3-أُمكث معنا يارب
“امكُثْ معنا، لأنَّهُ نَحوُ المساءِ وقد مالَ النَّهارُ”
تأمل يوم الأربعاء الموافق 23 ابريل 2014 الموافق 28 برمودة 1730
الأب/بولس جرس
نص الإنجيل
في الطريق إلى عمواس
“وإذا اثنانِ مِنهُمْ كانا مُنطَلِقَينِ في ذلكَ اليومِ إلَى قريةٍ بَعيدَةٍ عن أورُشَليمَ سِتِّينَ غَلوَةً، اسمُها “عِمواسُ”. وكانا يتكلَّمانِ بَعضُهُما مع بَعضٍ عن جميعِ هذِهِ الحَوادِثِ. وفيما هُما يتكلَّمانِ ويتحاوَرانِ، اقتَرَبَ إليهِما يَسوعُ نَفسُهُ وكانَ يَمشي معهُما. ولكن أُمسِكَتْ أعيُنُهُما عن مَعرِفَتِهِ. فقالَ لهُما:”ما هذا الكلامُ الذي تتطارَحانِ بهِ وأنتُما ماشيانِ عابِسَينِ؟”.فأجابَ أحَدُهُما، الذي اسمُهُ كِليوباسُ وقالَ لهُ:”هل أنتَ مُتَغَرِّبٌ وحدَكَ في أورُشَليمَ ولم تعلَمِ الأُمورَ التي حَدَثَتْ فيها في هذِهِ الأيّامِ؟”. فقالَ لهُما:”وما هي؟”. فقالا:”المُختَصَّةُ بيَسوعَ النّاصِريِّ، الذي كانَ إنسانًا نَبيًّا مُقتَدِرًا في الفِعلِ والقَوْلِ أمامَ اللهِ وجميعِ الشَّعبِ. كيفَ أسلَمَهُ رؤَساءُ الكهنةِ وحُكّامُنا لقَضاءِ الموتِ وصَلَبوهُ. ونَحنُ كُنّا نَرجو أنَّهُ هو المُزمِعُ أنْ يَفديَ إسرائيلَ. ولكن، مع هذا كُلِّهِ، اليومَ لهُ ثَلاثَةُ أيّامٍ منذُ حَدَثَ ذلكَ. بل بَعضُ النِّساءِ مِنّا حَيَّرنَنا إذ كُنَّ باكِرًا عِندَ القَبرِ، ولَمّا لم يَجِدنَ جَسَدَهُ أتينَ قائلاتٍ: إنَّهُنَّ رأينَ مَنظَرَ مَلائكَةٍ قالوا إنَّهُ حَيٌّ. ومَضَى قَوْمٌ مِنَ الذينَ معنا إلَى القَبرِ، فوَجَدوا هكذا كما قالَتْ أيضًا النِّساءُ، وأمّا هو فلم يَرَوْهُ”. فقالَ لهُما:”أيُّها الغَبيّانِ والبَطيئا القُلوبِ في الإيمانِ بجميعِ ما تكلَّمَ بهِ الأنبياءُ! أما كانَ يَنبَغي أنَّ المَسيحَ يتألَّمُ بهذا ويَدخُلُ إلَى مَجدِهِ؟”. ثُمَّ ابتَدأَ مِنْ موسَى ومِنْ جميعِ الأنبياءِ يُفَسِّرُ لهُما الأُمورَ المُختَصَّةَ بهِ في جميعِ الكُتُبِ.
ثُمَّ اقتَرَبوا إلَى القريةِ التي كانا مُنطَلِقَينِ إليها، وهو تظاهَرَ كأنَّهُ مُنطَلِقٌ إلَى مَكانٍ أبعَدَ. فألزَماهُ قائلَينِ:”امكُثْ معنا، لأنَّهُ نَحوُ المساءِ وقد مالَ النَّهارُ”. فدَخَلَ ليَمكُثَ معهُما. فلَمّا اتَّكأَ معهُما، أخَذَ خُبزًا وبارَكَ وكسَّرَ وناوَلهُما، فانفَتَحَتْ أعيُنُهُما وعَرَفاهُ ثُمَّ اختَفَى عنهُما، فقالَ بَعضُهُما لبَعضٍ:”ألَمْ يَكُنْ قَلبُنا مُلتهِبًا فينا إذ كانَ يُكلِّمُنا في الطريقِ ويوضِحُ لنا الكُتُبَ؟”. فقاما في تِلكَ السّاعَةِ ورَجَعا إلَى أورُشَليمَ، ووَجَدا الأحَدَ عشَرَ مُجتَمِعينَ، هُم والذينَ معهُمْ وهُمْ يقولونَ:”إنَّ الرَّبَّ قامَ بالحَقيقَةِ وظَهَرَ لسِمعانَ!”. وأمّا هُما فكانا يُخبِرانِ بما حَدَثَ في الطريقِ، وكيفَ عَرَفاهُ عِندَ كسرِ الخُبزِ.(لوقا24 :13 -35 ).”
نص التأمل
ما أجمل هذه العبارة في إطار النص وفي خارج هذا الإطار وفي كل إطار
ما اعمق حروفها النورانية في إطار تلك الليلة وفي كل ليلة وفي كل زمان
ما أروع وابلغ تعبيرها المعجز في مواجهة المشاعر المتناقضة في قلب كل تلميذ
نعم يشعر التلميذان بالحزن لموت المعلم
وبالفعل يعيشان حالة من الإحباط لنهايتة المحزنة
وفي الواقع هما عائدان بالخيبة والعار من حيث انطلقا
لكن كلمات هذا المسافر المجهول القوية والنورانية
أنارت في عقولهم طرقا كانت مظلمة
وفتحت في قلوبهم سبلا كانت مغلقة
وتركت على نفوسهم آثارا كانت كافية
لدفعهم للتشبث بكل قوة بهذ الغريب الذي يبدو كأنه ليس غريبا
بذاك المسافر الذي يبدو كأنه مسافر لما هو ابعد بينما هو ديارنا يقصد
بهذا الرفيق الإنسان العارف، المالك المعرفة. الواثق، البيًن الثقة. المفسر، الواضح البيان…
لقد اصبح حضوره ضروريا في ظلمة الليل المدلهمة لينير لهم الطريق
نبدو الدعوة شرقية شرفية لكنها حقيقية قلبية لذا لا يتوان يسوع عن الإستجابة لها
وهو دوما مستعد لقبول كل دعوة من القلب بشرط أن تتسم بالصدق والحق
هكذا ظل على مدار تاريخ الكنيسة الطويل الذي عبرت فيه العديد من الليالي المظلمة
فهو لم يتوان أبدا عن المجيء إليها والبقاء فيها والمبيت عندها
وهكذا هو مع جميع ابناءها في كل لياليهم الشاقة المعتمة
يكفي ان تلتمسه قلوبهم بنفس لهفة وحرارة وإلحاح ذينك التلميذين الخالدي الذكر
تلميذا عمواس فاعطنا يا رب نعمة لقياك… ونور معرفة قيامتك… وشرف استتضافتك