مثلث الرحمات الأنبا إسطفانوس الأول اللعازري

بطريرك كنيسة الإسكندرية وسائر الكرازة المرقسية

للأقباط الكاثوليك وكاردينال الكنيسة الجامعة

 

 

 

خاص بموقع كنيسة الإسكندرية الكاثوليكي

 

1- حياته:

ولد ستيفى سيزوستريس سيداروس بالقاهرة في يوم 22  فبراير 1904، أنهى دراساته الثانوية بمدرسة الآباء اليسوعيين بالقاهرة في سنة 1923، التحق بجامعة السوربون بباريس (فرنسا)حيث حاز على درجة الدكتوراه في القانون والعلوم الدينية في العام 1926. دخل دير الابتداء للآباء اللعازريين في يوم  19مارس1933 وأبرز نذوره الدائمة في يوم 25 مارس 1935. وتابع دروسه الفلسفية في باريس، ثم دروسه اللاهوتية في داكس. رسم كاهنا في 2 يوليو 1939. وعين بعد ذلك مدرسا للكتاب المقدس والفلسفة واللاهوت الأدبي في معاهد إكليريكيات مختلفة في أبرشيات فرنسا. وفى الأول من أكتوبر 1946 طلب الأنبا مرقص خزام المدير الرسولي من مجمع الكنائس الشرقية الكاثوليكية الأب ستيفى اللعازري ليكون رئيسًا للمعهد الإكليريكي بطهطا، ثم رئيسا للمعهد الإكليريكي بطنطا من 4 أكتوبر 1946حتي  25يناير1948. وفي نفس هذا اليوم عين أسقفا فخريا لكرسي سائيس ومعاوناً للبطريرك[1].  وتم تعيين الأنبا ستيفى بطريركا على السدة المرقسية ببراءة صادرة من الكرسي الرسولي بتاريخ 7 يونيو1958 وتم تنصيبه بطريركا في كنيسة المعهد الإكليريكي بالمعادى في 29يونيو1958 باسم إسطفانوس الأول[2]. وعلى أثر هذا التعيين صدر قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بتعين الأنبا إسطفانوس سيداروس بطريركًا لطائفة الأقباط الكاثوليك ونشر في الجريدة الرسمية وها نصه[3]:« رئيس الجمهورية، بعد الإطلاع على الدستور المؤقت؛ وبناء على ما عرضه علينا وزير الداخلية؛ قرر:

مادة 1- عين الأنبا إسطفانوس سيداروس بطريركًا لطائفة الأقباط الكاثوليك.

مادة 2- على وزير الداخلية تنفيذ هذا القرار،

صدر برياسة الجمهورية في 8ذي الحجة سنة 1377(25يونيه 1958). جمال عبد الناصر».

 وأشترك غبطته في دورات المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني (1962- 1965) وقد منحة البابا بولس السادس(1963- 1978) رتبة الكاردينالية في يوم 22فبراير1965، وهو أول من حمل هذا اللقب في تاريخ الكنيسة القبطية الكاثوليكية، وكذلك في رهبنته (= كهنة الرسالة ، أو الآباء اللعازريون). وفي عهده انبثقت رهبانية راهبات قلب يسوع ومريم الطاهر القبطيات من رهبانية راهبات قلب يسوع المصريات في 21أغسطس لسنة 1969.

 

2- تفسير الشارة البطريركية لغبطته:

أتخذ غبطته شعاراً بطريركياً وها نصه: ﴿الإكليل لمن يجاهد شرعيا﴾، ويعلو هذا الشعار تاج، وصليب كبير يملأ الشارة البطريركية وفي وسطه ثلاث صلبان صغيرة، ومن الأيمن الأعلى مصباح مضيء، ومن اليسار الأعلى نجمة وينبثق منها ثلاثة شعاعات، ومن الأيمن السفلي الأهرامات الثلاثة ومن أسفلهما الحمل وهو يحمل صليبًا، وفي اليسار من أسفل أسد ينظر إلى الحمل، ويجلس على كتاب مفتوح، و فوقه نسران. أما شرح هذه الرموز التي يحتويها  هذا الشعار فهو كالتالي:

1 – التاج في أعلى الشعار يرمز إلى رئاسة البطريركية حتى يتذكر دائمًا أنه أب ورئيس،  أبٌ يعامل أولاده بالمحبّة، ورئيسٌ وقائد يقود القطيع في الطريق المستقيم ليصل بهم إلى ميناء الخلاص.

2-  الصليب الذي يملأ الشعار، وثلاث صلبان من الحجم الصغير (صليب في الطرف الأيمن والآخر في الطرف الأيسر والثالث في الوسط) ترمز لمكان الجلجثة، المكان الذي  صلب فيه رب المجد، وهذا يعني أن إكليل النصرة والبهجة يأتي بالألم والصراع المصبوغة بجراحات يسوع المسيح. وأنه يقبل الآلام والشدائد التي تعوقه في المسيرة بكل صبر وتواضع وإنّ هذه الشدائد والآلام ما هي إلا جزء من مشاركته لسيده يسوع المسيح.

3- القبة ويعلوها مصباح: هي عبارة عن قوس صغير فوق القبة مصباح والمصباح الذي يعلو هذه القبة كقول داود النبي: «كَلِمَتُكَ مِصْباح لِقَدَمي ونورٌ لِسَبيلي» (مزمور119/105)، وأيضًا كقول سليمان الحكيم: «لأَنَّ الوَصِيَّةَ مِصْباح والتَّعليمَ نور وتَوبيخَ التَّأديبِ طَريقُ الحَياة» (أمثال6/23).

4- النجم ينبثق منه ثلاثة شعاعات مضيئة  والنجم  هو الذي دلّ المجوس ليسوع المسيح «فلمَّا سَمِعوا كَلامَ الَمِلكِ ذَهَبوا. وإِذا الَّنجْمُ الَّذي رأَوهُ في المَشرِقِ يَتَقَدَّمُهم حتَّى بَلَغَ المَكانَ الَّذي فيه الطِّفلُ فوَقفَ فَوقَه.  فلمَّا أَبصَروا النَّجْمَ فَرِحوا فَرحاً عَظيماً جِدًّا. وَدخَلوا الَبيتَ فرأَوا الطِّفلَ مع أُمِّه مَريم. فجَثَوا له ساجِدين، ثُمَّ فتَحوا حَقائِبَهم وأَهْدَوا إِليه ذَهباً وبَخوراً ومُرًّا » (مت2/9-11). النجمة هي رمز لنجمة الصبح السيدة العذراء التي تتخذها الكنيسة شفيعة للرسالة والتي كانت دائما مع الرسل تحثهم وتشجعهم، وإنّ وجودها بينهم يذكرهم بمعلمهم السيد المسيح فيثبتون في الإيمان. والثلاثة شعاعات المضيئة ترمز للثالوث القدوس.

5- أمّا الأهرامات التي على يمين الصليب فهي رمز لحضارة مصر القديمة التي بشّر فيها القدّيس مرقس الإنجيلي وأصبح الإيمان فيها راسخًا رسوخ هذه الأهرامات الشامخة رغم كل ما قاسه من اضطهاد وعذاب.

6- أمّا الحمل وهو يحمل صليب  كقول يسوع المسيح: «ومَن لم يَحمِلْ صَليَبهُ ويَتبَعْني، لا يَسْتَطيعُ أَن يكونَ لي تِلميذاً » (لوقا14/27).

7- الأسد هو جالس على كتاب مفتوح  يرمز للقدّيس مرقس الإنجيلي وأمامه الإنجيل الذي كتبه لأهل مصر وصار يدافع عنه كالأسد الذي لا يخشى أحداً[4].

8- النسران: النسر الأول فوق الأسد يرمز إلى « سَبيلٌ لم يَعرِفْه الكاسِر ولم تبصرْه عَينُ النَّسْر
 
ولَم تَطأْه الضَّواري ولم يَسلُكْه الأَسَد» (أيوب28/7و8)، والنسر الثاني يرمز إلى أن ترتفع أفكارنا وعقولنا وقلوبنا إلى السماويات، فهو يرمز إلى القوة ونفاذ البصيرة ، وأيضًا إلى عين الله الساهرة على أولاده فقد قيل عن النسر: «مَسكِنُه الصَّخرُ وفيه مبيتُه وعلى أَنفِ الصَّخرِ مَعقِلُه.
 
مِن هُناكَ يَبحَثُ عن قوتِه وعَيناه تَرَيانِه مِن بَعيد»(أيوب 39/28و29). وكما يحرك النسر عشه وعلى فراخه يرف ويبسط جناحيه ويأخذها ويحملها، هكذا الرب دائمًا يحملنا مع أثقالنا على منكبيه ويحلق بنا نحو السماويات: «وكيفَ حَمَلتُكُم على أجنِحَةِ النُّسورِ وجئتُ بكُم إليَ»(خروج19/4)، والنسر يرمز إلى التجديد في الحياة الأبدية: «يُشبِعُ بالطَّيِّباتِ جوعي، فيَتَجدَّدُ كالنَّسْرِ شبابي» (مزمور103/5)، وأيضًا النسر يرمز إلى القوة الروحية: «أمَّا الذينَ يَرجونَ الرّبَّ فتَتَجدَّدُ قِواهُم على الدَّوامِ ويرتَفِعونَ بأجنِحةٍ كالنُّسورِ.ولا يَتعَبونَ إذا ركضوا ويَسيرونَ ولا يكِلُّونَ» (إشعيا 40/31)، فغبطته كانت حياته كلّها يقظة وسهر فينطبق عليه المثل: "له عين مثل النسر".

9-أمّا الكتابة الموجودة أسفل الشعار﴿الإكليل لمن يجاهد شرعيا﴾، فهذه هي الكلمات التي أخذها شعارًا لحياته أن الذي يفوز بالإكليل هو الذي يسلك ويجاهد شرعيًا، والإكليل قال عنه يشوع بن سيراخ: «الَّذي يَتَّقي الرَّبَّ يَعمَلُ ذلك والَّذي يُمسِكُ بِالشَّريعةِ يَنالُ الحِكمَة. تُبادِرُ إِلَيه كأمِّ وتُرَحِّب بِه كاْمرَأَةٍ بكْرٍ. تُطعِمُه خُبْزَ العَقلِ وتَسْقيه ماءَ الحِكَمَة. يَستَنِدُ إلَيها فلا يَنثَني ويَتَمَسَّكُ بِها فلا يُخْزى. فتَرفع مَقامَه عِندَ أَصْحإبِه وتَفتَحُ فاه في الجَماعة.  يَجِدُ السُّرورَ وإِكْليلَ الاْبتِهاج وَيرِثُ اْسماً أَبَدِيًّا» (15/1-6) و«كَثرَةُ الخِبرَةِ إِكْليلُ الشُّيوخ ومَخافَةُ الرَّبِّ فخرُهم» (25/6).

 

3- الأساقفة الذين قام برسامتهم:

1- الأنبا يوحنا كابس في يوم 27 أغسطس 1958 .

2- الأنبا أندراوس غطاس في يوم 9 يونيو 1967 .

3- الأنبا أثناسيوس أبادير في يوم 26 سبتمبر1976

4- الأنبا أنطونيوس نجيب في يوم 9 سبتمبر 1977 .

5- الأنبا يؤانس ملاك في يوم 23 مارس 1979 .

6- الأنبا مرقص حكيم في يوم  6 يونيو1982 .

7- الأنبا إغناطيوس يعقوب في يوم 24 يونيو1983.

 

4- الرهبنيات التي قدمت إلي القطر المصري في عهده:-

1- أخوة يسوع الصغار 1974.

2- جماعة البرادو 1974.

3- راهبات العناية الإلهية 1977.

4- مرسلات المحبة للأم تريزا دي كالكوتا " الراهبات الهنديات"1981م.

5- رهبانية "الماري كنول" 1983.

6- رهبانية بنات مريم الهنديات 1984.

 

5- أعمال غبطته:

1- تأسيس أبرشية الإسماعيلية:

في يوم الجمعة الموافق 17/12/ 1982  تم أقامة أبرشية جديدة مشتقة من الأبرشية البطريركية وتشمل منطقة القنال (بورسعيد، والإسماعيلية، السويس) ومحافظات شرق الدلتا (دمياط وعاصمتها دمياط، والدقهلية وعاصمتها المنصورة، والشرقية وعاصمتها الزقازيق، والقليوبية وعاصمتها بنها) وسميت أبرشية  الإسماعيلية / هيروبوليس. وتم تعين الأنبا أثناسيوس أبادير أسقفا على كرسي الإسماعيلية في أول يناير 1983.

 

2- تأسيس أبرشية سوهاج:

في سنة 1978 احتاج نيافته معاونًا له في أبرشيتي الأقصر وسوهاج فاجتمع السينودس البطريركي ووقع الاختيار على الأب ملاك حنا صليب وذلك بتاريخ 4/12/1978، وتمت سيامته الأسقفية بطهطا في يوم 23/3/1979، واتخذ اسم الأنبا يؤانس.

وفي يومي السبت والأحد 12 و13 سبتمبر سنة 1981 اجتمع السينودس[5] البطريركي بالدار البطريركيَّة بكوبري القبة القاهرة، برئاسة غبطة البطريرك الأنبا إسطفانوس الأول وكاردينال الكنيسة الجامعة وأصحاب النيافة المطارنة: الأنبا يوحنّا نوير مطران كرسي أسيوط، الأنبا يوحنّا كابس أسقف كليوبطريس والمساعد البطريركي، الأنبا أندراوس غطاس مطران كرسي طيبة، وأمين سر السينودس، والأنبا أنطونيوس نجيب مطران كرسي المنيا، والأنبا أثناسيوس أبادير المعاون البطريركي، والأنبا يؤانس ملاك المعاون الأسقفي لأبرشية طيبة، وقرروا إنشاء أبرشية  سوهاج واليك أيها القارئ العزيز نص القرار البطريركيّ بإنشاء الأبرشية:

 « نحن إسطفانوس الأول بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك وكردينال الكنيسة الجامعة. إلى إخوتنا المطارنة والأساقفة وأبنائنا الكهنة والرهبان وأفراد شعبنا المبارك. السلام والبركة في الرب يسوع، وبعد فبموجب السلطان المفوض لنا من الكرسي الرسولي، قررنا مع أعضاء سينودسنا البطريركي ما يلي،

أولاً: تقسيم أبرشية طيبة إلى أبرشيتين:

 أ- أبرشية الأقصر وتشمل محافظتي أسوان وقنا الحاليتين، وتمتد من حدود مصر الجنوبية مع السودان جنوبًا إلى مدينة أبو تشت شمالاً، ويكون مقر كرسي الأبرشية مدينة الأقصر ويظل مطرانها الأنبا أندراوس غطاس،

ب- أبرشية سوهاج وتشمل محافظة سوهاج والتي تمتد من مدينة أبو شوشة جنوبًا إلى طما شمالاً.

 ثانيًا: إنشاء أبرشية سوهاج الجديدة قانونًا بالحدود المذكورة.

 ثالثًا: تعيين نيافة الأنبا يوحنّا نوير مطران كرسي ليكوبوليس أسيوط مديرًا بطريركًا لأبرشية سوهاج الجديدة إلى أن يتم انتخاب أسقف لها،

رابعًا: يصبح هذا القرار نافذ المفعول من تاريخ صدوره.

 صدر من الدار البطريركيَّة بكوبري القبة،

 في 13 سبتمبر 1981،

 16 توت 1698.

                                                                                                   إسطفانوس الأول                   البطريرك »[6].

في الحقيقة أن أول أسقف لأبرشية سوهاج هو الأنبا يؤانس ملاك، لأن نيافته غادر الأبرشية في شهر أكتوبر لسنة 1981، ليعمل في مكتبة الفاتيكان بروما حتى تنيح هناك في يوم 14/1/1985.

 

 

3- بيان للأقباط الكاثوليك من البطريركية الكاثوليكية عن الأحداث الإرهابية بالزاوية الحمراء في 17 يونيو1981[7]:

اجتمع المجلس الطائفي للأقباط الكاثوليك في 24 يونيو الماضي برئاسة غبطة البطريرك الكاردينال إسطفانوس الأول، واستعرض الأوضاع الراهنة إثر الأحداث الأليمة التي وقعت في الزاوية الحمراء. والمجلس المذكور يستنكر بشدة كافة أعمال العنف عامة، والاعتداءات الطائفية خاصة، مادية كانت أم معنوية، حيث أنها تخرج عن التعاليم السامية للأديان السماوية من جهة، وتتعارض تمامًا مع التقاليد التاريخية للشعب المصري من جهة أخرى.

ويحذر كافة المواطنين من المخططات الدنيئة التي تهدف إلى النيل من وحدتهم الوطنية، ويهيب بالمصريين أجمعيين أن يقفوا شعبًا واحدًا موحدًا ضد التيارات العدوانية لوحدته، وأن يكافحوا الكراهية بالحبّ، من أجل مجتمع مصري دائم التطور والتجدد.

كما يعرب عن ثقته التامة في أن حكومة الرئيس السادات، وهي ملمة منذ البداية بمحاولات  التخريب المختلفة، وتحرص كل الحرص على حماية الجبهة الداخلية من أي تصد، من أجل سلامة هذا الوطن وإسعاد الإنسان المصري دون التفرقة بين إسلامه ومسيحيته.

هذا وقد تمّ لقاء يوم السبت الموافق 27 يونيو 1981 بين ممثلي القيادة الكنسية: الأنبا صموئيل أسقف الخدمات للأقباط الأرثوذكس، والأنبا أثناسيوس أبادير النائب البطريركي للأقباط الكاثوليك. والقس صموئيل رئيس الطائفة الإنجيلية والأستاذ أمين فهمي المحامي وبين السيد نبوي إسماعيل نائب رئيس الجمهورية ووزير الداخلية وكان اللقاء بنَّاءًا ومفيدًا من أجل الوحدة الوطنية.

                                                                               رئيس المجلس الطائفي

البطريرك الكاردينال إسطفانوس الأول    

4- غبطته والحوار المسكوني مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:

قام قداسة البابا شنودة الثالث بطريرك الكرسي الإسكندري للكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس بزيارة لمدينة روما عاصمة الكثلكة بناءً على دعوة الحبر الروماني قداسة البابا المعظم بولس السادس وذلك يوم الجمعة الموافق 4 مايو1973، ورافق قداسة البابا شنودة الثالث وفد مكون من تسعة مطارنة مصريين ومطرانيين أحباش وبعض العلمانيين وهم أصحاب النيافة:

1- الأنبا إبرام أسقف الفيوم.

2- الأنبا أثناسيوس أسقف بني سويف.

3- الأنبا باخميوس أسقف ليبيا.

4- الأنبا باسيليوس أسقف  القدس.

5- الأنبا صموئيل أسقف الخدمات.

6- الأنبا صموئيل أسقف الحبشة.

7- الأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي.

8- الأنبا مرقس أسقف أبو تيج.

9- الأنبا مركوريوس أسقف الحبشة

10- الأنبا ميخائيل أسقف  أسيوط.

11- الأنبا يؤنس أسقف طنطا.

والمهندس إبراهيم نجيب والسيد أمين عبد النور وبعض الكهنة والعلمانيين،

وكانت المقابلة الرسمية بين الحبرين الجليلين صباح يوم السبت الموافق  5 مايو1973 وفي يوم الأحد  مايو 1973 أقيم الاحتفالي الرسمي بإقامة الذبيحة الإلهية للذكرى المئوية السادسة عشرة لوفاة القديس أثناسيوس الرسولي وترئس الذبيحة الإلهية قداسة البابا بولس السادس بحضور قداسة البابا شنودة في كنيسة القديس بطرس الرسول هامة الرسل وفي صباح  يوم الخميس الموافق 10 مايو 1973، سلمه شريحة من جسد القديس أثناسيوس الرسولي، وأيضًا تقابل البابا بولس السادس والبابا شنودة الثالث.

 أ- وصدر هذا البيان المشترك الذي صدر عن قداسة البابا بولس السادس وقداسة البابا شنوده الثالث ووقعَّا عليه يوم 10 مايو 1973 بالفاتيكان وها نصه[8]:

«بولس السادس، أسقف رومة  وبابا الكنيسة الكاثوليكية. شنوده الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرسي المرقسي، يقدمان الشكر لله في الروح القدس، إذ إنّه، بعد عودة رفات القديس مرقس إلى مصر، قد نمت العلاقات بين كنيستي رومة والإسكندرية. وازدادت بعد ذلك الحدث العظيم، وحتى أمكن الآن أن يصير بينهما لقاء شخصي. وهما يرغبان، في ختام اجتماعاتهما ومحادثتهما، أن يقرِّا معًا ما يلي:

لقد تقابلنا، تحدونا الرغبة في تعميق العلاقات بين كنيستنا وإيجاد وسائط واضحة المعالم وفعّالة للتغلّب على العقبات التي تقف عائقًا، في سبيل تعاون حقيقي بيننا في خدمة ربّنا يسوع المسيح الذي أعطانا خدمة المصالحة لنصالح العالم فيه (2 كو5/18-20)[9].

وطبقًا لتقاليدنا الرسولية المسلَّمة لكنيستنا والمحفوظة فيهما، ووفقًا للمجامع المسكونية الثلاثة الأولى، نقرّ بأن لنا إيمانًا واحدًا، بإله واحد مثلث الأقانيم، كلمة الله وضياء مجده وصورة جوهره، الذي تجسد من أجلنا، متخذًا له جسدًا حقيقيًا ذا نفس ناطقة عاقلة، وصار مشاركًا إيّانا في إنسانيتنا، ولكن بغير خطيئة.

ونقرّ بأن ربّنا وإلهنا وملكنا كلنا، يسوع المسيح، إله كامل من حيث لاهوته، إنسان كامل من حيث ناسوته، وأن فيه قد اتّحد اللاهوت بالناسوت اتّحادًا حقيقيًا كاملاً بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تشويش ولا تغيير، ولا تقسيم، ولا افتراق. فلاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة أو طرفة عين، وأنّه، وهو الإله الأزلي الأبدي غير المنظور، صار منظورًا في الجس واتَّخذ صورة عبد وفيه حُفظت كل خصائص اللاهوت وكل خصائص الناسوت جميعًا باتّحاد حقيقي كامل، اتّحاد لا يقبل التجزئة أو الانقسام ولا يقبل الانفصال.

وقد أعطيت لنا الحياة الإلهية، وهي تنمو فينا بواسطة أسرار المسيح السبعة في كنيسته: المعمودية، التثبيت، القربان المقدّس، التوبة، مسحة المرضى، الزواج، الدرجات المقدّسة (الكهنوت).

ومنحن نكرم العذراء مريم أمّ النور الحقيقي، ونعترف بأنها دائمة البتولية وأنّها والدة الإله، وأنّها بصفتها والدة الإله تفوق كرامتها جميع الطغمات الملائكية.

ولنا- إلى حد كبير- المفهوم الواحد عن الكنيسة التي أسّسها الرسل، والمفهوم الواحد أيضًا عن الدور المهم للمجامع المسكونية والمحلّية».

 

ب- تحليل الاعتراف الإيماني الموحد بشأن المسيحانية:

نعترف بالإيمان الواحد بالله الواحد والثالوث، بألوهية الابن الوحيد الله الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، كلمة الله، شعاع مجده، التعبير جوهره، الذي تجسّد لأجلنا دامجًا لأجل ذاته جسدًا حقيقيًا ونفسًا عاقلة، الذي شارك في إنسانيتنا ما عدا الخطيئة.

نعترف أن سيدنا وإلهنا، ومخلّصنا وملكنا كلّنا يسوع المسيح هو إله حقيقي بحسب الألوهية، وإنسان حقيقي بحسب الإنسانية. فيه ألوهيته متّحدة بإنسانيته في وحدة حقيقية بدون اختلاط ولا انصهار ولا امتزاج، بدون تغيير ولا انقسام ولا انفصال. إن ألوهيته لم تفارق قط إنسانيته لحظة واحدة ولا غمضة عين. هو، الإله الأزلي غير المرئي، أصبح مرئيًا في جسده، واتّخذ شكل العبد. فيه تُحفظ كلّ خصائص الألوهية والإنسانية، متّحدة بطريقة حقيقية وكاملة لا تقبل الانقسام ولا الانفصال.

 

ج- اللجنة المشتركة بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية القاهرة في 26-30 مارس 1974:

عقد أول اجتماع للجنة المشتركة في الفترة من 16 إلى 20 مارس 1974 بالقاهرة، وذلك بالمقر البابوي بالأنبا رويس، وافتتح الاجتماع قداسة البابا شنوده الثالث وغبطة أبينا الكاردينال الأنبا إسطفانوس الأول، وأيضاً سفير الفاتيكان في مصر. وها نص البيان المشترك وهو بيان عن موضوع لاهوت المسيح:

«في ما يتعلق بفهم كنيستنا عن موضوع لاهوت المسيح، وكعلامة لنموّ جديد في ما أكّده رؤسائنا الدينيون في بيانهم المشترك، اتّفق أعضاء اللجنة المختلطة على الآتي:

1- إننا نعترف بأن الوحدة التي تمّت في التجسد بين لاهوت السيد المسيح وناسوته هي سرّ لا يسع العقل البشري أن يستوعبه، وهو فوق كل وصف وتعبير وتحديد.

2- يجب أن نعترف، بكلّ تواضع، بقصور عقلنا عن إدراك هذه الحقيقة. وهل لنا من الكفاءة أن نجد في لغتنا البشرية الكلمات المناسبة للتعبير تمامًا عنها؟.

 3- بحسب حقيقة خلاصنا التي أوحاها لنا الروح القدس في الكتب المقدسة وتقليد الآباء المشترك، قبل الانفصال، نعترف معًا بأنّ أحد أقانيم الثالوث الأقدس، والأقنوم الثاني الذي هو إله حقيقي، اتّخذ جسدًا حقيقيًا، فيه نفس عاقلة،من العذراء القديسة مريم، وذلك لتدبير خلاصنا، وأن هذا الجسد الحي لم يوجد قبل الوحدة، ولكنه بقى جسدًا بالرغم من تمجيده، بعد القيامة والصعود اللائقين بالله. وأنه، في اللحظة ذاتها التي اتّخذ فيها كلمة الله جسدًا في أحشاء العذراء، اتّحد الأقنوم الثاني للثالوث الأقدس بالناسوت الكامل الذي اتّخذه من العذراء، وأصبح الكلمة نفسه الواحد ذاته، والمساوي للآب في الجوهر بحسب ألوهيته، مساويًا لنا بحسب إنسانيته.

4- كما أننا نعترف بالإيمان المعلن أعلاه، وفقًا للمجامع المسكونية الثلاثة الأولى، ولا نعترف بالأريوسية والأبولينارية والنسطورية والأوطيخية، بل نعترف بالإيمان المعبَّر عنه ف قانون إيمان مجمعَي نيقية والقسطنطينية. ولا نزال نحتاج إلى تعبير للمصالحة بين ما يعتقد به الأرثوذكس وغير الخلقدونيين: طبيعة من طبيعتين أو طبيعة تملك خصائص الطبيعتين وصفاتهما، وبين ما يعتقد به الكاثوليك الخليقدونيون: طبيعة من طبيعتين.

5- إننا نقبل وحدة حقيقية كاملة في السيد المسيح، لا افتراقًا أو توفيقًا بين أقنومَين أو كيانَين. عندما يرفض الطرف الأرثوذكسي الثنائية فيه، إنما يرغب في التأكيد على أن كل عمل يقوم به السيد المسيح إنما هو فعل الكلمة المتجسّد، ولا أن بعض أعماله تنسب إلى ألوهيته فقط، وبعضهما الآخر إلى إنسانيته فقط، كما يبدو. وعندما يعترف الكاثوليك بإيمانهم في السيد المسيح، لا ينفون حينئذٍ ما يقوله الأرثوذكس، بل يريدون إظهار أن جميع خصائص اللاهوت والناسوت مصونة في السيد المسيح، وهذا ما لا يزال الأرثوذكس يعترفون به.

6- عندما يعترف الأرثوذكس بأن لاهوت السيد المسيح وناسوته متّحدان في طبيعة واحدة، لا يعنون، بكلمة طبيعة، طبيعة محض وبسيطة، بل بالأحرى طبيعة مركّبة يتّحد فيها اللاهوت والناسوت بطريقة غير قابلة للانفصال والاختلاط. وعندما يعترف الكاثوليك بأن يسوع المسيح واحد في طبيعتين، لا يفصلون فيه اللاهوت عن الناسوت ولا غمضة عين، بل يحاولون بالأحرى تفادي الاختلاط والمزج والتشويش والتغيير.

7- يشدّد الطرف الأرثوذكسي، في وحدة السيد المسيح، على حقيقة ناسوته، لأن خلاص الجنس البشري لا يمن أن يكون إلاّ فعل كلمة الله المتجسّد. واللاهوت لم يفارق، في المسيح، بل لم يكن في استطاعته أن يفارق، الناسوت لحظة واحدة  أثناء الصلب أو بعده. وفي سرّ القربان، يشترك المؤمن جسد السيد المسيح ودمه، ما يؤكد واقع ناسوته. ومن جهة أخرى، ويشدّد الطرف الأرثوذكسي على حقيقة لاهوت السيد المسيح، الكلمة الذي كان ولا يزال الإله الحقيقي المتجسّد. ولذلك فإن قيامة السيد المسيح هي بداهة نتيجتها اللاهوت، ممَّا يشرح الأهمية المعروفة التي يوليها الأرثوذكس لعيد القيامة المجيد.

8- وهذا الاهتمام هو بالذات اهتمام الكاثوليك بأن يعترفوا بحقيقة الناسوت في السيد المسيح كوسيلة ضرورية لخلاصنا. ولكنهم يؤكّدون أيضًا أن خلاصنا فعل خاص بكلمة الله. ويعتقدون أيضًا بأنه لم يحصل قط انفصال بين اللاهوت والناسوت في يسوع المسيح في لحظة الصلب ولحظة الموت، وفي النزول إلى الجحيم.

9- هذا هو إيماننا في سر تجسّد سيدنا يسوع المسيح وفي سرّ تدبير خلاصنا. وفي هذا نحن كلنا متّفقون.

10- واللجنة المشتركة مقتنعة بأن هذا البيان يستطيع أن يخدم، لا كنيستنا فقط، بل يمكن أن يُستعمل مثالاً للتعبير الصادق لعقائدنا، وفي علاقتنا مع سائر الكنائس والطوائف المسيحية الأخرى».

وتوالت اجتماعات اللجنة بالقاهرة حيث عقد الاجتماع الثاني في الفترة من 26 إلى 31 أكتوبر 1974، وتم فيه البحث في أسس الوحدة المنشودة التي تقوم على وحدة الإيمان والتقليد والحياة الكنسية كما كانت عليه قبل انعقاد مجمع خلقيدونية (451)، وطلبت اللجنة إعداد عدة دراسات في هذا الصدد. وتم استكمال مناقشة هذا الموضوع في الاجتماع الثالث الذي عقد في الفترة من 27 أكتوبر إلى أول نوفمبر 1975. وفي الاجتماع الرابع تم بحث دور المجامع المسكونية والأسرار وعلاقتها بالكنيسة وسر الخلاص، إلى جانب بحث بعض المبادئ العامة المتعلقة بالعلاقات بين الكنيستين. هذا وقد تم وضع بروتوكول للحوار المسكوني بين الكنيستين الكاثوليكية والقبطية الأرثوذكسية.

د- بيان من سينودس الأقباط الكاثوليك:

في يوم الأربعاء 11 هاتور سنة 1691 للشهداء الأطهار الموافق 20 نوفمبر 1974 انعقد السينودس المقدس لكنيسة الإسكندرية للأقباط الكاثوليك برئاسة صاحب الغبطة أبينا البطريرك الكاردينال الأنبا إسطفانوس الأول، وأعضاء السينودس المقدس أصحاب النيافة:

1- الأنبا إسحق غطاس مطران كرسي المنيا.

2- الأنبا يوحنا نوير مطران كرسي أسيوط.

3- الأنبا أندراوس غطاس مطران كرسي طيبة الأقصر.

4- الأنبا يوحنا كابس المعاون البطريركي.

وها نص البيان :

«إلى حضرات الآباء الكهنة وأفراد الشعب القبطي الكاثوليكي

نعمة وسلام في الرب يسوع..

يخالج أعضاء سينودس الأقباط الكاثوليك في هذه الآونة شعوران:

الشعور الأول:

إننا كمسئولين عن طائفة الأقباط الكاثوليك نعتز بالبيان الذي صدر في روما والقاهرة أثناء زيارة قداسة البابا شنوده الثالث لقداسة البابا بولس السادس في شهر مايو 1973.

وقد شكرنا الله تعالى عندما تم الاتفاق بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية على تكوين لجنة مشتركة للحوار بين الكنيستين، ومما يجدر بالذكر أن اللجنة الكاثوليكية تضم بين أعضائها ثلاثة من الأقباط الكاثوليك. وقد انبثقت من اللجنة العليا لجنة محلية وفرعية مشتركة، من اختصاصها ضمان الاتصال المستمر بين الكاثوليك والأقباط الأرثوذكس لإيجاد الوسائل الملائمة التي تؤدي إلى مزيد من التعاون بين الإخوة المسيحيين.

 

الشعور الثاني:

وإننا كمسئولين عن طائفة الأقباط الكاثوليك نزداد إحساسًا بالمسئولية إزاء الكنيسة الجامعة. فنحن لنا كيان كنسي باعتبار أننا جزء لا يتجزأ من هذه الكنسية الجامعة ولنا كيان مدني معترف به في من الدستور. وهذا يدعونا إلى أن نواصل بذل المجهودات المتزايدة في سبيل الحركة المسكونية إلى أن تتم الوحدة التي يردها السيد المسيح له المجد.

وسنواصل تأدية رسالتنا مع التغلب على العقبات القائمة في سبيل التعاون الحقيقي معتمدين على المحبّة الصادقة التي العنصر الأساسي للسعي نحو الشركة الكاملة، وذلك في سبيل مجد الله وخلاص النفوس.

 

توقيعات

 إسطفانوس الأول            إسحق غطاس         يوحنا نوير       أندراوس غطاس        يوحنا كابس   

البطريرك الكاردينال          مطران المنيا         مطران أسيوط        مطران طيبة       المعاون البطريركي»[10] .  

 

 

 

5- تشييد الكنائس:

في الجيزة، عزبة القصيرين، كاتدرائية القيامة، العائلة المقدسة بدرب الجنينة، وعين شمس، ترميمات وإصلاحات في كنيسة السجود بشبرا، المحلة الكبري، طنطا، وزفتى، وشبين الكوم، والملاك ميخائيل بالإسكندرية.

 

6- فتح معهدين للإكليريكية:

افتتح غبطته معهدين للإكليريكية تعتبر كمعاهد تحضيرية للمعهد المتوسط والعالي وهما معهد الإسكندرية، ومعهد طهطا اللذان يغذيان المعهد العالي بطلبة ممتازين بعد أن تعلموا التقوى والفضيلة فيهما منذ الصغر.

7- الكتب الطقسية التي طبعت في عهد غبطته:

1- كتاب  «خولاجي كنيسة الإسكندرية»، روما، 1971.

2- كتاب «خدمة الراعي»، القاهرة، 1978.

3- كتاب «قطمارس الأناجيل حسب طقس كنيسة الإسكندرية»، القاهرة، 1980.

8- أسس غبطته المجلس الاستشاري الرعوي ومجلس الفتوى الذي يبت في مشاكل الأسرة[11].

9- الرسائل الرعوية لغبطته:

1- الرسالة الرعوية بمناسبة الفصح المبارك في مارس 1959.

2- الرسالة الرعوية بمناسبة الصوم الأربعيني في فبراير1960.

3- الرسالة الرعوية بمناسبة الصوم الأربعيني في فبراير1961.

4- الرسالة الرعوية بمناسبة الصوم الأربعيني في مارس 1962.

5- الرسالة الرعوية بمناسبة الصوم الأربعيني في مارس 1963.

6- الرسالة الرعوية بمناسبة الصوم الأربعيني في فبراير 1964.

7- الرسالة الرعوية بمناسبة الصوم الأربعيني في فبراير 1965.

8- الرسالة الرعوية بمناسبة الصوم الأربعيني في مارس 1966.

 

10- غبطته والبعثة التي أوفدها إلى الحبر الروماني قداسة البابا بولس السادس عقب الاعتداء الصهيوني الغاشم في السنة 1967:

يكتب الطيب الذكر مثلث الرحمات الأنبا يوحنا كابس: "… أما في المجال الوطني فله مواقف تدل على أنه رجل الواجب، والمواطن الذي يعتز بوطنه ويفخر به. فما من فرصة أو مناسبة إلا وقام بواجب المواطن المقدر للمسئولية، وذلك إما بالاشتراك شخصيًا وإما بالتصريحات الرسمية في المجلات والصحف والإذاعة داخل البلاد وخارجها، وكلّها تنم على وطنية صادقة،… لم ينس قضية مصر بل تناول الحديث مرارًا ودافع عنها بكل دقة وبكل شجاعة، وإن ننسى لا ننسى عندما  قام غبطته بإرسال بعثة إلى الجالس على عرش القديس بطرس الرسول هامة الرسل قداسة البابا بولس السادس لتعرض على قداسته قضية الاعتداء الصهيوني. وتشرحها للأوساط الإيطالية المختلفة. وقد قامت البعثة بواجبها خير قيام، حتى أنه بعد تسعة أيام عمل، صباحًا ومساءً،  عادت إلى مصر، وقدمت تقريرها إلى السلطات المختصة، وإذ بالسيد وزير الخارجية يصرح بقوله:  «لقد لمسنا كل شيء فقد قمتم بعمل إيجابي يقدر بملايين الجنيهات، والفضل يرجع إلى غبطة البطريرك الأنبا إسطفانوس الأول الذي أوفدكم إلى قداسة البابا»[12].

وعلى أثر هذا الحدث الأليم قد سطّر المتنيح مثلث الرحمات الأنبا يوحنا كابس المعاون البطريركي للأقباط الكاثوليك موضوعًا بخصوص الاعتداء الصهيوني الغاشم وعنوانه:﴿كيان إسرائيل غير قانوني… تاريخيا ودينيا وإنسانيا﴾ وها نص الموضوع[13]:

«لقد نشر الصهيونيون الأضاليل والظلمات في أنحاء العالم بدعايتهم السفطسية المسمومة مستغلين أموالهم وتغلغلهم في الأوساط الاجتماعية. وقد نجحوا فعلاً في تضليل الكثيرين من المسئولين والحكام في دول عديدة مستندين على ما يسمونه الحق التاريخي والحق الديني والحق الإنساني ليبرروا إنشاء إسرائيل في قلب الوطن العربي.

وقد صاغوا أدلتهم في قالب: يقبله الغافل عن الحقيقة ويمجه الباحث المتيقظ. ولذا فنريد أن نلقي قبسا من النور على هذه الظلمات وهذه الأضاليل لنبين أن كيان إسرائيل غير قانوني تاريخيا ودينيا وإنسانيا.

أولاً: كيان إسرائيل غير قانوني تاريخيا: 

 مرت الحركة الصهيونية بأطوار مختلفة قبل أن تصل إلى السياسة الحاضرة. ويعتبر مؤسسها، هو الصحفي النمساوي (تيودور هرزل) الذي أصدر كتاب: «الدولة اليهودية» سنة 1896 وهو صاحب الدعوة إلى مؤتمر ((بال)) في 29 أغسطس 1897 وفيه عرض على أعضاء المؤتمر فكرة إنشاء مركز وطني يهودي في فلسطين يضم اليهود النازحين من أنحاء العالم. ورغمًا عن أن الفكرة لم ترق في أعين جماعات كثيرة من اليهود إلا أن المحبذين للفكرة انتصروا على المعترضين ووضعوا خططًا محددة لإعداد المشروع وإنجازه. وكان أول أساس أراد الصهيونيون الارتكاز عليه هو ترويج فكرة وجود شعب يهودي وجنس يهودي وأمه يهودية متسلسلة من العبرانيين القدماء. وأن اليهود ليسوا مرتبطين ببعضهم بعضًا برباط الدين فقط ولكنهم يكونون أمّة مميزة عن غيرها. وفعلاً أخذت الحركة الصهيونية تروج هذه الفكرة في الدول الأوربية وخاصة في الجماعات اليهودية المنتشرة في بلاد مختلفة.

والحال، يشهد التاريخ أن اليهود الحاليين ليسوا كلّهم من سلالة العبرانيين، وأنهم إذا كونوا، في وقت من الأوقات، أمّة حقيقية، فهذا الوقت كان وجيزًا جدًا وقد اضمحلت هذه الأمّة واختفت تمامًا.

فإنّ مدة ملك داود وملك سليمان لم تدم إلا ثمان وسبعين سنة. وحتى مملكتا يهوذا وإسرائيل اللتان أسستا على أنقاض المملكة الموحدة لم يلعبا في تاريخ اليهودية إلا دورًا محدودًا وثانويًا. فإن مملكة إسرائيل قد تلاشت في الإمبراطورية الآشورية منذ سنة 722 قبل الميلاد وسقطت مملكة يهوذا في أيدي الفرس سنة 587 قبل الميلاد ولم تبق ذكرى لهاتين المملكتين في التاريخ السياسي والاجتماعي ولكن فقط ذكري دينية عابرة.

وإذا ألقينا نظرة على اليهود الذين نزحوا من البلاد المختلفة واستوطنوا في فلسطين نجزم أنهم ليسوا من سلالة العبرانيين القدماء الذين سكنوا الأراضي المقدسة. فإنه قد حدث أن انضم عدد كبير من أوربا إلى اليهودية، فسي القرون الوسطي. وفي عهد الأتراك الذين سادوا على روسيا الجنوبية الشرقية انضمّ عدد كبير من اليهود وعلى رأسهم الملك (بولان) في سنة 740 ميلادية. وفي القرن الثامن عشر انضم أيضًا عدد كبير إلى اليهودية تحت تأثير اليهود البيزنطيين وكثر عدد المنضمين في القوقاز وانتشروا في أوربا الوسطي وفي بروسيا وبولندا وروسيا وهاجر عدد كبير منهم إلى الولايات المتحدة، منهم هؤلاء الذين نزحوا إلى إسرائيل أو بالحري سلالتهم وهم الذين هؤلاء يديرون سياستها الآن. كما لا ننسى أنه يوجد يهود صفر وسود وملابار وأحباش!…         فهل يمكن بعد هذا أن يعتبر اليهود أمّة حقيقية بينما الخلاف واضح في الجنس واللغة والأصل والتقاليد وحتى في المعتقد؟..

ولقد عبر عن ذلك كبار الشخصيات اليهودية فنرى مثلاً حاخام بريطانيا الأكبر (هيرمان أولير) يصرح بقوله سنة 1878: «أنه منذ أن احتل الرومان فلسطين لم يعتبر اليهود جماعة سياسية. فنحن اليهود نرتبط من الناحية السياسية بالوطن الذي نقيم فيه. فنحن بكل بساطة: إنجليز أو فرنسيون أو ألمان مع الاحتفاظ طبعا بعقائدنا الدينية الخاصة. إلا أننا نفترق عن المواطنين الذين يعتنقون دينًا آخر، بل إننا نساهم معهم في سبيل ارتقاء شأن الوطن الذي يأوينا والتمتع بحقوق وواجبات هؤلاء المواطنين».

وقد أكد هذا التصريح الحاخام الأمريكي (وايس) سنة 1883 لا بل أكثر من ذلك فإن المؤتمر اليهودي الذي عقد في الولايات المتحدة في (بيتسبورج) سنة 1885 تبنى أيضًا هذا التصريح الذي جاء فيه: «نحن اليهود لا نعتبر أنفسنا (أمّة) ولكنا جماعة دينية فقط، فلا نفكر إذن في العودة إلى فلسطين ولا في إحياء الشرائع الخاصة بالدولة اليهودية».

نستنتج مما سردناه أن ما يدعى(الحق التاريخي) الذي يريد الصهيونيون الاستناد إليه لإنشاء إسرائيل: لا وجود له بشهادة التاريخ ذاته وبشهادة كبار الشخصيات اليهودية التي لا تريد الارتباط بالحركة الصهيونية الإمبريالية.

 

 ثانيًّا: كيان إسرائيل غير قانوني دينيا:

أراد الصهيونيون أن يتذرعوا بالدين ليتخذوا منه ما يسمى(بالحق الديني) لتبرير إنشاء إسرائيل في فلسطين.

ورغم أن اليهود قد استوطنوا، عبر الأجيال، بلادنا مختلفة وتمتعوا بجنسيات هذه البلاد وادمجوا فيها وتمتعوا بحقوق وواجبات مواطنيها، إلا أن بعض المتعصبين والمتهوسين منهم بالسلالة العبرانية ادعوا أن الوعد الذي جاء في التوراة يخول لهم، أي للشعب اليهودي، أن يستعيد حقوقه ومكانته وبالتالي كيانه السابق وتسلطه على فلسطين(أرض الميعاد). وقد استغل الصهيونيون هذا الادعاء رابطين الوجهة الدينية باحتلال فلسطين وبالتالي، بإنشاء إسرائيل.

فقد جاء في سفر التكوين في الفصل الخامس عشر، في العدد الثامن عشر: «في ذلِك اليَوم قَطَعَ الرَّبُّ معَ أَبْرامَ عَهْدًا قائلاً: لِنَسلِكَ أُعْطي هذِه الأَرض مِن نَهْر مِصْرَ إِلى النَّهْرِ الكَبير، نَهْرِ الفُرات» هذا هو الوعد الذي يستند إليه الصهيونيون لتبرير احتلال فلسطين. والحال أن هذا الوعد قد تم منذ أربعة آلاف سنة وقد بته الله لذرية إبراهيم كلها، أي على الأقل لابنيه، أي لليهود (بواسطة إسرائيل) وأيضًا للعرب (بواسطة إسماعيل). وحسب تأكيد مفسري الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد/ والشهيرين، فإن الآيات التي تشير إلى إسرائيل لا تعنى إسرائيل كدولة معينة قائمة في مكان معين لها كيانها السياسي والاقتصادي ولكنها تشير إلى جميع الشعب المؤمن: (إسرائيل الله)، (شعب الله المؤمن).

ثمّ نبوءة العودة إلى أرض الميعاد قد تمت عندما اليهود إلى بلاد اليهودية بعد سبيهم وأقاموا حائط أورشليم وأعادوا بناء الهيكل. فلا يوجد في التوراة وعد(برجوع ثان). حتى إن بعض اليهود المقيمين بفلسطين يعتبرون إنشاء إسرائيل والعودة إليها بعد ألفي سنة مخالفًا للوعد الذي جاء في الكتاب وبالتالي مخالفًا لإيمانهم.

كما لا يخفي أن الوعد الذي بته الله مع إبراهيم قد نقض بجحود اليهود كما بين ذلك السيد المسيح له المجد بمثل الكرامين الخونة:

أ- رواية المثل بحسب القديس متى الإنجيلي (21/23-46):

« ودخَلَ الهَيكل، فَدنا إِلَيه عُظَماءُ الكَهَنَةِ وشُيوخُ الشَّعبِ وهَو يُعَلِّمُ وقالوا لَه: بِأَيِّ سُلطانٍ تَعمَلُ هذِه الأَعمال؟ ومَن أَولاكَ هذا السُّلطان؟ فأَجابَهم يسوع: وأنا أسأَلُكم سُؤالاً واحِداً، إن أَجَبتُموني عَنه، قُلتُ لَكم بِأَيِّ سُلطانٍ أَعمَلُ هذه الأعْمال: مِن أَينَ جاءت مَعمودِيَّةُ يوحَنَّا: أَمِنَ السَّماء أَم مِنَ النَّاس؟ فقالوا في أَنفُسِهم: إِن قُلْنا: مِنَ السَّماء، يَقولُ لَنا: فلِماذا لم تُؤمِنوا بِه؟ وإن قُلْنا مِنَ النَّاس، نَخافُ الجَمعْ، لأَنَّهم كُلَّهم يَعُدُّونَ يوحَنَّا نَبِيّاً. فأَجابوا يسوع: لا نَدري. فقالَ لَهم:وأَنا لا أَقولُ لَكم بِأَيِّ سُلطانٍ أَعمَلُ هذهِ الأَعمال. ما رَأيُكم؟ كانَ لِرَجُلٍ ابنان. فدَنا مِنَ الأَوَّلِ وقالَ له: يا بُنَيَّ، اِذهَبِ اليَومَ واعمَلْ في الكَرْم. فأَجابَه: لا أُريد. ولكِنَّه نَدِمَ بَعدَ ذلك فذَهَب. ودَنا مِنَ الآخَرِ وقالَ لَه مِثلَ ذلك. فَأَجابَ: ها إِنِّي ذاهبٌ يا سيِّد! ولكنَّه لم يَذهَبْ. فأَيُّهما عَمِلَ بِمَشيئَةِ أَبيه؟ فقالوا: الأَوَّل. قالَ لَهم يسوع: الحَقَّ أَقولُ لكم: إِنَّ الجُباةَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إِلى مَلَكوتِ الله. فَقَد جاءَكُم يوحَنَّا سالِكاً طريقَ البِرّ، فلَم تُؤمِنوا بِه، وأَمَّا العشَّارونَ والبَغايا فآمَنوا بِه. وأَنتُم رَأَيتُم ذلك، فلَم تَندَموا آخِرَ الأَمرِ فتُؤمِنوا بِه. إِسمَعوا مَثَلاً آخَر: غَرَسَ رَبُّ بَيتٍ كَرْماً فَسيَّجَه، وحفَرَ فيه مَعصَرَةً وبَنى بُرجاً، وآجَرَه بَعضَ الكرَّامين ثُمَّ سافَر. فلمَّا حانَ وَقتُ الثَّمَر، أَرسَلَ خَدمَه إِلى الكَرَّامينَ، لِيَأخُذوا ثَمَرَه.  فأَمسَكَ الكرَّامونَ خَدَمَه فضرَبوا أَحدَهم، وقتَلوا غيرَه ورَجَموا الآخَر. فأَرسَلَ أَيضاً خَدَماً آخَرينَ أَكثرَ عَدداً مِنَ الأَوَّلينَ، ففَعلوا بِهِم مِثلَ ذلِك. فأَرسَلَ إِليهِمِ ابنَه آخِرَ الأَمرِ وقال:سيَهابونَ، ابْني. فلَمَّا رَأَى الكرَّامونَ الابنَ، قالَ بَعضُهم لِبَعض: هُوَذا الوارِث، هَلُمَّ نَقتُلْهُ، ونَأخُذْ مِيراثَه. فأَمسَكوهُ وأَلقَوهُ في خارِجِ الكَرْمِ وقتَلوه. فماذا يَفعَلُ رَبُّ الكَرْمِ بِأُولئِكَ الكَرَّامينَ عِندَ عَودَتِه؟ قالوا له: يُهلِكُ هؤُلاءِ الأَشرارَ شَرَّ هَلاك، ويُؤجِرُ الكَرْمَ كَرَّامينَ آخَرينَ يُؤَدُّونَ إِليهِ الثَّمَرَ في وَقْتِه. قالَ لَهم يسوع: أَما قَرأتُم قَطُّ في الكُتُب: الحَجَرُ الَّذي رذَلَهُ البنَّاؤُونَ هو الَّذي صارَ رَأسَ الزَّاوِيَة. من عِندِ الرَّبِّ كانَ ذلك وهو عَجَبٌ في أَعيُنِنا. لِذلكَ أَقولُ لَكم: إِنَّ مَلكوتَ اللهِ سَيُنزَعُ مِنْكُم، ويُعطى لأُمَّةٍ تُثمِرُ ثَمرَه. مَن وَقَعَ على هذا الحَجَرِ تَهَشَّم، ومَن وَقَعَ عَلَيه هذا الحَجَرُ حَطَّمَه. فَلَمَّا سَمِعَ عُظَماءُ الكَهَنَةِ والفِرِّيسيُّونَ أَمثالَه، أَدرَكوا أَنَّه يُعَرِّضُ بِهِم في كلامِه فحاولوا أَن يُمسِكوه، وَلكِنَّهم خافوا الجُموعَ لأَنَّها كانت تَعُدُّه نَبِيّاً».

 

ب- رواية المثل بحسب القديس مرقس الإنجيلي(12/1-12):

« وأَخَذَ يُكَلِّمُهُم بالأَمثالِ قال: غَرَسَ رجُلٌ كَرْماً فَسيَّجَه، وحَفَرَ فيه مَعْصَرَةً وبَنى بُرجاً، وآجَرَه بَعضَ الكَرَّامين ثُمَّ سافَر. فلَمَّا حانَ وقتُ الثَّمَر، أَرسلَ خادِماً إِلى الكَرَّامين، لِيأخُذَ مِنهُم نَصيبَه مِن ثَمَرِ الكَرْم. فأَمسَكوه وضَرَبوه، وأَرجَعوه فارِغَ اليَدَين. فأَرسَلَ إِلَيهِم خادِماً آخَر، وهذا أَيضاً شَجُّوا رأسَه وأَهانوه.  فأَرسَلَ آخَر، وهذا أَيضاً قتَلوه. ثُمَّ أَرسَلَ كثيرينَ غَيرَهم، فضَربوا بَعضَهم وقَتَلوا بَعضَهم.فبَقِيَ عِندَه واحِدٌ وهو ابنُه الحَبيب. فأَرسَلَه إِلَيهم آخِرَ الأَمرِ وقال: سَيهَابونَ، ابني. فقالَ أُولِئكَ الكَرَّامونَ بَعضُهم لِبَعْض: هُوَذا الوارِث، هَلُمَّ نَقتُلْه، فيَكونَ الميراثُ لَنا. فأَمسَكوهُ وقتَلوه وأَلقَوْهُ في خارِجِ الكَرْم.فماذا يَفعَلُ رَبُّ الكَرْم ؟ يَأتي ويُهلِكُ الكَرَّامين، ويُعطي الكَرْمَ لآخَرين. أَوَما قَرأتُم هذِه الآية: الحَجَرُ الَّذي رَذلَه البَنَّاؤون هو الَّذي صارَ رأسَ الزَّاوِيَة. من عِندِ الرَّبِّ كانَ ذلك وهو عجَبٌ في أَعيُنِنا  فحاوَلوا أَن يُمسِكوه، ولكِنَّهم خافوا الجَمْع، وكانوا قد أَدرَكوا أَنَّه يُعَرِّضُ بِهم في هذا المَثَل، فتَركوه وانصَرَفوا».

 

ج- رواية المثل بحسب القديس لوقا الإنجيلي(20/9-19):

 « وأَخَذَ يَضرِبُ لِلشَّعبِ هذا المَثَلَ قال: غَرَسَ رَجُلٌ كَرْماً فآجَرَه بَعضَ الكَرَّامين وسافَرَ مُدَّةً طَويلة. فلمَّا حانَ وَقتُ الثَّمَر، أَرسَلَ خادِماً إِلى الكَرَّامين، لِيُؤَدُّوا إِلَيهِ نَصيبَه مِن ثَمَرِ الكَرْم، فضَرَبَه الكَرَّامون وصَرَفوه فارغَ اليَدَيْن. فأَرسَلَ خادِماً آخَر، وذاكَ أَيضاً ضَرَبوه وأَهانوه وصَرَفوه فارِغَ اليَدَيْنِ.  فأَرسَلَ خادِماً ثالِثاً، وذاكَ أَيضاً جرَّحوه وطَرَدوه. فقالَ رَبُّ الكَرْم: ماذا أَصنَع؟ سَأُرسِلُ ابنِيَ الحَبيب لَعَلِّهُم يَهابونَه.  فلمَّا رآهُ الكَرَّامونَ تَشاوَروا فيما بَينَهم قائِلين: هُوَذا الوارِث! فَلْنَقْتُلْهُ لِيَعودَ الميراثُ إِلَينا. فأَلقَوهُ في خارجِ الكَرمِ وقَتلوه. فماذا يَفعَلُ بِهِم رَبُّ الكَرْم ؟ سَيَأتي ويُهلِكُ هؤلاءِ الكَرَّامينَ ويُعْطي الكَرْمَ لآخَرين. فلمَّا سَمِعوا ذلكَ قالوا: حاشَ!  فحَدَّقَ إِلَيهِم وقال: فما مَعْنى هذِه الآية: الحَجَرُ الَّذي رَذَلَه البَنَّاؤون هو الَّذي صارَ رَأسَ الزَّاوِيَة. كُلُّ مَن وَقَعَ على ذلك الحَجَرِ تَهَشَّم ومَن وَقَعَ علَيهِ هذا الحَجَرُ حطَّمَه؟ فحاوَلَ الكَتَبَةُ وعُظَماءُ الكَهَنَةِ أَن يَبسُطوا أَيدِيَهُم إِلَيهِ في تِلكَ السَّاعَة، لكِنَّهم خافوا الشَّعب، فقَد أَدركوا أَنَّه بِهِم عَرَّضَ في هذا المَثَل».   والمقتبس من إشعيا النبي (5/1-3): « لَأُنشِدَنَّ لِحَبيبي نَشيدَ مَحْبوبي لِكَرمِه. كانَ لِحَبيبي كَرْمٌ في رابِيَةٍ خَصيبة. وقد قَلَّبَه وحَصَّاه وغَرَسَ فيه أَفضَلَ كَرمِه وبَنى بُرجاً في وَسَطِه وحَفرَ فيه مَعصَرَةً وآنتَظَرَ أَن يُثمِرَ عِنباً فأَثمَرَ حِصرِماً بَرِّيّاً. فالآنَ يا سُكَّانَ أُورَشَليمَ ويا رِجالَ يَهوذا أُحكموا بَيني وبَينَ كَرْم » – فإنّ السيد المسيح له المجد، له المجد، شف النقاب، لرؤساء اليهود الحمقى عن المصير الهائل المربع، الذي ستنتهي إليه أمتهم، وهي التي بتحريض منهم سترتكب أكبر جريمة خيانة وقتل عرفها التاريخ، أي جريمة خيانة دعوة المسيح الفادي وقتله. وقد نمت نبوءة السيد المسيح هذه عن رذل اليهود في السنة السبعين للميلاد عندما دمر الرومان أورشليم وأحرقوا الهيكل، فنزع ملكوت الله من أيدي اليهود وأعطي للأمم.

ثم إنّ (الحق الديني) مع فرض التسليم به جدلاً، ليس له صلة بالقانون الدولي المعاصر. فالقانون الدولي يعترف بالسيادة، إذ تمت بعض شروط معينة شرعية وسياسية منها مثلاً السيادة المستديمة والفعلية على أراضي الدولة كما حدد منذ القرن السادس عشر مدي السيادة على الأرض المحتلة فعلاً ووضع القوانين اللازمة لإبدال سيادة بأخرى ولم يقبل أبدًا أي ادعاء أساسه الدين. فإنّه لا يوجد أيّ التزام بإنشاء دولة لجماعة لها معتقد ديني خاص. وكل ما يلزم به القانون العام هو الأمانة والإخلاص للوطن الذي يضمن حرية الفكر والمعتقد دون إخلال بالصالح العام.

فإذا كان اليهود يرون أن لهم رسالة خاصة فيمكنهم أنّ يؤدوها مع أمانتهم وإخلاصهم للوطن الذي يعيشون فيه. نستنتج من ذلك أن (الحق الديني) الذي يستند إليه الصهيونيون لتبرير إنشاء إسرائيل لا يقره الدين ولا القانون المعاصر.

 

ثالثًا: كيان إسرائيل غير قانوني إنسانيًا:

لم يكتف الصهيونيون بتقديم سفسطاتهم التاريخية والدينية للعالم في سبيل تبرير إنشاء إسرائيل في فلسطين، ولكنهم استندوا أيضًا إلى ما يسمونه (الحق الإنساني).

فقد عرضوا الاضطهادات التي لحقت بهم عبر الأجيال وأظهروه ظلمًا صارخًا لحق بهم منذ أن دمر الرومان أورشليم وأحرقوا الهيكل إلى أن طردتهم فرنسا عدة مرات في عهد الملك فيليب وفي عهد الملك إدوارد وصودرت أموالهم في عهد الملك ريتشارد قلب الأسد وقتلهم الإنجليز، ولم يعودوا إلى إنجلترا إلا في عهد(كرومويل) كما طردوا من أسبانيا في القرن السابع عشر. وفي عصرنا قد نكل بهم الألمان في العهد النازي وقتلوا منهم الملايين. كما أنهم بينوا للملأ أن العرب لا يزالون يعتدون عليهم هم الذين نزحوا من بلاد مختلفة واستعانوا بالأمريكان والإنجليز وقتلوا من قتلوا وشردوا من شردوا ونهبوا ولمّا أراد العرب استرداد حقوقهم اعتبروا معتدين واليهود هم المظلومون والمعتدى عليهم. أظهر الصهيونيون للعالم أنهم مظلومون واستجلبوا بدعايتهم المسمومة عطف الكثيرين واعتبروا أن (الحق الإنساني) يخول لهم إنشاء إسرائيل في فلسطين العربية.

ولكن هل من العدل والحق الإنساني أن يدفع العرب ثمن هذه الاضطهادات؟.. هم الذين كانوا يسكنون فلسطين منذ آلاف السنين مستعزين بأرضهم. لقد رزحوا زمنا تحت الحكم العثماني إلا أنه عندما أتيحت لهم فرصة التحرر عند نشوب الحرب العالمية الأولى أعلنوا تمردهم على الباب العالي انضموا إلى الحلفاء بشرط الحصول على استقلالهم كما هو ثابت من مراسلات((حسين مكماهون)) في سنة 1915-1916.

وقد أعلن العرب الثورة في صيف 1916 وتمكنوا من تحرير الحجاز وهناك كونوا جيشهم واجتلوا أريحا ودمشق وهذا ساعد الإنجليز على احتلال فلسطين وأقاموا فيها حكمًا عسكريًا إلى أن يتسنّى للعرب تقرير مصيرهم كما تشهد بذلك الرسالة التي بعث بها (مكماهون) للشريف حسين في 25 أكتوبر 1925 وفيها تتعهد بريطانيا بالاعتراف بحدود فلسطين التي طالب بها الشريف حسين ومنح الاستقلال للعرب مع المحافظة على الأماكن المقدسة.

وها هي بريطانيا تنكص بوعدها. فإنّ الصهيونيون كانوا يعملون من جانبهم فاتجه فريق منهم لمؤازرة بريطانيا واعتقد كل من الفريقين أن ذلك سيساعد على تحقيق الأهداف الصهيونية. وتوصل(وايزمان) بأن يشتري وعد الإنجليز للعرب بتقديم بحوث علمية بالحرب الكيمائية. ودارت في نفس الوقت مباحثات بين الصهيونيين المتعاونين مع ألمانيا لإقناع تركيا بإعلان موافقتها على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، صدر (وعد بلفور) إلى اللورد (روتشلد) الصهيوني الذي أقرض بريطانيا أمواله لاستمرارها في الحرب وهكذا نقضت بريطانيا وعدها للشريف حسين وأكدت للصهيونية رسميا تحديد وطنها القومي في فلسطين. وإذا بوايزمان يعلن صعوبة قيام مثل هذه الدول في الحال ويطلب وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني لتحديد زيادة عددية في السكان ليكونوا نواة شعب إسرائيل وليمهدوا لقيام الجهاز الإداري الذي سيتطور فيما بعد ليكون هو حكومة إسرائيل.

ونسيت بريطانيا وعدها للعرب لا بل أرادت أن تلعب على الحبلين وتؤكد للشريف حسين استقلال فلسطين للعرب والاعتراف بالحدود التي طالب بها، في الوقت الذي ترضي فيه الصهيونيين. وإذا بمنفعة بريطانيا تدوس على الحقوق المشروعة – فإنها أرادت أن تضمن سيطرتها على فلسطين، ولو لفترة، لتحقيق استغلال مشروعاتها الاستعمارية في الشرق الأوسط. ثمّ جرت معها أمريكا التي وجدت هي أيضًا فرصتها لا سيما بعد أن ظهرت موارد البترول في المنطقة.

فهل يعتبر بعد ذلك (حق إنساني) إبدال شعب يملك أرضًا استوطن فيها منذ آلاف السنين ويطرد منها ويلقي في العراء في الصحراء ليحل محله جماعات غريبة من أجناس ولغات مختلفة وتقاليد متباينة لا يربطهم إلا اسم اليهودية؟… هل من العدل والحق الإنساني أن يُبَرّأ الظالم ويحكم على المظلوم؟.. إن الحق يعلو ولا يعلى عليه ولا يمكن أن ينضم إلى الظلم؟..

وإننا لنعجب كيف يمكن لبلد عنصري ديني كإسرائيل، يمكن أن يعيش بسلام في القرن العشرين في زمن يختلط فيه الناس بعضهم ببعض من الشرق والغرب والشمال والجنوب، وفي زمن تشعر فيه الإنسانية بالاحتياج إلى التماسك والترابط والتعاون المتبادل بل إلى الوحدة في سبيل ارتقاء شأن الحياة؟…

إن مثل هذا البلد الذي جاء في (تلموده) (أيها اليهودي اعتزل باقي الأمم.. أو ابق على شخصيتك بينها.. واعلم أنك أنت الوحيد عند الله… آمن بالنصر على العالم أجمع.. وآمن بأن كل شيء سيخضع لك.. فاستغل، وعش… وأنظر…. وانتظر…)  فمثل هذه البلد لا يمكن أن تعيش. وإذا تمكنت من العيش لا يمكن أن يأمن إليها جيرانها…»

                                                                              الأنبا يوحنا كابس

المعاون البطريركي لغبطة البطريرك

                                                                         الأنبا إسطفانوس الأول

11- في عهد غبطته تأسست الحركات والأنشطة الرسولية:

1- في سنة 1960 تأسست "لجنة مدارس الأحد" التابعة للآباء اللعازريين (حالياً المعهد الكاثوليكي للعلوم الدينية بالإسكندرية)

2- في سنة 1967 تأسست جمعية كاريتاس – مصر للتنمية والخدمة.

3- في سنة 1968 تأسس مجلس الرهبانيات الكاثوليكية للرجال في مصر.

4- وأيضًا في سنة 1968 تأسس معهد التربية الدينية بحي السكاكيني – القاهرة.

5- في سنة 1973 تأسست حركة التجديد المواهبي بالروح القدس.

6- في سنة 1974 تأسست المنشآت البابوية للرسالة المسيحية.

7- في سنة 1977 تأسست حركة طريق الموعوظين الجدد.

8- في سنة 1978 تأسس نشاط رفاق الكرمة أو جماعات الحياة المسيحية. 

9- وأيضًا في سنة 1978 تأسس معهد الدراسات العليا اللاهوتية ، وفي سنة 1980 تحول إلى معهد اللاهوت بالسكاكيني، ووضع تحت رعاية هيئة البطاركة والأساقفة الكاثوليك، التي اعتدمت لائحته الداخلية في سنة 1982، وتم قبوله كعضو في رابطة المعاهد اللاهوتية بالشرق الأوسط ATIME ، التابع لمجلس كنائس الشرق الأوسط في 1988،  وتم تغيير اسمه إلى "كلية العلوم الدينية" في 1995.

10- في سنة 1981 تأسست مؤسسة الفوكولاري أو عمل مريم.

 

 

6- اليوبيل الفضي الأسقفي لغبطته:

في يوم الجمعة الموافق 26 يناير 1973 وفي تمام الساعة العاشرة صباحًا أقام غبطة أبينا البطريرك الكاردينال الأنبا  إسطفانوس الأول قداسًا حبريا في كاتدرائية القديس أنطونيوس الكبير بالفجالة – القاهرة، ليوبيله الفضي الأسقفي وشاركه في هذا المحفل كل من:

1- الأنبا إسحق غطاس رئيس أساقفة أبرشية المنيا.

2- الأنبا أندراوس غطاس مطران أبرشية طيبة الأقصر.

3- الأنبا يوحنا كابس المعاون البطريركي.

4- الأنبا برونوهايم، السفير البابوي.

ومن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:

1- قداسة البابا شنودة الثالث (صديق شخصي لغبطة البطريرك الكاردينال).

2- الأنبا صموئيل أسقف الخدمات.

3- الأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي.

ولفيف من القمامصة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات وجمهور كنيستنا القبطية الكاثوليكية، وقد أناب السيد الرئيس أنور السادات السيد أشرف عمر بكير أمين رئاسة الجمهورية مندوبًا عنه، وبعد أن قرأ نيافة الأنبا إسحق غطاس الإنجيل، تقدم نيافة الأنبا أندراوس غطاس فتلا رسالة الحبر الأعظم قداسة البابا بولس السادس وها نصها[14]:

«إلى الأخ الجليل

إسطفانوس الأول سيداروس

كاردينال كنيسة روما المقدسة وبطريرك كنيسة الإسكندرية للأقباط الكاثوليك.

ما أسرع دوران عجلة الزمان. فالسنون تمر حالاً، وقد أتى اليوم الذي بدت في علامات المشيب أيها الأخ المبجل وانقضت خمس وعشرون سنة بالتمام على اليوم الذي قبلتم فيه السيامة الأسقفية. ويسر أن نغتم هذه المناسبة الثمينة لنتقدم لكم تمنياتنا، منبعثة من أعماق قلوبنا، راجين أن تعبر كلماتنا عن عواطفنا الأخوية. وأن تحمل لكم الفرح والحبور.

أجل، إن هذه الذكرى السعيدة، التي تستقبلونها بكل ورع وتقوي على مثال الأحبار كما هي العادة المتبعة، تستحق، لا بل تقتضي وتستوجب أن تشرق أنوارها بأفضل التمنيات وأطيبها، حاملة لكم أنتم «أَيُّها الرجُلُ العَزيزُ على الله» (دانيال 10/11) ولكل من يعرفكم ويحبّكم، الهبات الإلهية والنعم السماوية الغزيرة، وأن تدوم ثمارها وأفراحها.

ولذا فمن الواجب أن تثبتوا جميعًا على الإيمان الوطيد، النقي والكامل الذي حمله الرسولان العظيمان بطرس وبولس: «وتَكَلَّّمتُ وقُلتُ: ما هاتانِ الزيتونَتانِ على يَمينِ المَنارةِ وعلى يَسارِها؟ ثمَّ تَكَلَّمتُ ثانِيَةً وقُلتُ لَه: ما غُصْنا الزَّيتونَةِ اللَّذانِ في يَدِ أُنبوبَي الذَّهَبِ اللَّذَينِ يُسكَبُ بِهما الذَّهَب؟ فكَلَّمَني قائلاً: أَلا تَعلَمُ ما هذان؟  فقلت: لا يا سَيِّدي فقال: هذان هُما المَسيحانِ الواقِفانِ لَدى رَبِّ الأَرضِ كُلِّها»(زكريا4/11-14) وبشرا به في روما، مركز العالم الكاثوليكي، وحمله القديس مرقس الإنجيلي، الرسول والشهيد، إلى المدينة العظمى الإسكندرية، حيث مهره بدمه الطاهر، وتشهدون أنتم لهذا الإيمان بقلبكم وبكلمتكم وبحياتكم. 

ولنا وطيد الأمل وملء الثقة في أن نأتي هذه بأجمل الثمار وأيعنها، في ربوع البطريركية الإسكندرية بفضل مثابرتكم على القيام برسالتكم الصعبة. فأنتم رجل الفضائل. وفيكم تتجلى البساطة وتفتح القلب وروح الوحدة الكنسية والشركة الرسولية.

حقًا، لقد قمتم برسالتكم بالقول والعمل خير قيام، وحملتم بكل جدارة أعباء المسئولية الثقيلة الملقاة على عاتقكم. فلم تبخلوا بأي جهد في سبيل القيام بمهامكم الشاقة، حتى أن أبناء رعيتكم، رعية المسيح أصبحوا جميعًا قلبًا واحدًا ونفسًا واحدًا، «وآخِرُ الأَمْرِ كونوا مُتَّفِقينَ في الرَّأي، مُشْفِقينَ بَعضُكم على بَعض، مُتَحابِّينَ كالإِخوَة، رُحَماءَ مُتَواضعين لا ترُدُّوا الشَّرَّ بِالشَّرّ والشَّتيمَةَ بِالشَّتيمَةَ، بل بارِكوا، لأَنَّكم إِلى هذا دُعيتُم، لِتَرِثوا البَركة »( 1 بطرس8و9).

إنكم حقًا الراعي الصالح،الذي يُعلّم الرعية، ويثبتها بمثاله الصالح، ناميًا في الفضيلة، عائشًا من أجل الحياة الأبدية، ومتأملاً فيها على الدوام في أعماق قلبكم، حيث يشع المسيح الكلمة، شمس البر، بضياء نوره الحقيقي، وهو القادر أن يمنحكم إكليل النصر السعيد، بعد عمر مديد وسعيد، بشفاعة والدة الإله القديسة مريم، فخركم وحاميتكم، والتي عندها نعمة الطريق والحق: «هيَ الَّتي تُفيضُ الحِكمَةَ كَفيشون ومِثْلَ دِجلَةَ في أيَّامِ الثِّمارِ الجَديدة»(يشوع بن سيراخ 24/25).

هذه هي أمانينا الأخوية، التي نتقدم بها إليكم، أيها الأخ الجليل، في هذه الذكرى السعيدة. كما يسرنا أن نمنحكم أنتم وكل الرعية التي سلمها الرب لعنايتكم الرشيدة، البركة الرسولية، عربونًا للمواهب الوافرة السماوية».

صدر من الفاتيكان في 30 ديسمبر 1972.                                        بولس السادس

السنة العاشرة لحبريتنا                                                                             البابا

 

 

 

7-  تقديم استقالته واختيار خليفة له:

أ-  توطئة:

في يوم 19أبريل 1986 قدّم غبطة البطريرك الكاردينال إسطفانوس الأول استقالته من المهام البطريركية، نظرًا لكبر سنه، اعتلال صحته. في ذلك الوقت، إدعت شخصيات معينة دونما دليل إن غبطة البطريرك قد أجبر على تقديم استقالته، لا بل قالوا قد تمّ تزوير في الاستقالة، وأخذ الموضوع ينتشر بسرعة البرق، وحين قدّم الطيب الذكر غبطة البطريرك الكاردينال الأنبا إسطفانوس الثاني استقالته في مارس 2006، أخذت نفس الشخصيات  تردد "تخليص حق"، وعندما جاءته الوعكة الصحية في يوم 28 نوفمبر 2008، ودخل المستشفي الإيطالي وحتى رقد في الرب 20 يناير2009، قالوا هؤلاء إنه "يتطهر من تزوير الاستقالة للبطريرك إسطفانوس الأول". ولكن كلمة الإنسان شهادة طبق الأصل تُعبِّر عن حقيقة قلبه وبالتالي يمكن أن تبرر الإنسان أو تدينه: « أَقولُ لَكم إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ باطِلَةٍ يقولُها النَّاس يُحاسَبونَ عَليها يومَ الدَّينونة. لأَنَّكَ تُزَكَّى بِكَلامِكَ و بِكَلامِكَ يُحكَمُ علَيك»(متى 12/36و37). و«القَلبُ أَصلُ الأَفْكار ومِنه تَصدُرُ أَربَعةُ فُروع: الخيرُ والشر، والحَياة والمَوت والمُتَسَلِّطُ على هذه في كُلِّ حين هو اللِّسان» (يشوع بن سيراخ37/17و18). «أَلا تُدرِكونَ أَنَّ ما يَدخُلُ الفَمَ يَنزِلُ إِلى الجَوف، ثُمَّ يُخرَجُ في الخَلاء ؟ وأَمَّا الَّذي يَخرُجُ مِنَ الفَم، فإِنَّهُ يَنْبَعِثُ مِنَ القَلْب، وهو الَّذي يُنَجِّسُ الإِنسان. فَمِنَ القَلْبِ تَنْبَعِثُ المقَاصِدُ السَّيِّئَة والقَتْلُ والزِّنى والفُحْشُ والسَّرِقَةُ وشَهادةُ الزُّورِ والشَّتائم»(متى15/17-19). آجلاً أو عاجلاً سوف يجلس كل إنسان على مائدة الدينونة الخاصة، ويعطى كل واحد حساب وكالته. وقد أعجبني الأب الدكتور ميلاد صدقي زخاري اللعازري حين سطّر[15]:«… أسوق مثالاً أخر: حينما عينه الطيب الذكر البابا يوحنا بولس الثاني مدبرًا رسوليًا، في 24 فبراير1984، لاعتلال صحة وكبر سن مثلث الرحمات البطريرك الأنبا/ إسطفانوس الأول، أقام كهنة رعية بالقاهرة الدنيا ولم يقعدوها، لا أقول ظانين فقد كانوا، في قرارة أنفسهم، على يقين بوجود مؤامرة حاكها الأنبا/ أندراوس غطاس وتتلخص في الحجر على الأنبا/ إسطفانوس الأول في أحد الأديرة، ليستولى على السدة البطريركية. حتى قبل مجيء يوم الدينونة واعتلال الحقيقة للأحياء والأموات، أثبتت الأيام أن هذا وَهْم أوهي من نسيج العنكبوت. "الرب يدافع عنكم وأنتم صامتون". العجيب في الأمر أن الأنبا/ إسطفانوس الثاني عاملهم بكل المحبة حتى لم يشك أحد أساسًا في وصول خبر هذه الافتراءات إلى سمع غبطته، ولا لعمق الألم الذي سبّبته له هذه الأكاذيب». وأما الذي أدهش الجميع في وصية غبطة البطريرك الكاردينال الأنبا إسطفانوس الثاني صفحه عن الجميع  حتى قال[16]: «سعيت قدر استطاعتي أن أحب الجميع وأخدم الجميع، دون تفرقة: مطارنة وكهنة ورهباناً وراهبات وأفراد الشعب. وإن كان صدر مني عفوًا كلمة، أو أسأت إلى أحد منهم، فأطلب الصفح منه. وكلّ من ظنّ فيّ سوءًا أو تكلّم في حقي، أصفح لهم جميعًا».

 

ب- نص تقديم الاستقالة:

في يوم 19 أبريل 1986 ذهب المنسنيور فؤاد طوال مستشار السفارة البابوية لدي جمهورية مصر العربية، من السفارة البابوية بحي الزمالك القاهرة إلى دير راهبات المحبة الكائن في: 1 شارع السرجاني العباسية – القاهرة، وهناك شهود على ذلك، ومازالوا على قيد الحياة، وحين أمسك غبطة البطريرك الكاردينال الأنبا إسطفانوس الأول القلم ليوقع على الاستقالة قال غبطته: "لتكن مشيئة الرب" ووقع غبطته بكل بساطة وتواضع.  

وها نص الاستقالة[17]:

«أنا الموقع على هذا أدناه إسطفانوس الأول سيداروس بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك وكردينال الكنيسة الجامعة أقدم من تلقاء ذاتي وأنا متمتع بوعي تام وحرية كاملة، لمن له الحق، استقالتي من مهامي وسلطتي البطريركية، وذلك نظرًا لتقدمي في السن واعتلال صحتي، ولصالح الكنيسة الكاثوليكية في مصر عامة، ولخير كنيستنا القبطية خاصة.

وشهادة لما أقول أوقع بخط يدي على قرار استقالتي الذي لا رجع فيه، أمام الشهود الآتي أسماءهم: نيافة الأنبا أندراوس غطاس المدير الرسولي لبطريركية الأقباط الكاثوليك، والمنسنيور فؤاد طوال مستشار السفارة البابوية لدي جمهورية مصر العربية، والقمص لويس برايا راعي كاتدرائية الأقباط الكاثوليك بالفجالة – (القاهرة).

(بالقاهرة) يوم 19 من أبريل سنة 1986  

                                                                                +إسطفانوس الأول

                                                                         بطريرك كردينال الإسكندرية

                                                                                  19 أبريل 1986

شهود

+أندراوس غطاس                         فؤاد طوال                    القمص لويس برايا

19/4/1986                       مستشار السفارة البابوية          19/4/1986»

                                            19/4/1986

 

ج – قبول استقالة غبطة البطريرك إسطفانوس الأول من قبل سينودس الأقباط الكاثوليك[18]:

«أبانا صاحب الغبطة البطريرك المعظم الأنبا إسطفانوس الأول بطريرك الكرسي الإسكندري للأقباط الكاثوليك وكردينال الكنيسة الجامعة.

تقدمتم غبطتم بتاريخ 19 أبريل 1986 إعفائكم من مهامكم البطريركية نظرًا لتقدمكم في السن واعتلال صحتكم ورغبة منكم في توفير أفضل لاستمرار المسيرة المباركة لكنيستنا الكاثوليكية.

بناء عليه، انعقد السينودس البطريركي يوم الأربعاء الموافق 14 مايو سنة 1986 بالمعهد الإكليريكي بالعادي واستعرض طلب غبطتكم لما فيه خير كنيستنا، وقرر السينودس الاستجابة لطلب غبطتكم.

ويغتنم السينودس البطريركي هذه المناسبة ليشيد بغيرتكم الرسولية وما اتسم به عهدكم من سلام ومحبة وبركة وتقدم وازدهار لكنيستنا العزيزة وما اتسم به شخصكم الكريم من زهد وتجرد وقداسة.

وإن السينودس البطريركي إذ يستوحي من الإنجازات التي تحققت في عهدكم  المبارك، يسجل عهدًا للسير على خطاكم لما فيه رفعة شأن كنيستنا وخير شعبنا العريق ملمسين بركتكم الأبوية،،،

تحريرًا في 14 مايو1986

                                                        عن السينودس البطريركي

                                                                             + الأنبا أندراوس غطاس

                                                                                    المدير الرسولي

                                                                        لبطريركية الأقباط الكاثوليك»

 

د- قبول استقالة غبطة البطريرك إسطفانوس الأول من قبل قداسة البابا يوحنا بولس الثاني[19]:

«إلى غبطة البطريرك إسطفانوس الأول سيداروس

منذ عهد قريب طلبتم غبطتكم إعفاءكم من مهامكم البطريركية وقد كتبتم لنا تقدمكم في السن واعتلال صحتكم، وأن خير الكنيسة الجامعة العامة، وخير كنيستكم القبطية الكاثوليكية خاصة، هي الأسباب التي دعتكم للقيام بهذا الإجراء الكنسي.

إن أخوتكم أساقفة السينودس البطريركي سوف يقومون في حينه ووفقًا لقوانين الكنائس الشرقية الكاثوليكية بانتخاب خلف لكم.

هذه المبادرة بطلب إعفائكم، والتي أقدرها تمامًا، تتوج خدمتكم الكنيسة التي كرستم حياتكم لها بكل سخاء، وفي الحقيقة كان يلمس الجميع هذه الغيرة الرسولية منذ إن كنتم طالبًا في الجامعة، وقد واصلتم هذا النشاط الرسولي في حياتكم الكهنوتية والأسقفية لا سيما في تكوين طالبي الكهنوت. وعندما اتحد معكم سلفنا الطيب الذكر البابا بيوس الثاني عشر، بالشركة الكنسية، عقب انتخابكم من السينودس البطريركي بطريركًا للإسكندرية للأقباط الكاثوليك، لم تدخروا وسعًا في متابعة الخدمة الرعوية.

وإذ أشكركم الشكر الجزيل على هذه المبادرة، أقبل رغبتكم في إعفائكم من مهامكم البطريركية، وأستمطر على غبطتكم غزير النعم الإلهية بشفاعة والدة الإله القديسة مريم،،،

صدر من حاضرة الفاتيكان في 7 يونيو 1986

                                                                                      يوحنا بولس الثاني

                                                                                               البابا»

هـ – نشرة رعوية بشأن إقامة تساعية صلوات في جميع الكنائس والأديرة الكاثوليكية بمصر من أجل التوفيق في حسن اختيار البطريرك الجديد للكرسي الإسكندري للأقباط الكاثوليك[20]:

«إخوتي الأحبّاء أصحاب النيافة الأساقفة الأجلاء، وأبنائي الأعزاء الكهنة والرهبان والراهبات وأفراد شعبنا المحبوب،،،

النعمة لكم والسلام من الله أبينا ومن ربنا يسوع المسيح، وشركة ومحبّة الروح القدس تكون مع جميعكم، وبعد

فقد قرأتم في الصحف الصادرة بتاريخ اليوم، وسمعتم دون شك، نبأ استقالة أبينا البطريرك المعظم الأنبا إسطفانوس الأول نظرًا لتقدمه في السن واعتلال صحته، وكذلك الإشارة إلى انعقاد السينودس البطريركي للأقباط الكاثوليك يوم الاثنين الموافق التاسع من يونيو المقبل لانتخاب بطريرك جديد لكنيستنا القبطية الكاثوليكية العزيزة.

فاسمحوا لي، أيها الأحباء، أن أدعوكم جميعًا لإقامة تساعية صلوات حارة جماعية في جميع كنائس وأديرة أبرشياتنا الست – ابتداء من الأحد القادم أول يونيو حتى يوم انعقاد السينودس وهو الاثنين الموافق 9 من يونيو سنة 1986 – ضارعين إلى الله تعالى، بشفاعة العذراء القديسة والدة الإله والقديس مرقس الإنجيلي كاروز الديار المصرية، أن يتعطف على طائفتنا الحبيبة وكنيستنا القبطية الكاثوليكية، ويمن عليها ببطريرك صالح حكيم يدبر أمورها بفطنة ويرفع من شأنها ويرعاها بعين ساهرة وغيرة متقدة، ويعمل جاهدًا لما يؤول لوحدة الكنيسة وخير الوطن ولنبتهل إلى الروح القدس أن يلهم أساقفتنا الأجلاء السينودس لانتخاب بطريرك يتحلى بكل هذه الصفات الجميلة التي تؤهله ليكون حقًا أب الآباء ورئيس كهنتنا وراعي رعاتنا وخليفة القديس مرقس الإنجيلي على الكرسي الإسكندري.

وإذ نرجو من رعاة الكنائس تلاوة هذه النشرة على مسامع أبنائنا المحبوبين عقب إنجيل الأحد الأول من يونيو المقبل، نستمطر عليكم جميعًا، رعاة ومؤمنين، غزير النعم الإلهية ونمنحكم من صميم الفؤاد بركتنا الرسولية،،،

 

صدر من الدار البطريركية بكوبري القبة

في 3 بؤونة (مصحح) سنة 1702 ش

الموافق29 من مايو سنة 1986م  

                                                                      الأنبا أندراوس غطاس 

                                                       المدير الرسولي للكرسي الإسكندري الشاغر »

 

و- محضر انتخاب غبطة بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك[21]:

«في يوم الاثنين من الأسبوع الخامس للخماسين المقدسة الموافق الخامس عشر من بؤونة مصحح سنة 1702 ش(2 بؤونة يولياني) الموافق التاسع من شهر يونيو سنة 1986 ميلادية. عقد اجتماع السينودس للأقباط الكاثوليك بكوبري القبة. بناء على الدعوة الموجهة إلى أعضاء السينودس البطريركي من سيادة المدير الرسولي للكرسي البطريركي الشاغر نيافة الأنبا أندراوس غطاس بتاريخ25/5/86 برقم 240/86.

وقد عقد الاجتماع بحضور جميع أعضاء السينودس دون أن يتغيب أحد. وهم حسب أقدمية السيامة الأسقفية: نيافة الأنبا يوحنا نوير مطران أسيوط، نيافة الأنبا أندراوس غطاس المدير الرسولي للكرسي البطريركي الشاغر، نيافة الأنبا أثناسيوس أبادير مطران الإسماعيلية ومدن القنال شرق الدلتا، نيافة الأنبا أنطونيوس نجيب مطران المنيا، نيافة الأنبا مرقس حكيم مطران سوهاج، ونيافة الأنبا إغناطيوس يعقوب المطران المساعد لكرسي أسيوط والمدير البطريركي للأقصر.

بدأ الاجتماع في تمام الساعة التاسعة صباحًا بصلاة افتتاحية من رئيس المجمع الانتخابي الأنبا يوحنا نوير بصفته أقدم المطارنة سيامة وقام بالتأمل نيافة المطران موسى داود مطران السريان الكاثوليك بالقاهرة.

ثمّ احتفل أعضاء السينودس البطريركي بالقداس الإلهي، واشترك معهم فاحصًا القرعة القمص أندراوس سلامة الوكيل العام للبطريركية، والقمص منير قسيس رئيس المعهد الإكليريكي للأقباط الكاثوليك بالمعادي – وكاتب الجلسة الأب مكاريوس توفيق مدرس تاريخ الكنيسة والروحيات بالمعهد الإكليريكي بالمعادي.

ثمّ أعطى المدير الرسولي الخطوات التي تمت منذ أن قدّم غبطة البطريرك الكاردينال الأنبا إسطفانوس الأول سيداروس استقالته من مهامه البطريركية إلى أعضاء السينودس وإلى قداسة البابا يوحنا بولس الثاني بابا الكنيسة الجامعة بتاريخ 19 أبريل 1986، حتى يومنا هذا، الاستقالة التي قبلها أعضاء السينودس وقداسة البابا بتاريخ 24 مايو سنة 1986.ثمّ تدارس آباء السينودس نصوص القانون الكنسي الخاص بانتخاب البطريرك وفقًا للإرادة الرسولية "في قداسة الإكليروس" (ق221-239) ثمّ استدعى فاحصًا القرعة والمسجل، وأخذ كل آباء السينودس بقيادة الأنبا يوحنا نوير في الابتهال إلى الروح القدس. وبعد ذلك أعلن رئيس الاجتماع نيافة الأنبا يوحنا نوير بصفته الأقدم في السيامة الأسقفية – أعلن افتتاح الجلسة وقانونية الانتخاب وكان ذلك في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرًا.

ثمّ أخذ كل من آباء السينودس بدوره في أداء اليمين القانونية الواجبة للانتخاب وحفظ السر مدى الحياة، واضعين يمناهم على الأناجيل المقدسة ونصه كالتالي:

﴿أنا الأنبا… … أقسم أمام الله وعلى الأناجيل المقدّسة التي أضع عليها يدي أنتخب الأصلح للبطريركية، وأحفظ السر حول كل ما يدور في جلسات الانتخاب وذلك مدى الحياة﴾.

وتبع السادة المطارنة فاحصًا القرعة والمسجل وكان نص القسم كالتالي:

﴿أنا… … أقسم أمام الله وعلى الأناجيل المقدسة التي أضع يدي عليها بأن أحفظ السر حول كل ما يدور ويتم في جلسات الانتخاب وذلك مدى الحياة﴾

تمّ توزيع الأوراق الخاصة بالانتخاب على آباء السينودس حيث قام كل منهم بكتابة اسمه أسفل الورقة ثم قام بطيها وكتابة اسم المنتخب للبطريركية ووضع الورقة في الكأس على المذبح.   

وقام فاحصًا القرعة بفض الأوراق وقراءتها تحت إشراف الأنبا يوحنا نوير وكانت نتيجة التصويت في الاقتراع الأول:

الأنبا أندراوس غطاس – حصل على أربعة أصوات.

ولما كانت أغلبية الثلثين هي أربعة أصوات… فقد أعلن انتخاب الأنبا أندراوس غطاس… وقام نيافة الأنبا يوحنا نوير بتوجيه السؤال إلى نيافة الأنبا أندراوس ليسأله هل يقبل؟

وبعد فترة من الصلاة تفوه الأنبا أندراوس غطاس بصلاة السيد المسيح: "إن كان يستطاع فلتعبر عني هذه الكأس، ولكن فلتكن مشيئتك ليس مشيئتي". وقدم استعداده  للقبول خضوعًا لمشيئة الله تعالى… ورغبة أخوته المطارنة.

ثمّ ألقى غبطة البطريرك الجديد كلمة عبّر فيها عن شكره للثقة رغم ظروفه وإمكانياته وطاقاته…" لكن حبّي لكنيستنا القبطية الكاثوليكية وحبّي للكنيسة الجامعة، وحبّي لإخوتي المطارنة وأبنائي الكهنة وأفراد الشعب والرهبان والراهبات يجعلني أقبل الصليب الثقيل والمسئوليات الخطيرة… وذلك لأننا نضع ملء ثقتنا في عون الله تعالى ومساعدة العذراء القديرة وشفاعة القديس مرقس الإنجيلي كاروز الديار المصرية… وسنواصل عمل الروح القدس وتحقيق رغبة السيد المسيح الذي صلي… ليكونوا واحدًا كما نحن واحد، عاملين دومًا لما يؤول لوحدة الكنيسة في مصرنا العزيزة. وسيكون أبناؤنا الأقباط الكاثوليك في نشوة لاستعادة بطريركهم… وسنتعاون لرفع شأن الكنيسة الكاثوليكية بأسرها بمصر بالتعاون مع سائر الأساقفة الكاثوليك بالقاهرة، الذين أبدوا استعدادهم الطيب وتقديرهم للكرسي البطريركي.

ورغم ضعفي أقبل المسئولية الخطيرة، مستندًا على تعضيدكم وتعاونكم لمجد الله وخير كنيستنا القبطية المحبوبة.

وفيما يخص الاسم.. كان يمكن أن أحافظ على اسم أندراوس فهو حامل الصليب… لكن تقديرًا ووفاءً لغبطة البطريرك الأنبا إسطفانوس سيداروس أتخذ اسم إسطفانوس… فهو الشهيد الأول وأتخذ "إسطفانوس الثاني غطاس" أيضًا تعبيرًا عن استقرار ومتابعة أعمال الكرسي البطريركي للأقباط الكاثوليك… كما أن غبطة الأنبا إسطفانوس سيداروس كان مرشدي الروحي وأخي في الحياة الرهبانية اللعازرية".

وقد أبرز غبطة البطريرك الجديد أمام المجمع صورة الاعتراف بالإيمان الكاثوليكي ويمين الأمانة ووقع على هذا المحضر والوثائق الخاصة بذلك. وكذلك وجه رسالة بذلك إلى قداسة الحبر الأعظم لطل الشركة الكنسية ودرع التثبيت "الباليوم" وكتب كذلك أعضاء السينودس إلى الحبر الروماني رسالة جمعية بشأن الانتخاب الذي تمّ وفقًا للشرع، ووقع الأعضاء عليها.  

 وقد اتفق آباء السينودس أن تقام مراسيم التجليس البطريركي بكاتدرائية الفجالة صباح السبت 12/7/1986 في تمام الساعة العاشرة صباحًا وهو عيد الرسل حسب التقويم اليولياني.

وقد تحرر هذا أمامنا وبحضورنا وموافقتنا وهذه توقيعاتنا.

 

كوبري القبة في 9/6/1986.

الأنبا يوحنا نوير        مطران أسيوط    

الأنبا أثناسيوس أبادير   مطران الإسماعيلية 

الأنبا أنطونيوس نجيب    مطران المنيا

 الأنبا مرقس حكيم       مطران سوهاج                        

 الأنبا إغناطيوس يعقوب  المطران المساعد لأسيوط»

                                                      

 

8- نياحته[22]:

رقد في حضن الآب في يوم الأحد 23 أغسطس سنة 1986 بعد أن نال سر مسحة المرضى، وفي يوم الثلاثاء الموافق 25 أغسطس 1986  ترأس المراسيم الجنائزية غبطة أبينا البطريرك الأنبا إسطفانوس الثاني وشاركه أصحاب النيافة :

1- الأنبا يوحنا نوير مطران كرسي أسيوط.

2- الأنبا أثناسيوس أبادير مطران الإسماعيلية.

3- الأنبا أنطونيوس نجيب مطران المنيا.

4- الأنبا مرقس حكيم مطران سوهاج.

5- الأنبا إغناطيوس يعقوب المساعد لأبرشية أسيوط.

وقد أناب قداسة البابا يوحنا بولس الثاني المنسنيور فؤاد طوال سكرتير سفارة الفاتيكان بالقاهرة.

وكما أناب قداسة البابا شنودة الثالث كل من:

1- الأنبا بسنتي.

2- الأنبا تيموثاوس.

3- الأنبا غريغوريوس.

4- الأنبا ميصائيل.

ولفيف من رجال الدولة، ولفيف من القمامصة والكهنة والرهبان والراهبات والشمامسة وجمهور كبير من أبناء الكنيسة، ودفن جثمانه الطاهر في مدفنة الآباء البطاركة بكاتدرائية بمدينة نصر. بركته وصلواته وشفاعاته فلتكن معنا آمين.

 

 صور نادرة لغبطته تُنشر لأول مرة:

 

 

 

\"\"

 

 

\"\"

 

\"\"

 

\"\"

 

\"\"

 

\"\"

 

\"\"

 

\"\"

 

\"\"

 

\"\"

 

\"\"

 

بنعمة الله

مراسل الموقع بإيبارشة سوهاج
أخوكم الأب إسطفانوس دانيال جرجس عبد المسيح

خادم مذبح الله بالقطنة والأغانة – طما

stfanos2@yahoo.com

 

 

   



[1] «رسامة الأنبا إسطفانوس سيداروس», مجلة الصلاح, القاهرة, فبراير,1948, ص63-64.

[2] « حفل تنصيب غبطة الأنبا إسطفانوس الأول», مجلة الصلاح, القاهرة, يوليو/أغسطس, 1958, ص258-263.

[3] راجع جريدة «الوقائع المصرية»، الصادرة في 3 يوليه سنة 1958، ، العدد 17 ، القاهرة، ص24.

[4] واعتاد آباء الكنيسة منذ القرن الثاني الميلادي أن يشبهوا الإنجيليين بالأربعة حيوانات أي الكاروبيم حاملي عرش الله الذين رآهم حزقيال النبي (1/ 5-14) و يوحنّا الرسول في رؤياه « وفي وسط العرش و حول العرش أربعة حيوانات ممتلئة عيونا من قدام و من وراء فالحيوان الأول يشبه الأسد والحيوان الثاني يشبه العجل الحيوان الثالث له وجه كوجه الإنسان والحيوان الرابع يشبه النسر الطائر » ( رؤ 4/6-7) – و كذلك يصفهم حزقيال بأوصاف سرية.

1- إنجيل سيدنا يسوع المسيح كما رواه القديس متى, الذي حرر ما بين 80-90، ويحوي 28 أصحاحا، بهم 1068 آية، ويرمز هذا الإنجيل إلي وجه الإنسان لأنه بدأ بنسب يسوع المسيح (مت 1/1-17).

2- إنجيل سيدنا يسوع المسيح كما رواه القديس مرقس, الذي حرر سنة70، ويحوي 16 أصحاحا، بهم 661 آية، ويرمز هذا الإنجيل إلى وجه الأسد لأنه بدأ بصوت صارخ في البرية (مر1/1-2).

3-إنجيل سيدنا يسوع المسيح كما رواه القديس لوقا, الذي حرر سنة 80، ويحوي 24أصحاحا، بهم 1150 آية، ويرمز هذا الإنجيل إلي وجه العجل (الثور) لأنه يبدأ بما حدث لزكريا في الهيكل حدث تقدم العجول كذبائح (لو1/5-25).

4- إنجيل سيدنا يسوع المسيح كما رواه القديس يوحنّا, الذي حرر ما بين 95-100، ويحوي 21 أصحاحا، بهم 878 آية، ويرمز هذا الإنجيل إلي وجه النسر لأنه يرتفع بنا إلي أعالي السموات و يكلمنا عن أزلية الكلمة « في البدء كان الكلمة و الكلمة لدى الله والكلمة هو الله» (يو 1/1). 

[5] الكلمة أصلها يوناني ومعناها اجتماع أو مجمع فالسينودس هو المجمع الكنسي سواء المكاني أو المسكوني. وانحصر استخدام الكلمة في كافة الكنائس الشرقية ليُشير إلى مجمع أساقفة كل كنيسة ببطريركيَّة عند اجتماعها لتبحث في أمور الكنيسة الببطريركيَّة.

[6] راجع، « قرار بطريركي»، مجلة الصلاح، العدد 9و10، السنة 52، القاهرة، 1981، ص331.

[7] راجع«بيان للأقباط الكاثوليك من البطريركية الكاثوليكية»، مجلة الصلاح، يوليو / أغسطس، القاهرة، 1981، ص194.

[8] لمن يهمه الأمر في مراجعة هذه النصوص:

1- فاضل سيداروس اليسوعي (الأب)، «يسوع المسيح في تقليد الكنيسة »، دراسات لاهوتية=9، دار المشرق، بيروت، 1992، الطبعة الثانية، ص103-108.

[9] «وهذا كُلُّه مِنَ اللهِ الَّذي صالَحَنا بِالمسيح وأَعْطانا خِدمَةَ المُصالَحَة، ذلك بِأَنَّ اللهَ كانَ في المَسيحِ مُصالِحًا لِلعالَم وغَيرَ مُحاسِبٍ لَهم على زَلاَّتِهم، ومُستَودِعًا إِيَّانا كَلِمَةَ المُصالَحَة. فنَحنُ سُفَراءُ في سَبيلِ المسيح وكأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِأَلسِنَتِنا. فنَسأَلُكُم بِاسمِ المسيح أَن تَدَعوا اللّهَ يُصالِحُكُم».

[10] راجع، «بيان من سينودس الأقباط الكاثوليك»، مجلة الصلاح، العددان 11 و12، نوفمبر وديسمبر 1974 (السنة الخامسة والأربعون)، القاهرة، ص265.

[11] راجع، يوحنا كابس (الأنبا)،  «كلمة الطائفة إكليروسًا وشعبًا: لمناسبة اليوبيل الأسقفي لصاحب الغبطة الأنبا إسطفانوس الأول بطريرك الأسكندرية للأقباط الكاثوليك وكاردينال الكنيسة الجامعة»، اليوبيل الفضي الأسقفي لغبطة الأنبا إسطفانوس الأول بطريرك الأسكندرية وسائر الكرازة المرقسية  للأقباط الكاثوليك وكاردينال الكنيسة الجامعة، القاهرة، 1973، ص14.

[12] راجع «المرجع السابق»، ص 16.

[13] لمن يريد أن يراجع هذا النص:

راجع، غريغوريوس (الأنبا)، « وثائق للتاريخ الكنيسة وقضايا الوطن والدولة والشرق الأوسط»، سلسلة المباحث المتصلة بالأسرة والشباب والمجتمع = الجزء الرابع، منشورات أسقفية الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي، لجنة النشر للثقافة القبطية والأرثوذكسية، القاهرة، 1992، ص136-146. 

[14] راجع، «رسالة من قداسة البابا بولس السادس إلى غبطة البطريرك الكاردينال إسطفانوس الأول بطريرك الإسكندرية وكاردينال الكنيسة الجامعة»، اليوبيل الفضي الأسقفي لغبطة الأنبا إسطفانوس الأول بطريرك الأسكندرية وسائر الكرازة المرقسية  للأقباط الكاثوليك وكاردينال الكنيسة الجامعة، القاهرة، 1973، ص2-4. 

[15] راجع، ميلاد صدقي زخاري اللعازري (الأب)، «عمق التكريس المنصوري الرهباني في حياة الأنبا/ إسطفانوس الثاني»، مجلة صديق الكاهن، القاهرة،  العدد الثاني، أبريل 2009 ، 2009، ص149.

[16] راجع، إسطفانوس الثاني(البطريرك)، «هذه وصيتي»، مجلة الصلاح، القاهرة، فبراير2008، السنة 80، ص19.

[17] راجع،  « تقديم استقالة غبطة البطريرك الكاردينال الأنبا إسطفانوس الأول من مهامه البطريركية»، مجلة الصلاح، القاهرة، العددان السابع والثامن، يوليو وأغسطس 1986، السنة 57، ص197.

[18] راجع «المرجع السابق»، ص198.

[19] راجع «المرجع السابق»، ص199.

[20] راجع «المرجع السابق»، ص200-201.

[21] راجع «المرجع السابق»، ص203-206.

[22] راجع «مثلث الرحمات البطريرك الكاردينال إسطفانوس الأول», مجلة الصلاح, القاهرة, عدد خاص, السنة 58, 1987, ص 257-288.