5 – أنا قد آمَنتُ: تأمل في قراءات السبت 14 يونيو2014 الموافق  20 بؤونه1730

5 – أنا قد آمَنتُ: تأمل في قراءات السبت 14 يونيو2014 الموافق 20 بؤونه1730

5 – أنا قد آمَنتُ

أنَّكَ أنتَ المَسيحُ ابنُ اللهِ، الآتي إلَى العالَمِ”

التأمل الخامس في إنجيل لعازر

تأمل في قراءات السبت 14 يونيو2014 الموافق  20 بؤونه1730

الأب/ بولس جرس

نص الإنجيل

“وكانَ إنسانٌ مَريضًا وهو لعازَرُ، مِنْ بَيتِ عنيا مِنْ قريةِ مَريَمَ ومَرثا أُختِها. وكانَتْ مَريَمُ، التي كانَ لعازَرُ أخوها مَريضًا، هي التي دَهَنَتِ الرَّبَّ بطيبٍ، ومَسَحَتْ رِجلَيهِ بشَعرِها. فأرسَلَتِ الأُختانِ إليهِ قائلَتَينِ: “ياسيِّدُ، هوذا الذي تُحِبُّهُ مَريضٌ”.فلَمّا سمِعَ يَسوعُ، قالَ:”هذا المَرَضُ ليس للموتِ، بل لأجلِ مَجدِ اللهِ، ليَتَمَجَّدَ ابنُ اللهِ بهِ”. وكانَ يَسوعُ يُحِبُّ مَرثا وأُختَها ولعازَرَ. فلَمّا سمِعَ أنَّهُ مَريضٌ مَكَثَ حينَئذٍ في المَوْضِعِ الذي كانَ فيهِ يومَينِ. ثُمَّ بَعدَ ذلكَ قالَ لتلاميذِهِ:”لنَذهَبْ إلَى اليَهوديَّةِ أيضًا”. قالَ لهُ التلاميذُ:”يا مُعَلِّمُ، الآنَ كانَ اليَهودُ يَطلُبونَ أنْ يَرجُموكَ، وتذهَبُ أيضًا إلَى هناكَ”. أجابَ يَسوعُ:”أليستْ ساعاتُ النَّهارِ اثنَتَيْ عَشرَةَ؟ إنْ كانَ أحَدٌ يَمشي في النَّهارِ لا يَعثُرُ لأنَّهُ يَنظُرُ نورَ هذا العالَمِ، ولكن إنْ كانَ أحَدٌ يَمشي في اللَّيلِ يَعثُرُ، لأنَّ النّورَ ليس فيهِ”. قالَ هذا، وبَعدَ ذلكَ قالَ لهُمْ:”لعازَرُ حَبيبُنا قد نامَ. لكني أذهَبُ لأوقِظَهُ” فقالَ تلاميذُهُ: “ياسيِّدُ، إنْ كانَ قد نامَ فهو يُشفَى”. وكانَ يَسوعُ يقولُ عن موتِهِ، وهُم ظَنّوا أنَّهُ يقولُ عن رُقادِ النَّوْمِ. فقالَ لهُمْ يَسوعُ حينَئذٍ عَلانيَةً: “لعازَرُ ماتَ. وأنا أفرَحُ لأجلِكُمْ إنِّي لم أكُنْ هناكَ، لتؤمِنوا. ولكن لنَذهَبْ إليهِ!”. فقالَ توما الذي يُقالُ لهُ التَّوْأمُ للتلاميذِ رُفَقائهِ: “لنَذهَبْ نَحنُ أيضًا لكَيْ نَموتَ معهُ!”.

فلَمّا أتى يَسوعُ وجَدَ أنَّهُ قد صارَ لهُ أربَعَةُ أيّامٍ في القَبرِ. وكانَتْ بَيتُ عنيا قريبَةً مِنْ أورُشَليمَ نَحوَ خَمسَ عَشرَةَ غَلوَةً. وكانَ كثيرونَ مِنَ اليَهودِ قد جاءوا إلَى مَرثا ومَريَمَ ليُعَزّوهُما عن أخيهِما. فلَمّا سمِعَتْ مَرثا أنَّ يَسوعَ آتٍ لاقَتهُ، وأمّا مَريَمُ فاستَمَرَّتْ جالِسَةً في البَيتِ. فقالَتْ مَرثا ليَسوعَ:”يا سيِّدُ، لو كُنتَ ههنا لم يَمُتْ أخي! لكني الآنَ أيضًا أعلَمُ أنَّ كُلَّ ما تطلُبُ مِنَ اللهِ يُعطيكَ اللهُ إيّاهُ”. قالَ لها يَسوعُ: “سيَقومُ أخوكِ”. قالَتْ لهُ مَرثا:”أنا أعلَمُ أنَّهُ سيَقومُ في القيامَةِ، في اليومِ الأخيرِ”. قالَ لها يَسوعُ:”أنا هو القيامَةُ والحياةُ. مَنْ آمَنَ بي ولو ماتَ فسَيَحيا، وكُلُّ مَنْ كانَ حَيًّا وآمَنَ بي فلن يَموتَ إلَى الأبدِ. أتؤمِنينَ بهذا؟”. قالَتْ لهُ:”نَعَمْ يا سيِّدُ. أنا قد آمَنتُ أنَّكَ أنتَ المَسيحُ ابنُ اللهِ، الآتي إلَى العالَمِ”. ولَمّا قالتْ هذا مَضَتْ ودَعَتْ مَريَمَ أُختَها سِرًّا، قائلَةً:”المُعَلِّمُ قد حَضَرَ، وهو يَدعوكِ”. أمّا تِلكَ فلَمّا سمِعَتْ قامَتْ سريعًا وجاءَتْ إليهِ. ولم يَكُنْ يَسوعُ قد جاءَ إلَى القريةِ، بل كانَ في المَكانِ الذي لاقَتهُ فيهِ مَرثا. ثُمَّ إنَّ اليَهودَ الذينَ كانوا معها في البَيتِ يُعَزّونَها، لَمّا رأَوْا مَريَمَ قامَتْ عاجِلاً وخرجَتْ، تبِعوها قائلينَ: “إنَّها تذهَبُ إلَى القَبرِ لتبكيَ هناكَ”. فمَريَمُ لَمّا أتتْ إلَى حَيثُ كانَ يَسوعُ ورأتهُ، خَرَّتْ عِندَ رِجلَيهِ قائلَةً لهُ:”يا سيِّدُ، لو كُنتَ ههنا لم يَمُتْ أخي!”. فلَمّا رَآها يَسوعُ تبكي، واليَهودُ الذينَ جاءوا معها يَبكونَ، انزَعَجَ بالرّوحِ واضطَرَبَ، وقالَ:”أين وضَعتُموهُ؟”. قالوا لهُ:”يا سيِّدُ، تعالَ وانظُرْ”. بَكَى يَسوعُ. فقالَ اليَهودُ:”انظُروا كيفَ كانَ يُحِبُّهُ!”. وقالَ بَعضٌ مِنهُمْ:”ألَمْ يَقدِرْ هذا الذي فتحَ عَينَيِ الأعمَى أنْ يَجعَلَ هذا أيضًا لا يَموتُ؟”. فانزَعَجَ يَسوعُ أيضًا في نَفسِهِ وجاءَ إلَى القَبرِ، وكانَ مَغارَةً وقد وُضِعَ علَيهِ حَجَرٌ. قالَ يَسوعُ:”ارفَعوا الحَجَرَ!”. قالتْ لهُ مَرثا، أُختُ المَيتِ:”ياسيِّدُ، قد أنتَنَ لأنَّ لهُ أربَعَةَ أيّامٍ”. قالَ لها يَسوعُ:”ألَمْ أقُلْ لكِ: إنْ آمَنتِ ترَينَ مَجدَ اللهِ؟”. فرَفَعوا الحَجَرَ حَيثُ كانَ المَيتُ مَوْضوعًا، ورَفَعَ يَسوعُ عَينَيهِ إلَى فوقُ، وقالَ:”أيُّها الآبُ، أشكُرُكَ لأنَّكَ سمِعتَ لي، وأنا عَلِمتُ أنَّكَ في كُلِّ حينٍ تسمَعُ لي. ولكن لأجلِ هذا الجَمعِ الواقِفِ قُلتُ، ليؤمِنوا أنَّكَ أرسَلتني”. ولَمّا قالَ هذا صَرَخَ بصوتٍ عظيمٍ: “لعازَرُ، هَلُمَّ خارِجًا!”. فخرجَ المَيتُ ويَداهُ ورِجلاهُ مَربوطاتٌ بأقمِطَةٍ، ووَجهُهُ مَلفوفٌ بمِنديلٍ. فقالَ لهُمْ يَسوعُ:”حُلّوهُ ودَعوهُ يَذهَبْ”. فكثيرونَ مِنَ اليَهودِ الذينَ جاءوا إلَى مَريَمَ، ونَظَروا ما فعَلَ يَسوعُ، آمَنوا بهِ. ثُمَّ قَبلَ الفِصحِ بسِتَّةِ أيّامٍ أتى يَسوعُ إلَى بَيتِ عنيا، حَيثُ كانَ لعازَرُ المَيتُ الذي أقامَهُ مِنَ الأمواتِ. 2فصَنَعوا لهُ هناكَ عَشاءً. وكانَتْ مَرثا تخدِمُ، وأمّا لعازَرُ فكانَ أحَدَ المُتَّكِئينَ معهُ.(يوحنا : 11: 1- 53 – 12: 1-2)

 

نص التأمل

أنا قد آمنت…

“أما أنا فقد آمنت أنَّكَ أنتَ المَسيحُ ابنُ اللهِ، الآتي إلَى العالَمِ”

هذه الكلمات في صيغة الماضي تشير إلى ما لا يمكن إغفاله

فمعرفة يسوع بعائلة لعازر لم تك مجرد صداقة ومودة

بل كانت علاقة إيمان وتبعية مطلقة

لهذا نستطيع أن نتفهم فجيعة وأسى المرأتين أمام موت أخيهما

فكيف يموت من آمن بيسوع ربا وإلها ومسيحا ومخلصاً؟

هذا يعني إدراك مريم ومرتا أن لعازر أخاهما

ليس مجرد صديق حميم ليسوع، بل هو أساسا مثلهما، مؤمن صادق بشخصه الإلهي

أما أنا فقد آمنت أنَّكَ أنتَ المَسيحُ ابنُ اللهِ، الآتي إلَى العالَمِ”

هذه هي أحدى أهم صيغ الإيمان المسيحي الأولية

وهي صيغة مستقاة من عمق الإيمان اليهودي

الإيمان الذي ينتظر _ للأسف إلى الآن- مجيء المسيح

–        “أنت  المسيح” : المسيح أي الشخص الذي مسحه الرب بقوة الروح القدس حسب الإيمان االيهودي

وحيث هو ممسوح ومرسل لأجل خلاص شعبه فهو يختلف عن باقي الآباء والأنبياء

وهو قادر أن يهب لكل من يؤمن به حياة لا تعرف غروبا…

–        “ابنُ اللهِ”:أصعب لفظة إيمان على القلب اليهودي

الذي يخشى ذكر لفظ الله ويموت فيه من يراه أو يقترب من مجده

فما الحال بالإعتراف بإبن العلي الذي شق رئيس الكهنة قيافا ثيابه عند سماع إسمه

وقال :”ما حاجتنا إلى شهود فقد جدف”

–        ” الآتي إلى العالم“: آتيا إلى العالم ليخلصه من الموت والخطيئة

   ليحقق مخطط الله الخلاصي ويقدم للرب شعبا مبررا

وقد تعرفنا على هذه الصيغة الإيمانية الأولية في سؤال المسيح للتلاميذ:

من تقول الناس عن إبن البشر؟

وإجابة بطرس: ” انت هو المسيح إبن الله الحي”

ورد يسوع: ” طوبى لك يا سمعان بن يونا

ليس دم ولحم كشف لك هذا لكن ابي الذي في السماوات”

وهو نفس الكشف الذي ناله لعازر وأختاه

فكيف تغرب شمس لعازر وهو من أول المؤمنين بيسوع ربا ومسيحا وابنا لله

كيف وقد تطهرت هذه العائلة المحظوظة بدخول المسيح بيتها وصداقته لجميع افرادها

يمكن ان تفقد في لحظة واحدا من أهم من عناصرها؟؟؟

كان هذا السؤال يتردد بقوة في نفسي مرتا ومريم

وكان شاغلهما الأساسي هو حضور يسوع…

فمجرد حضوره  حياة ” لو كنت ههنا ما مات أخي”

وحضوره كفيل لا ان يقهر المرض فحسب  بل يغلب الموت الجسدي والروحي

لكن يسوع يريد في هذه اللحظة ان يؤكد على المعنى العمق والأبقي:

“ان حضوره لا يتوقف فقط على الحضور الجسدي ،

بل يتعدى هذا الحضور إلى حضور الروح،

 وانه قادر على ان يكون حاضرا في عالمنا دون ان نراه

” أنت رأيتني فآمنت، طوبى لمن آمن ولم ير”

وهو بالطبع حاضر في العالم الآخر ينادي افراده فيسمعونه

ويامرهم فيطيعونه ويخرجهم من قبور موتهم أحياء يرزقون

حتى لو كان الأمر بالنسبة للعالم قد قضي وانتهى ” انتن”

وها هو يسوع العارف بما سيصنع يريد أن يؤكد اولا على هذه الحقيقة الإيمانية

أنا القيامة والحياة من آمن بي وإن مات فسيحيا…أتؤمنين بهذا؟

وكانت الإجابة القاطعة هي صيغة الإيمان عنوان تأملنا اليوم

وهو إيمان يؤدي إلى تحقيق المستحيل

وامام أعين الجميع يتجلى مجد الله

 لا في الزمن الآتي فحسب بل فورا وههنا والآن

ردد النهار كله:

“أما أنا فقد آمنت أنَّكَ أنتَ المَسيحُ ابنُ اللهِ، الآتي إلَى العالَمِ”

وانا واثق انك سترى مجد الله وتتحقق في حياتك القيامة.