7- الإيمان الكياني 2:  إيمان مريم : تأمل في قراءات السبت 3 مايو 2014 الموافق 8 بشنس 1730

7- الإيمان الكياني 2: إيمان مريم : تأمل في قراءات السبت 3 مايو 2014 الموافق 8 بشنس 1730

7- الإيمان الكياني 2

إيمان مريم

تأمل في قراءات السبت 3 مايو 2014 الموافق 8 بشنس 1730

الأب/بولس جرس

 

نص الإنجيل

            ” فرَفَعَ يَسوعُ عَينَيهِ ونَظَرَ أنَّ جَمعًا كثيرًا مُقبِلٌ إليهِ، فقالَ لفيلُبُّسَ:”مِنْ أين نَبتاعُ خُبزًا ليأكُلَ هؤُلاءِ؟”. وإنَّما قالَ هذا ليَمتَحِنَهُ، لأنَّهُ هو عَلِمَ ما هو مُزمِعٌ أنْ يَفعَلَ. أجابَهُ فيلُبُّسُ:”لا يَكفيهِمْ خُبزٌ بمِئَتَيْ دينارٍ ليأخُذَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُمْ شَيئًا يَسيرًا”. قالَ لهُ واحِدٌ مِنْ تلاميذِهِ، وهو أندَراوُسُ أخو سِمعانَ بُطرُسَ: “هنا غُلامٌ معهُ خَمسَةُ أرغِفَةِ شَعيرٍ وسمَكَتانِ، ولكن ما هذا لمِثلِ هؤُلاءِ؟”. فقالَ يَسوعُ:”اجعَلوا الناسَ يتَّكِئونَ”. وكانَ في المَكانِ عُشبٌ كثيرٌ، فاتَّكأَ الرِّجالُ وعَدَدُهُمْ نَحوُ خَمسَةِ آلافٍ. وأخَذَ يَسوعُ الأرغِفَةَ وشَكَرَ، ووَزَّعَ علَى التلاميذِ، والتلاميذُ أعطَوْا المُتَّكِئينَ. وكذلكَ مِنَ السَّمَكَتَينِ بقَدرِ ما شاءوا. فلَمّا شَبِعوا، قالَ لتلاميذِهِ:”اجمَعوا الكِسَرَ الفاضِلَةَ لكَيْ لا يَضيعَ شَيءٌ”. فجَمَعوا ومَلأُوا اثنَتَيْ عَشرَةَ قُفَّةً مِنَ الكِسَرِ، مِنْ خَمسَةِ أرغِفَةِ الشَّعيرِ، التي فضَلَتْ عن الآكِلينَ. فلَمّا رأَى الناسُ الآيَةَ التي صَنَعَها يَسوعُ قالوا:”إنَّ هذا هو بالحَقيقَةِ النَّبيُّ الآتي إلَى العالَمِ!”. (يوحنا 6: 5- 14)

نص التأمل

إيمان مريم

اليوم نصل معا إلى المحطة الأخيرة في سلسلة تاملاتنا عن الإيمان بمناسبة القيامة

وقد استعرضنا مختلف المراحل وتوقفنا بالأمس عند نموذج رائع للإيمان من العهد القديم

إيمان رجل صار أ باً  لأمم كثيرة حتى للتتباهي بأبوته أمم وتتصارع على الإنتساب إليه الشعوب

فاليهود يقولون لنا إبراهيم أباً والمسيحيون يرونه الأب الروحي لكل مؤمن،

بينما يعتقد المسلمون انهم ابناء ابراهيم الحقيقون بلا منازع…

وما الصراع والتكالب سوى علامة على عظمة إيمان هذا الرجل

على مر العصور وإلى مدى الأجيال

وما كل هذا سوى أبسط صور تحقيق مواعيد الله له ” بك تتبارك جميع قبائل الأرض”…

تعالوا اليوم نتامل إمرأة صار إيمانها أيضا نموذجا لكل مؤمن،

حيث عاشته بكل كيانها، بكل لمحة من وجودها،

من لحظة هذا الوجود إلى لحظة نياحها وانتقالها إلى السماء

بالنفس والجسد باكورة وعربونا لكل من يحيا الإيمان بطريقتها…

–       مريم التى سمعت تحية الملاك يصارحها بحقيقة وضعها:

السلام عليك يا ممتلئة نعمة الرب معك

فاحتارت متساءلة ما عسى ان يكون هذا السلام

–       مريم التي حينما بشرها بميلاد ” مشتهى الأجيال”

وأنها ستصير أما لإبن  العلي وارث عرش داوود ابيه

وانها ستحبل بالروح القدس بمولود قدوس يدعى ابن الله

كانت استجابتها ” هاأنذا أمة “

–       مريم التى لبت نداء الرب

ووضعت حياتها ومصيرها في خطر الموت رجما دون لحظة من شك أو تردد

–       مريم التى بعد بشارة الملاك قامت مسرعة لتخدم قريبتها أليصابت

وعندما سمعت نشيدها ” من أين لي هذا أن تأتي إليّ ام ربي”

انشدت بدورها:“تعظم نفس الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي”

–       مريم التي قالت” هوذا منذ الآن تطوبني جميع الأجيال”

اظهرت خضوعها الكامل وتواضعها المطلق

أنكرت على الدوام ذاتها وابرزت دوما مقدار ما صنع الرب في حياتها

–       مريم الملكة ام الملك القيسة ام القدوس بنت داود وأم ابن داود

هي من عاش في الظل وولد في مغارة وقمط في اثمال

هم من إضطر للفرار وهي بعد حديثة الأمومة

وهي من قطعت مئات الأميال في خوف ورعب من ملاحقة الجنود

وهي من عاشت غريبة في بلاد غريبة بين أناس غرباء

وهي من حين عادت إلى الوطن سكنت بيتا بسيطا في الناصرة حيث موطنها

وعاشت تقتات على الفتات بما يكسبه يوسف بعمل يديه وهي أم الله

–       مريم التى إحتملت جمر اللاهوت  تسع شهور في احشائها

وحملت ابنها على حجرها وأرضعته من صدرها

لم تسعى يوما إلى منصب ولم تتمنى شيئا سوع تحقيق الملكوت

–       مريم التي تبعت ابنها إلى حيث مضي وسارت خلفه إلى الجلجثة

دون ان تطلب حتى مجرد الشرح او الإيضاح وأ حتى التفسير

مريم هي من وقفت هناك غير فاهمة لما يحدث لإبن العلى للقدوس

لكنها ظلت تحت الصليب صامدة

–       مريم التى سمعت صرخات ابنها على الصليب

” إيلي إيلي لما شبقتني” وانشقت احشائها

و” أنا عطشان: ولم تستطع ان تسقيه او تروي ظمأه

–       مريم التي قبلت ان تسلم من ابنها المصلوب لبيت تلميذه المحبوب

ولم تعترض ولم تفتح فها فهي قد اسلمت حياتها منذ البدء بين يديه

–       مريم التي احتضن حجرها البتولي للمرة الأخيرة

جثمان وحيدها وهي لا تكد تصدق عيناها

ورأته يوارى الثرى ويدحرج على باب قبره الحجر الرهيب

هي نفسها مريم التي لم يذكر أحد من الإنجيليين ذهابها إلى القبر على الإطلاق

وهنا يحين ميعاد السؤال الصعب والشائك والمستحيل:

هل كانت تعرف… هل كانت تعلم… هل كانت تدرك…؟؟؟؟؟؟؟

والإجابة في رأي  وأعتقادي : لا لم تكن على الإطلاق تعرف

لكنها كانت بكل كيانها تؤمن…