آمالنا… في حقائب أساقفتنا الأجلاء

 

على هامش انعقاد سينودس كنائس الشرق الأوسط

 بقلم المونسنيور بيوس قاشا

 

هوذا السينودس على الأبواب… وهوذا أساقفتنا يَحزمون حقائبهم، ويُعدّون جوازاتهم، ويلملمون دراساتهم ومسودّاتهم، ليرحلوا… وما أجمل الترحال حينما يكون جواباً لنداء من العلياء… وما العلياء إلا الكنيسة المقدسة

حيث صخرة بطرس… روما الخالدة… حيث قداسة البابا بندكتس السادس عشر ينتظرهم ليستمع إليهم ويُسمعهم… إنهم سينصبون خيمتهم أربعة عشر يوماً [الأحد 10/10/2010 – 24/10/2010] ليسكنوا سوية. فالدراسة واحدة، والغاية واحدة… إنها كنيسة الشرق الأوسط، من اين وإلى أين؟… وما الشراكة والشهادة إلا سمة هؤلاء الذين اجتمعوا من أقطارنا العربية المُتعَبة والمِتعِبة. وبعد أن اختتم بطاركتنا الكليي الطوبى مؤخراً اجتماعاتهم في المجمع الشرقي، وقد تدارسوا أجوبة الخطوط العريضة التي تناولتْ وضع مسيحيي الشرق الأوسط من مختلف جوانبه، والتحديات التي يواجهها وجودهم في مجتمعاتهم الشرقية، من أجل إعادة رسم خارطة الطريق لوجودنا، وشارحين الدور المميز الذي يجب أن نكون فيه ونحن أقلية!! ضمن أغلبية.

     فأبواب السينودس أقفالها في أياديكم يا أساقفتنا الأجلاء، ولكي نفتح الأبواب على مصراعيها _ بعد أن نعلّق على كاهلكم آمالاً كبرى _ سنرفع صلاتنا لأجلكم، لأجل نجاح سينودسكم واجتماعاتكم… سنصلّي فراداً ووحداناً وجماعات، في البيوت وفي الكنائس، في الأديرة والمزارات، كوننا نؤمن أن الصلاة هي مفتاح الحياة، والعالِمْ الذي لا يصلّي لا يمكن أن يَشرحَ فحوى عِلْمِه. فنحن نؤمن أنكم ستكونون رجال صلاة قبل طلاب دراسة… فاسمحوا لي _ أنا الضعيف _ أن أقول بعضاً من أمور أعيشها في الظروف القاسية وفي بلدي الجريح العراق، وإنْ كانت فلسطين تحتلّ مكانة مقدسة في قلوبنا، وإنْ كانت بلداننا الشرق أوسطية كلها تعاني من نقص في حق الحياة وحرية الفرد في إبداء رأيه وممارسة إيمانه… وأخرى، وإنْ كانت نسبية فهي مخيفة أحياناً.

ما حلّ في العراق من مآسي لا تُعَدّ ولا تُحصى، عديدة في تسلسلها ومخيفة في رواياتها، حتى ملأت صحف الأخبار ودور وكالات الأنباء، وصُوِّر شعبنا _ الذي كان يُعرَف بحضارته وقبوله للآخر في العيش المشترك _ بشعب بربري، إرهابي، دموي، لا يحب إلا القتل والتدمير وسفك الدماء. ولعلّه مخطط لابدّ من أن يكتمل بحرق الأبرياء، بمسلميه ومسيحييه، لمصلحة مَن!!. هل هي دولية أم إقليمية أم مصلحية أم…؟، لا أعلم. وإنما أعلم أن ذلك لم يكن في الحسبان إطلاقاً… كما هُمّشت الأقليات المختلفة، وطُردت، وقُتل أبناؤها وذاقوا الأمرّين، كباراً كانوا المنفذين أم صغاراً… فما حصل مخيف أقولها.

     آبائي أساقفة كنائسنا الأجلاء… إلى السينودس سترحلون… والسينودس محطة إيمانية ثابتة في تاريخية مسيحيتنا، وهو فرصة يدعونا جميعاً إلى لملمة ما تبقّى لنا وفينا لنجد أين أصبحنا من دورنا المسيحي العربي… فصوت خادم الله ونبي الرجاء البابا يوحنا بولس الثاني لا زال صداه يرنّ في آذاننا وهو يقرأ الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" سنة 1995… إنه بلد الرسالة… أنتم تحملون اليوم رسالة كنائس الشرق أوسطية… إنها رسالة شراكة وشهادة… فنرجو أن لا تعملوا فقط لكي تكون وثيقة السينودس كتاباً للتاريخ، أو ملفاً يوضَع  _ بعد ختام أعماله _ على رفوف المكتبات، كما نحن لسنا بحاجة إلى سينودس نهايته كتابٌ عديدُ الصفحات يذكره التاريخ ولكنه بعيدٌ عن حياة منتسبيه، فنضيع حينذاك في المتاهات والأزقة الضيقة والزواريب الصعبة، بل قداسة البابا بندكتس السادس عشر يدعوكم ويدعونا لكي نتفاعل مع توصيات السينودس اللاحقة، والتي ستصدر في إرشاد رسولي "من أجل كنائسنا"، من أجل تثبيت وتقوية هويتنا المسيحية، فنرى الرؤية الواضحة عن معنى حضورنا ووجودنا وتقاسمنا للحياة مع الأخوة ومع المسلمين واليهود… فأنتم قادة لقطيع الله، وواجبكم أن "تكونوا رعاة أمناء يبذلون حياتهم من أجل الخراف" (يو11:10)، كما يقول المجمع الفاتيكاني الثاني. كما أرجو أن لا يكون السينودس لغة المثقفين وشريحة الكبار والمسؤولين، فاليوم شعبنا البسيط والبريء يحتاج إلى أن يتفاعل بقدر ما وهبه الله من النِعَم، لكي لا يكون شعباً مسيَّراً بل شعباً مشارِكاً وشاهداً رغم ضعفه وخوفه وإيمانه التقليدي.

     لقد أصبحنا بقية صغيرة بفعل التاريخ، ولكننا نستطيع أيضاً _ بسلوكنا _ أن نصبح اليوم حضوراً يُحسَب له حساب إذا ما أدركنا عظمة موهبة الخالق التي منحها لنا، لكي نعيش في شرقنا، فهو من أرضنا ومن تفكيرنا، وعبره يكون خلاصنا حينما نكون مؤمنين حقيقيين له.

     أساقفتنا الأجلاء… نقولها _ وبحسب مجريات الزمن والأيام والتاريخ _ إننا نواجه في مشرقنا، وبالخصوص في عراقنا، أزمة حضور مصيري، أزمة كيان. فعددنا في تناقص مستمر بسبب الانتهاكات التي تُرتَكَب بحقنا بالقتل والتهجير وما إلى ذلك من خطط سوداء في تاريخ الزمن القاسي.

     فالخوف من الآتي، بسبب التطرف المتنامي الذي ينزل آيات التكفير بحقنا نحن، فالعراق بحاجة إلى المسيحيين للحفاظ على خصوصيته، ولكن الزمن يجعلنا نتساءل: هل سيبقى العراق وطننا أم ستُقلَع حتى جذورنا الرافدينية… فالحكم باسم الله أبعدنا عن حقيقة العيش وحرية الحياة.

     السينودس عَنصرة حياة من أجل الكلمة التي ابتعدنا عنها ولم نعد نتغذى بنورها ونسير كونها دليلاً لمسيحيتنا. فالكلمة _ الإنجيل المقدس _ دستورنا، وهي تدعونا أن نفهم جيداً وندرك بوعي أكيد أن الظروف التي نعيش فيها وتمرّ علينا في بلداننا الشرق أوسطية لا تنفصل عن مجرى تاريخ الخلاص، وهو تصميم الله الخلاصي الذي يتحقق تباعاً عبر الزمن بواسطتنا.

     لذلك فالسينودس يدعونا معكم يا أساقفتنا الأجلاء أن نقرأ كلمة الحياة، فهي درب الرجاء، نقرأه مع أبنائنا وفي عوائلنا وكنائسنا، لنحمله في قلوبنا، ونفهم معكم أن ذلك مخطط من الله. وقلقنا هنا أن لا نكون رسل الكلمة… أليس من الحق أن نعود إلى جذورنا الإيمانية وينابيع مشرقنا الأصيل، ليتجدد وجهنا ووجه الأرض التي عليها جُعلنا رسلاً؟… أليس السينودس دعوة لنا ليشعرنا أين نحن من كلمة الحياة، وعيش الإيمان، والإصغاء _ كما يقول الروح القدس _ للأساقفة بإيجاد السبل لرفع التحديات التي تؤثر على حضورنا وتحديد مساحات رسالتنا وإبراز سبب وجودنا ومعناه؟.

     السينودس جاء ليكشف لنا خوفنا وخشيتنا عن تقلص الوجود المسيحي بفعل تراجع الإيمان المسيحي بسبب تغلغل الجمعيات _ التي هبّت كعاصفة _ المنضوية تحت أسماء دينية، تحت لواء بيتِ عبادةٍ… فالإيمان كنز محفوظ في آنية من خزف كثير العطب (2تبمو 21:2)، لذلك يحتاج إلى حمايتكم وسهركم لتكونوا دليلاً، ليستمر، ولن تكون الحمايةُ فاعلةً إلا بسهر وتيقّظ دائميَّيْن… إذ بقدر ما يكون الحفاظ على الإيمان، بقدر ذلك سيستمر وجودنا في الشرق الأوسط.

     أساقفتنا الأجلاء… الأقليات تعاني حرمان واضطهاد مزدوج، قومياً كان أو دينياً، وبسبب تصاعد الحركات الأصولية واستخدامها للعنف كوسيلة وأسلوب لتحقيق أهدافها وشعاراتها… وهذا ما شهدته العديد من دول المنطقة على امتداد القرن العشرين من أعمال عنف وصراعات داخلية… فهذه الأمور وهذه الأحداث أشعرت المسيحيين بالقلق والخوف من مستقبل مجهول، مما دفعت بالكثيرين منهم بالهجرة إلى حيث أرض الله الواسعة… فسلخوا أنفسهم من الوطن كونهم أعلنوهم أنهم غرباء، وعليهم أن يرحلوا، فوطنهم يلفظهم خارجاً… وقد قال يوماً غبطة أبينا البطريرك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان:"إن المسيحيين ليسوا غرباء بل هم مواطنون، ولم يُستَورَدوا من الخارج بل هم أبناء للوطن".

     أساقفتنا الأجلاء في السينودس… نرجوكم أن لا تتحدثوا عن أهمية الوجود المسيحي لحفظ هذا الشرق دون أن تتحدثوا عن كرامة المسيحيين، وكم هم أصلاء في أرضهم، ولا يجوز أبداً أن تستجدوا في طلب رحمة وعطف من الآخر القوي من أجل تأجيل رحيلنا، فنكون أذلاّء أمام السامعين، فيحولوننا كما يشاؤون. فيوماً "أهل الذمة" إلى "عليهم دفع الجزية" وأخرى "كفّارة"، كما يبعدوهم عن كل وظيفة أو مركز مهم من شأنه منح المسيحي مكانة قانونية مشاركاً إخوته المسلمين الأحبّة حكم البلاد، وبسبب تيارات أصولية أو طائفية أو حزبية، وأخرى "إنهم تبعية الغرب"… وفي هذه كلها هم أبرياء.

     أساقفتنا الأجلاء… إن التدخل الغربي ينعكس أحياناً على وجودنا، وهذا ما حصل أعقاب غزو العراق للكويت عام 1990، لم يكن مصلحة للمسيحيين به. وخلقت مسألة الأقليات المسيحية مرحلة جديدة في المنطقة العربية والإسلامية، فبدأ المسيحيون يعانون من تداعيات هذا التدخل… ومن المؤسف بدأنا نسمع _ في حينها ومن وقت لآخر، وعبر الأقنية التلفزيونية الفضائية العربية، وتعليقات وآراء وتصريحات تتضمن تعابير خطيرة تطالب بإخراج المسيحيين النصارى من المنطقة _ وذلك انتقاماً من الغرب، وكأن أمريكا جاءت لتدافع عن المسيحيين، أو هي تحارب نيابة عنهم. كما أن هناك العديد من المثقفين الساسة قالوا بأن الحملة الأمريكية على العراق والمنطقة كانت حرباً دينية… هذه كلها دفعت، بدون شك، المزيد من المسيحيين إلى الهجرة من المنطقة وترك أوطانهم، وبدأت ردات فعل وعمليات انتقام ضد المسيحيين في منطقتنا، فكانوا ضحايا بريئة بسبب مصالح أنانية غربية.

     أساقفتنا الأجلاء… السينودس فرصة للتفكير والتذكير، ولإعادة صياغة الدور الفاعل وتأكيده، وهو أن المسيحيين موجودون منذ بدء المسيحية وإلى اليوم في كل بلاد الشرق الأوسط، ويشكلون فيها جزءاً لا يتجزأ من نسيج سكانها الأصليين، كما العرب. والرهبان كانوا دائماً سبّاقين ومتقدمين ورواداً على الدوام، فقد أعطت زخماً ثقافياً وعلمياً واجتماعياً منذ القرن الثامن عشر انطلاقاً من إيمانهم بأهمية حضورهم في الشرق، ونظّمت أولى الجمعيات والمنتديات الثقافية والعلمية، ونشاط المثقفين والأدباء المسيحيين وفي مقدمتهم الأب أنستانس الكرملي وكوركيس عواد وميخائيل عواد والأب يوسف حبي وغيرهم… لقد كان لهم دورٌ مهم في توعية الشعب وبناء الوطن وتأثيراته على المنطقة، رغم أن الإمبراطورية العصملية والتاريخ السيء والأمن الصعب قسمت شرائح المجتمع إلى طوائف وحاربتهم، ولكن مسيرتهم من أجل الوطن بقيت مستمرة، وكان هدفهم الانفتاح والقضاء على الانغلاق والانقسام، ومحاولة تأكيد وجودهم في مجتمعهم الإسلامي، ولكن بروز العديد من الحواجز والعوائق على طريق تحقيق هذا الهدف، وفي مقدمتهم الحواجز الدينية والطائفية والنفسية، وشعورهم بالغربة، جعل تحقيق عملية التواصل صعبة بين العرب المسلمين والمسيحيين، وأخذوا ينظرون إليهم كعملاء وجواسيس لتحقيق مصالح الأجنبي.

     أساقفتنا الأجلاء… نقولها صراحة _ وإنْ كانت نواحي إيجابية هنا وهناك من بعض مسؤولين رسميين (شاكرين لهم كلمة حق) _ فمن المؤلم أن معظم حكومات الدول العربية تتجاهل مسألة الهجرة وبالخصوص هجرة المسيحيين من دولهم، حتى الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي يتجاهلان المتعلقات بعيشهم الحُر والكريم، وتبقيها من غير حلّ إلى حين انفجارها… وفي هذا أصبحت تطرح وبجدية مجموعة من التساؤلات والاستفهامات أن لا يفتشوا أولادنا عن مستقبل الوجود المسيحي في المنطقة أو إفراغهم منها… هناك الكثير من اللامبالاة تجاه ما يحصل لمسيحيي العراق، وتجاهل السياسات الدولية في محافلها الحضور المسيحي. فوضع المسيحي وضع غير مستقر.

     أساقفتنا الأجلاء… إن السينودس فرصة سماوية أُعطيت لنا في هذا الزمن الصعب، لذا فهو يدعوكم أن تزرعوا الأمل والرجاء وعدم الخوف في قلوب المؤمنين، ليتطلعوا نحو المستقبل، ولا يضيعوا فرصة السماء التي وُهبت لكم ولهم في أن تكونوا فَعَلَة في كرم السينودس (متى 12:20) لأجل حصاد وفير (متى 38:9)، وهو أن الرب يريدكم وكلاء أمناء للسهر ولزرع الخلاص ما دام النهار (متى 44:24)، يقول يسوع الرب… ولقاؤكم سوية ما هو إلا لقاء صلاة وعمل وتوبة من أجل شعار السينودس في الشركة والشهادة، كما هو دليل لوجودنا ولمسيحيتنا ولكنائسنا.

     أساقفتنا الأجلاء… إن مسيحيينا هم ضحية التدخل الأجنبي. فمن جهة دمّرتِ الحرب الكثيرَ من قدراتهم ومواقعهم، ومن جهة أخرى أثارت نعرة استغلّها الأصوليون ألا وهي نعرة الغرب الصليبي الجديد، كما يقولون… هذه أبعدتهم إلى خارج الحدود، ودفعتهم إلى أن بلدانهم تلفظهم لأنهم مهدَّدون بأرواحهم، ولكن الحقيقة أن الغرب لا يحمي أحداً، إنما يحمي سياساته ومصالحه ليس إلا… فالسينودس يدعوكم إلى أن تُفهِموا الشعوبَ الأخرى أن المسيحي لا يمكن أن يكون تبعية إلا لمسيحيته ولكنيسته، وليس لبلدان دفعتهم النزعة المصلحية إلى احتلال الأرض وسرقة الكوادر عبر أبواب ومداخل الأممية، ودفعهم إلى ترك وطنهم من أجل عيش رغيد!!. وهنا أتساءل: متى عاش المسيح عيشة رغيدة!!.

     أساقفتنا الأجلاء… نقولها _ وبحسب مجريات الزمن والأيام والتاريخ _ إذا ما استمرت هذه الظروف والأحوال في المنطقة، فلن يكون هناك وجود مسيحي بعد عقدين أو ثلاثة من الزمن… ولذا لابدّ من زيادة الوعي عند المسيحيين لتحديد دورهم الإرسالي وحسّهم الإيماني، بحيث يصبحون جزءاً لا يُستغنى عنهم، وتصبح الأكثرية المسلمة هي التي تحميهم، لأنها تشعر بأن دور المسيحيين هو حاجة لهم.

     هذه رسالتنا، وعلينا حملها دون خجل ولا خوف… إنها رسالة الجميع وبالخصوص الشباب، وذلك للسير نحو مستقبل واعد، بعد أن يكون الرؤساء والمؤمنين قد امتلأوا من مخافة الله فكانوا رأس الحكمة، ولا يستحوا بكلمة الله لأنهم مؤتَمَنون بفضلها على مقدرات الشعب.

     أساقفتنا الأجلاء… كل شيء إن شاء الله سيمرّ حسب مشيئة الرب وتحت أنوار الروح القدس، وكلنا بانتظار ثمرة سهركم وأتعابكم ومناقشاتكم… فالحاجة اليوم لعراقنا ولشرقنا إلى إرشاد رسولي يحمل عنوان "كنيستنا الكاثوليكية: كنيسة شراكة وشهادة"… هذا الإرشاد علينا أن نجعله يتفاعل فينا ليعطي مقومات الإستمرار، ويُبقي على شعلة الرسالة مضاءة رغم ما صادفنا وا اعترانا وأتعبنا، ورغم الصراعات والتهديدات بالتهميش واللااستقرار، كما يكون دليلاً لمسيرة إيماننا، لأنه لا يجوز أن يبقى تاريخنا دون أن يتفاعل مع مضمون الإرشاد… كما لا يجوز أن يبقى تاريخنا تاريخ متاحف وذكريات وتقاليد، بل فاعلين في حياة أوطاننا من خلال انخراطنا في قضايا بلادنا وشعوبنا، وما علينا إلا العودة إلى أوطاننا، خوفاً لئلا يكون البكاء نهاية المطاف… وحسب قول الشاعر:"ايهِ آثار بعلبك سلامُ"، سنقول نحن أيضاً:"ايهِ آثار الرافدين سلامُ".

     أساقفتنا الأجلاء… السينودس ينتظركم ليشدّ على أيديكم، فعراقيل الرسالة والشهادة عديدة وأهمها الانتشار السريع للجماعات الإنجيلية الجديد… وهذا ما يدلّ على أن شعبنا يحتاج إلى رؤية إيمانية واضحة، ورجال يسيرون أمامه وهم مملوؤن من أنوار الروح القدس، كونه (هذا الشعب) يملك إيماناً ضعيفاً وقائماً _ على الغالب _ على تقوى عفوية بديهية وربما إلى تدّين فطري… فالسينودس دعوة إلى أنجلة جديدة في أبرشياتنا ورعايانا عبر إعداد جيد للمؤمنين في الالتزام ببشارة كنيستنا الكاثوليكية، والعمل مع بسطاء الإيمان والفقراء والشهادة الحية لإيمانهم بيسوع المسيح وكنيستهم، وعاملين على تذليل كل الصعوبات والعراقيل والحواجز التي تعترض درب الوحدة بين المسيحيين، والعمل على رؤية مسكونية واضحة في الحوار الأخوي، كونه أمراً ملحّاً ومطلباً كنسياً حسب تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني.

     وختاماً أساقفتا الأجلاء… سنكون معكم في الصلاة… سنلتقي عبر كلمة الروح، ننتظر المبارك الآتي باسم الرب (متى 39:23)… باسم السينودس… أوشعنا في العراق، في فلسطين ولبنان ومصر والشرق الأوسط… وآمالنا في حقائبكم… والمجد لرب السماء… آميـن.