Halloween عيد القديسين أم عيد الشياطين؟

Halloween عيد القديسين أم عيد الشياطين؟

ها هو Halloween يقترب، ها هي الزينة الداكنة والدموية تنتشر والإعلانات عن الحفلات بهذه المناسبة تدعو الجميع إلى الاحتفال بهالويين الذي يعتقد الكثير منا أنّه نفسه عيد جميع القديسين أو عيد البربارة:

– هل نعرف حقيقة هذا العيد؟

– هل نعرف أن هذا هو العيد الرسمي للسحرة في العالم وللجماعات التي تدّعي عبادة الشيطان؟

– هل نعرف أننا نخلط بين عيد البربارة وعيد هالويين وعيد جميع القديسين؟

– هل نعرف أننا عندما نقيم حفلات تنكرية في هذه المناسبة نساهم بنشر ثقافة الشر والخوف من حيث لا ندري ونفسد براءة أطفالنا واندفاع شبابنا؟

– هل نعرف أننا ببيعنا أو شرائنا هذه الأقنعة البشعة والدموية المخيفة نساهم ماديا مع تلك الجماعات التي تسعى الى تحطيم الايمان في النفوس؟

تعالوا معًا نتعرّف إلى مصادر هذا العيد وتاريخه، وأهدافه، وكيف تحوّل من رواية ميثولوجية إلى ممارسة فولكلورية تخبئ في طياتها طقوساً شيطانية هدامة، وكيف أصبحت أداة لأعداء الإيمان بهدف إبعاد المعاني المسيحية عن عيد جميع القديسين.

أولاً: الميثولوجيا السِلتية

Halloween كما نعرفه اليوم وهو رواية ميثولوجية كان يعيشها سنويا الشعب السِلتي (Celtes)، وهو شعب عاش في أوروبا الغربية في أواخر العصر البرونزي، أي حوالي سنة 1500 قبل الميلاد. عبد مجموعة كبيرة من الآلهة، وكان يؤمن بعدم موت الروح، أحاطت به العديد من الأخبار والميثولوجيات التي مازالت موجودة حتى اليوم خصوصا في ايرلندا.

تخبرنا هذه الميثولوجيا في ايرلندا عن الإله Samhain إله الموت والبرد الذي كان يأتي مع مجموعة من أرواح الموتى في ليل 31 تشرين الأول من كل سنة وهو رأس السنة عند السِلتيين وآخر يوم من فصل الصيف قبل أن يبدأ فصل الموت والبرد والظلام، يأتي هذا الإله مع أرواحه للتفتيش عن أجساد أشخاص أحياء ليتملكوها مِما يخلق ذعرًا بين القرويين.

كان الكهنة في هذه المناسبة يُعدّون احتفالاً طقسياً فيُشعلون ناراً كبيرة في القرية وينطلقون إلى كل البيوت يوزعون لسكانها ناراً مقدسة يضعونها على شبابيك بيوتهم لطرد الأرواح، ويجمعون من كل عائلة التقديمات لإرضاء الإله وأحياناً تكون تقديمات بشرية، وإذا رفض البيت تقديم ما عليه تحل اللعنة فيه – وهذا أساس ما هو معروف اليوم بـ (Trick or Treat) أي أعطونا وإلا حل الشر بكم.

ولإنارة طريقهم كان الكهنة يحملون خضار “اللفت” Navet مفرّغة من وسطها ومحفور عليها شكل وجه، يضيئونها عادة باستعمال الشحم البشري من التقديمات السابقة.

وبما أن الأحياء لا يخافون أن تمتلك الأرواح أجسادهم فكانوا يطفئون النار من داخل بيوتهم، ويلبسون ثياباً غريبة من رؤوس وجلود الحيوانات بالإضافة إلى إصدار ضجة وأصوات قرع لإخافة الأرواح المقتربة.

وكان كهنة الأوثان يحرقون الأجساد التي تتملكها الروح كجزاء لهذه الروح؛ أما عن سبب استعمال الكهنة خضار “اللفت” للاستنارة، فتخبرنا إحدى الروايات عن شخص اسمه “جاك” تم طرده من السماء وجهنم في آن معاً، فهام على وجهه في الأرض ولم يعرف كيف يذهب، ولكي يعزيه الشيطان في مصيبته أعطاه قطعة حطب مشتعلة وضعها جاك داخل خضار “اللفت” لينير طريقه في الليل، ولذلك اليوم يُطلق الأميركيون على “اليقطينة” المُستعملة في عيد هالويين (Jack-o-lantern).

ثانياً: التعديلات الرومانية

بعد احتلالهم أوروبا وبما أن أول تشرين الثاني يصادف عيد الحصاد والآلهة Ponoma إلهة الفاكهة والأشجار والزهور، أخذ الرومان تقاليد السِلتيين وأضافوا عليها خصوصياتهم، فادخلوا التفاح إلى المناسبة (كان يرمز إلى Ponoma) ويُعتقد أنهم أيضاً سبب إدخال اليقطين بدل اللفت.

ومع الوقت أخذت هذه الاحتفالات طابعاً طقسياً، وتعزز الإيمان بالأرواح وتملّكها البشر، وانتشرت عادات لبس الثياب المخيفة.

ثالثاً: إجراءات الإمبرطور قسطنطين

سنة 308 وبعد أن سيطر الرومان على الأرياف التي كان سكانها من الوثنيين سمح لهم الإمبرطور قسطنطين المحافظة على تلك الطقوس، لكنه نقَل عيد تذكار القديسين من شهر أيار إلى أول تشرين الثاني، وحول البانثيون Panthéon إلى كنيسة بعد أن كان مقر عبادة للآلهة.

رابعاً: البابا غريغوريوس الرابع

سنة 840 أضاف البابا غريغوريوس الرابع تذكار الموتى على المناسبة، هو الذي نعيده اليوم في الثاني من تشرين الثاني.

خامساً: دخول المناسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية وتحوّلها إلى Halloween

سنة 1840 أدخل المهاجرون الايرلنديون هذه التقاليد إلى الولايات المتحدة الأميركية، وما لبثت أن انتشرت ولاقت رواجاً وشهرة فائقة في القرن التاسع عشر.

سُميت هذه المناسبة Halloween -وهو اسم أُعطي في البلاد الانغلوفونية لليلة 31 تشرين الأول- استناداً إلى اسم عيد جميع القديسين باللغة الانكليزية (All Hallows Eve) أي ليلة (Eve ing) كل القديسين (All Hallows)؛ وتأخذ اليوم المناسبة طابعا ترفيهياً فيلعب الأولاد بالتفاح، ولطرد الأرواح يضيئون “القرع أو اليقطين” بعد تفريغها وحَفر عليها شكل وجه إنسان (Jack-o-lantern)، يتنكرون بثياب الأشباح والوحوش والحيوانات والهياكل العظميّة والسحرة والشياطين وكل ما هو مخيف، يقرعون على الطبول “والتَنَك” مُحدثين ضجة كبيرة، ويطرقون أبواب البيوت لجمع الحلوى قائلين (Trick or Treat) أي إن لم تعطونا تحل اللعنة عليكم (كما كان يفعل الكهنة لجمع التقديمات لإله الموت)، واللعنة تكون هنا مزحة أو مقلب يوقعون به من لا يعطيهم ما يطلبون (آثار هذه الممارسة موجودة عندنا أصلاً في عيد البربارة). ممارسة (Trick or Treat) دخلت إلى الولايات المتحدة الأميركية على يد العمال الايرلنديين الذين سعوا للحصول على المال من خلال التهديد والقوة وإلا الموت.

سادساً: هو أهم أعياد البدع الشيطانية ورأس السنة عند السحرة

قد تكون هذه المناسبة في شكلها فولكلوراً يرافقه المزاح والمقالب، لكننا يجب أن ننتبه انه في شكلها وعمقها وأهدافها أصبحت مُستغلة من البدع التي تدّعي عبادة الشيطان وتسعى إلى تدمير الأديان وقيم البشر من خلال عدة ممارسات منها استبدال الأعياد المسيحية بعادات وثنية شيطانية غلافها فرح وضحك وترويح عن النفس. فيُعتبر عيد Halloween أهم الأعياد الأربعة عند البدع الشيطانية، إنه يوم الشيطان الذي تُقدَّم فيه تضحيات بشرية خصوصاً في الولايات المتحدة واستراليا، انه يوم رأس السنة عند السَحَرة.

فلنتحمّل مسؤوليتنا

في الختام نناشد المعنيين في الدولة اللبنانية، والأهل والمربين والمعلمين في المدارس والجامعات ورجال الدين وكل من يُعنى بالقيم والإنسان، دعونا لا ننجرّ إلى هذا الفولكلور المُدمِّر بحجة التمدّن والانفتاح والتسلية، تعالوا معا نقطع الطريق عليه وعلى أصحابه، فنحوَّل أولادنا عن شراء كل المنتوجات التي تبدو مخيفة وشيطانية من أزياء تنكرية وغيرها إلى ما هو مفيد، تعالوا نشرح لأولادنا مضار ومساوئ هذه الممارسات التي ستكون مقدمة لهم لممارسات أعظم في المستقبل.

ألم تسمعوا بسرقة القربان المقدس من الكنائس؟ ألم يخبركم احد عن شبيبة تحتفل بالقداس الأسود بين القبور في لبنان، وتنادي أرواح الموتى؟ ألا تعرفون أن هناك جماعات من الشبيبة في لبنان تنادي بالشيطان كسيد لها عوضاً عن الله، وتقيم شعائر دينية وطقوس شيطانية مستعينة بكل الأطر الخارجية التي تحيط عيد Halloween وغيره من ثياب سَحَرَة وشياطين ومصاصي دماء وهياكل عظميّة، وإشارات ورموز لا تنتهي؟.

لم يصل أولئك الشباب إلى هنا إلا بعد تربية تستخف بتلك المظاهر التي غالباً ما قلنا عنها: “بسيطة، وَلَوْ ما بدها هالقد…” فيتعود عليها الولد في صغره ويسهل عليه اعتناقها في شبابه.

أختم بما قاله يوماً قداسة الحبر الأعظم البابا يوحنا بولس الثاني بمناسبة عيد جميع القديسين: “إن هذا العيد هو نداء السماء لنا، هو نداء للمؤمن لكي يتطلع نحو السماء… ضعوا القداسة هدف حياتكم الأول لإعداد مستقبل مغمور بالخير… يمكنكم يا أحبائي الاستفادة في جهادكم من فضائل القديسين الذين سبقوكم…”.