونَ: الحَقَّ أقولُ لكُمْ: لم أجِدْ ولا في إسرائيلَ إيمانًا بمِقدارِ هذا! وأقولُ لكُمْ: إنَّ كثيرينَ سيأتونَ مِنَ المَشارِقِ والمَغارِبِ ويتَّكِئونَ مع إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ في ملكوتِ السماواتِ، وأمّا بَنو الملكوتِ فيُطرَحونَ إلَى الظُّلمَةِ الخارِجيَّةِ. هناكَ يكونُ البُكاءُ وصَريرُ الأسنانِ”. ثُمَّ قالَ يَسوعُ لقائدِ المِئَةِ:”اذهَبْ، وكما آمَنتَ ليَكُنْ لكَ”. فبَرأَ غُلامُهُ في تِلكَ السّاعَةِ.”(متى 8: 5-13).

 

نص الـتأمل

التأمل في قصة هذه المعجزة هو حديث يجذب القلب نحو اعماق لا طاقة له بها،

ولكنها مع ذلك ضرورية وحميمة لا سيما في زمن الصوم…

فهوذا يسوع يدخل كفر ناحوم كعادته فهناك منزل بطرس وهناك كان يتردد دائمًا

وهذا قائد في الجيش الروماني الوثني  المنتصر على اليهود والمحتل لأراضيهم

وذاك غلام عبد يباع ويشترى يستطيع ان يلقي به في الشارع او حتى يقتله وينسى جل امره

لكنه ويا للغرابة: فهذا الروماني المتعجرف هذا القائد المنتصر، هذا المحتل المستبد، يبدو مختلفا بل متناقضا مع صورة الرومان نفسها كما عرفناها…إنه يحب غلامه ! ويشفق عليه في مرضه ويسعى لعلاجه بشتى الوسائل ولا يبخل في سبيل ذلك بشيء حتى بكرامته التي يتنازل عن غطرستها بتوجهه طالبا المعونة من ذلك المعلم الجليلي الشهير لعل وعسى…

قد يكون ذلك مستثاغا حتى وإن كان مستغربا ان يتشبه بعض البشر بشعب الله المختار

ويجوز لقلوبهم الغلفاء ان تخفق بالحب او تعرف الشفقة…

ليس عند هذا اريد ان اتوقف هناك ما لفت نظري وأدهشني

بل لا ابالغ إذ اقول انه أثار دهشة المعلم ذاته

ولفت نظر الجمع من حوله  إليه وأراد  للإنجيلي متى أن يسجله لنا

 ليصل من خلاله إلى الحقيقة التي نحياها  اليوم كمسيحيين وهي:

“الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ كثيرينَ سيأتونَ مِنَ المَشارِقِ والمَغارِبِ

ويتَّكِئونَ مع إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ في ملكوتِ السماواتِ،

وأمّا بَنو الملكوتِ فيُطرَحونَ إلَى الظُّلمَةِ الخارِجيَّةِ

نعم لم يعد الخلاص يورث بالجينات الوراثية والعرقية والشعبوية…

لقد  “صار الخلاص بالإيمان بيسوع المسيح فحسب”

واليوم يقدم لنا ابانا القائد الروماني العظيم نحن ابناء الوثنيين من أمثاله

ولجميع الأجيال نموذجا في المحبة والرجاء والإيمان والتواضع…

1-    المحبة: حبه لغلامه هو ما دفعه للإهتمام والعناية والبحث عن كل سبل الشفاء

2-    الرجاء: هو ما دفعه أن يسعى نحو المعلم ويفتش عنه وينتظر قدومه ويذهب إليه متضرعاً

3-    الإيمان: ثقته في قدرة المعلم وعظمة الواقف امامه جعلته يستثكر على نفسه ان يستحضره في بيته

وان يكتفي بكلمة واحدة من فمه عارفا بانها كفيلة بإتمام المعجزة…

4-    التواضع: على عكس السمات الجينية لقومه سادة العالم واباطرة الارض جعله ينطق بما لم ينطق به احد قبله:” ياسيِّدُ، لستُ مُستَحِقًّا أنْ تدخُلَ تحتَ سقفي، لكن قُلْ كلِمَةً فقط فيَبرأَ غُلامي”

لن أضيف بعد ذلك حرفا واحدا أطلب وقفة امام شخص هذا الوثني وتأملا صامتا نقيس عبره إيماننا بوثنيته ورجاءنا ببحثه الدؤوب ومحبتنا ببذله من ذاته وكرامته وتواضعنا المسيحي بكم إنسحاقه وشعوره بمحدوديته…..