البطريرك يونان

 "أعنف عمل إجرامي تجاه المسيحيين في تاريخ العراق الحديث ، بل في تاريخ المسيحية في الشرق الأوسط"

نطالب المسؤولين العراقيين بتأمين الحماية للأقليات المسيحية بالفعل و ليس بالقول – المسيحيون في العراق يستهدفون فقط لأنهم مسيحيين

مونتريال، الأربعاء 3 نوفمبر 2010 (zenit.org).

أطلق البطريرك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان سلسلة مواقف و نداءات على إثر العملية الإرهابية و الجريمة التي استهدفت المثلين غي كنيسة سيدة النجاة في الكرادة ، بغداد ،  

داعياً المسؤولين العراقيين إلى تأمين الحماية الفعلية للأقليات المسيحية التي باتت مستهدفة فقط لكونها مسيحية ، مندداً بالهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة أربعين ومن أبناء الكنيسة السريانية الكاثوليكية في كنيسة سيدة النجاة ، في حي الكرادة في بغداد،  بينهم كاهنين شابين بالإضافة إلى عدد كبير من الجرحى. و كان البطريرك يونان قد وصل إلى مونتريال في نهاية الأسبوع الماضي بعد مشاركته في سينودس الأساقفة المنعقد في الفاتيكان و الذي أتى برجاء كبير لمسيحيي الشرق ، و مساء السبت كان قد ترأس الحفل السنوي لمكتب فضائية نورسات في كندا ، و ترأس الحد قداساً إحتفالياً في كنيسة مار أفرام للسريان الكاثوليك في مونتريال و قد وصل خبر الفاجعة بينما غبطته يحتفل بالقداس الذي قدمه من أجل الكنيسة المتألمة في العراق.

و عن الجريمة المؤسفة قال غبطته :  

لقد تفاجأنا بهذه الفاجعة المؤلمة  و الأحداث الإجرامية حيث كنا نحتفل بالقداس عندما وصلنا الخبر بهذا الفعل الإجرامي  الذي إرتكب ضد كاتدرائية سيدة النجاة في الكرادة و هو أمر يؤلمنا و نعزي انفسنا  بالضحايا الذين سقطوا  سيما الشهداء و بينهم كاهنين شابين و النائب العام في العناية المشددة ، نطلب لهم و للجرحى الشفاء ، فعددهم وصل لأكثر من 70، أما الشهداء من كنيستنا ففوق الأربعين بالإضافة إلى عدد من  قوى الأمن

الألم الذي يعتصر قلبنا هو دافع لنا اليوم للنظر بكل موضوعية لأحوال المسيحيين في العراق ، البلد الذي نحب،  و نقدر الجهوذ المبذولة ليعود إلى مسيرة البناء والسلام ، لكن ما يحز في قلبنا هو اننا كنا نأمل أن تقوم الحكومة المركزية بجهود أكثر لحماية الأقلية المسيحية كباقي الأقليات و المواطنين، طبعاً هناك أعمال إجرامية إرهابية ضد  القوى الوطنية الأخرى من قوى أمن و جيش و مؤسسات حكومية و أيضاً تجاه مجموعات طائفية أخرى، إنما ما يميز الأعمال الإجرامية ضد المسيحيين هو أنهم لا يمتلكون  ميليشيات أو أسلحة  أو طموحات سياسية يسعون إليها ، إذاً تستهدفهم هذه الجماعات فقط لأنهم مسيحيين.

بصفتي راعي الكنيسة السريانية الكاثوليكية في العالم ، وقد زرت العراق مرتين في السنة الأخيرة و اجتمعت مع المسؤولين بما فيهم رئيس الجمهورية السيد جلال طالباني  و رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي أطلب منهم يساعدونا لبقاء اولادنا في العراق و خاصة في بغداد العاصمة ،إنما فعلياً و ليس في الأقوال.

لدينا ما يقارب 50 مؤسسة دينية مسيحية بما فيها كنائس مدارس أو مستشفيات ، الحكومة يمكنها تأمين حماية مشددة ، على الأقل 20 حارس على مدى 24 ساعة، كما يحرسون كباقي المؤسسات، و لديهم قوى تصد هجمات إرهابية ، عندما يأتي 10 مجرمين يقتحمون الكنيسة بهذا الشكل وقت الصلاة هذا  أمر لا يجب أن يحدث أبداً فهو ليس تفجيراً أو سيارة مفخخة بل هجوم على جماعة مصلية في الكنيسة ، لو وجدت حراسة كافية لما  تجاسروا و أقدموا على هذا العمل الإجرامي. طبعاً نتوجه لأولادنا في العراق و رعيتنا في بغذاد المنكوبة ، نحن معهم في قلوبنا و ضمائرنا ندعو لهم بالمعونة من السماء ليثبتوا ، نشاركهم بالألم و الحزن و نعزي نفسنا بهذا الخسائرالبشرية التي وقعت و نطلب من الرب الشفاء للجرحى من أية فئة كانوا.

و تابع غبطته الحديث عن إستشهاد الكاهنين الأب ثائر سعد الله عبدال والأب وسيم صبيح كرومي،بالإضافة و المؤمنين ، مطالباً بخطوات فعلية جرئية من جامعة الدول العربية :

" طبعاً الكهنة الذين ذكروا أعرفهم جيداً و شاركوا معهنا في مؤتمر الكهنة في لبنان في الربيع الماضي و كلهم حيوية و نشاط ، هذه خسارة كبيرة لكنيستنا لأبرشية بغداد و للكنيسة بشكل عام.

السينودس كان دعوة للرجاء ، فالمسيحيين في البلاد الشرق أوسيطة مدعوين  لعيش الإيمان و الدعوة المسيحية مع إخوتنا في الديانية الإسلامية و بطريقة حضارية مطلوبة في هذا الزمان ، حيث لا بد من حوار بين الحضارات و الديانات.

 ما يحز في قلبنا أن جامعة الدول العربية تعرف جيداً ما يحصل للمسيحيين في بعض بلدان الشرق الأوسط كالعراق،  و لا بد لها من إجراء جريء و أن تطلب بشكل رسمي من الدول الأعضاء و شعوبها إحترام الأقليات المسيحية و يكفي الكلام بطريقة عنجهية كأننا وحدنا المدافيعن عن اسم الله و الآخرين درجة ثانية .

لا بد من وقفة جريئة لجامعة الدول العربية لإتخاذ هذه الإجراءات مع الحكومات ، أن تأخذ إجراءات أمنية في العراق و تستعمل الطرق القانونية لكل دولة تبجث عن العقول المدبرة و المخططة لهذه الأعمال الإجرامية وعن الجيوب التي تمولها ، لا بد أن تعرف الدولة أن الجميع يعملون لخير الوطن و لا بد من أمن فعلي، ليس فقط القبض على بعض الفاعلين ، عليهم البحث عن المصادر و الينابيع التي منها خرجت هذه العصابات المجرمة و كيف ُغسلت أدمغتهم لهذه الدرجة، فسمعنا أن بين المجرمين طفلاً عمره 12 سنة.

الجميع من مرجعيات دينية  و حكومات عليهم  أخذ الأمر يجدية و ليس فقط الإهتمام بالمناصب ، يجب أن يشعروا بمسؤوليتهم و يصلوا الى تدابير لخير البلد ، كما أن الحكومة ستكون لأربع سنوات و الفرص ستبقى للآخرين، عليهم العمل لخير البلد بدل مصالحهم الشخصية و مصالح جماعاتهم و أحزابهم.

و قد توجه البطريرك بكلمة لأصحاب النفوس الضعيفة التي تغسل أدمغتهم للقيام بهذه التفجيرات مذكراً بتاريخ الوجود المسيحي في العراق أهمية الحفاظ عليه:

لا نشعر بأننا مذنبين بأي شكل في العراق ، نحن مواطنين عشنا في أرض الرافدين منذ قرون ، و لسنا مستوردين  ، لا يجب أن يفكروا أننا طابور خامس او عملاء لدول أجنبية ، نحن مواطنينن نريد أن نعمل لخير البلد و لصالحه ، و الذين غسلت دمائهم و يعتقدون انهم يرفعون اسم الرب و يمجدونه بأعمالهم الإجرامية و الإنتحارية ، عليهم أن يعرفوا أن الله هو الخير و المحبة و السلام و الرحمة ، و أنها أعمال شريرة ، كل مرجعياتهم الدينية عليهم أن يعلنوا بكل الوسائل أن ما يحصل هي أعمال شريرة

و قد طلب من كل الرعايا و الجماعات في بلاد الإنتشار الصلاة لراحة أنفس الموتى و شفاء الجرحى ، مشدداً على أهمية دعم المسيحيين  بأي وسيلة ممكنة أمام المجتمعات التي يعيشون فيعا و المجتمع الدولي.

و تابع متوجهاً بكلمة تشجيع و رجاء إلى أبماء الكنيسة في العراق :

طبعاً الضحايات التي استشهدوا من اكليروس و مؤمنين، ففضلهم و استحقاقهم امام الرب واحد ، نعزيهم و هم من جميع أبناء الرعية ، نشجعهم و نفتخر بهم لأن هذه الشهادة لن تكون دون نتيجة و ثمرة ، ربما لا نعرف نتائجها الإيجابية و الحكمة الإلهية من هذه الشهادة ، إنما لا بد لنا من أن نكون راسخين في الرجاء ، نعرف أن الرب بحكمته تعالى يستعمل ايضاً الأعمال الشريرة لتثمر ثمرة صالحة ،  البطولة تكمن في أن أهلنا لم يخافوا، لأن عندهم ايمان و رجاء و هذا الأمر نكرره لهم مثلما قال الرب ،علينا أن نكون ودعاء و حكماء ، نطالب بحقوقنا المدنية حقوق المواطنة للجميع و بما ان المسيحيين مستهدفين بشكل خاص لانهم الحلقة الأضعف ، نطالب المسؤولين ان يولوا الإهتمام الكافي للأقلية و يحموها و يدافعوا عنها ،فاليوم يطالبون بعودة المغتربين انما كيف عساهم يعودون  عندما يرون هذه الأعمال الإرهابية التي تستهدف الباقين.

عليهم أن يثبتوا على انهم يهتمون بكل الأبرياء سيما اختونا في الإيمان ، و تأمين الحماية الكافية لهم

 

أما عن المستقبل المنظور للمسيحيين في العراق فأجاب غبطته :

طبعاً إذا استمرت الإعتداءات الإجرامية دون ردع و اكتراث لإيقاف الينابيع التي منها تتغذى هذه العصابات ، المستقبل سيكون رديئاٍ و هذا أمر لا ترضى به الحكومة العراقية و المسوؤلين من كل الأحزاب ، لأنهم مقتنعين ان المسيحيين من مواطنين من صلب صميم البلد و لهم مساهمة في بناء البلد انما للأسف لا من استراتيجية متكاملة ليقرنوا الأفعال بالأقوال ، نحتاج لفعل على الأرض ، لا يكفي ان نقتل و نوقف مسلخ و مجرم ، عليتا البحث عن المصارد و قطعها

 

و ختم البطريرك بدعوة إلى التضامن في الكنائس في الإغتراب و في الشرق

بكل صراحة ووضوح ، العمل الإجرامي كان صدة كبيرة جداً ، أعنف عمل إجرامي تجاه المسيحيين في تاريخ العراق الحديث ، بل في تاريخ المسيحية في الشرق الأوسط ، ففوق ال40 شهيد و شهيدة سقطوا .

نحن مع كل ذوي الإرادة الصالحة من كل الديانات، و ندعو ليس فقط للشجب بل لقرن الأعمال بالأقوال، حتى تكون حياة الأبرياء محمية في بدهم ، نصلي و نطلب من الرب أن يقوينا و يلهمنا كيف نتصرف في هذه الظروف المأساوية

نحن دوماً بإتصال مع الكرسي الرسولي والبابا ندد بشكل واضح و قوي و ذكر أن لا من تبرير لهذه الجريمة و طلب من السلطات المسولة تأمين حماية

سنبقى على اتصال دائم بين كنيسة الشرق و الإغتراب ، و نذكر أبناءنا بواجبهم التضامني مع إخوتهم في هذه المحنة المؤلمة

و في نهاية اللقاء توجه بصلاة من أجل العراق المتألم.

يذكر أن قداساً على نية الضحايا يقام السبت الموافق 6 تشرين الأول ، في كنيسة القديس افرام السرياني في مونتريال، بينما تتوالى الحملات التضامنية لا سيما تلك التي أطلقتها محطة تيلي لوميار و نورسات و المركز الكاثوليكي في لبنان و العديد من الأصوات التي ارتفعت لتندد بما حصل.