لمحة عن اليوم الخامس من سينودس أساقفة الشرق الأوسط

 

أشخين ديمرجيان (أشجان)

فعاليات مجمع "سينودس الأساقفة" الخاص بأساقفة الشرق الأوسط

 

بدأت فعاليات مجمع "سينودس الأساقفة" الخاص بأساقفة الشرق الأوسط في مدينة الفاتيكان يوم الأحد الموافق 10 أكتوبر 2010 على مدار أسبوعين، لمناقشة أسباب نزوح مسيحيي الشرق الأوسط ومدى تمتعهم بالحريات الدينية وسبل الحوار مع جيرانهم المسلمين. وسيناقش الأساقفة والخبراء المختصّين من كهنة وعلمانيين، المشاكل التي يتعرض لها المسيحيون مثل: الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والعنف في العراق، والتيارات المتشدّدة، والأزمات الاقتصادية…  وسيناقشون هموم العالم المسيحي وآلامه وأحلامه في الشرق الأوسط، حيث تعيش الأقليّات المسيحيّة وتواجه التحدّيات والصراعات والصعوبات التي تعصف بكيان المسيحي في بلدان تفتقر إلى الاستقرار والديمقراطيّة.

 

عند مفترق طرق

 

ويحذّر الأساقفة من أن تناقص أعداد المسيحيين في الشرق الأوسط ونزوح الآلاف منهم تحت ضغط الصراعات والتوترات السياسية  يهدّد الوجود المسيحي بالانقراض.

 

ومع استمرار هجرة المسيحيين من العالم العربي إلى الغرب، السؤال الذي يطرح نفسه هو: "هل يبقى المسيحي في الشرق الأوسط؟ هل يكون أو لا يكون!"، سؤال يجب أن نطرحه على أنفسنا، مسلمون ومسيحيون، إذ يبدو المسيحي في الشرق الأوسط كما لو كان واقفاً عند مفترق طرق بسبب ما أصاب هذه المجتمعات من تجاهل أو إغفال أو تناسي لأهمية الوجود المسيحي العربي الذي كان سبّاقاً في تشكيل دعائم البناء العربي الحضاري قديماً وحديثاً على السواء.

 

ظاهرة التهجير عواقبها وخيمة

 

باختصار شديد، نزيف "الهجرة" خسارة فادحة بل كارثة، سينجم عنها آثار بعيدة وستترك جرحاً لن يندمل على مصير الوطن العربي بأكمله وعلى النسيج الاجتماعي الذي يتميّز به، بالإضافة إلى التنوّع الثقافي والفكري. وسيختلّ التوازن في العلاقات الدوليّة مع الغرب والتواصل الحضاري معه.

كما أنّ التخطيط لتهجير المواطن المسيحي من الأراضي المقدّسة ضربة قاضية من الناحيتين السياحية والاقتصادية. حيث ستتوقّف رحلات الحجّاج الذين يؤمّون البلاد لزيارة الأراضي المقدسة ولمتابعة الأحداث الإنجيلية الخاصة بحياة السيّد المسيح. هل سيأتي الحاج المسيحي لزيارة الحجر دون البشر (أي المسيحيين)؟ لا أعتقد ذلك، خاصة أنّ الحاج المسيحي يحمل شعوراً بالاتصال الروحي بإخوته المسيحيين في هذه المنطقة العزيزة.

 

فرصة أخيرة

 

يدعو الخبراء في وثيقة العمل إلى تكاتف جميع المفكرين والإصلاحيين، من مسلمين ومسيحيين، لتعزيز عملية النهوض بالشراكة الوطنية التي تضمن المساواة والعدل والحقوق وتبيّن الواجبات للأكثريات والأقليات وتحفظ للأديان احترامها.

 

وعلى المسيحي في الأرض المقدّسة أن يطرح الأنانية جانباً ويحارب بشدّة ظاهرة التهجير ويعمل من أجل السلام والمحافظة على الوديعة التي استلمها من السيّد المسيح ليكون نوراً للعالم في مهد المسيحية من خلال تضحياته وانجازاته. ليكون بحق مثالاً صالحاً يُقتدى به في كل مكان وزمان.

 

دور المسيحي أن يضحّي بالغالي والنفيس ليبيّن تمسّكه وانتمائه وإخلاصه للوطن الجريح لأنّه إحدى الفئات المُستَهدَفَة التي ينعقد من أجلها السينودس. أيّ دور لهذا الوطن في غياب الشريك المسيحي؟ هذه فرصتنا الأخيرة التي لا تعوّض ويجب أن لا تفوتنا.

 

ملح الأرض ونور العالم

 

ولنتذكّر أقوال السيّد المسيح في موعظته الشهيرة على الجبل: "أنتم ملح الأَرض، فإِذا فسد الملح، فأي شيء يملحه؟ إنه لا يصلح بعد ذلك إلا لأن يطرح في خارج الدار فيدوسه الناس. أنتم نور العالم. لا تخفى مدينة قائمة على جبل، ولا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال، بل على المنارة، فيضيء لجميع الذين في البيت. هكذا فليضئ نوركم للناس، ليروا أَعمالكم الصالحة، فيمجدوا أَباكم الذي في السموات" (متّى 5: 13-16).

 

ويقول السيد محمد خالد من أبو ظبي: "لا تهمّ نسبة المسيحيين في الوطن كلّه، عرباً وكلداناً وأشوريين وأرمن وأفارقة، فالملح في الطعام لا يشكّل غالبيّة المكوّنات ولكنّه يعطي الأكل نكهته اللّذيذة" ثم يقول: "نحن العرب، مسلمين ومسيحيين، كلّنا أغلبيّة، متفاوتون في العدد متساوون في الحقوق والواجبات. ويا أحبّاءنا المسيحيين، أنتم ملحنا الذي لا يفسد".