البابا يزور مدينة سولمونا في المئوية الثامنة لولادة القديس تشيليستينوس الخامس

قام بندكتس السادس عشر صباح الأحد بزيارة مدينة سولمونا بإقليم أبروتسو الإيطالي احتفالا بالمئوية الثامنة لولادة البابا القديس تشيليستينوس الخامس وقد افتُتح اليوبيل في الثامن والعشرين من آب أغسطس 2009 ليُختتم في التاسع والعشرين من أغسطس القادم ويُدعى خلاله المؤمنون لإعادة اكتشاف الدعوة الشاملة للقداسة والتعمّق بالبحث عن الله من خلال الصمت والتأمل والإصغاء لكلمة الله وطلب رحمته وتعزيز الغفران والمصالحة، مع تسليط الضوء أيضا على أهمية إعادة اكتشاف قيمة الطبيعة كعطية من لدن الله، ينبغي احترامها وحمايتها.

وصل الأب الأقدس مدينة سولمونا على متن طائرة مروحية حلقت فوق جبل موروني الذي شهد حياة بيترو تشيليستينو النسكية، وكان في استقباله حشد من السلطات الدينية والمدنية، وتوجّه البابا بعدها إلى ساحة غاريبالدي حيث ترأس القداس الإلهي وألقى عظة ضمّنها تحية لجميع الحاضرين وقال: جئت لأتقاسم مع الجماعة الأبرشية الأفراح والآمال، الأتعاب والالتزامات، المثل والتطلعات، وأشار لوجود مصاعب وهموم في سولمونا على غرار أماكن أخرى، متّجها بفكره، وعلى وجه الخصوص، نحو العائشين أوضاعا حياتية صعبة بسبب غياب العمل والشك المحدق بالمستقبل والشعور بالخسارة الناتج عن زلزال السادس من أبريل 2009.

عبّر الأب الأقدس للجميع عن قربه بالصلاة وشجّع على المواظبة على الشهادة للقيم الإنسانية والمسيحية المتجذرة بعمق في إيمان وتاريخ هذه الأرض وسكانها مشيرا إلى أن زيارته تتزامن والمئوية الثامنة لولادة القديس بيترو تشيليستينو (بيترو ديل موروني) الذي عاش حياة نسكية طويلة، ومذكّرا بانتخابه حبرا أعظم في عام 1294 وبزيارته السنة الفائتة بازيليك كوليّماجو في مدينة أكويلا حيث رفات البابا القديس تشيليستينوس الخامس. وتابع البابا عظته قائلا إن القداسة لا تفقد أبدا قوتها الجذابة ولا يلفّها النسيان لا بل تشع دوما بإشراق أكبر معبّرة عن توق الإنسان لله، ليتوقف بعدها عند حياة بيترو تشيليستينو فأشار لبحثه عن الحقيقة والسعادة وقال: للإصغاء إلى صوت الله، قرر الانفصال عن العالم لعيش حياة نسكية، فأصبح الصمت العنصر الذي يميّز حياته اليومية.

ودعا الأب الأقدس لعدم الخوف من الصمت الخارجي والداخلي إذا أردنا حقا أن نكون قادرين ليس فقط على سماع صوت الله إنما صوت الآخرين أيضا، وأضاف قائلا: إذا تعلّمنا التعرّف على الله في صلاحه اللامتناهي، نستطيع الشعور بقربه منا في حياتنا اليومية على غرار القديسين، وأشار إلى أن بيترو ديل موروني اختبر جمال الخليقة أيضا، وذكّر باهتمام الكنيسة المحلية في حملة تحسيسية لصالح تعزيز الخير العام وحماية الخليقة، ثمرة وعلامة محبة الله… وأضاف بندكتس السادس عشر أن الصليب شكّل محور حياة القديس بييترو تشيليستينو وأشار إلى أن سر تألقه الرعوي "البقاء مع المسيح في الصلاة"، وحث البابا الكهنة على الشهادة الصادقة للبشرى السارة للمصالحة مع الله، كما وتحدث عن بعض الالتزامات الأساسية لتلميذ يسوع: الإعلان الواضح والشجاع لرسالة الإنجيل؛ الترفّع عن الانشغال بالأشياء ـ المال واللباس ـ متكلين دوما على العناية الإلهية؛ والاهتمام على وجه الخصوص بمرضى الجسد والروح، وختم البابا عظته قائلا "أنا بينكم لأثبتكم في الإيمان، وأودّ تشجيعكم على البقاء راسخين في الإيمان الذي نلتموه ويعطي معنى للحياة ويهب قوة المحبة".

وفي ختم القداس الإلهي، تلا الحبر الأعظم صلاة التبشير الملائكي موكلا للعذراء مريم كنيسة سولمونا ـ فالفا، سائلا الله أن تسير متّحدة فرحة على درب الإيمان والرجاء والمحبة. وقال البابا إن القديس بيترو ديل موروني وجد في مريم، عذراء الصمت والإصغاء، القدوة الكاملة للطاعة للمشيئة الإلهية من خلال حياة بسيطة متواضعة قادرة على رفع شكر دائم للرب… وأضاف بندكتس السادس عشر أننا مدعوون أيضا لتثمين نمط حياة زاهدة ليكون العقل والقلب أكثر تحررا وللتمكّن من تقاسم الخيور مع الأخوة.

اذاعة الفاتيكان