مداخلة المطران بولس ماركوتسو في السينودس

 

 حول موضوع التنشئة
نقلها إلى العربية وليم القنصل

نقدم فيما يلي مداخلة المطران بولس جاشينتو ماركوتسو، النائب البطريركي للاتين في اسرائيل، التي ألقاها خلال أعمال سينودس الأساقفة الخاص بالشرق الأوسط:

 

صاحب القداسة،

إخوتي  الأعزاء،

 

بشجاعة الخبرة الرعوية، اشعر بواجب التكلم عن التنشئة. كيف نزيل ونقلل من المشاكل الكثيرة لكنيسة الشرق الأوسط؟ وهي كثيرة بحيث لا نعرف من اين نبدأ. وأنا أؤمن أن أفضل إجابة هي بالعودة الى الجوهر والى قلب المشاكل أي التنشئة. كنائس الشرق الاوسط، يجب ان تعطي الاولوية المطلقة لتكوين وتنشئة العلماني، الكاهن والجماعة. تنشئة واعادة تجديد جماعتنا من الداخل. هذا الشيء الفريد حقيقة ضروري، لنبدأ بازالة وتقليل مشاكلنا وتحسين الوضع. التنشئة الجيدة والتجديد الدائم تصبح افضل تجهيز لمواجهة التحديات المتنوعة والكثيرة.

 

في هذا الوضع، نجد انفسنا غالبا امام شجرة مريضة  بحاجة الى علاج. ونحن نعالج الاغصان، ولكننا نهمل معالجة الجذور والجذع، وبالتالي نحن لا نحل مشاكلنا. لنرجع الى الجذر، الى التنشئة. وبمعالجة الجذور والجذع لمرة واحدة، سيعطى لنا اغصان جيدة ومثمرة.

 

1- أي تنشئة؟

 

بتواضع، أقدم للمجمع الموقر الذي انا منه، وسط اختلافات الاجابات، الافضل: عملية كبيرة للوساطة الحضارية والتاريخية للايمان.

 

بالتوسط اسمع بالتآزر القائم بين العقل والايمان الذي يعيد ايماننا الى منبعه، في الكتاب المقدس والوحي، الى الحياة المؤمنين الملموسة. ثقافياً، اسمع الثقافة نفسها، الهوية، الحياة، اللغة، الفن، الصعوبات، ظروف الزمان والمكان، وواقع ملموس موجز من مؤمنينا. وبين الطرفين، الإيمان والحياة، هناك هوة كبيرة. الوساطة الحضارية هي تلك العملية الرعوية للكنيسة التي فيها نجدس ايماننا في الحياة الملموسة.

 

الإيمان المسيحي موجود ومتجذر في الشرق الاوسط، والشكر لله، لكنه وراثي، واجتماعي، وطائفي.

 

بدون هذه الوساطة، ايماننا هو مذهب ايماني، عقائدي وطائفي، ويمكن ان ينزلق بسهوله الى التطرف والتعصب.

 

2- ما هي محاور هذه الوساطة الحضارية والتاريخية للإيمان؟

 

هذه الوساطة قائمة أساسياً على ثلاث مراحل كلاسيكية، دائما جديدة و ثورية: يشاهد، يحكم، يعمل. يشاهد واقعنا، بتغيراته الدائمه ويتأملها. يحكم على هذا الواقع انطلاقاً من كلمة الله ومن الإيمان، ويخرج منه أفكاراً سليمة. ويعمل على هذا النحو مع البرامج الملائمة. هذه اسلوب ومنهج الانجيل بالاصل الذي به المسيح دعانا إلى: "نفحص كلمة الله بدقة"، "نقرأ علامات الوقت"، "نعمل الحقيقة". هذا منهج البشارة، هذا منهج التقليد والكنيسة، والمنهج المتبع في المجمع الفاتيكاني الثاني. بالطبع لاحظتم ان هذا مسؤول عن ايماننا بالثالوث الاقدس: الاب خلق العالم والحياة، الابن هو الكلمة والنور الذي يعطينا الايمان ويضيء الحياة، والروح القدس المعطى لنا ليساعدنا لعيش الايمان.

 

3- أين سر فاعلية ونجاح هذه الوساطة الحضارية؟

 

عملية الإيمان هذه مؤسسه على عدة اعمدة أساسية:

 

– قوة الاجتماع الكنيسي المصلح والتفكير المشترك.

 

– تجديد النفس من كلمة الله.

 

– مسؤولية الأعمال الغير مفروضة من العلى او الخارج، بل من الداخل التي تأتي كمحفز والتي تلزم الشخص ولاسيما الشباب.

 

ونستطيع فهمها ببساطة هي عملية تتطلب جهداً كبيراً، تطبيق على جميع المستويات، والشجاعة في الحق  وصدق الالتزام، لانها قادرة على تنشئتكم وتدريبكم، وتجديد الجماعة.

 

4- هل يمكن تطبيق الوساطة الحضارية؟

 

في القرن السابع والثامن انجز مسيحيو الشرق الاوسط، شوطاً كبيراً من وساطة الايمان الحضارية، واوجدوا "اللاهوت العربي" أو" الليتورجية العربية المسيحية". يمكننا القول ان هذه العملية انقذت الحضور والوجود المسيحي في بلادنا. وهي نفسها اسهمت في: تطور اللاهوت المسيحي. هذا اللاهوت العربي لم يعد مستمرا ولم  يعد يعلم. لا يوجد له اليوم التأثير الكبير في كنائسنا.

 

5- نقاط تحول تاريخية في كنيسة الارض المقدسة.

 

وساطة الإيمان الحضارية مطلوبة وبخاصة في لحظات التغير المهمة والكبيرة، في التجديد، في نقاط التحول التاريخية، وفي الارض المقدسة لدينا ظاهرتان جديدتان للكنيسة لاستخدام هذه الوساطة:

 

أ- الحضور المسيحي في التقليد العربي الفلسطيني الذي يعيش في جماعة اسلامية والاثنان يعيشان بين اغلبية يهودية.

 

ب- الظاهرة الثانية الجديدة هي "الجماعة الكاثوليكية الناطقة باللغة العبرية" في إسرائيل.

 

6- اقتراحات للتنشئة واقتراحات لتجديد الجماعة المسيحية في الشرق الأوسط:

 

أ- أن يتبنى السينودس كأولوية رعوية مطلقة لكنائس الشرق الاوسط، التنشئة المستمرة والأساسية.

 

ب- أن يوصي بالمعرفة، والتعليم بالجامعات والمدارس ومراكز التنشئة، وتطوير الادب واللاهوتي العربي.

 

ج- أن يشجع الأسلوب الكتابي، التقليدي والشرقي للوساطة الحضارية التاريخية، المبنية على سر التجسد و على طريق عماوس.

 

ويتناهى إلى مسمعي قول يسوع الناصري لنا: "مرثا… مرثا لماذا أنت في هم وارتباك شديدين، مع ان الحاجة الى امر واحد". ولنا، اليوم في الشرق الاوسط، الحاجة الاساسية والمطلقة هي التنشئة. واسمحوا لي ان اغير في وصية المسيح لنا وبها انهي "اطلبوا أولاً التنشئة والباقي يزاد لكم".